[يس : 76] فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ
76 - (فلا يحزنك قولهم) لك لست مرسلا وغير ذلك (إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون) من ذلك وغيره فنجازيهم عليه
وقوله تعالى " فلا يحزنك قولهم " يقول تعالى ذكره لنبيه محمد: فلا يحزنك يا محمد قول هؤلاء المشركين بالله من قومك لك: إنك شاعر، وما جئتنا به شعر، ولاتكذيبهم بآيات الله وجحودهم نبوتك. وقوله " إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون " يقول تعالى ذكره: إنا نعلم أن الذي يدعوهم إلى قيل ذلك الحسد، وهم يعلمون أن الذي جئتهم به ليس بشعر، ولا يشبه الشعر، وأنك لست بكذاب، فنعلم ما يسرون من معرفتهم بحقيقة ما تدعوهم إليه، وما يعلنون من جحودهم ذلك بألسنتهم علانية.
" فلا يحزنك قولهم " هذه اللغة الفصيحة . ومن العرب من يقول يحزنك . والمراد تسلية نبيه عليه السلام ، أي لا يحزنك قولهم شاعر ساحر . وتم الكلام ، ثم استأنف فقال : " إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون " من القول والعمل وما يظهرون فنجازيهم بذلك .
يقول تعالى منكراً على المشركين في اتخاذهم الأنداد آلهة مع الله يبتغون بذلك أن تنصرهم تلك الالهة وترزقهم وتقربهم إلى الله زلفى, قال الله تعالى: " لا يستطيعون نصرهم " أي لاتقدر الالهة على نصر عابديها بل هي أضعف من ذلك وأقل وأحقر وأدحر, بل لا تقدر على الاستنصار لأنفسها, ولا الإنتقام ممن أرادها بسوء, لأنها جماد لا تسمع ولا تعقل.
وقوله تبارك وتعالى: "وهم لهم جند محضرون" قال مجاهد : يعني عند الحساب يريد أن هذه الأصنام محشورة مجموعة يوم القيامة محضرة عند حساب عابديها, ليكون ذلك أبلغ في حزنهم وأدل عليهم في إقامة الحجة عليهم. وقال قتادة " لا يستطيعون نصرهم " يعني الالهة "وهم لهم جند محضرون" والمشركون يغضبون للالهة في الدنيا, وهي لا تسوق إليهم خيراً ولا تدفع عنهم شراً, إنما هي أصنام, وهكذا قال الحسن البصري , وهذا القول حسن, وهو اختيار ابن جرير رحمه الله تعالى. وقوله تعالى: "فلا يحزنك قولهم" أي تكذيبهم لك وكفرهم بالله " إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون " أي نحن نعلم جميع ما هم فيه, وسنجزيهم وصفهم ونعاملهم على ذلك يوم لا يفقدون من أعمالهم جليلاً ولا حقيراً ولا صغيراً ولا كبيراً بل يعرض عليهم جميع ما كانوا يعملون قديماً وحديثاً.
ثم سلى سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: 76- "فلا يحزنك قولهم" هذا القول هو ما يفيده قوله: "واتخذوا من دون الله آلهة" فإنهم لا بد أن يقولوا هؤلاء آلهتنا وإنها شركاء لله في المعبودية ونحو ذلك، وهو نهي من خاطبه عن الحضور لديه. لا نهي نفسه عن الرؤية، وهذا بعيد والأول أولى والكلام من باب التسلية كما ذكرنا. ويجوز أن يكون المراد بالقول المذكور هو قولهم: إنه ساحر وشاعر ومجنون، وجملة "إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون" لتعليل ما تقدم من النهي. فإن علمه سبحانه بما يظهرون ويضمرون مستلزم للمجازاة لهم بذلك. وأن جميع ما صدر منهم لا يعزب عنه سواء كان خافياً أو بادياً سراً أو جهراً مظهراً أو مضمراً. وتقديم السر على الجهر للمبالغة في شمول علمه لجميع المعلومات.
76. " فلا يحزنك قولهم "، يعني: قول كفار مكة في تكذيبك، " إنا نعلم ما يسرون "، في ضمائرهم منالتكذيب، و " وما يعلنون "، من عبادة الأصنام أو ما يعلنون بألسنتهم من الأذى.
76 -" فلا يحزنك " فلا يهمنك ، وقرئ بضم الياء من أحزن . " قولهم " في الله بالإلحاد والشرك ، أو فيك بالتكذيب والتهجين . " إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون " فنجازيهم عليه وكفى ذلك أن تتسلى به ، وهو تعليل للنهي على الاستئناف ولذلك لو قرئ " أنا " بالفتح على حذف لام التعليل جاز .
76. So let not their speech grieve thee (O Muhammad). Lo! We know what they conceal and what proclaim.
76 - Let not their speech, then, Grieve thee. Verily We know what they hide as well as what they disclose.