[الزمر : 1] تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ
1 - (تنزيل الكتاب) القرآن مبتدأ (من الله) خبره (العزيز) في ملكه (الحكيم) في صنعه
يقول تعالى ذكره : "تنزيل الكتاب" الذي نزلناه عليك يا محمد "من الله العزيز" في انتقامه من أعدائه "الحكيم" في تدبيره خلقه ، لا من غيره ، فلا تكونن في شك من ذلك ، ورفع قوله "تنزيل" بقوله "من الله". وتأويل الكلام : من الله العزيز الحكيم تنزيل الكتاب. وجائز رفعه بإضمار هذا، كما قيل "سورة أنزلناها" [النور: ا] غير أن الرفع في قوله "تنزيل الكتاب" بما بعده ، أحسن من رفع سورة بما بعدها، لأن تنزيل ، وإن كان فعلًا، فإنه إلى المعرفة أقرب ، إذ كان مضافاً إلى معرفة، فحسن رفعه بما بعده ، وليس ذلك بالحسن في سورة ، لأنه نكرة.
ويقال سورة الغرف . قال وهب بن منبه : من أحب أن يعرف قضاء الله عزوجل في خلقه فليقرأ الغرف . وهي مكية في قول الحسن وعكرمة و عطاء و جابر بن زيد وقال ابن عباس : إلا آيتين نزلتا بالمدينة إحدهما " الله نزل أحسن الحديث "[ الزمر : 23] والأخرى " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم " [ الزمر : 53] الآية . وقال آخرون : إلا سبع آيات من قوله تعالى : " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم " [ الزمر : 53] إلى آخر سبع آيات نزلت في وحشي وأصابه على ما يأتي .روى الترمذي عن عاشة قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ الزمر وبني إسرائيل" . وهي خمس وسبعون آية . وقيل : اثنتان وسبعون آية .
قوله تعالى : " تنزيل الكتاب " رفع بالابتداء وخبره " من الله العزيز الحكيم " . ويجوز أن يكون مرفوعاً بمعنى هذا تنزيل ، قاله الفراء . وأجاز الكسائي و الفراء أيضاً ( تنزيل ) بالنصب على أنه مفعول به . قال الكسائي : أي اتبعوا واقرؤوا ( تنزيل الكتاب ) وقال الفراء : هو على الإغراء مثل قوله : " كتاب الله عليكم " [النساء : 24] أي الزمرا . والكتاب القرآن سمي بذلك لأنه مكتوب .
تفسير سورة الزمر
وهي مكية
قال النسائي حدثنا محمد بن النضر بن مساور حدثنا حماد عن مروان أبي لبابة عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول: ما يريد أن يفطر, ويفطر حتى نقول: ما يريد أن يصوم, وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ في كل ليلة بني إسرائيل والزمر.
بسم الله الرحمـن الرحيم
يخبر تعالى أن تنزيل هذا الكتاب وهو القرآن العظيم من عنده تبارك وتعالى فهو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك كما قال عز وجل: "وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين" وقال تبارك وتعالى: "وإنه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد" وقال جل وعلا ها هنا: "تنزيل الكتاب من الله العزيز" أي المنيع الجناب "الحكيم" أي في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين" أي فاعبد الله وحده لا شريك له وادع الخلق إلى ذلك وأعلمهم أنه لا تصلح العبادة إلا له وحده وأنه ليس له شريك ولا عديل ولا نديد ولهذا قال تعالى: "ألا لله الدين الخالص" أي لا يقبل من العمل إلا ما أخلص فيه العامل لله وحده لا شريك له.
وقال قتادة في قوله تبارك وتعالى: "ألا لله الدين الخالص" شهادة أن لا إله إلا الله ثم أخبر عز وجل عن عباد الأصنام من المشركين أنهم يقولون "ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى" أي إنما يحملهم على عبادتهم لهم أنهم عمدوا إلى أصنام اتخذوها على صور الملائكة المقربين في زعمهم فعبدوا تلك الصور تنزيلاً لذلك منزلة عبادتهم الملائكة ليشفعوا لهم عند الله تعالى في نصرهم ورزقهم وما ينوبهم من أمور الدنيا فأما المعاد فكانوا جاحدين له كافرين به. قال قتادة والسدي ومالك عن زيد بن أسلم وابن زيد: "إلا ليقربونا إلى الله زلفى" أي ليشفعوا لنا ويقربونا عنده منزلة ولهذا كانوا يقولون في تلبيتهم إذا حجوا في جاهليتهم لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك. وهذه الشبهة هي التي اعتمدها المشركون قديم الدهر وحديثه وجاءتهم الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين بردها والنهي عنها والدعوة إلى إفراد العبادة لله وحده لا شريك له وأن هذا شيء اخترعه المشركون من عند أنفسهم لم يأذن الله فيه ولا رضي به بل أبغضه ونهى عنه "ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" "وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون" وأخبر أن الملائكة التي في السموات من الملائكة المقربين وغيرهم كلهم عبيد خاضعون لله لا يشفعون عنده إلا بإذنه لمن ارتضى وليسوا عنده كالأمراء عند ملوكهم يشفعون عندهم بغير إذنهم فيما أحبه الملوك وأبوه "فلا تضربوا لله الأمثال" تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
وقوله عز وجل: "إن الله يحكم بينهم" أي يوم القيامة " في ما هم فيه يختلفون " أي سيفصل بين الخلائق يوم معادهم ويجزي كل عامل بعمله " ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون * قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون " وقوله عز وجل: "إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار" أي لا يرشد إلى الهداية من قصده الكذب والافتراء على الله تعالى وقلبه كافر بآياته وحججه وبراهينه, ثم بين تعالى أنه لا ولد له كما يزعمه جهلة المشركين في الملائكة والمعاندون من اليهود والنصارى في العزير وعيسى فقال تبارك وتعالى: "لو أراد الله أن يتخذ ولداً لاصطفى مما يخلق ما يشاء" أي لكان الأمر على خلاف ما يزعمون وهذا شرط لا يلزم وقوعه ولا جوازه بل هو محال وإنما قصد تجهيلهم فيما ادعوه وزعموه كما قال عز وجل: "لو أردنا أن نتخذ لهواً لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين" "قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين" كل هذا من باب الشرط ويجوز تعليق الشرط على المستحيل لمقصد المتكلم.
وقوله تعالى: "سبحانه هو الله الواحد القهار" أي تعالى وتنزه وتقدس عن أن يكون له ولد, فإنه الواحد الأحد الفرد الصمد, الذي كل شيء عبد لديه فقير إليه وهو الغني عما سواه الذي قد قهر الأشياء فدانت وذلت وخضعت تبارك وتعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علواً كبيراً.
هي اثنتان وسبعون آية، وقيل خمس وسبعون
وهي مكية في قول الحسن وعكرمة وجابر بن زيد. وأخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: أنزلت سورة الزمر بمكة. وأخرج النحاس في ناسخه عنه قال: نزلت بمكة سورة الزمر سوى ثلاثة آيات نزلن بالمدينة في وحشي قاتل حمزة "يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم" الثلاث الآيات. وقال آخرون: إلى سبع آيات من قوله: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم" إلى آخر السبع. وأخرج النسائي عن عائشة قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول ما يريد أن يفطر، ويفطر حتى نقول ما يريد أن يصوم، وكان يقرأ في كل ليلة بني إسرائيل والزمر". وأخرجه الترمذي عنها بلفظ: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ الزمر وبني إسرائيل".
قوله: 1- "تنزيل الكتاب" ارتفاعه على أنه خبر مبتدإ محذوف هو اسم إشارة: أي هذا تنزيل. وقال أبو حيان إن المبتدأ المقدر لفظ هو ليعود على قوله: "إن هو إلا ذكر للعالمين"، كأنه قيل: وهذا الذكرما هو؟ فقيل هو تنزيل الكتاب، وقيل ارتفاعه على أنه مبتدأ وخبره الجار والمجرور بعده: أي تنزيل كائن من الله، وإلى هذا ذهب الزجاج والفراء. قال الفراء: ويجوز أن يكون مرفوعاً بمعنى هذا تنزيل، وأجاز الفراء والكسائي النصب على أنه مفعول به لفعل مقدر: أي اتبعوا أو اقرأوا تنزيل الكتاب. وقال الفراء: يجوز نصبه على الإغراء: أي الزموا، والكتاب هو القرآن، وقوله: "من الله العزيز الحكيم" على الوجه الأول صلة للتنزيل، أو خبر بعد خبر، أو خبر مبتدإ محذوف، أو متعلق بمحذوف على أنه حال عمل فيه اسم الإشارة المقدر.
مكية إلا قوله " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم " الآية.
1. " تنزيل الكتاب من الله "، [ أي: هذا تنزيل الكتاب من الله. وقيل: تنزيل الكتاب ]مبتدأ وخبره: " من الله العزيز الحكيم "، أي: تنزيل الكتاب من الله لا من غيره.
1-" تنزيل الكتاب " خبر محذوف مثل هذا أو مبتدأ خبره " من الله العزيز الحكيم " وهو على الأول صلة لـ" تنزيل " ، أو خبر ثان أو حال عمل فيها الإشارة أو لـ" تنزيل " ، والظاهر أن " الكتاب " على الأول السورة وعلى الثاني القرآن ، وقرئ تنزيل بالنصب على إضمار فعل نحو اقرأ أ و الزم .
Surah 39. Az-Zumar
1. The revelation of the Scripture is from Allah, the Mighty, the Wise.
SURA 39: ZUMAR
1 - The revelation of this Book is from God, the Exalted in Power, full of Wisdom.