[الأحزاب : 11] هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا
11 - (هنالك ابتلي المؤمنون) اختبروا لتبين المخلص من غبره (وزلزلوا) حركوا (زلزالا شديدا) من شدة الفزع
وقوله " هنالك ابتلي المؤمنون " يقول: عند ذلك اختبر إيمان المؤمنين، ومحص القوم وعرف المؤمن من المنافق.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله " هنالك ابتلي المؤمنون " قال: محصوا.
وقوله " وزلزلوا زلزالا شديدا " يقول: وحركوا بالفتنة تحريكاً شديداً، وابتلوا وفتنوا.
هنا للقريب من المكان وهنالك للبعيد، وهناك للوسط ويشار به إلى الوقت أي عند ذلك اختبر المؤمنون ليتبين المخلص من المنافق وكان هذا الابتلاء بالخوف والقتال والجوع والحصر والنزال " وزلزلوا زلزالا شديدا" أي حركوا تحريكاً قال الزجاج: كل مصدر من المضاعف على فعلال يجوز فيه الكسر والفتح نحو قلقلته قلقالا قلقالاً وزلزلوا زلزالاً وزلزالاً والكسر أجود لأن غير المضاعف على الكسر نحو دحرجته دحراجاً وقراءة العام بكسر الزاي وقرأ عاصم والجحدري زلزالاً بفتح الزاي قال ابن سلام: أي حركوا بالخوف تحريكاً شديداً. وقال الضحاك: هو إزاحتهم عن أماكنهم حتى لم يكن لهم إلا موضع الخندق وقيل: إنه اضطرابهم عما هو إزاحتهم عن أماكنهم حتى لم يكن لهم إلا موضع الخندق. وقيل إنه اضطرابهم عما كانوا عليه فمنهم من اضطرب في نفسه ومنهم من اضطرب في دينه. وهنالك يجوز أن يكون العامل فيه ابتلي فلا يوقف على هنالك ويجوز أن يكون وتظنون باله الظنونا فيوقف على هنالك .
يقول الله تعالى مخبراً عن ذلك الحال حين نزلت الأحزاب حول المدينة, والمسلمون محصورون في غاية الجهد والضيق, ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم, أنهم ابتلوا واختبروا وزلزلوا زلزالاً شديداً, فحينئذ ظهر النفاق, وتكلم الذين في قلوبهم مرض بما في أنفسهم "وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً" أما المنافق فنجم نفاقه, والذي في قلبه شبهة أو حسيكة لضعف حاله فتنفس بما يجده من الوسواس في نفسه لضعف إيمانه وشدة ماهو فيه من ضيق الحال, وقوم آخرون قالوا كما قال الله تعالى: " وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب " يعني المدينة. كما جاء في الصحيح "أريت في المنام دار هجرتكم, أرض بين حرتين, فذهب وهلي أنها هجر فإذا هي يثرب" وفي لفظ: المدينة.
فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا إبراهيم بن مهدي , حدثنا صالح بن عمر عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى , عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله تعالى, إنما هي طابة هي طابة" تفرد الإمام أحمد , وفي إسناده ضعف, والله أعلم. ويقال كان أصل تسميتها يثرب برجل نزلها من العماليق يقال له يثرب بن عبيد بن مهلاييل بن عوص بن عملاق بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح, قاله السهيلي . قال: وروي عن بعضهم أنه قال: إن لها في التوراة أحد عشر اسماً: المدينة وطابة وطيبة والمسكينة والجابرة والمحبة والمحبوبة والقاصمة والمجبورة والعذراء والمرحومة. وعن كعب الأحبار قال: إنا نجد في التوراة يقول الله تعالى للمدينة: ياطيبة وياطابة ويامسكينة لا تقلي الكنوز أرفع أحاجرك على أحاجر القرى.
وقوله "لا مقام لكم" أي ههنا يعنون عند النبي صلى الله عليه وسلم في مقام المرابطة "فارجعوا" أي إلى بيوتكم ومنازلكم "ويستأذن فريق منهم النبي" قال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما: هم بنو حارثة قالوا: بيوتنا نخاف عليها السراق, وكذا قال غير واحد, وذكر ابن إسحاق أن القائل لذلك هو أوس بن قيظي, يعني اعتذروا في الرجوع إلى منازلهم بأنها عورة أي ليس دونها ما يحجبها من العدو, فهم يخشون عليها منهم, قال الله تعالى: "وما هي بعورة" أي ليست كما يزعمون "إن يريدون إلا فراراً" أي هرباً من الزحف.
11- " هنالك ابتلي المؤمنون " الظرف منتصب بالفعل الذي بعده، وقيل بتظنون، واستضعفه ابن عطية، وهو ظرف مكان يقال للمكان البعيد هنالك كما يقال للمكان القريب هنا، وللمتوسط هناك. وقد يكون ظرف زمان: أي عند ذلك الوقت ابتلى المؤمنون ومنه قول الشاعر:
وإذا الأمور تعاظمت وتشاكلت فهناك يعترفون أين المفزع
أي في ذلك الوقت، والمعنى: أن في ذلك المكان أو الزمان اختبر المؤمنون بالخوف والقتال والجوع والحصر والنزال ليتبين المؤمن من المنافق "وزلزلوا زلزالاً شديداً" قرأ الجمهور "زلزلوا" بضم الزاي الأولى وكسر الثانية على ما هو الأصل في المبني للمفعول، وروي عن أبي عمرو أنه قرأ بكسر الأولى، وروى الزمخشري عنه أنه قرأ بإشمامها كسراً، وقرأ الجمهور "زلزالاً"بكسر الزاي الأولى، وقرأ عاصم والجحدري وعيسى بن عمر بفتحها. قال الزجاج: كل مصدر من المضاعف على فعلال يجوز فيه الكسر والفتح: نحو قلقلته قلقالاً، وزلزلوا زلزالاً، والكسر أجود. قال ابن سلام: معنى زلزلوا: حركوا بالخوف تحريكاً شديداً. وقال الضحاك: هو إزاحتهم عن أماكنهم حتى لم يكن لهم إلا موضع الخندق، وقيل المعنى أنهم اضطربوا اضطراباً مختلفاً، فمنهم من اضطرب في نفسه، ومنهم من اضطرب في دينه.
11- "هنالك ابتلي"، أي: عند ذلك اختبر المؤمنون، بالحصر والقتال، ليتبين المخلص من المنافق، "وزلزلوا زلزالاً شديداً"، حركوا حركة شديدة.
11 -" هنالك ابتلي المؤمنون " اختبروا فظهر المخلص من المنافق والثابت من المتزلزل . " وزلزلوا زلزالاً شديداً " من شدة الفزع وقرئ (( زلزالاً )) بالفتح .
11. There were the believers sorely tried, and shaken with a mighty shock.
11 - In that situation were the Believers tried: they were shaken as by a tremendous shaking.