[يس : 19] قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ
19 - (قالوا طائركم) شؤمكم (معكم) بكفركم (أئن) همزة استفهام دخلت على أن الشرطية وفي همزتها التحقيق والتسهيل وإدخال ألف بينها بوجهيها وبين الأخرى (ذكرتم) وعظتم وخوفتم وجواب الشرط محذوف أي تطيرتم وكفرتم وهو محل الاستفهام والمراد به التوبيخ (بل أنتم قوم مسرفون) متجاوزون الحدد بشرككم
يقول تعالى ذكره: قالت الرسل لأصحاب القرية " طائركم معكم أإن ذكرتم " يقولون: أعمالكم وأرزاقكم وحظكم من الخير والشر معكم، ذلك كله في أعناقكم، وما ذلك من شؤمنا، إن أصابكم سوء فبما كتب عليكم وسبق لكم من الله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، " قالوا طائركم معكم ": أي أعمالكم معكم.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق فيما بلغه عن ابن عباس، وعن كعب، وعن وهب بن منبه، قالت لهم الرسل " طائركم معكم ": أي أعمالكم معكم.
وقوله " أإن ذكرتم " اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الأمصار " أإن ذكرتم " بكسر الألف من ( إن) وفتح ألف الاستفهام: بمعنى إن ذكرناكم فمعكم طائركم، ثم أدخل على ( إن) التي هي حرف جزاء ألف استفهام في قول بعض نحويي البصرة، وفي قول بعض الكوفيين منوي به التكرير، كأنه قيل: قالوا طائركم معكم إن ذكرتم فمعكم طائركم، فحذف الجواب اكتفاء بدلالة الكلام عليه. وإنما أنكر قائل هذا القول القول الأول، لأن ألف الاستفهام قد حالت بين الجزاء وبين الشرط، فلا تكون شرطاً لما قبل حرف الاستفهام. وذكر عن أبي رزين أنه قرأ ذلك ( أأن ذكرتم) بمعنى: ألأن ذكرتم طائركم معكم؟ . وذكر عن بعض قارئيه أنه قرأه ( قالوا طائركم معكم أين ذكرتم) بمعنى: حين ذكرتم بتخفيف الكاف من ذكرتم.
والقراءة التي لا نجيز القراءة بغيرها القراءة التي عليها قراء الأمصار، وهي دخول ألف الاستفهام على حرف الجزاء، وتشديد الكاف على المعنى الذي ذكرناه عن قارئيه كذلك، لإجماع الحجة من القراء عليه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " أإن ذكرتم ": أي إن ذكرناكم الله تطير بنا؟ " بل أنتم قوم مسرفون ".
وقوله " بل أنتم قوم مسرفون " يقول: قالوا لهم: ما بكم التطير بنا، ولكنكم قوم أهل معاص لله وآثام، قد غلبت عليكم الذنوب والآثام.
فقالت الرسل : " طائركم معكم " أي شؤمكم معكم أي حظكم من الخير والشر معكم ولازم في أعناقكم ، وليس هو من شؤمنا ، قال معناه الضحاك . وقال قتادة : أعمالكم معكم . ابن عباس : معناه الأرزاق والأقدار تتبعكم . الفراء : < طائركم معكم > رزقكم وعملكم ، والمعنى واحد . وقرأ الحسن : < أطيركم > أي تطيركم . " أإن ذكرتم " قال قتادة : إن ذكرتم تطيرتم . وفيه تسعة أوجه من القراءات : قرأ أهل المدينة : < أئن ذكرتم > بتخفيف الهمزة الثانية . وقرأ أهل الكوفة : < أإن > بتحقيق الهمزتين .
والوجه الثالث : < أإن ذكرتم > بهمزتين بينهما ألف أدخلت الألف كراهة للجمع بين الهمزتين . والوجه الرابع : < أإن > بهمزة بعدها ألف وبعد الألف همزة مخففة . والقراءة الخامسة < أاأن > بهمزتين مفتوحتين بينهما ألف . والوجه السادس : < أأن > بهمزتين محققتين مفتوحتين . وحكى الفراء : أن هذه القراءة قراءة أبي رزين .
قلت : وحكاه الثعلبي عن زر بن حبيش و ابن السميقع . وقرأ عيسى بن عمر و الحسن البصري : " قالوا طائركم معكم أإن ذكرتم " بمعنى حيث : وقرأ يزيد بن القعقاع و الحسن و طلحة < ذكرتم > بالتخفيف ، ذكر جميعه النحاس . وذكر المهدوي عن طلحة بن مصرف و عيسى الهمذاني : < آن ذكرتم > بالمد ، على أن همزة الاستفهام دخلت على همزة مفتوحة . الماجشون : < إن ذكرتم > بهمزة واحدة مفتوحة . فهذه تسع قراءات . وقرأ ابن هرمز < طيركم معكم > " أإن ذكرتم " أي لإن وعظتم ، وهو كلام مستأنف ، أي إن وعظتم تطيرتم . وقيل : إنما تطيروا لما بلغهم أن كل نبي دعا قومه فلم يجيبوه كان عاقبتهم الهلاك " بل أنتم قوم مسرفون " قال قتادة : مسرفون في تطيركم . يحيى بن سلام : مسرفون في كفركم . وقال ابن بحر : السرف ها هنا الفساد ، ومعناه بل أنتم قوم مفسدون . وقيل : مسرفون مشركون ، والإسراف مجاوزة الحد ، والمشرك يجاوز الحد .
فعند ذلك قال لهم أهل القرية"إنا تطيرنا بكم" أي لم نر على وجوهكم خيراً في عيشنا. وقال قتادة : يقولون إن أصابنا شر فإنما هو من أجلكم. وقال مجاهد : يقولون لم يدخل مثلكم إلى قرية إلا عذب أهلها "لئن لم تنتهوا لنرجمنكم" قال قتادة : بالحجارة. وقال مجاهد : بالشتم, "وليمسنكم منا عذاب أليم" أي عقوبة شديدة, فقالت لهم رسلهم "طائركم معكم" أي مردود عليكم, كقوله تعالى في قوم فرعون "فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله" وقال قوم صالح "اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله" وقال قتادة ووهب بن منبه : أي أعمالكم معكم. وقال عز وجل: " وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا " وقوله تعالى: " أإن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون " أي من أجل أنا ذكرناكم وأمرناكم بتوحيد الله وإخلاص العبادة له, قابلتمونا بهذا الكلام وتوعدتمونا وتهددتمونا, بل أنتم قوم مسرفون. وقال قتادة : أي إن ذكرناكم بالله تطيرتم بنا بل أنتم قوم مسرفون.
ثم أجاب عليهم الرسل دفعاً لما زعموه من التطير بهم فـ 19- " قالوا طائركم معكم " أي شؤمكم معكم من جهة أنفسكم، لازم في أعناقكم، وليس هو من شؤمنا. قال الفراء: طائركم معكم: أي رزقكم وعملكم وبه قال قتادة. قرأ الجمهور "طائركم" اسم فاعل: أي ما طار لكم من الخير والشر، وقرأ الحسن اطيركم أي تطيركم " أإن ذكرتم ". قرأ الجمهور من السبعة وغيرهم بهمزة استفهام بعدها إن الشرطية على الخلاف بينهم في التسهيل والتحقيق، وإدخال ألف بين الهمزتين وعدمه. وقرأ أبو جعفر وزر بن حبيش وابن السميفع وطلحة بهمزتين مفتوحتين. وقرأ الأعمش وعيسى بن عمر والحسن أين بفتح الهمزة وسكون الباء على صيغة الظرف.
واختلف سيبويه ويونس إذا اجتمع استفهام وشرط أيهما يجاب؟ فذهب سيبويه إلى أنه يجاب الاستفهام، وذهب يونس إلى أنه يجاب الشرط، وعلى القولين فالجواب هنا محذوف: أي أإن ذكرتم فطائركم معكم لدلالة ما تقدم عليه. وقرأ الماجشون أن ذكرتم بهمزة مفتوحة: أي لأن ذكرتم. ثم أضربوا عما يقتضيه الاستفهام والشرط من كون التذكير سبباً للشؤم فقالوا: "بل أنتم قوم مسرفون" أي ليس الأمر كذلك، بل أنتم قوم عادتكم الإسراف في المعصية. قال قتادة: مسرفون في تطيركم. وقال يحيى بن سلام: مسرفون في كفركم. وقال ابن بحر: السرف هنا الفساد، والإسراف في الأصل مجاوزة الحد في مخالفة الحق.
19. " قالوا طائركم معكم "، يعني: شؤمكم معكم بكفركم وتكذيبكم، يعني: أصابكم الشؤم من قبلكم. وقال ابن عباس و الضحاك : حظكم من الخير والشر، " أإن ذكرتم "، يعني: وعظمتم بالله، وهذا استفهام محذوف الجواب، مجازه: إن ذكرتم ووعظتم بالله تطيرتم بنا. وقرأ أبو جعفر : (( أن )) بفتح الهمزة الملينة (( ذكرتم )) بالتخفيف، " بل أنتم قوم مسرفون "، مشركون مجاوزون الحد.
19 -" قالوا طائركم معكم " سبب شؤمكم معكم وهو سوء عقيدتكم وأعمالكم ، وقرئ (( طيركم معكم )) . " أإن ذكرتم " وعظتم ، وجواب الشرط محذوف مثل تطيرتم أو توعدتم بالرجم والتعذيب ، وقد قرئ بألف بين الهمزتين وبفتح أن بمعنى أتطيرتم لأن ذكرتم وأن بغير الاستفهام و (( أين ذكرتم )) بمعنى طائركم معكم حيث جرى ذكركم وهو أبلغ . " بل أنتم قوم مسرفون " قوم عادتكم الإسراف في العصيان فمن ثم جاءكم الشؤم ، أو في الضلال ولذلك توعدتم وتشاءمتم بمن يجب أن يكرم ويتبرك به .
19. They said: Your evil augury be with you! Is it because ye are reminded (of the truth)? Nay, but ye are froward folk?
19 - They said: Your evil omens are with yourselves: (deem ye this an evil omen). If ye are a people transgressing all bounds