[الصافات : 23] مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ
23 - (من دون الله) غير الله الأوثان (فاهدوهم) دلوهم وسوقوهم (إلى صراط الجحيم) طريق النار
وقوله "وما كانوا يعبدون * من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم" يقول تعالى ذكره : احشروا هؤلاء المشركين وآلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله ، فوجهوهم إلى طريق الجحيم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة "وما كانوا يعبدون * من دون الله" الأصنام.
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية، عن علي ، عن ابن عباس ، قول "فاهدوهم إلى صراط الجحيم" يقول وجهوهم ، وقيل : إن الجحيم الباب الرابع من أبواب النار.
" وما كانوا يعبدون * من دون الله " أي من الأصنام والشياطين وإبليس . " فاهدوهم إلى صراط الجحيم " أي سوقوهم إلى النار . وقيل : < فاهدوهم > أي دلوهم . يقال : هديته إلى الطريق ، وهديته الطريق ، إي دللته عليه . وأهديت الهدية وهديت العروس ، ويقال أهديتها ، أي جعلتها بمنزلة الهدية .
يخبر تعالى عن قيل الكفار يوم القيامة أنهم يرجعون على أنفسهم بالملامة ويعترفون بأنهم كانوا ظالمين لأنفسهم في الدار الدنيا, فإذا عاينوا أهوال القيامة ندموا كل الندم حيث لا ينفعهم الندم "وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين" فتقول الملائكة والمؤمنون "هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون" وهذا يقال لهم على وجه التقريع والتوبيخ ويأمر الله تعالى الملائكة أن تميز الكفار من المؤمنين في الموقف في محشرهم ومنشرهم ولهذا قال تعالى: "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" قال النعمان بن بشير رضي الله عنه يعني بأزواجهم أشباههم وأمثالهم, وكذا قال ابن عباس وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد والسدي وأبو صالح وأبو العالية وزيد بن أسلم, وقال سفيان الثوري عن سماك عن النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" قال إخوانهم. وقال شريك عن سماك عن النعمان قال: سمعت عمر يقول "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" قال: أشباههم. قال يجيء أصحاب الزنا مع أصحاب الزنا وأصحاب الربا مع أصحاب الربا, وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر, وقال خصيف عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما أزواجهم نساؤهم وهذا غريب والمعروف عنه الأول كما رواه مجاهد وسعيد بن جبير عنه أزواجهم قرناؤهم وما كانوا يعبدون من دون الله أي من الأصنام والأنداد تحشر معهم في أماكنهم. وقوله تعالى: "فاهدوهم إلى صراط الجحيم" أي أرشدوهم إلى طريق جهنم وهذا كقوله تعالى: "ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً وبكماً وصماً مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيراً" وقوله تعالى: "وقفوهم إنهم مسؤولون" أي قفوهم حتى يسألوا عن أعمالهم وأقوالهم التي صدرت عنهم في الدار الدنيا كما قال الضحاك عن ابن عباس يعني احبسوهم إنهم محاسبون. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا النفيلي حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت ليثاً يحدث عن بشير عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما داع دعا إلى شيء كان موقوفاً معه إلى يوم القيامة لا يغادره ولا يفارقه وإن دعا رجل رجلاً" ثم قرأ "وقفوهم إنهم مسؤولون" ورواه الترمذي من حديث ليث بن أبي سليم, ورواه ابن جرير عن يعقوب بن إبراهيم عن معتمر عن ليث عن رجل عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً. وقال عبد الله بن المبارك: سمعت عثمان بن زائدة يقول إن أول ما يسأل عنه الرجل جلساؤه, ثم يقال لهم على سبيل التقريع والتوبيخ " ما لكم لا تناصرون " أي كما زعمتم أنكم جمع منتصر "بل هم اليوم مستسلمون" أي ينقادون لأمر الله لا يخالفونه ولا يحيدون عنه, والله أعلم.
23- " وما يعبدون من دون الله " من الأصنام والشياطين، وهذا العموم المستفاد من ما الموصولة، فإنها عبارة عن المعبودين، لا عن العابدين كما قيل مخصوص، لأن من طوئف الكفار من عبد المسيح، ومنهم من عبد الملائكة فيخرجون بقوله: "إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون" ووجه حشر الأصنام مع كونها جمادات لا تعقل هو زيادة التبكيت لعابديها وتخلجيلهم وإظهار أنها لا تنفع ولا تضر "فاهدوهم إلى صراط الجحيم" أي عرفوا هؤلاء المحشورين طريق النار وسوقوهم إليها، يقال هديته الطريق وهديته إليها: أي دللته عليها، وفي هذا تهكم بهم.
23. " من دون الله "، في الدنيا، يعني: الأوثان والطواغيت. وقال: مقاتل : يعني إبليس وجنوده، واحتج بقوله: " أن لا تعبدوا الشيطان " (يس-60).
" فاهدوهم إلى صراط الجحيم "، قال ابن عباس: دلوهم إلى طريق النار. وقال ابن كيسان : قدموهم. والعرب تسمي السابق هادياً.
23-" من دون الله " من الأصنام وغيرهم زيادة في تحسيرهم وتخجيلهم ، وهو عام مخصوص بقوله تعالى : " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى " وفيه دليل على أن " الذين ظلموا " هم المشركون " فاهدوهم إلى صراط الجحيم " فعرفوهم طريقاً ليسلكوها .
23. Instead of Allah, and lead them to the path to hell;
23 - Besides God, and lead them to the Way to the (Fierce) Fire.