[سبإ : 1] الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ
1 - (الحمد لله) حمد تعالى نفسه بذلك والمراد به الثناء بمضمونه من ثبوت الحمد وهو الوصف بالجميل لله تعالى (الذي له ما في السماوات وما في الأرض) ملكا وخلقا (وله الحمد في الآخرة) كالدنيا يحمده أولياؤه إذا دخلوا الجنة (وهو الحكيم) في فعله (الخبير) بخلقه
يقول تعالى ذكره: الشكر الكامل، والحمد التام كله للمعبود الذي هو مالك جميع ما في السماوات السبع، وما في الأرضين السبع دون كل ما يعبدونه، ودون كل شيء سواه، لا مالك لشيء من ذلك غيره، فالمعنى: الذي هو مالك جميعه " وله الحمد في الآخرة " يقول: وله الشكر الكامل في الآخرة، كالذين هو له ذلك في الدنيا العاجلة، لأن منه النعم كلها على كل من في السماوات والأرض في الدنيا، ومنه يكون ذلك في الآخرة، فالحمد لله خالصاً دون ما سواه في عاجل الدنيا، وآجل الآخرة، لأن النعم كلها من قبله لا يشركه فيها أحد من دونه، وهو الحكيم في تدبيره خلقه وصرفه إياهم في تقديره، خبير بهم وبما يصلحهم، وبما عملوا، وما هم عاملون، محيط بجميع ذلك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " وهو الحكيم الخبير " حكيم في أمره، خبير بخلقه.
مكية في قول الجميع ، إلا آية واحدة اختلف فيها ، وهي قوله تعالى : " ويرى الذين أوتوا العلم " ألآية . فقالت فرقة : هي مكية ، والمراد المؤمنين أصحاب النبي صلىالله عليه وسلم ، قاله ابن عباس .وقالت فرقة : هي مدنية ، والمراد بالمؤمنين نم أسلم بالمدينة ، كعبد الله بن سلام وغيره ، قاله مقاتل . وقال قتادة: هم أمه محمد صلى الله عليه وسلم المؤمنون به كائنا من كان . وهي أربع وخسون آية .
قوه تعالى : " الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض " الذي في موضع خفض على النعت أو البدل ويجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ ، وأن يكون في موضع نصب بمعنى أعني . وحكي سيبويه الحمد لله أهل الحمد بارفع والنصب والخفض والحمد الكامل والثناء الشامل كله لله ، إذا النعم كلها منه وقد مضى الكلام فيه في أول الفاتحة . "وله الحمد في الآخرة " قيل : هو قوله تعالى: " وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده " [الزمر 74 ] .وقيل : هو قوله تعالى " وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين " [يونس :10 ] فهو المحمود في الآخرة كما أنه المحمود في الدنيا ،وهو المالك للآخرة كما أنه المالك للأولى . " وهو الحكيم " في فعله . " الخبير " بأمر خلقه .
تفسير سورة سبأ
وهي مكية
بسم الله الرحمـن الرحيم
يخبر تعالى عن نفسه الكريمة أن له الحمد المطلق في الدنيا والاخرة, لأنه المنعم المتفضل على أهل الدنيا والاخرة, المالك لجميع ذلك, الحاكم في جميع ذلك, كما قال تعالى: " وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون " ولهذا قال تعالى ههنا: "الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض" أي الجميع ملكه وعبيده وتحت تصرفه وقهره, كما قال تعالى: " وإن لنا للآخرة والأولى ", ثم قال عز وجل: " وله الحمد في الآخرة " فهو المعبود أبداً, المحمود على طول المدى.
وقوله تعالى: "هو الحكيم" أي في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره "الخبير" الذي لا تخفى عليه خافية ولا يغيب عنه شيء, وقال مالك عن الزهري : خبير بخلقه, حكيم بأمره, ولهذا قال عز وجل: "يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها" أي يعلم عدد القطر النازل في أجزاء الأرض, والحب المبذور, والكامن فيها, ويعلم ما يخرج من ذلك عدده وكيفيته وصفاته "وما ينزل من السماء" أي من قطر ورزق, وما يعرج فيها, أي من الأعمال الصالحة وغير ذلك, "وهو الرحيم الغفور" أي الرحيم بعباده, فلا يعاجل عصاتهم بالعقوبة, الغفور عن ذنوب التائبين إليه المتوكلين عليه.
هي أربع وخمسون آية
وهي مكية. قال القرطبي في قول الجميع إلا آية واحدة اختلف فيها، وهي قوله: "ويرى الذين أوتوا العلم" فقالت فرقة هي مكية، وقالت فرقة هي مدنية، وسيأتي الخلاف في معنى هذه الآية إن شاء الله وفيمن نزلت. وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: نزلت سورة سبأ بمكة.
قوله: 1- "الحمد لله" تعريف الحمد مع لام الاختصاص مشعران باختصاص جميع أفراد الحمد بالله سبحانه على ما تقدم تحقيقه في فاتحة الكتاب، والموصول في محل جر على النعت، أو البدل، أو النصب على الاختصاص، أو الرفع على تقدير مبتدأ، ومعنى "له ما في السموات وما في الأرض" أن جميع ما هو فيها في ملكه وتحت تصرفه. يفعل به ما يشاء ويحكم فيه بما يريد، وكل نعمة واصلة إلى العبد فهي مما خلقه له ومن به عليه، فحمده على ما في السموات والأرض هو حمد على النعم التي أنعم بها على خلقه مما خلقه لهم. ولما بين أن الحمد الدنيوي من عباده الحامدين له مختص به بين أن الحمد الأخروي مختص به كذلك فقال: "وله الحمد في الآخرة" وقوله: "له" نتعلق بنفس الحمد، أو بما تعلق به خبر الحمد أعني في الآخرة، فإنه متعلق بمتعلق عام هو الاستقرار أو نحوه، والمعنى: أن له سبحانه على الاختصاص حمد عباده الذين يحمدونه في الدار الآخرة إذا دخلوا الجنة كما في قوله: "وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده" وقوله: "الحمد لله الذي هدانا لهذا" وقوله: " الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن " وقوله: الحمد لله "الذي أحلنا دار المقامة من فضله" وقوله: "وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين" فهو سبحانه المحمود في الآخرة كما أنه المحمود في الدنيا وهو المالك للآخرة كما أنه المالك للدنيا "وهو الحكيم" الذي أحكم أمر الدارين "الخبير" بأمر خلقه فيهما، قيل والفرق بين الحمدين أن الحمد في الدنيا عبادة، وفي الآخرة تلذذ وابتهاج، لأنه قد انقطع التكليف فيها.

1- "الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض"، ملكاً وخلقاً، "وله الحمد في الآخرة"، كما هو له في الدنيا، لأن النعم في الدارين كلها منه.
وقيل: الحمد لله في الآخرة هو حمد أهل الجنة كما قال الله تعالى: "وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن" (فاطر - 34)، " الحمد لله الذي صدقنا وعده " (الزمر - 74). "وهو الحكيم الخبير".
1ـ " الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض " خلقاً ونعمة ، فله الحمد في الدنيا لكمال قدرته وعلى تمام نعمته . " وله الحمد في الآخرة " لأن ما في الآخرة أيضاً كذلك ، وليس هذا من عطف المقيد على المطلق فإن الوصف بما يدل على أنه المنعم بالنعم الدنيوية قيد الحمد بها ، وتقديم الصلة للاختصاص فإن النعم الدنيوية قد تكون بواسطة من يستحق الحمد لأجلها ولا كذلك نعم الآخرة . " وهو الحكيم " الذي أحكم أمور الدارين . " الخبير " ببواطن الأشياء .
Surah 34. Saba
1. Praise be to Allah, unto Whom belongeth whatsoever is in the heavens and whatsoever is in the earth. His is the praise in the Hereafter, and He is the Wise, the Aware.
SURA 34: SABA'
1 - Praise be to God, to Whom belong all things in the heavens and on earth: to Him be praise in the Hereafter: and He is Full of Wisdom, acquainted with all things.