[الصافات : 3] فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا
3 - (فالتاليات) أي قراء القرآن يتلونه (ذكرا) مصدر من معاني التاليات
وقوله "فالتاليات ذكرا" يقول : فالقارئات كتاباً.
واختلف أهل التأويل في المعني بذلك ، فقال بعضهم : هم الملائكة.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد "فالتاليات ذكرا" قال : الملائكة.
حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي "فالتاليات ذكرا" : هم الملائكة.
قال آخرون : هو ما يتلى في القرآن من أخبار الأمم قبلنا.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة "فالتاليات ذكرا" قال : ما يتلى عليكم في القرآن من أخبار الناس والأمم قبلكم.
قوله تعالى " فالتاليات ذكرا "
قال سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "والصافات صفا" وهي الملائكة "فالزاجرات زجراً" هي الملائكة "فالتاليات ذكراً" هي الملائكة, وكذا قال ابن عباس رضي الله عنهما ومسروق وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد والسدي وقتادة والربيع بن أنس قال قتادة: الملائكة صفوف في السماء. وقال مسلم حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن فضيل عن أبي مالك الأشجعي عن ربعي عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وجعلت لنا الأرض كلها مسجداً وجعل لنا ترابها طهوراً إذا لم نجد الماء" وقد روى مسلم أيضاً وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث الأعمش عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم ؟" قلنا وكيف تصف الملائكة عند ربهم ؟ قال صلى الله عليه وسلم "يتمون الصفوف المتقدمة ويتراصون في الصف" وقال السدي وغيره معنى قوله تعالى: "فالزاجرات زجراً" أنها تزجر السحاب, وقال الربيع بن أنس "فالزاجرات زجراً" ما زجر الله تعالى عنه في القرآن, وكذا روى مالك عن زيد بن أسلم "فالتاليات ذكراً" قال السدي الملائكة يجيئون بالكتاب والقرآن من عند الله إلى الناس وهذه الاية كقوله تعالى: " فالملقيات ذكرا * عذرا أو نذرا ". وقوله عز وجل: " إن إلهكم لواحد * رب السماوات والأرض " هذا هو المقسم عليه أنه تعالى لا إله إلا هو رب السموات والأرض " وما بينهما " أي من المخلوقات "ورب المشارق" أي هو المالك المتصرف في الخلق بتسخيره بما فيه من كواكب ثوابت وسيارات تبدو من المشرق وتغرب من المغرب. واكتفى بذكر المشارق عن المغارب لدلالتها عليه وقد صرح بذلك في قوله عز وجل: "فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون" وقال تعالى في الاية الاخرى: "رب المشرقين ورب المغربين" يعني في الشتاء والصيف للشمس والقمر.
والمراد بـ 3- "التاليات ذكراً" الملائكة التي تتلو القرآن كما قال ابن مسعود وابن عباس والحسن ومجاهد وابن جبير والسدي. وقيل المراد جبريل وحده، فذكر بلفظ الجمع تعظيماً له مع أنه لا يخلو من أتباع له من الملائكة. وقال قتادة: المراد كل من تلا ذكر الله وكتبه. وقيل المراد آيات القرآن، ووصفها بالتلاوة وإن كانت متلوة كما في قوله: "إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل" وقيل لأن بعضهم يتلو بعضاً ويتبعه. وذكر الماوردي أن التاليات هم الأنبياء يتلون الذكر على أممهم، وانتصاب ذكراً على أنه مفعول به ويجوز أن يكون مصدراً كما قبله من قوله صفاً، وزجراً. قيل وهذه الفاء في قوله فالزاجرات، فالتاليات إما لترتيب الصفات أنفسها في الوجد أو لترتيب موصوفاتها في الفضل، وفي الكل نظر.
3. " فالتاليات ذكراً "، هم الملائكة يتلون ذكر الله عز وجل. وقيل: هم جماعة قراء القرآن، وهذا كله قسم أقسم الله تعالى به،
3-" فالتاليات ذكرا " أقسم بالملائكة الصافين في مقام العبودية ، على مراتب باعتبارها تفيض عليهم الأنوار الإلهية ، منتظرين لأمر الله الزاجرين الأجرام العلوية والسفلية بالتدبير المأمور به فيها ، أو الناس عن المعاصي بإلهام الخير ، أو الشياطين عن التعرض لهم التالين آيات الله و جلايا قدسه على أنبيائه وأوليائه ، أو بطوائف الأجرام المرتبة كالصفوف المرصوصة والأرواح المدبرة لها والجواهر القدسية المستغرقة في بحار القدس " يسبحون الليل والنهار لا يفترون " أو بنفوس العلماء وشرائعه ، أو بنفوس الغزاة الصافين في الجهاد الزاجرين الخيل ، أو العدو التالين ذكر الله لا يشغلهم عنه مباراة العدو والعطف لاختلاف الذوات ، أو الصفات والفاء لترتيب الوجود كقوله :
يا لهف زيابة للحارث الصـ ـابح فالغانم فالآيب
فإن الصف كمال الزجر تكميل بالمنع عن الشر ، أو الإشاقة إلى قبول الخير والتلاوة إفاضته أو الرتبة كقوله عليه الصلاة والسلام " رحم الله المحلقين فالمقصرين " غير أنه لفضل المتقدم على المتأخر وهذا للعكس ، وأدغم أبو عمرو و حمزة التاءات فيما يليها لتقاربها فإنها من طرف اللسان وأصول الثنايا .
3. And those who read (the Word) for a reminder,
3 - And thus proclaim the Message (of God).