[الروم : 42] قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ
42 - (قل) لكفار مكة (سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين) فاهلكوا بإشراكهم ومساكنهم ومنازلهم خاوية
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله من قومك: سيروا في البلاد، فانظروا إلى مساكن الذين كفروا بالله من قبلكم، وكذبوا رسله، كيف كان آخر أمرهم، وعاقبة تكذيبهم رسل الله وكفرهم، ألم نهلكهم بعذاب منا، ونجعلهم عبرة لمن بعدهم، " كان أكثرهم مشركين "، يقول: فعلنا ذلك بهم، لأن أكثرهم كانوا مشركين بالله مثلهم.
قوله تعالى: "قل سيروا في الأرض" أي قل لهم يا محمد سيروا في الأرض ليعتبروا بمن قبلهم، وينظروا كيف كان عاقبة من كذب الرسل. "كان أكثرهم مشركين" أي كافرين فأهلكوا
قال ابن عباس وعكرمة والضحاك والسدي وغيرهم: المراد بالبر ههنا الفيافي, وبالبحر الأمصار والقرى. وفي رواية عن ابن عباس وعكرمة : البحر الأمصار, والقرى ما كان منهما على جانب نهر. وقال آخرون بل المراد بالبر هو البر المعروف, وبالبحر هو البحر المعروف. وقال زيد بن رفيع "ظهر الفساد" يعني انقطاع المطر عن البر يعقبه القحط, وعن البحر تعمى دوابه, رواه ابن أبي حاتم , وقال: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري عن سفيان عن حميد بن قيس الأعرج عن مجاهد "ظهر الفساد في البر والبحر" قال: فساد البر قتل ابن آدم, وفساد البحر أخذ السفينة غصباً.
وقال عطاء الخراساني : المراد بالبر ما فيه من المدائن والقرى, وبالبحر جزائره. والقول الأول أظهر وعليه الأكثرون, ويؤيده ما قاله محمد بن إسحاق في السيرة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح ملك أيلة, وكتب إليه ببحره, يعني ببلده, ومعنى قوله تعالى: "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس" أي بان النقص في الزروع والثمار بسبب المعاصي . وقال أبو العالية : من عصى الله في الأرض فقد أفسد في الأرض, لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة, ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود "لحد يقام في الأرض أحب إلى أهلها من أن يمطروا أربعين صباحاً" والسبب في هذا أن الحدود إذا أقيمت انكف الناس أو أكثرهم أو كثير منهم عن تعاطي المحرمات, وإذا تركت المعاصي كان سبباً في حصول البركات من السماء والأرض. ولهذا إذا نزل عيسى بن مريم عليه السلام في آخر الزمان يحكم بهذه الشريعة المطهرة في ذلك الوقت من قتل الخنزير وكسر الصليب ووضع الجزية, وهو تركها, فلا يقبل إلا الإسلام أو السيف, فإذا أهلك الله في زمانه الدجال وأتباعه ويأجوج ومأجوج, قيل للأرض: أخرجي بركتك, فيأكل من الرمانة الفئام من الناس ويستظلون بقحفها, ويكفي لبن اللقحة الجماعة من الناس, وما ذاك إلا ببركة تنفيذ شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فكلما أقيم العدل كثرت البركات والخير. ولهذا ثبت في الصحيح أن الفاجر إذا مات تستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب.
وقال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا محمد والحسين قالا: حدثنا عوف عن أبي قحذم قال: وجد رجل في زمان زياد أو ابن زياد , صرة فيها حب, يعني من بر, أمثال النوى عليه مكتوب: هذا نبت في زمان كان يعمل فيه بالعدل, وروى مالك عن زيد بن أسلم أن المراد بالفساد ههنا الشرك, وفيه نظر. وقوله تعالى: "ليذيقهم بعض الذي عملوا" الاية, أي يبتليهم بنقص الأموال والأنفس والثمرات اختباراً منه لهم ومجازاة على صنيعهم "لعلهم يرجعون" أي عن المعاصي, كما قال تعالى: "وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون" ثم قال تعالى: "قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل" أي من قبلكم "كان أكثرهم مشركين" أي فانظروا ما حل بهم من تكذيب الرسل وكفر النعم.
42- "قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل" لما بين سبحانه ظهور الفساد بما كسبت أيدي المشركين والعصاة بين لهم ضلال أمثالهم من أهل الزمن الأول، وأمرهم بأن يسيروا لينظروا آثارهم ويشاهدوا كيف كانت عاقبتهم، فإن منازلهم خاوية وأراضيهم مقفرة موحشة كعاد وثمود ونحوهم من طوائف الكفار، وجملة "كان أكثرهم مشركين" مستأنفة لبيان الحالة التي كانوا عليها، وإيضاح السبب الذي صارت عاقبتهم به إلى ما صارت إليه.
42- "قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل"، لتروا منازلهم ومساكنهم خاوية، "كان أكثرهم مشركين"، أي: كانوا مشركين، فأهلكوا بكفرهم.
42 -" قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل " لتشاهدوا مصداق ذلك وتحققوا صدقه . " كان أكثرهم مشركين " استئناف للدلالة على أن سوء عاقبتهم كان لفشو الشرك وغلبته فيهم ، أو كان الشرك في أكثرهم وما دونه من المعاصي في قليل منهم .
42. Say (O Muhammad, to the disbelievers): Travel in the land, and see the nature of the consequence for those who were before you! Most of them were idolaters.
42 - Say: Travel through the earth and see what was the End of those before (you): Most of them worshipped others besides God.