[الصافات : 18] قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ
18 - (قل نعم) تبعثون (وأنتم داخرون) صاغرون
وقوله "وأنتم داخرون"يقول تعالى ذكره : وأنتم صاغرون أشد الصغر من قولهم صاغر داخر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد ، قال ؟ ثنا سعيد ، عن قتادة "وأنتم داخرون". أي صاغرون.
حدثني محمد بن الحسن ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله "وأنتم داخرون" قال : صاغرون.
قوله تعالى : " قل نعم " أي نعم تبعثون . " وأنتم داخرون " أي صاغرون أذلاء ، لأنهم إذا رأوا وقوع ما أنكره فلا محالة يذلون . وقيل : أي ستقوم القيامة وإن كرهتم ، فهذا أمر واقع على رغمكم وإن أنكرتموه اليوم بزعمكم .
يقول تعالى: فسل هؤلاء المنكرين للبعث أيما أشد خلقاً هم أم السموات والأرض وما بينهما من الملائكة والشياطين والمخلوقات العظيمة ؟ وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه أم من عددنا فإنهم يقرون أن هذه المخلوقات أشد خلقاً منهم, وإذا كان الأمر كذلك فلم ينكرون البعث ؟ وهم يشاهدون ما هو أعظم مما أنكروا كما قال عز وجل: "لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون" ثم بين أنهم خلقوا من شيء ضعيف فقال: "إنا خلقناهم من طين لازب" قال مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك: هو الجيد الذي يلتزق بعضه ببعض, وقال ابن عباس رضي الله عنهما وعكرمة هو اللزج الجيد, وقال قتادة هو الذي يلزق باليد, وقوله عز وجل: "بل عجبت ويسخرون" أي بل عجبت يا محمد من تكذيب هؤلاء المنكرين للبعث وأنت موقن مصدق بما أخبر الله تعالى من الأمر العجيب وهو إعادة الأجسام بعد فنائها وهم بخلاف أمرك من شدة تكذيبهم ويسخرون مما تقول لهم من ذلك.
قال قتادة: عجب محمد صلى الله عليه وسلم وسخر ضلال بني آدم "وإذا رأوا آية" أي دلالة واضحة على ذلك "يستسخرون" قال مجاهد وقتادة يستهزئون "وقالوا إن هذا إلا سحر مبين" أي إن هذا الذي جئت به إلا سحر مبين " أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون * أو آباؤنا الأولون " يستبعدون ذلك ويكذبون به "قل نعم وأنتم داخرون" أي قل لهم يا محمد نعم تبعثون يوم القيامة بعدما تصيرون تراباً وعظاماً وأنتم داخرون أي حقيرون تحت القدرة العظيمة كما قال تبارك وتعالى: "وكل أتوه داخرين". ثم قال جلت عظمته: "فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون" أي فإنما هو أمر واحد من الله عز وجل, يدعوهم دعوة واحدة أن يخرجوا من الأرض, فإذا هم بين يديه ينظرون إلى أهوال يوم القيامة, والله تعالى أعلم.
ثم أمر الله سبحانه رسوله بأن يجيب عنهم تبكيتاً لهم، فقال: 18- "قل نعم وأنتم داخرون" أي نعم تبعثون وأنتم صاغرون ذليلون. قال الواحدي: والدخور أشد الصغار، وجملة وأنتم داخرون في محل نصب على الحال.
18. " قل نعم "، تبعثون، " وأنتم داخرون "، صاغرون، والدخور أشد الصغار.
18-" قل نعم وأنتم داخرون " صاغرون ، وإنما اكتفى به في الجواب لسبق ما يدل على جوازه وقيام المعجزة على صدق المخبر عن وقوعه ، وقرئ قال أي الله أو الرسول وقرأ الكسائي وحده نعم بالكسر وهو لغة فيه .
18. Say (O Muhammad): Yea, in truth; and ye will be brought low.
18 - Say thou: Yea, and ye shall then be humiliated (on account of your evil).