[الصافات : 19] فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ
19 - (فإنما هي) ضمير مبهم يفسره (زجرة) صيحة (واحدة فإذا هم) الخلائق أحياء (ينظرون) ما يفعل بهم
وقوله "فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون" يقول تعالى ذكره : فإنما هي صيحة واحدة، وذلك هو النفخ في الصور "فإذا هم ينظرون" يقول : فإذا هم شاخصة أبصارهم ينظرون إلى ما كانوا يوعدونه من قيام الساعة ويعاينونه.
كما حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله "زجرة واحدة" قال : هي النفخة.
" فإنما هي زجرة واحدة " أي صيحة واحدة ، قاله الحسن : وهي النفخة الثانية . وسميت الصيحة زجرة ، لأن مقصودها الزجر ، أي يزجر بها كزجر الإبل والخيل عند السوق " فإذا هم " قيام " ينظرون " أي ينظر بعضهم إلى بعض . وقيل : المعنى ينتظرون ما يفعل بهم . وقيل : هي مثل قوله : " فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا " [ الأنبياء : 97 ] . وقيل : أي ينظرون إلى البعث الذي أنكروه .
يقول تعالى: فسل هؤلاء المنكرين للبعث أيما أشد خلقاً هم أم السموات والأرض وما بينهما من الملائكة والشياطين والمخلوقات العظيمة ؟ وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه أم من عددنا فإنهم يقرون أن هذه المخلوقات أشد خلقاً منهم, وإذا كان الأمر كذلك فلم ينكرون البعث ؟ وهم يشاهدون ما هو أعظم مما أنكروا كما قال عز وجل: "لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون" ثم بين أنهم خلقوا من شيء ضعيف فقال: "إنا خلقناهم من طين لازب" قال مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك: هو الجيد الذي يلتزق بعضه ببعض, وقال ابن عباس رضي الله عنهما وعكرمة هو اللزج الجيد, وقال قتادة هو الذي يلزق باليد, وقوله عز وجل: "بل عجبت ويسخرون" أي بل عجبت يا محمد من تكذيب هؤلاء المنكرين للبعث وأنت موقن مصدق بما أخبر الله تعالى من الأمر العجيب وهو إعادة الأجسام بعد فنائها وهم بخلاف أمرك من شدة تكذيبهم ويسخرون مما تقول لهم من ذلك.
قال قتادة: عجب محمد صلى الله عليه وسلم وسخر ضلال بني آدم "وإذا رأوا آية" أي دلالة واضحة على ذلك "يستسخرون" قال مجاهد وقتادة يستهزئون "وقالوا إن هذا إلا سحر مبين" أي إن هذا الذي جئت به إلا سحر مبين " أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون * أو آباؤنا الأولون " يستبعدون ذلك ويكذبون به "قل نعم وأنتم داخرون" أي قل لهم يا محمد نعم تبعثون يوم القيامة بعدما تصيرون تراباً وعظاماً وأنتم داخرون أي حقيرون تحت القدرة العظيمة كما قال تبارك وتعالى: "وكل أتوه داخرين". ثم قال جلت عظمته: "فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون" أي فإنما هو أمر واحد من الله عز وجل, يدعوهم دعوة واحدة أن يخرجوا من الأرض, فإذا هم بين يديه ينظرون إلى أهوال يوم القيامة, والله تعالى أعلم.
ثم ذكر سبحانه أن بعثهم يقع بزجرة واحدة فقال: 19- "فإنما هي زجرة واحدة" الضمير للقصة أو البعثة المفهومة مما قبلها: أي إنما قصة البعث أو البعثة زجرة واحدة: أي صيحة واحدة من إسرافيل بنفخه في الصور عند البعث "فإذا هم ينظرون" أي يبصرون ما يفعل الله بهم من العذاب. وقال الحسن: هي النفخة الثانية، وسميت الصيحة زجرة، لأن المقصود منها الزجر، وقيل معنى ينظرون ينتظرون ما يفعل بهم، والأول أولى.
وقد أخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه من طرق عن ابن مسعود "والصافات صفاً" قال: الملائكة "فالزاجرات زجراً" قال: الملائكة "فالتاليات ذكراً" قال: الملائكة. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وعكرمة مثله. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس مثله. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عنه أنه كان يقرأ "لا يسمعون إلى الملإ الأعلى" مخففة، وقال: إنهم كانوا يتسمعون ولكن لا يسمعون. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله: "عذاب واصب" قال: دائم. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عنه أيضاً "فأتبعه شهاب ثاقب" . وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه أيضا " فأتبعه شهاب ثاقب " قال: لا يقتلون بالشهاب ولا يموتون. ولكنها تحرق وتخبل وتجرح في غير قتل. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله: "من طين لازب" قال: ملتصق. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عنه أيضاً "من طين لازب" قال: اللزج الجيد. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال: اللازب والحمأ والطين واحد: كان أوله تراباً ثم صار حمأ منتناً، ثم صار طيناً لازباً، فخلق الله منه آدم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: اللازب الذي يلصق بعضه إلى بعض. وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن مسعود أنه كان يقرأ "بل عجبت ويسخرون" بالرفع للتاء من عجبت.
19. " فإنما هي "، أي: قصة البعث أو القيامة، " زجرة "، أي: صيحة، " واحدة "، يعني: نفخة البعث، " فإذا هم ينظرون "، أحياءً.
19-" فإنما هي زجرة واحدة " جواب شرط مقدر أي إذا كان ذلك فإنما البعثة " زجرة " أي صيحة واحدة ، وهي النفخة الثانية من زجر الراعي غنمه إذا صاح عليها وأمرها في الإعادة كأمر " كن " في الإبداء ولذلك رتب عليها " فإذا هم ينظرون " فإذا هم قيام من مراقدهم أحياء يبصرون ، أو ينظرون ما يفعل بهم .
19. There is but one Shout, and lo! they behold
19 - Then it will be a single (compelling) cry; and behold, they will begin to see.