[الأحزاب : 4] مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ
4 - (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) ردا على من قال من الكفار إن له قلبين يعقل بكل منهما أفضل من عقل محمد (وما جعل أزواجكم اللائي) بهمزة وياء وبلا ياء (تظاهرون) بلا ألف قبل الهاء وبها والتاء الثانية في الأصل مدغمة في الظاء (منهن) يقول الواحد مثلا لزوجته أنت علي كظهر أمي (أمهاتكم) أي كالأمهات في تحريمها بذلك المعد في الجاهلية طلاقا وإنما تجب به الكفارة بشرطه كما ذكر في سورة المجادلة (وما جعل أدعياءكم) جمع دعي وهو من يدعى لغير أبيه ابنا له (أبناءكم) حقيقة (ذلكم قولكم بأفواهكم) أي اليهود والمنافقين قالوا لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش التي كانت امرأة زيد بن حارثة الذي تبناه النبي صلى الله عليه وسلم قالوا تزوج محمد امرأة ابنه فأكذبهم الله تعالى في ذلك (والله يقول الحق) في ذلك (وهو يهدي السبيل) سبيل الحق
قوله تعالى ما جعل الله لرجل الآية أخرج الترمذي وحسنه عن ابن عباس قال قام النبي صلى الله عليه وسلم يوما يصلي فخطر خطرة فقال المنافقون الذين يصلون معه ألا ترى أن له قلبين قلبا معكم وقلبا معه فأنزل الله ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه
ك وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ضعيف عن سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة قالوا كان رجل يدعى ذا القلبين فنزلت
ك وأخرج ابن جرير من طريق قتادة عن الحسن مثله وزاد وكان يقول لي نفس تأمرني ونفس تنهاني
وأخرج من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال نزلت في رجل من بني فهم قال ان في جوفي لقلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي انها نزلت في رجل من قريش من بني جمح يقال له جميل بن معمر
اختلف أهل التأويل في المراد من قول الله " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " فقال بعضهم: عنى بذلك تكذيب قوم من أهل النفاق، وصفوا نبي الله صلى الله عليه وسلم بأنه ذو قلبين، فنفى الله ذلك عن نبيه، وكذبهم.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا حفص بن نفيل، قال: ثنا زهير بن معاوية، عن قابوس بن أبي ظبيان أن أباه حدثه، قال: " قلنا لابن عباس: أرأيت قول الله " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " ما عنى بذلك؟ قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فصلى، فخطر خطرة فقال المنافقون الذين يصلون معه: إن له قلبين، قلباً معكم، وقلباً معهم، فأنزل الله " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " ".
وقال آخرون: بل عني بذلك: رجل من قريش كان يدعى ذا القلبين من دهيه.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " قال: كان رجل من قريش يسمى من دهيه ذا القلبين، فأنزل الله هذا في شأنه.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " قال: إن رجلاً من بني فهر، قال: إن في جوفي قلبين، أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد ( وكذب).
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال ثنا سعيد، عن قتادة، قوله " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " قال قتادة: كان رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى ذا القلبين، فأنزل الله فيه ما تسمعون.
قال قتادة: وكان الحسن يقول: كان رجل يقول: لي نفس تأمرني، ونفس تنهاني، فأنزل الله فيه ما تسمعون.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن خصيف، عن عكرمة، قال: كان رجل يسمى ذا القلبين، فنزلت " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ".
وقال آخرون: بل عني بذلك زيد بن حارثة من أجل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان تبناه، فضرب الله بذلك مثلاً.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، في قوله " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " قال: بلغنا أن ذلك كان في زيد بن حارثة، ضرب الله له مثلاً يقول: ليس ابن رجل آخر ابنك.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: ذلك تكذيب من الله تعالى قول من قال لرجل في جوفه قلبان يعقل بهما، على النحو الذي روي عن ابن عباس، وجائز أن يكون ذلك تكذيباً من الله لمن وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، وأن يكون تكذيباً لمن سمى القرشي الذي ذكر أنه سمي ذا القلبين من دهيه، وأي الأمرين كان فهو نفي من الله عن خلقه من الرجال أن يكونوا بتلك الصفة.
وقوله " وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم " يقول تعالى ذكره: ولم يجعل الله أيها الرجال نساءكم اللائي تقولون لهن: أنتن علينا كظهور أمهاتنا أمهاتكم، بل جعل ذلك من قيلكم كذباً، وألزمكم عقوبة لكم كفارة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله " وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم ": أي ما جعلها أمك، فإذا ظاهر الرجل من امرأته، فإن الله لم يجعلها أمه، ولكن جعل فيها الكفارة.
وقوله " وما جعل أدعياءكم أبناءكم " يقول: ولم يجعل الله من ادعيت أنه ابنك، وهو ابن غيرك ابنك بدعواك.
وذكر أن ذلك نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل تبنيه زيد بن حارثة.
ذكر الرواية بذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله " أدعياءكم أبناءكم " قال: نزلت هذه الآية في زيد بن حارثة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله " وما جعل أدعياءكم أبناءكم " قال: كان زيد بن حارثة حين من الله ورسوله عليه، يقال له: زيد ابن محمد كان تنباه، فقال الله ( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) ( الأحزاب: 40) قال: هو يذكر الأزواج والأخت، فأخبره أن الأزواج لم تكن بالأمهات أمهاتكم، ولا أدعياءكم أبناءكم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " وما جعل أدعياءكم أبناءكم " وما جعل دعيك ابنك، يقول: إذا ادعى رجل رجلاً وليس بابنه " ذلكم قولكم بأفواهكم " ... الآية، وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: " من ادعى إلى غير أبيه متعمداً، حرم الله عليه الجنة ".
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن أبي زائدة، عن أشعث، عن عامر، قال: ليس في الأدعياء زيد، وقوله " ذلكم قولكم بأفواهكم " يقول تعالى ذكره هذا القول وهو قول الرجل لأمرأته: أنت علي كظهر أمي، ودعاءه من ليس بابنه أنه ابنه، إنما هو قولكم بأفواكهم لا حقيقة له، لا يثبت بهذه الدعوى نسب الذي ادعيت بنوته، ولا تصير الزوجة أما بقول الرجل لها: أنت علي كظهر أمي " والله يقول الحق " يقول: والله هو الصادق الذي يقول الحق، وبقوله يثبت نسب من أثبت نسبه، وبه تكون المرأة للمولود أماً إذا حكم بذلك " وهو يهدي السبيل " يقول تعالى ذكره: والله يبين لعباده سبيل الحق، ويرشدهم لطريق الرشاد.
فيه خمس مسائل :
الأولى - قال مجاهد: نزلت في رجل من قريش كان يدعى ذا القلبين من دهائه وكان يقول: إن لي في جوفي قلبين، أعقل بكل واحد منهم أفضل من عقل محمد، قال: وكان من فهر. الواحدي والقشيري وغيرهما : نزلت في جميل بن معمر الفهري، وكان رجلاً حافظاً لما يسمع فقال قريش: ما يحفظ هذه الأشياء إلا وله قلبان وكان يقول : لي قلبان أعقل بهما أفضل من عقل محمد فلما هزم المشركون يوم بدر ومعهم جميل بن معمر، رآه أبو سفيان في العير وهو معلق إحدى نعليه في يده والأخرى في رجله، فقال أبو سفيان . ما حال الناس؟ قال انهزموا.قال : فما بال إحدى نعليك في يدك والأخرى في رجلك ؟ قال: ما شعرت إلا أنهما في رجلي، فعرفوا يومئذ أنه لو كان له قلبان لما نسى نعله في يده وقال السهلي : كان جميل بن معمر الجمحي، وهو ابن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، واسم جمح : تيم ، وكان يدعى ذا القلبين فنزلت فيه الآية وفيه يقول الشاعر:
وكيف ثوائي بالمدينة بعد ما قضى وطراً منها جميل بن معمر
قلت: كذا قالوا جميل بن معمر . وقال الزمخشري: جميل بن أسد الفهري. وقال ابن عباس: سببها أن بعض المنافقين قال: إن محمداً له قلبان، لأنه بما كان في شيء فنزع في غيره نزعة ثم عاد إلى شأنه الأول فقالوا ذلك عنه فأكذبهم الله عز وجل. وقيل: نزلت في عبد الله بن خطل ، وقال الزهري وابن حيان: نزل ذلك تمثيلاً في زيد بن حارثة لما تبناه النبي صلى الله عليه وسلم فالمعنى: كما لا يكون لرجل قلبان كذلك لا يكون ولد واحد لرجلين قال النحاس: وهذا قول ضعيف لا يصح في اللغة، وهو من منقطعات الزهري، رواه معمر عنه. وقيل: هو مثل ضرب للمظاهر، أي كما لا يكون للرجل قلبان كذلك لا تكون امرأة المظاهر أمه حتى تكون له أمان. وقيل: كان الواحد من المنافقين يقول: لي قلب يأمرني بكذا، وقلب يأمرني بكذا فالمنافق ذو قلبين، فالمقصود رد النفاق . وقيل: لا يجتمع الكفر والإيمان بالله تعالى في قلب كما لا يجتمع قلبان في جوف، فالمعنى: لا يجتمع اعتقادان متغايران في قلب. ويظهر من الآية بجملتها نفي أشياء كانت العرب تعتقدها في ذلك الوقت، وإعلام بحقيقة الأمر والله أعلم
الثانية -القلب بضعة صغيرة على هيئة الصنوبرة، خلقها الله تعالى في الآدمي وجعلها محلاً للعلم، فيحصي به العبد من العلوم ما لا يسمع في أسفار، يكتبه الله تعالى فيه بالخط الإلهي، ويضبطه فيه بالحفظ بالرباني، حتى يحصيه ولا ينسى منه شيئاً وهو بين لمتين لمة من الملك ولمة من الشيطان كما قال صلى الله عليه وسلم خرجه الترمذي، وقد مضى في البقرة وهو محل الخطرات والوساوس ومكان الكفر والإيمان، وموضع الإصرار والإنابة، ومجرى الانزعاج والطمأنينة والمعنى في الآية : أنه لا يجتمع في القلب الكفر والإيمان، والهدى والضلال والإنابة والإصرار، وهذا نفي لكل ما توهمه أحد في ذلك من حقيقة أو مجاز والله أعلم .
الثالثة -أعلم الله عز وجل في هذه الآية أنه لا أحد بقلبين، ويكون في هذا طعن على المنافقين الذين تقدم ذكرهم أي إنما هو قلب واحد، فإما فيه إيمان وإما فيه كفر لأن درجة النفاق كأنها متوسطة فنفاها الله تعالى وبين أنه قلب واحد. وعلى هذا النحر يستشهد الإنسان بهذه الآية متى نسي شيئاً أو وهم ، يقول على جهة الاعتذار: ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه .
الرابعة -قوله تعالى :" وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم " يعني قول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي. وذلك مذكور في سورة المجادلة على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى .
الخامسة -قوله تعالى:" وما جعل أدعياءكم أبناءكم " أجمع أهل التفسير على أن هذه نزل في زيد بن حارثة وروى الأئمة أن ابن عمر قال:
ما كنا ندعو زيد بن حاثة إلا زيد بن محمد حتى نزلت :" ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله " وكان زيد فيما روي عن أنس بن مالك وغيره مسبيا من الشام سبته خيل من تهامة، فابتاعه حكيم بن حزام بن خويلد، فوهبه لعمته خديجة فوهبته خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه وتبناه فأقام عنده مدة، ثم جاء عمه وأبوه يرغبان في فدائه، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم وذلك قبل البعث:" خيراه فإن اختاركما فهو لكما دون فداء" فاختبار الرق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حريته وقومه فقال محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك "يا معشر قريش اشهدوا أنه ابني يرثني وأرثه" وكان يطوف على حلق قريش يشهدهم على ذلك فرضي ذلك عمه وأبوه وانصرفا، وكان أبوه لما سبي يدور الشام ويقول :
بكيت على زيد ولم أدر ما فعل أحيى فيرجى أم أتى دونه الأجل
فوالله لا أدري وإني لسائل أغالك بعدي السهل أم غالك الجبل
فيا ليت شعري! هل لك الدهر أوبة فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل
تذكرنيه الشمس عند طلوعها وتعرض ذكراه إذا غربها أفل
وإن هبت الأرياح هيجن ذكره فيا طول ما حزني عليه وما جل
سأعمل نص العيس في الأرض جاهداً ولا أسأل التطواف أو تسأم الإبل
حياتي أو تأتي علي منيتي فكل امرئ فإن وإن غره الأمل
فأخبر أنه بمكة، فجاء إليه فهلك عنده وروي أنه جاء إليه فخيره النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا وانصرف وسيأتي من ذكره وفضله وشرفه شفاء عند قوله : "فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها" [الأحزاب: 37] إن شاء الله تعالى وقتل زيد بموته من أرض الشام سنة ثمان من الهجرة و"كان النبي صلى الله عليه وسلم أمره في تلك الغزاة وقال : إن قتل زيد فجعفر فإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة فقتل الثلاثة في تلك الغزاة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ولما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نعي زيد وجعفر بكى وقال: أخواي ومؤنساي ومحدثاي".
يقول تعالى موطئاً قبل المقصود المعنوي أمراً معروفاً حسياً, وهو أنه كما لا يكون للشخص الواحد قلبان في جوفه ولاتصير زوجته التي يظاهر منها بقوله أنت علي كظهر أمي أماً له, كذلك لا يصير الدعي ولداً للرجل إذا تبناه فدعاه ابناً له, فقال "ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم" كقوله عز وجل " ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم " الاية. وقوله تعالى: " وما جعل أدعياءكم أبناءكم " هذا هو المقصود بالنفي, فإنها نزلت في شأن زيد بن حارثة رضي الله عنه مولى النبي صلى الله عليه وسلم, كان النبي صلى الله عليه وسلم قد تبناه قبل النبوة, فكان يقال له زيد بن محمد, فأراد الله تعالى أن يقطع هذا الإلحاق وهذه النسبة بقوله تعالى: " وما جعل أدعياءكم أبناءكم " كما قال تعالى في أثناء السورة "ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليماً" وقال ههنا " ذلكم قولكم بأفواهكم " يعني تبنيكم لهم قول لا يقتضي أن يكون ابناً حقيقياً, فإنه مخلوق من صلب رجل آخر, فما يمكن أن يكون أبوان كما لا يمكن أن يكون للبشر الواحد قلبان "والله يقول الحق وهو يهدي السبيل" قال سعيد بن جبير "يقول الحق" أي العدل, وقال قتادة "وهو يهدي السبيل" أي الصراط المستقيم.
وقد ذكر غير واحد أن هذه الاية نزلت في رجل من قريش كان يقال له ذو القلبين, وأنه كان يزعم أن له قلبين كل منهما بعقل وافر, فأنزل الله تعالى هذه الاية رداً عليه. هكذا روى العوفي عن ابن عباس , وقاله مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة واختاره ابن جرير : وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن , حدثنا زهير عن قابوس يعني ابن أبي ظبيان , قال: إن أباه حدثه قال: قلت لابن عباس : أرأيت قول الله تعالى: "ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه" ما عنى بذلك ؟ قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يصلي فخطر خطرة, فقال المنافقون الذين يصلون معه: ألا ترون له قلبين: قلباً معكم وقلباً معهم, فأنزل الله تعالى: "ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه" وهكذا رواه الترمذي عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي عن صاعد الحراني , عن عبد بن حميد وعن أحمد بن يونس , كلاهما عن زهير وهو ابن معاوية به. ثم قال: وهذا حديث حسن, وكذا رواه ابن جرير وابن حاتم من حديث زهير به.
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن الزهري في قوله تعالى: "ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه" قال بلغنا أن ذلك كان في زيد بن حارثة ضرب له مثل: يقول ليس ابن رجل آخر ابنك, وكذا قال مجاهد وقتادة وابن زيد أنها نزلت في زيد بن حارثة رضي الله عنه, وهذا يوافق ما قدمناه من التفسير والله سبحانه وتعالى أعلم. وقوله عز وجل " ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله " هذا أمر ناسخ لما كان في ابتداء الإسلام من جواز ادعاء الأبناء الأجانب وهم الأدعياء, فأمر تبارك وتعالى برد نسبهم إلى آبائهم في الحقيقة, وأن هذا هو العدل والقسط والبر. قال البخاري رحمه الله: حدثنا معلى بن أسد , حدثنا عبد العزيز بن المختار عن موسى بن عقبة قال: حدثني سالم عن عبد الله بن عمر قال: إن زيد بن حارثة رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد حتى نزل القرآن " ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله " وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي من طرق عن موسى بن عقبة به. وقد كانوا يعاملونهم معاملة الأبناء من كل وجه في الخلوة بالمحارم وغير ذلك, ولهذا قالت سهلة بنت سهيل امرأة أبي حذيفة رضي الله عنهما: يارسول الله إنا كنا ندعو سالماً ابناً, وإن الله قد أنزل ما أنزل, وإنه كان يدخل علي وإني أجد في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئاً, فقال صلى الله عليه وسلم "أرضعيه تحرمي عليه" الحديث, ولهذا لما نسخ هذا الحكم أباح تبارك وتعالى زوجة الدعي, وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش مطلقة زيد بن حارثة رضي الله عنه, وقال عز وجل " لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا " وقال تبارك وتعالى في آية التحريم "وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم" احترازاً عن زوجة الدعي فإنه ليس من الصلب, فأما الابن من الرضاعة فمنزل منزلة ابن الصلب شرعاً بقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين "حرموا من الرضاعة ما يحرم من النسب", فأما دعوة الغير ابناً على سبيل التكريم والتحبيب, فليس مما نهى عنه في هذه الاية بدليل مارواه الإمام أحمد وأهل السنن إلا الترمذي , من حديث سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن الحسن العرني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أغيلمة بني عبد المطلب على حمرات لنا من جمع, فجعل يلطخ أفخاذنا ويقول "أبيني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس" قال أبو عبيدة وغيره: أبيني تصغير بني وهذا ظاهر الدلالة, فإن هذا كان في حجة الوداع سنة عشر.
وقوله " ادعوهم لآبائهم " في شأن زيد بن حارثة رضي الله عنه, وقد قتل في يوم مؤتة سنة ثمان, وأيضاً ففي صحيح مسلم من حديث أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري عن الجعد أبي عثمان البصري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يابني" ورواه أبو داود والترمذي . وقوله عز وجل "فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم" أمر تعالى برد أنساب الأدعياء إلى آبائهم إن عرفوا, فإن لم يعرفوا فهم إخوانهم في الدين ومواليهم, أي عوضاً عما فاتهم من النسب, ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خرج من مكة عام عمرة القضاء وتبعتهم ابنة حمزة رضي الله عنها تنادي, ياعم ياعم, فأخذها علي رضي الله عنه وقال لفاطمة رضي الله عنها: دونك ابنة عمك, فاحتملتها فاختصم فيها علي وزيد وجعفر رضي الله عنهم في أيهم يكفلها, فكل أدلى بحجة, فقال علي رضي الله عنه: أنا أحق بها وهي ابنة عمي: وقال زيد : ابنة أخي, وقال جعفر بن أبي طالب : ابنة عمي وخالتها تحتي, يعني أسماء بنت عميس, فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال "الخالة بمنزلة الأم" وقال لعلي رضي الله عنه "أنت مني وأنا منك". وقال لجعفر رضي الله عنه "أشبهت خلقي وخلقي". وقال لزيد رضي الله عنه "أنت أخونا ومولانا" ففي الحديث أحكام كثيرة من أحسنها أنه صلى الله عليه وسلم حكم بالحق, وأرضى كلا من المتنازعين. وقال لزيد رضي الله عنه "أنت أخونا ومولانا". كما قال تعالى: "فإخوانكم في الدين ومواليكم".
وقال ابن جرير : حدثنا يعقوب بن إبراهيم , حدثنا ابن علية , عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه قال: قال أبو بكرة رضي الله عنه: قال الله عز وجل " ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم " فأنا ممن لا يعرف أبوه فأنا من إخوانكم في الدين, قال أبي : والله إني لأظنه لو علم أن أباه كان حماراً لانتمى إليه, وقد جاء في الحديث "من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلمه كفر" وهذا تشديد وتهديد ووعيد أكيد في التبري من النسب المعلوم, ولهذا قال تعالى: " ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم ".
ثم قال تعالى: "وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به" إي إذا نسبتم بعضهم إلى غير أبيه في الحقيقة خطأ بعد الاجتهاد واستفراغ الوسع, فإن الله تعالى قد وضع الحرج في الخطأ ورفع إثمه, كما أرشد إليه في قوله تبارك وتعالى آمراً عباده أن يقولوا "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" وثبت في صحيح مسلم " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: قد فعلت". وفي صحيح البخاري عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران, وإن اجتهد فأخطأ فله أجر". وفي حديث آخر "إن الله تبارك وتعالى رفع عن أمتي الخطا. والنسيان وما يكرهون عليه" وقال تبارك وتعالى ههنا "وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفوراً رحيماً" أي وإنما الإثم على من تعمد الباطل, كما قال عز وجل " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم " الاية. وفي الحديث المتقدم "ليس من رجل ادعى إلى غير أبيه وهو يعلمه إلا كفر". وفي القرآن المنسوخ: فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم.
قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق , أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عتبة بن مسعود , عن ابن عباس عن عمر رضي الله عنهم أنه قال: إن الله تعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق, وأنزل معه الكتاب, فكان فيما أنزل عليه آية الرجم, فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده, ثم قال قد كنا نقرأ ولا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال"لا تطروني كما أطري عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام فإنما أنا عبد الله, فقولوا عبده ورسوله" وربما قال معمر "كما أطرت النصارى ابن مريم" ورواه في الحديث الاخر "ثلاث في الناس كفر: الطعن في النسب, والنياحة على الميت, والاستسقاء بالنجوم".
ثم ذكر سبحانه مثلاً توطئه وتمهيداً لما يتعقبه من الأحكام القرآنية التي هي من الوحي الذي أمره الله باتباعه فقال: 4- "ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه".
وقد اختلف في سبب نزول هذه الآية كما سيأتي، وقيل هي مثل ضربه الله للمظاهر: أي كما لا يكون للرجل قلبان كذلك لا تكون امرأة المظاهر أمه حتى يكون له أمان، وكذلك لا يكون الدعي ابناً لرجلين. وقيل كان الواحد من المنافقين يقول: لي قلب يأمرني بكذا وقلب بكذا. فنزلت الآية لرد النفاق وبيان أنه لا يجتمع مع الإسلام كما لا يجتمع قلبان، والقلب بضعة صغيرة على هيئة الصنوبرة خلقها الله وجعلها محلاً للعلم " وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم " وقرأ الكوفيون وابن عامر "اللائي" بياء ساكنة بعد همزة، وقرأ أبو عمرو والبزي بياء ساكنة بعد ألف محضة. قال أبو عمرو بن العلاء: إنها لغة قريش التي أمر الناس أن يقرأوا بها. وقرأ قنبل وورش بهمزة مكسورة بدون ياء. قرأ عاصم "تظاهرون" بضم الفوقية وكسر الهاء بعد ألف مضارع ظاهر، وقرأ ابن عامر بفتح الفوقية والهاء وتشديد الظاء مضارع تظاهر، والأصل تتظاهرون وقرأ الباقون تظهرون بفتح الفوقية بدون الظاء بدون ألف، والأصل تتظهرون، والظهار مشتق من الظهر، وأصله أن يقول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي، والمعنى: وما جعل الله نساءكم اللائي تقولون لهن هذا القول كأمهاتكم في التحريم، ولكنه منكر من القول وزور "و" كذلك "ما جعل" الأدعياء الذين تدعون أنهم "أبناءكم" أبناء لكم، والأدعياء جمع دعي، وهو الذي يدعي ابناً لغير أبيه، وسيأتي الكلام في الظهار في سورة المجادلة، والإشارة بقوله: "ذلكم" إلى ما تقدم من ذكر الظهار والادعاء، وهو مبتدأ وخبره "قولكم بأفواهكم" أي ليس ذلك إلا مجرد قول بالأفواه ولا تأثير له، فلا تصير المرأة به أما ولا ابن الغير به ابناً، ولا يترتب على ذلك شيء من أحكام الأمومة والبنوة. وقيل الإشارة راجعة إلى الادعاء: أي ادعاؤكم أن أبناء الغير أبناؤكم لا حقيقة له، بل هو مجرد قول بالفم "والله يقول الحق" الذي يحق اتباعه لكونه حقاً في نفسه لا باطلاً، فيدخل تحته دعاء الأبناء لآبائهم "وهو يهدي السبيل" أي يدل على الطريق الموصلة إلى الحق، وفي هذا إرشاد للعباد إلى قول الحق وترك قول الباطل والزور.
قوله عز وجل: 4- "ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه"، نزلت في أبي معمر، جميل بن معمر الفهري، وكان رجلاً لبيباً حافظاً لما يسمع، فقالت قريش: ما حفظ أبو معمر هذه الأشياء إلا وله قلبان، وكان يقول: إن لي قلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد، فلما هزم الله المشركين ويوم بدر انهزم أبو معمر فيهم، فلقيه أبو سفيان وإحدى نعليه بيده، والأخرى في رجله، فقال له: يا أبا معمر ما حال الناس؟ قال انهزموا، قال: فما لك إحدى/ نعليك في يدك الأخرى في رجلك؟ فقال أبو معمر: ما شعرت إلا أنهما في رجلي، فعلموا يومئذ أنه لو كان له قلبان لما نسي نعله في يده.
وقال الزهري، ومقاتل: هذا مثل ضربه الله عز وجل للمظاهر من امرأته وللمتنبي ولد غيره، يقول: فكما لا يكون لرجل قلبان كذلك لا تكون امرأة للمظاهر أمه حتى تكون أمان، ولا يكون له ولد واحد ابن رجلين.
"وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم"، قرأ أهل الشام والكوفة: اللائي ها هنا وفي سورة الطلاق بياء بعد الهمزة، وقرأ قالون عن نافع ويعقوب بغير ياء بعد الهمزة، وقرأ الآخرون بتليين الهمزة، وكلها لغات معروفة، تظاهرون قرأ عاصم بالألف وضم التاء وكسر الهاء مخففاً، وقرأ حمزة والكسائي بفتح التاء والهاء مخففاً، وقرأ ابن عامر بفتحها وتشديد الظاء، وقرأ الآخرون بفتحها وتشديد الظاء والهاء من غير ألف بينهما.
وصورة الظهار: أن يقول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي. يقول الله تعالى: ما جعل نساءكم اللائي تقولون لهن هذا في التحريم كأمهاتكم، ولكنه منكر وزور، وفيه كفارة نذكرها إن شاء الله تعالى في سورة المجادلة.
"وما جعل أدعياءكم" يعني: من تبنيتموه "أبناءكم"، فيه نسخ التبني، وذلك أن الرجل في الجاهلية كان يتبنى الرجل فيجعله كالإبن المولود له، يدعوه الناس إليه، ويرث ميراثه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أعتق زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، وتبناه قبل الوحي، وآخى بينه وبين حمزة بن عبد المطلب، فلما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش وكانت تحت زيد بن حارثة، قال المنافقون تزوج محمد امرأة ابنه وهو ينهى عن ذلك، فأنزل الله هذه الآية ونسخ التبني، "ذلكم قولكم بأفواهكم"، لا حقيقة له يعني قولهم زيد بن محمد صلى الله عليه وسلم وادعاء نسب لا حقيقة له، "والله يقول الحق"، أي: قوله الحق، "وهو يهدي السبيل"، أي: يرشد إلى سبيل الحق.
4 -" ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " أي ما جمع قلبين في جوف لأن القلب معدن الروح الحيواني المتعلق بالنفس الإنساني أولاً ومنع القوى بأسرها وذلك يمنع التعدد . " وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم " وما جمع الزوجية والأمومة في امرأة ولا الدعوة والبنوة في رجل ، والمراد بذلك رد ما كانت العرب تزعم من أ، اللبيب الأريب له قلبان ولذلك قيل لأبي معمر أو جميل بن أسد الفهري ذو القلبين ، والزوجة المظاهر عنها كالأم ودعي الرجل ابنه ولذلك كانوا يقولون لزيد بن حارثة الكلبي عتيق رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن محمد ، أو المراد نفي الأمومة البنوة عن المظاهر عنها والمتبني ونفي القلبين لتمهيد أصل يحملان عليه . والمعنى كما لم يجعل الله قلبين في جوف لأدائه إلى التناقض وهو أ، يكون كل منهما أصلاً لكل القوى وغير أصل لم يجعل الزوجة والدعي اللذين لا ولادة بينهما وبينه أمه وابنه اللذين بينهما وبينه ولادة ، وقرأ أبو عمرو (( اللاي )) بالياء وحده على أن أصله اللاء بهمزة فخففت وعن الحجازيين مثله ، وعنهما وعن يعقوب بالهمز وحده ، وأصل " تظاهرون " تتظاهرون فأدغمت التاء الثانية في الظاء . وقرأ ابن عامر " تظاهرون " بالإدغام و حمزة و الكسائي بالحذف و عاصم " تظاهرون " من ظاهر ، وقرئ (( تظهرون )) من ظهر بمعنى ظاهر كعقد بمعنى عاقد وتظهرون من الظهور . ومعنى الظهار : أن يقول للزوجة أنت علي كظهر أمي ، مأخوذ من الظهر باعتبار اللفظ كالتلبية من لبيك وتعديته بمن لتضمنه معنى التجنب لأنه كان طلاقاً في الجاهلية وهو في الإسلام يقتضي الطلاق أو الحرمة إلى أداء الكفارة كما عدي آلى بها ، وهو بمعنى حلف وذكر الظهر للكناية عن البطن الذي هو عموده فإن ذكره يقارب ذكر الفرج ، أو للتغليظ في التحريم فإنهم كانوا يجرمون إتيان المرأة وظهرها إلى السماء ، وأدعياء جمع دعي على الشذوذ وكأنه شبه بفعيل بمعنى فاعل فجمع جمعه . " ذلكم " إشارة إلى ما ذكر أو إلى الأخير . " قولكم بأفواهكم " لا حقيقة له في الأعيان كقوله الهاذي . " والله يقول الحق " ما له حقيقة عينية مطابقة له . " وهو يهدي السبيل " سبيل الحق .
4. Allah hath not assigned unto any man two hearts within his body, nor hath he made your wives whom ye declare (to be your mothers) your mothers, nor hath he made those whom ye claim (to be your sons) your sons. This is but a saying of your mouths. But Allah sayeth the truth and He soweth the way.
4 - God has not made for any man two hearts in his (one) body: nor has He made your wives whom ye divorce by Zihar your mothers: nor has He made your adopted sons your sons. Such is (only) your (manner of) speech by your mouths. But God tells (you) the Truth, and He shows the (right) Way.