[يس : 46] وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ
46 - (وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين)
وقوله: " وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين " يقول تعالى ذكره: وما تجيء هؤلاء المشركين من قريش آية، يعني حجة من حجج الله، وعلامة من علاماته على حقيقة توحيده، وتصديق رسوله، إلا كانوا عنها معرضين، لا يتفكرون فيها، ولا يتدبرونها، فيعلموا بها ما احتج الله عليهم بها.
فإن قال قائل: وأين جواب قوله: " وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم "؟ قيل: جوابه وجواب قوله: " وما تأتيهم من آية من آيات ربهم " ... قوله: " إلا كانوا عنها معرضين " لأن الإعراض منهم كان عن كل آية لله، فاكتفي بالجواب عن قوله: " اتقوا ما بين أيديكم " وعن قوله: " وما تأتيهم من آية " بالخبر عن إعراضهم عنها لذلك، لأن معنى الكلام: وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم أعرضوا، وإذا أتتهم آية أعرضوا.
" وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين " فاكتفى بهذا عن ذلك .
يقول تعالى مخبراً عن تمادي المشركين في غيهم وضلالهم وعدم اكتراثهم بذنوبهم التي أسلفوها, وما يستقبلون بين أيديهم يوم القيامة "وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم" قال مجاهد : من الذنوب, وقال غيره بالعكس, "لعلكم ترحمون" أي لعل الله باتقائكم ذلك يرحمكم ويؤمنكم من عذابه, وتقدير الكلام أنهم لا يجيبون إلى ذلك بل يعرضون عنه, واكتفى عن ذلك بقوله تعالى: "وما تأتيهم من آية من آيات ربهم" أي على التوحيد وصدق الرسل "إلا كانوا عنها معرضين" أي لا يتأملونها ولا يقبلونها ولا ينتفعون بها.
وقوله عز وجل: "وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله" أي إذا أمروا بالإنفاق مما رزقهم الله على الفقراء والمحاويج من المسلمين "قال الذين كفروا للذين آمنوا" أي عن الذين آمنوا من الفقراء أي قالوا لمن أمرهم من المؤمنين بالإنفاق محاجين لهم فيما أمروهم به"أنطعم من لو يشاء الله أطعمه" أي هؤلاء الذين أمرتمونا بالإنفاق عليهم لو شاء الله لأغناهم ولأطعمهم من رزقه, فنحن نوافق مشيئة الله تعالى فيهم "إن أنتم إلا في ضلال مبين" أي في أمركم لنا بذلك. قال ابن جرير : يحتمل أن يكون من قول الله عز وجل للكفار حين ناظروا المؤمنين وردوا عليهم, فقال لهم: "إن أنتم إلا في ضلال مبين" وفي هذا نظر, والله أعلم.
46- "وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين" ما هي النافية، وصيغة المضارع للدلالة على التجدد، ومن الأولى مزيدة للتوكيد، والثانية للتبعيض: والمعنى: ما تأتيهم من آية دالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى صحة ما دعا إليه من التوحيد في حال من الأحوال إلا كانوا عنها معرضين. وظاهره يشمل الآيات التنزيلية، والآيات التكوينية، وجملة "إلا كانوا عنها معرضين" في محل نصب على الحال كما مر تقريره في غير موضع. والمراد بالإعراض عدم الالتفات إليها، وترك النظر الصحيح فيها، وهذه الآية متعلقة بقوله: "يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون" أي إذا جاءتهم الرسل كذبوا، وإذا أتوا بالآيات أعرضوا عنها.
46. " وما تأتيهم من آية من آيات ربهم "، أي: دلالة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم، " إلا كانوا عنها معرضين ".
46 -" وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين " كأنه قال وإذ قيل لهم اتقوا العذاب أعرضوا لأنهم اعتادوه وتمرنوا عليه .
46. Never came a token of the tokens of their Lord to them, but they did turn away from it!
46 - Not a Sign comes to them from among the Signs of their Lord, but they turn away therefrom.