[الروم : 34] لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
34 - (ليكفروا بما آتيناهم) اريد به التهديد (فتمتعوا فسوف تعلمون) عاقبة تمتعكم فيه التفات عن الغيبة
يقول تعالى ذكره متوعداً لهؤلاء المشركين الذين أخبر عنهم أنه إذا كشف الضر عنهم كفروا به: ليكفروا بما أعطيناهم، يقول: إذا هم بربهم يشركون، كي يكفروا: أي يجحدوا النعمة التي أنعمتها عليهم بكشفي عنهم الضر الذي كانوا فيه، وإبدالي ذلك لهم بالرخاء والخصب والعافية، وذلك الرخاء والسعة هو الذي آتاهم تعالى ذكره، الذي قال لما آتيناهم. وقوله " فتمتعوا " يقول: فتمتعوا أيها القوم بالذي آتيناكم من الرخاء والسعة في هذه الدنيا " فسوف تعلمون " إذا وردتم على ربكم ما تلقون من عذابه، وعظيم عقابه على كفركم به في الدنيا. وقد قرأ بعضهم ( فسوف يعلمون) بالياء، بمعنى: ليكفروا بما آتيناهم، فقد تمتعوا على وجه الخبر، فسوف يعلمون.
قوله تعالى: "ليكفروا بما آتيناهم" قيل: هي لام كي. وقيل: هي لا م أمر فيه معنى التهديد، كما قال جل وعز: "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" الكهف:29 . "فتمتعوا فسوف تعلمون" تهديد ووعيد. وفي مصحف عبد الله وليتمتعوا، أي منكاهم من ذلك لكي يتمتعوا، فهو إخبار عن غائب، مثل: ليكفروا. وهو على خط المصحف خطاب بعد الإخبار عن غائب، أي تع تمتعوا أيها الفاعلون لهذا.
يقول تعالى مخبراً عن الناس أنهم في حال الإضطرار يدعون الله وحده لا شريك له, وأنه إذا أسبغ عليهم النعم إذا فريق منهم في حالة الاختيار يشركون بالله ويعبدون معه غيره. وقوله تعالى: "ليكفروا بما آتيناهم" هي لام العاقبة عند بعضهم, ولام التعليل عند آخرين, ولكنها تعليل لتقييض الله لهم ذلك, ثم توعدهم بقوله "فسوف تعلمون" قال بعضهم والله لو توعدني حارس درب لخفت منه, فكيف والمتوعد ههنا هو الذي يقول للشيء كن فيكون ؟ ثم قال منكراً على المشركين فيما اختلقوا فيه من عبادة غيره بلا دليل ولا حجة ولا برهان "أم أنزلنا عليهم سلطاناً" أي حجة "فهو يتكلم" أي ينطق "بما كانوا به يشركون" وهذا استفهام إنكار, أي لم يكن لهم شيء من ذلك.
ثم قال تعالى: " وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون " هذا إنكار على الإنسان من حيث هو إلا من عصمه الله ووفقه, فإن الإنسان إذا أصابته نعمة بطر. وقال "ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور" أي يفرح في نفسه ويفخر على غيره, وإذا أصابته شدة قنط وأيس أن يحصل له بعد ذلك خير بالكلية. قال الله تعالى: "إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات" أي صبروا في الضراء وعملوا الصالحات في الرخاء. كما ثبت في الصحيح" عجباً للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيراً له, إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له, وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له". وقوله تعالى: " أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر " أي هو المتصرف الفاعل لذلك بحكمته وعدله, فيوسع على قوم ويضيق على آخرين " إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ".
واللام في 34- "ليكفروا بما آتيناهم" هي لام كي، وقيل لام الأمر لقصد الوعيد والتهديد، وقيل هي لام العاقبة. ثم خاطب سبحانه هؤلاء الذين وقع منهم ما وقع فقال: "فتمتعوا فسوف تعلمون" ما يتعقب هذا التمتع الزائل من العذاب الأليم. قرأ الجمهور "فتمتعوا" على الخطاب. وقرأ أبو العالية بالتحتية على البناء للمفعول، وفي مصحف ابن مسعود فليتمتعوا.
34- "ليكفروا بما آتيناهم"، ثم خاطب هؤلاء الذين فعلوا هذا خطاب تهديد فقال: "فتمتعوا فسوف تعلمون"، حالكم في الآخرة.
34 -" ليكفروا بما آتيناهم " اللام فيه للعاقبة وقيل للأمر بمعنى التهديد لقوله : " فتمتعوا " غير أنه التفت فيه مبالغة وقرئ و (( ليتمتعوا )) . " فسوف تعلمون " عاقبة تمتعكم ، وقرئ بالياء التحتية على أن تمتعوا ماض .
34. So as to disbelieve in that which We have given them (Unto such it is said): Enjoy yourselves awhile, but ye will come to know.
34 - (As if) to show their ingratitude for the (favours) We have bestowed on them! Then enjoy (your brief day); but soon will ye know (your folly).