[الصافات : 6] إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ
6 - (إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب) بضوئها أو بها والإضافة للبيان كقراءة تنوين زينة المبينة بالكواكب
وقوله "إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب" اختلفت القراء في قراءة قوله "بزينة الكواكب" فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة وبعض قراء الكوفة بزينة الكواكب بإضافة الزينة إلى الكواكب ، وخفض الكواكب بـ "إنا زينا السماء الدنيا" التي تليكم أيها الناس وهي الدنيا إليكم بتزيينها الكواكب : أي بأن زينتها الكواكب. وقرأ ذلك جماعة من قراء الكوفة "بزينة الكواكب" بتنوين زينة ، وخفض الكواكب رداً لها على الزينة، بمعنى : إنا زينا السماء الدنيا بزينة هي الكواكب ، كأنه قال : زيناها بالكواكب. وروي عن بعض قراء الكوفة أنه كان ينون الزينة وينصب الكواكب ، بمعنى : إنا زينا السماء الدنيا بتزييننا الكواكب . ولو كانت القراءة في الكواكب جاءت رفعاً إذا نونت الزينة، لم يكن لحناً، وكان صواباً في العربية، وكان معناه : إنا زينا السماء الدنيا بتزيينها الكواكب : أي بأن زينتها الكواكب وذلك أن الزينة مصدر، فجائز توجيهها إلى أي هذه الوجوه التي وصفت في العربية.
وأما القراءة فأعجبها إلي بإضافة الزينة إلى الكواكب وخفض الكواكب لصحة معنى ذلك في التأويل والعربية، وأنها قراءة أكثر قراء الأمصار وإن كان التنوين في الزينة وخفض الكواكب عندي صحيحاً أيضاً. فأما النصب في الكواكب والرفع ، فلا أستجيز القراءة بهما، لإجماع الحجة من القراء على خلافهما، وإن كان الإعراب والمعنى وجه صحيح.
وقد اختلف أهل العربية في تأويل ذلك إذا أضيفت الزينة إلى الكواكب ، فكان بعض نحويي البصرة يقول : إذا قرئ ذلك كذلك ، فليس يعني بعضها، ولكن زينتها حسنها، وكان غيره يقول : معنى ذلك : إذا قرئ كذلك : إنا زينا السماء الدنيا بأن زينتها الكواكب. وقد بينا الصواب في ذلك عندنا.
قوله تعالى : " إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب " قال قتادة : خلقت النجوم ثلاثاً ، رجوماً للشياطين ، ونوراً يهتدى به ، وزينة لسماء الدنيا . وقرأ مسروق و الأعمش و النخعي و عاصم و حمزة : < بزينة > مخفوض منون < الكواكب > خفض على البدل من < زينة > لأنها هي . وقرأ أبو بكر كذلك إلا أنه نصب < الكواكب > بالمصدر الذي هو زينة . والمعنى بأن زينا الكواكب فيها . ويجوز أن يكون منصوباً بإضمار أعني ، كأنه قال : إنا زيناها < بزينة > إعني < الكواكب > . وقيل : هي بدل من زينة على الموضع . ويجوز < بزينة الكواكب > بمعنى بأن زينتها الكواكب . أو بمعنى هي الكواكب . الباقون < بزينة الكواكب > على الإضافة . والمعنى زينا السماء الدنيا بتزيين الكواكب ، أي يحسن الكواكب . ويجوز أن يكون كقراءة من نون إلا أنه حذف التنوين استخفافاً .
يخبر تعالى أنه زين السماء الدنيا للناظرين إليها من أهل الأرض بزينة الكواكب, قرىء بالإضافة وبالبدل وكلاهما بمعنى واحد فالكواكب السيارة والثوابت يثقب ضوؤها جرم السماء الشفاف فتضيء لأهل الأرض كما قال تبارك وتعالى: " ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير " وقال عز وجل "ولقد جعلنا في السماء بروجاً وزيناها للناظرين * وحفظناها من كل شيطان رجيم * إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين" فقوله جل وعلا ههنا: "وحفظاً" تقديره وحفظناها حفظاً "من كل شيطان مارد" يعني المتمرد العاتي إذا أراد أن يسترق السمع أتاه شهاب ثاقب فأحرقه ولهذا قال جل جلاله " لا يسمعون إلى الملإ الأعلى " أي لئلا يصلوا إلى الملأ الأعلى وهي السموات ومن فيها من الملائكة إذا تكلموا بما يوحيه الله تعالى مما يقوله من شرعه وقدرته كما تقدم بيان ذلك في الأحاديث التي أوردناها عند قوله تبارك وتعالى: "حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم ؟ قالوا الحق وهو العلي الكبير" ولهذا قال تعالى: "ويقذفون" أي يرمون "من كل جانب" أي من كل جهة يقصدون السماء منها "دحوراً" أي رجماً يدحرون به ويزجرون ويمنعون من الوصول إلى ذلك ويرجمون "ولهم عذاب واصب" أي في الدار الاخرة لهم عذاب دائم موجع مستمر كما قال جلت عظمته "وأعتدنا لهم عذاب السعير" وقوله تبارك وتعالى: "إلا من خطف الخطفة" أي إلا من اختطف من الشياطين الخطفة وهي الكلمة يسمعها من السماء فيلقيها إلى الذي تحته ويلقيها الاخر إلى الذي تحته فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها وربما ألقاها بقدر الله تعالى قبل أن يأتيه الشهاب فيحرقه فيذهب بها الأخر إلى الكاهن كما تقدم في الحديث ولهذا قال "إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب" أي مستنير. قال ابن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان للشياطين مقاعد في السماء قال فكانوا يستمعون الوحي قال وكانت النجوم لا تجري وكانت الشياطين لا ترمى قال فإذا سمعوا الوحي نزلوا إلى الأرض فزادوا في الكلمة تسعاً قال فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الشيطان إذا قصد مقعده جاءه شهاب فلم يخطئه حتى يحرقه قال فشكوا ذلك إلى إبليس لعنه الله فقال ما هو إلا من أمر حدث قال فبعث جنوده فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي بين جبلي نخلة قال وكيع يعني بطن نخلة قال: فرجعوا إلى إبليس فأخبروه فقال هذا الذي حدث, وستأتي إن شاء الله تعالى الأحاديث الواردة مع الاثار في هذا المعنى عند قوله تعالى إخباراً عن الجن أنهم قالوا " وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا * وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا * وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا ".
6- "إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب" المراد بالسماء الدنيا التي تلي الأرض، من الدنو وهو القرب، فهي أقرب السموات إلى الأرض. قرأ الجمهور "بزينة الكواكب" بإضافة زينة إلى الكواكب. والمعنى: زيناها بتزيين الكواكب: أي بحسنها. وقرأ مسروق والأعمش والنخعي وحمزة بتنوين زينة وخفض الكواكب على أنها بدل من الزينة على أن المراد بالزينة الاسم لا المصدر، والتقدير بعد طرح المبدل منه: إنا زينا السماء بالكواكب، فإن الكواكب في أنفسها زينة عظيمة، فإنها في أعين الناظرين لها كالجواهر المتلألئة. وقرأ عاصم في رواية أبي بكر عنه بتنوين زينة ونصب الكواكب على أن الزينة مصدر وفاعله محذوف، والتقدير: بأن الله زين الكواكب بكونها مضيئة حسنة في أنفسها، أو تكون الكواكب منصوبة بإضمار أعني، أو بدلاً من السماء بدل اشتمال، وانتصاب حفظاً على المصدرية بإضمار فعل: أي حفظناها حفظاً، أو على أنها مفعول لأجله: أي زيناها بالكواكب للحفظ، أو بالعكف على محل زينة كأنه قال: إنا خلقنا الكواكب زينة للسماء.
6. " إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب "، قرأ عاصم، برواية أبي بكر: (( بزينة )) منونة (( الكواكب )) نصب، أي: بتزييننا الكواكب، وقرأ حمزة ، وحفص: (( بزينة )) منونة، (( الكواكب )) خفضاً على البدل، أي: بزينة بالكواكب، أي: زيناها بالكواكب. وقرأ الآخرون: (( بزينة الكواكب ))، بلا تنوين على الإضافة.
قال ابن عباس: بضوء الكواكب.
6-" إنا زينا السماء الدنيا " القربى منكم . " بزينة الكواكب " بزينة هي " الكواكب " والإضافة للبيان ، ويعضده قراءة حمزة و يعقوب و حفص بتنوين زينة وجر " الكواكب " على إبدالها منه ، أو بزينة هي لها كأضوائها وأوضاعها ، أو بأن زينا " الكواكب " فيها على إضافة المصدر إلى المفعول فإنها كما جاءت اسماً كالليقة جاءت مصدراً كالنسبة ويؤيده قراءة أبي بكر بالتنوين ، والنصب على الأصل أو بأن زينتها " الكواكب " على إضافته إلى الفاعل و ركوز الثوابت في الكرة الثامنة وما عدا القمر من السيارات في الست المتوسطة بينها وبين السماء الدنيا إن تحقق لم يقدح في ذلك ، فإن أهل الأرض يرونها بأسرها كجواهر مشرقة متلألئة على سطحها الأزرق بأشكال مختلفة .
6. Lo! We have adorned the lowest heaven with an ornament, the planets:
6 - We have indeed decked the lower heaven with beauty in the stars,