[آل عمران : 2] اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ
(الله لا إله إلا هو الحي القيوم)
وأما معنى قوله: "لا إله إلا هو"، فإنه خبرمن الله جل وعز، أخبر عباده أن الألوهية خاصة به دون ما سواه من الآلهة والأنداد، وأن العبادة لا تصلح ولا تجوز إلا له لانفراده بالربوبية وتوحده بالألوهية، وأن كل ما دونه فملكه، وأن كل ما سواه فخلقه، لا شريك له في سلطانه وملكه، احتجاجاً منه تعالى ذكره عليهم بأن ذلك إذ كان كذلك، فغير جائزة لهم عبادة غيره، ولا إشراك أحد معه في سلطانه، إذ كان كل معبود سواه فملكه، وكل معظم غيره فخلقه، وعلى المملوك إفراد الطاعة لمالكه، وصرف خدمته إلى مولاه ورازقه، ومعرفاً من كان من خلقه -يوم أنزل ذلك إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بتنزيله ذلك إليه، وإرساله به إليهم على لسانه صلوات الله عليه وسلامه- مقيماً على عبادة وثن أو صنم أو شمس أو قمر أو إنسي أو ملك أو غير ذلك من الأشياء التي كانت بنو آدم مقيمةً على عبادته وإلاهته -ومتخذه دون مالكه وخالقه إلهاً ورباً، أنه مقيم على ضلالة، ومنعدل عن المحجة، وراكب غير السبيل المستقيمة، بصرفه العبادة إلى غيره، ولا أحد له الألوهة غيره.
قال أبو جعفر: وقد ذكر أن هذه السورة ابتدأ الله بتنزيله فاتحتها بالذى ابتدأ به: من نفي الألوهية أن تكون لغيره، ووصفه نفسه بالذي وصفها به في ابتدائها، احتجاجاً منه بذلك على طائفة من النصارى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من نجران فحاجوه في عيسى صلوات الله عليه، وألحدوا في الله. فأنزل الله عز وجل في أمرهم وأمر عيسى من هذه السورة نيفاً وثمانين آية من أولها، احتجاجاً عليهم وعلى من كان على مثل مقالتهم، لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فأبوا إلا المقام على ضلالتهم وكفرهم، فدعاهم إلى المباهلة، فأبوا ذلك، وسألوا قبول الجزية منهم، فقبلها صلى الله عليه وسلم منهم، وانصرفوا إلى بلادهم.
غير أن الأمر وإن كان كذلك، وإياهم قصد بالحجاج، فإن من كان معناه من سائر الخلق معناهم في الكفر بالله، واتخاذ ما سوى الله رباً وإلهاً معبوداً، معمومون بالحجة التي حج الله تبارك وتعالى بها من نزلت هذه الآيات فيه، ومحجوجون في الفرقان الذي فرق به لرسوله صلى الله عليه وسلم بينه وبينهم.
ذكر الرواية عمن ذكرنا قوله في نزول افتتاح هذه السورة أنه نزل في الذين وصفنا صفتهم من النصارى:
حدثنا محمد بن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل قال، حدثني محمد بن إسحق، عن محمد بن جعفر قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نجران: ستون راكباً، فيهم أربعة عشر رجلاً من أشرافهم، في الأربعة عشر ثلاثة نفر إليهم يؤول أمرهم: العاقب أمير القوم وذو رأيهم وصاحب مشورتهم، والذي لا يصدرون إلا عن رأيه، واسمه عبد المسيح، و السيد ثمالهم وصاحب رحلهم ومجتمعهم، واسمه الأيهم وأبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل، أسقفهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مدراسهم. وكان أبو حارثة قد شرف فيهم ودرس كتبهم حتى حسن علمه في دينهم، فكانت ملوك الروم من أهل النصرانية قد شرفوه ومولوه وأخدموه، وبنوا له الكنائس، وبسطوا عليه الكرامات، لما يبلغهم عنه من علمه واجتهاده في دينهم.
قال ابن إسحق، قال محمد بن جعفر بن الزبير: قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فدخلوا عليه في مسجده حين صلى العصر، عليهم ثياب الحبرات جبب وأردية، في [جمال رجال] بلحارث بن كعب، قال: يقول بعض من رآهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ: ما رأينا بعدهم وفداً مثلهم!، وقد حانت صلاتهم فقاموا يصلون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوهم! فصلوا إلى المشرق.
قال: وكانت تسمية الأربعة عشر منهم الذين يؤول إليهم أمرهم: العاقب، وهو عبد المسيح، والسيد، وهو الأيهم، و أبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل، وأوس، والحارث، وزيد، وقيس، ويزيد، ونبيه، وخويلد، وعمرو، وخالد، وعبد الله. ويحنس: في ستين راكباً. فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم: أبو حارثة بن علقمة، والعاقب، عبد المسيح، والأيهم السيد، وهم من النصرانية على دين الملك، مع اختلاف من أمرهم، يقولون: هو الله، ويقولون: هو ولد الله، ويقولون: هو ثالث ثلاثة، وكذلك قول النصرانية.
فهم يحتجون في قولهم: هو الله، بأنه كان يحيي الموتى، ويبرئ الأسقام، ويخبر بالغيوب، ويخلق من الطين كهيئة الطير، ثم ينفخ فيه فيكون طائراً، وذلك كله بإذن الله ليجعله آية للناس.
ويحتجون في قولهم: إنه ولد الله، أنهم يقولون: لم يكن له أب يعلم، وقد تكلم في المهد، شيء لم يصنعه أحد من ولد آدم قبله.
ويحتجون في قولهم: إنه ثالث ثلاثة، بقول الله عز وجل: فعلنا، وأمرنا، وخلقنا، وقضينا. فيقولون: لو كان واحداً ما قال: إلا فعلت، وأ مرت، وقضيت، وخلقت، ولكنه هو وعيسى ومريم.
ففي كل ذلك من قولهم قد نزل القرآن، وذكر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم فيه قولهم.
فلما كلمه الحبران قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسلما! قالا: قدأسلمنا. قال: إنكما لم تسلما، فأسلما! قالا: بلى قد أسلمنا قبلك! قال: كذبتما، يمنعكما من الإسلام دعاؤكما لله عز وجل ولداً، وعبادتكما الصليب، وأكلكما الخنزير. قالا: فمن أبوه يا محمد! فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما فلم يجبهما، فأنزل الله في ذلك من قولهم واختلاف أمرهم كله، صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها. فقال: "الم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم"، فافتتح السورة بتبرئته نفسه تبارك وتعالى مما قالوا، وتوحيده إياها بالخلق والأمر، لا شريك له فيه -رداً عليهم ما ابتدعوا من الكفر، وجعلوا معه من الأنداد- واحتجاجاً عليهم بقولهم في صاحبهم، ليعرفهم بذلك ضلالتهم، فقال: "الله لا إله إلا هو"، أي: ليس معه شريك في أمره.
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: "الم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم"، قال: إن النصارى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخاصموه في عيسى ابن مريم وقالوا له: من أبوه؟ وقالوا على الله الكذب والبهتان، لا إله إلا هو لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا وهو يشبه أباه؟ قالوا: بلى! قال: ألستم تعلمون أن ربنا حي لا يموت، وأن عيسى يأتي عليه الفناء؟ قالوا: بلى! قال: ألستم تعلمون أن ربنا قيم على كل شيء يكلأه ويحفظه ويرزقه؟ قالوا: بلى! قال: فهل يملك عيسى من ذلك شيئاً؟ قالوا: لا! قال: أفلستم تعلمون أن الله عز وجل لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء؟ قالوا: بلى! قال: فهل يعلم عيسى من ذلك شيئاً إلا ما علم؟ قالوا: لا! قال: فإن ربنا صور عيسى في الرحم كيف شاء، فهل تعلمون ذلك؟ قالوا: بلى، قال: ألستم تعلمون أن ربنا لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب ولا يحدث الحدث؟ قالوا: بلى! قال: ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة، ثم وضعته كما تضع المرأة ولدها، ثم غذي كما يغذى الصبي، ثم كان يطعم الطعام، ويشرب الشراب ويحدث الحدث؟ قالوا بلى! قال: فكيف يكون هذا كما زعمتم؟ قال: فعرفوا، ثم أبوا إلا جحوداً، فأنزل الله عز وجل: "الم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم".
قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في ذلك.
فقرأته قرأة الأمصار "الحي القيوم".
وقرأ ذلك عمر بن الخطاب وابن مسعود فيما ذكر عنهما: الحي القيام.
وذكر عن علقمة بن قيس أنه كان يقرأ: الحي القيم.
حدثنا بذلك أبو كريب قال، حدثنا عثام بن علي قال، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن أبى معمر قال: سمعت علقمة يقرأ: الحي القيم. قلت: أنت سمعته؟ قال: لا أدري.
حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا وكيع قال، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي معمر، عن علقمة مثله.
وقد روي عن علقمة خلاف ذلك، وهو ما:
حدثنا أبو هشام قال، حدثنا عبد الله قال، حدثنا شيبان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي معمر، عن علقمة أنه قرأ: الحي القيام.
قال أبو جعفر: والقراءة التي لا يجوز غيرها عندنا في ذلك، ما جاءت به قرأة المسلمين نقلاً مستفيضاً، عن غير تشاعر ولا تواطؤ، وراثةً، وما كان مثبتاً في مصاحفهم، وذلك قراءة من قرأ: "الحي القيوم".
اختلف أهل التأويل في معنى قوله: "الحي".
فقال بعضهم: معنى ذلك من الله تعالى ذكره: أنه وصف نفسه بالبقاء، ونفى الموت -الذي يجوز على من سواه من خلقه- عنها.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل قال، حدثني محمد بن إسحق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: "الحي"، الذي لا يموت، وقد مات عيسى وصلب في قولهم، يعني في قول الأحبار الذين حاجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من نصارى أهل نجران.
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: "الحي"، قال: يقول: حي لا يموت.
وقال آخرون: معنى "الحي"، الذي عناه الله عز وجل في هذه الآية، ووصف به نفسه: أنه المتيسر له تدبير كل ما أراد وشاء، لا يمتنع عليه شيء أراده، وأنه ليس كمن لا تدبير له من الآلهة وا لأنداد.
وقال آخرون: معنى ذلك: أن له الحياة الدائمة التي لم تزل له صفة، ولا تزال كذلك.
وقالوا: إنما وصف نفسه بالحياة، لأن له حياة -كما وصفها بالعلم، لأن لها علماً- وبالقدرة، لأن لها قدرة.
قال أبو جعفر: ومعنى ذلك عندي: أنه وصف نفسه بالحياة الدائمة التي لا فناء لها ولا انقطاع، ونفى عنها ما هو حال بكل ذي حياة من خلقه من الفناء وانقطاع الحياة عند مجيء أجله. فأخبر عباده أنه المستوجب على خلقه العبادة والألوهة، والحي الذي لا يموت ولا يبيد، كما يموت كل من اتخذ من دونه رباً، ويبيد كل من ادعى من دونه إلهاً. واحتج على خلقه بأن من كان يبيد فيزول ويموت فيفنى، فلا يكون إلهاً يستوجب أن يعبد دون الإله الذي لا يبيد ولا يموت، وأن الإله، هو الدائم الذي لا يموت ولا يبيد ولا يفنى، وذلك الله الذي لا إله إلا هو.
قال أبو جعفر: قد ذكرنا اختلاف القرأة في ذلك، والذي نختار منه، وما العلة التي من أجلها اخترنا ما اخترنا من ذلك.
فأما تأويل جميع الوجوه التي ذكرنا أن القرأة قرأت بها، فمتقارب. ومعنى ذلك كله: القيم بحفظ كل شيء ورزقه وتدبيره وتصريفه فيما شاء وأحب من تغيير وتبديل وزيادة ونقص، كما:
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى بن ميمون قال، حدثنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله جل ثناؤه: "الحي القيوم"، قال: القائم على كل شيء.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد مثله.
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: "القيوم"، قيم على كل شيء يكلأه ويحفظه ويرزقه.
وقال آخرون: معنى ذلك: القيام على مكانه. ووجهوه إلى، القيام الدائم الذي لا زوال معه ولا انتقال، وأن الله عز وجل إنما نفى عن نفسه بوصفها بذلك، التغير والتنقل من مكان إلى مكان، وحدوث التبدل الذي يحدث في الآدميين وسائر خلقه غيرهم.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: "القيوم"، القائم على مكانه من سلطانه في خلقه لا يزول، وقد زال عيسى في قولهم -يعني في قول الأحبار الذين حاجوا النبي صلى الله عليه وسلم من أهل نجران في عيسى- عن مكانه الذي كان به، وذهب عنه إلى غيره.
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بالصواب ما قاله مجاهد والربيع، وأن ذلك وصف من الله تعالى ذكره نفسه بأنه القائم بأمر كل شيء، في رزقه والدفع عنه، وكلاءته وتدبيره وصرفه في قدرته، من قول العرب: فلان قائم بأمر هذه البلدة، يعنى بذلك: المتولي تدبير أمرها.
فـ"القيوم" -إذ كان ذلك معناه- الفيعول من قول القائل: الله يقوم بأمر خلقه. وأصله القيووم، غير أن الواو الأولى من القيووم لما سبقتها ياء ساكنة وهي متحركة، قلبت ياء، فجعلت هي و الياء التي قبلها ياء مشددة. لأن العرب كذلك تفعل بـ الواو المتحركة إذا تقدمتها ياء ساكنة.
وأما القيام، فإن أصله القيوام، وهو الفيعال من قام يقوم، سبقت الواو المتحركة من قيوام ياء ساكنة، فجعلتا جميعاً ياء مشددة.
ولو أن القيوم فعول، كان القووم، ولكنه الفيعول. وكذلك القيام، لو كان الفعال، لكان القوام، كما قيل: الصوام والقوام، وكما قال جل ثناؤه: "كونوا قوامين لله شهداء بالقسط" [المائدة: 8]، ولكنه الفيعال، فقيل: القيام.
وأما القيم، فهو الفيعل من قام يقوم، سبقت الواو المتحركة ياء ساكنة، فجعلتا ياء مشددة، كما قيل: فلان سيد قومه من ساد يسود، وهذا طعام جيد من جاد يجود، وما أشبه ذلك.
وإنما جاء بهذه الألفاظ، لأنه قصد به قصد المبالغة في المدح، فكان القيوم و القيام و القيم أبلغ في المدح من القائم، وإنما كان عمر رضي الله عنه يختار قراءته، إن شاء الله، القيام، لأن ذلك الغالب على منطق أهل الحجاز في ذوات الثلاثة من الياء الواو، فيقولون للرجل الصواغ: الصياغ، ويقولون للرجل الكثير الدوران: الديار. وقد قيل إن قول الله جل ثناؤه: "لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا" [نوح: 26] إنما هو دوار، فعالا من دار يدور، ولكنها نزلت بلغة أهل الحجاز، وأقرت كذلك في المصحف.
" الله لا إله إلا هو الحي القيوم " .
قد ذكرنا الحديث الوارد في أن اسم الله الأعظم في هاتين الايتين "الله لا إله إلا هو الحي القيوم" و" الم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم " عند تفسير آية الكرسي وقد تقدم الكلام على قوله "ألم" في أول سورة البقرة بما يغني عن إعادته, وتقدم الكلام على قوله: "الله لا إله إلا هو الحي القيوم" في تفسير آية الكرسي.
وقوله تعالى: "نزل عليك الكتاب بالحق" يعني نزل عليك القرآن يا محمد بالحق, أي لا شك فيه ولا ريب, بل هو منزل من عند الله, أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيداً, وقوله: "مصدقاً لما بين يديه" أي من الكتب المنزلة قبله من السماء على عباد الله الأنبياء, فهي تصدقه بما أخبرت به, وبشرت في قديم الزمان, وهو يصدقها, لأنه طابق ما أخبرت به, وبشرت من الوعد من الله بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم وإنزال القرآن العظيم عليه. وقوله: "وأنزل التوراة" أي على موسى بن عمران, "والإنجيل" أي على عيسى ابن مريم عليهما السلام, "من قبل" أي من قبل هذا القرآن "هدى للناس" أي في زمانهما. "وأنزل الفرقان" وهو الفارق بين الهدى والضلال. والحق والباطل, والغي والرشاد, بما يذكره الله تعالى من الحجج والبينات والدلائل الواضحات, والبراهين القاطعات, ويبينه ويوضحه ويفسره ويقرره ويرشد إليه وينبه عليه من ذلك. وقال قتادة والربيع بن أنس : الفرقان ـ ههنا ـ القرآن. واختار ابن جرير أنه مصدر ههنا لتقدم ذكر القرآن في قوله: "نزل عليك الكتاب بالحق" وهو القرآن. وأما ما رواه ابن أبي حاتم عن أبي صالح , أن المراد بالفرقان ههنا التوراة, فضعيف أيضاً لتقدم ذكر التوراة, والله أعلم.
وقوله تعالى: "إن الذين كفروا بآيات الله" أي جحدوا بها وأنكروها وردوها بالباطل, "لهم عذاب شديد" أي يوم القيامة, "والله عزيز" أي منيع الجناب عظيم السلطان, "ذو انتقام" أي ممن كذب بآياته وخالف رسله الكرام وأنبياءه العظام.
وقوله: 2- "الله لا إله إلا هو" مبتدأ وخبر، والجملة مستأنفة: أي هو المستحق للعبودية. والحي القيوم: خبران آخران للإسم الشريف أو خبران لمبتدأ محذوف: أي هو الحي القيوم، وقيل: إنهما صفتان للمبتدإ الأول أو بدلان منه أو من الخبر، وقد تقدم تفسير الحي والقيوم. وقرأ جماعة من الصحابة القيام عمر وأبي بن كعب وابن مسعود.
2- قوله تعالى "الله" ابتداء وما بعده خبر، والحي القيوم نعت له .
2-"الله لا إله إلا هو " إنما فتح الميم في المشهور وكان حقها أن يوقف عليها لإلقاء حركة الهمزة عليها ليدل على أنها في حكم الثابت ، لأنها أسقطت للتخفيف لا للدرج، فإن الميم في حكم الوقف كقولهم واحد إثنان بإلقاء حركة الهمزة على الدال لا لإلتقاء الساكنين، فإنه غير محذور في باب الوقف، ولذلك لم تحرك الميم في لام. وقريء بكسرها على توهم التحريك للإلتقاء الساكنين. وقرأ أبو بكر بسكونها والإبتداء بما بعدها على الأصل." الحي القيوم " روي أنه عليه الصلاة والسلام قال: " إن إسم الله الأعظم في ثلاث سور في البقرة " الله لا إله إلا هو الحي القيوم "، وفي آل عمران " الله لا إله إلا هو الحي القيوم "، وفي طه " وعنت الوجوه للحي القيوم" , ".
2. Allah! There is no God save Him, the Alive, the Eternal.
2 - God there is no God but he, the living, the self subsisting, eternal.