[آل عمران : 194] رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ
(ربنا وآتنا) أعطنا (ما وعدتنا) به (على) ألسنة (رسلك) من الرحمة والفضل ، وسؤالهم ذلك وإن كان وعده تعالى لا يخلف سؤال أن يجعلهم من مستحقيه لأنهم لم يتيقنوا استحقاقهم له وتكرير ربنا مبالغة في التضرع (ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد) الوعد بالبعث والجزاء
قال أبو جعفر: إن قال لنا قائل : وما وجه مسألة هؤلاء القوم ربهم أن يؤتيهم ما وعدهم ، وقد علموا أن الله منجز وعده ، وغير جائز أن يكون منه إخلاف موعد؟
قيل : اختلف في ذلك أهل البحث.
فقال بعضهم : ذلك قول خرج مخرج المسألة، ومعناه الخبر. قالوا : وإنما تأويل الكلام : "ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا، وتوفنا مع الأبرار"، لتؤتينا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة . قالوا: وليس ذلك على أنهم قالوا: إن توفيتنا مع الأبرار، فأنجز لنا ما وعدتنا، لأنهم قد علموا أن الله لا يخلف الميعاد، وأن ما وعد على ألسنة رسله ليس يعطيه بالدعاء، ولكنه تفضل بابتدائه ، ثم ينجزه .
وقال آخرون : بل ذلك قول من قائليه على معنى المسألة والدعاء لكه بأن يجعلهم ممن آتاهم ما وعدهم من الكرامة على ألسن رسله ، لا أنهم كانوا قد استحقوا منزلة الكرامة عند الله في أنفسهم ، ثم سألوه أن يؤتيهم ما وعدهم بعد علمهم باستحقاقهم عند أنفسهم ، فيكون ذلك منهم مسألة لربهم أن لا يخلف وعده . قالوا: ولو كان القوم إنما سألوا ربهم أن يؤتيهم ما وعد الأبرار، لكانوا قد زكوا أنفسهم ، وشهدوا لها أنها ممن قد استوجب كرامة الله وثوابه . قالوا: وليس ذلك صفة أهل الفضل من المؤمنين .
وقال آخرون : بل قالوا هذا القول على وجه المسألة والرغبة منهم إلى الله أن يؤتيهم ما وعدهم من النصر على أعدائهم من أهل الكفر، والظفر بهم ، وإعلاء كلمة الحق على الباطل ، فيجعل ذلك لهم . قالوا: ومحال أن يكون القوم ، مع وصف الله إياهم بما وصفهم به ، كانوا على غير يقين من أن الله لا يخلف الميعاد، فيرغبوا إلى الله جل ثناؤه في ذلك ، ولكنهم كانوا وعدوا النصر، ولم يوقت لهم في تعجيل ذلك لهم ، لما في تعجله من سرور الظفر وراحة الجسد.
قال أبو جعفر: والذي هو أولى الأقوال بالصواب في ذلك عندي ، أن هذه الصفة صفة من هاجر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من وطنه وداره ، مفارقاً لأهل الشرك بالله إلى الله ورسوله ، وغيرهم من تباع رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين رغبوا إلى الله في تعجيل نصرتهم على أعداء الله وأعدائهم ، فقالوا: ربنا آتنا ما وعدتنا من نصرتك عليهم عاجلاً، فإنك لا تخلف الميعاد، ولكن لا صبر لنا على أناتك وحلمك عنهم ، فعجل [لهم] خزيهم ، ولنا الظفر عليهم .
يدل على صحة ذلك آخر الآية الآخرى، وهو قوله : "فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا" الآيات بعدها. وليس ذلك مما ذهب إليه الذين ،حكيت قولهم في شيء . وذلك أنه غير موجود في كلام العرب أن يقال : افعل بنا يا رب كذا وكذا، بمعنى : لتفعل بنا كذا وكذا. ولو جاز ذلك ، لجاز أن يقول القائل لآخر: أقبل إلي وكلمني ، بمعنى : أقبل إلي لتكلمني ، وذلك غير موجود في الكلام ولا معروف جوازه .
وكذلك أيضا غير معروف في الكلام : "آتنا ما وعدتنا"، بمعنى : اجعلنا ممن آتيته ذلك . وإن كان كل من أعطي شيئاً سنياً، فقد صير نظيراً لمن كان مثله في المعنى الذي أعطيه. ولكن ليس الظاهر من معنى الكلام ذلك ، لان كان قد يؤول معناه إليه.
قال أبو جعفر: فتأويل الكلام إذا: ربنا أعطنا ما وعدتنا على ألسن رسلك : أنك تعلي كلمتك كلمة الحق ، بتأييدنا على من كفر بك وحادك وعبد غيرك ، وعجل لنا ذلك ، فإنا قد علمنا أنك لا تخلف ميعادك ، ولا تخزنا يوم القيامة فتفضحنا بذنوبنا التي سلفت منا، ولكن كفرها عنا، واغفرها لنا، وقد:
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قوله : "ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك"، قال : يستنجز موعود الله على رسله.
الثالثة عشرة : قوله تعالى : " ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك " أي على ألسنة رسلك ، مثل " واسأل القرية " [ يوسف : 82 ] ، وقرأ الأعمش و الزهري ( رسلك ) بالتخفيف ، وهو ما ذكر من استغفار الأنبياء والملائكة للمؤمنين ، والملائكة يستغفرون لمن في الأرض ، وما ذكر من دعاء نوح للمؤمنين ودعاء إبراهيم واستغفار النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ، " ولا تخزنا " أي لا تعذبنا ولا تهلكنا ولا تفضحنا ، ولا تهنا ولا تبعدنا ولا تمقتنا يوم القيامة " إنك لا تخلف الميعاد " إن قيل : ما وجه قولهم ، " ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك " وقد علموا أنه لا يخلف الميعاد ، فالجواب من ثلاثة أوجه :
الأول : أن الله سبحانه وعد من آمن بالجنة ، فسألوا أن يكونوا ممن وعد بذلك دون الخزي والعقاب .
الثاني : أنهم دعوا بهذا الدعاء على جهة العبادة والخضوع ، والدعاء مخ العبادة ، وهذا كقوله : " قال رب احكم بالحق " [ الأنبياء : 122 ] ، وإن كان هو لا يقضي إلا بالحق .
الثالث : سألوا أن يعطوا ما وعدوا به من النصر على عدوهم معجلاً ، لأنها حكاية عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه ذلك إعزازاً للدين ، والله أعلم ، وروى أنس بن مالك " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من وعده الله عز وجل على عمل ثواباً فهو منجز له رحمة ومن وعده على عمل عقاباً فهو فيه بالخيار " ، والعرب تذم بالمخالفة في الوعد وتمدح بذلك في الوعيد ، حتى قال قائلهم :
ولا يرهب ابن العم ما عشت صولتي ولا أختفي من خشية المتهدد
وإني متى أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
قال الطبراني : حدثنا الحسين بن إسحاق التستري , حدثنا يحيى الحماني , حدثنا يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , قال: أتت قريش اليهود, فقالوا: بم جاءكم موسى ؟ قالوا: عصاه ويده بيضاء للناظرين, وأتوا النصارى فقالوا: كيف كان عيسى ؟ قالوا: كان يبرىء الأكمه والأبرص, ويحيي الموتى, فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهباً, فدعا ربه, فنزلت هذه الاية " إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب " فليتفكروا فيها, وهذا مشكل فإن هذه الاية مدنية, وسؤالهم أن يكون الصفا ذهبا كان بمكة, والله أعلم, ومعنى الاية أن الله تعالى يقول: "إن في خلق السموات والأرض" أي هذه في ارتفاعها واتساعها, وهذه في انخفاضها و كثافتها واتضاعها, وما فيهما من الايات المشاهدة العظيمة من كواكب سيارات, وثوابت وبحار وجبال وقفار وأشجار ونبات, وزروع وثمار, وحيوان ومعادن, ومنافع مختلفة الألوان والروائح والطعوم والخواص, "واختلاف الليل والنهار" أي تعاقبهما وتقارضهما الطول والقصر, فتارة يطول هذا ويقصر هذا, ثم يعتدلان ثم يأخذ هذا من هذا فيطول الذي كان قصيرا, ويقصر الذي كان طويلا. وكل ذلك تقدير العزيز العليم , ولهذا قال تعالى " لآيات لأولي الألباب " أي العقول التامة الذكية التي تدرك الأشياء بحقائقها على جلياتها, وليسوا كالصم البكم الذين لا يعقلون, الذين قال الله فيهم "وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون * وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون" ثم وصف تعالى أولي الألباب, فقال: "الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم". كما ثبت في صحيح البخاري عن عمران بن حصين : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صل قائماً, فإن لم تستطع فقاعداً, فإن لم تستطع فعلى جنبك" أي لا يقطعون ذكره في جميع أحوالهم بسرائرهم وضمائرهم وألسنتهم, "ويتفكرون في خلق السموات والأرض" أي يفهمون ما فيهما من الحكم الدالة على عظمة الخالق وقدرته وعلمه وحكمته واختياره ورحمته. وقال الشيخ أبو سليمان الداراني : إني لأخرج من منزلي فما يقع بصري على شيء إلا رأيت لله علي فيه نعمة ولي فيه عبرة, رواه ابن أبي الدنيا في كتاب التوكل والاعتبار وعن الحسن البصري أنه قال: تفكر ساعة خير من قيام ليلة, وقال الفضيل قال الحسن : الفكرة مرآة تريك حسناتك وسيئاتك, وقال سفيان بن عيينة : الفكرة نور يدخل قلبك وربما تمثل بهذا البيت:
إذا المرء كانت له فكرة ففي كل شيء له عبرة
وعن عيسى عليه السلام أنه قال: طوبى لمن كان قيله تذكراً وصمته تفكراً, ونظره عبراً, قال لقمان الحكيم : إن طول الوحدة ألهم للفكرة, وطول الفكرة دليل على طرق باب الجنة, وقال وهب بن منبه ما طالت فكرة امرىء إلا فهم ولا فهم امرؤ قط إلا علم, ولا علم امرؤ قط إلا عمل. وقال عمر بن عبد العزيز : الكلام بذكر الله عز وجل حسن, والفكرة في نعم الله أفضل العبادة. وقال مغيث الأسود : زوروا القبور كل يوم تفكركم, وشاهدوا الموقف بقلوبكم, وانظروا إلى المنصرف بالفريقين إلى الجنة أو النار, وأشعروا قلوبكم وأبدانكم ذكر النار ومقامعها وأطباقها. وكان يبكي عند ذلك حتى يرفع صريعاً من بين أصحابه قد ذهب عقله. وقال عبد الله بن المبارك : مر رجل براهب عند مقبرة ومزبلة, فناداه فقال: يا راهب, إن عندك كنزين من كنوز الدنيا لك فيهما معتبر: كنز الرجال, وكنز الأموال. وعن ابن عمر : أنه كان إذا أراد أن يتعاهد قلبه يأتي الخربة فيقف على بابها فينادي بصوت حزين, فيقول: أين أهلك ؟ ثم يرجع إلى نفسه فيقول: "كل شيء هالك إلا وجهه" وعن ابن عباس أنه قال: ركعتان مقتصدتان في تفكر, خير من قيام ليلة والقلب ساه. وقال الحسن البصري : يا ابن آدم, كل في ثلث بطنك, واشرب في ثلثه, ودع ثلثه الاخر تتنفس للفكرة. وقال بعض الحكماء: من نظر إلى الدنيا بغير العبرة, انطمس من بصر قلبه بقدر تلك الغفلة. وقال بشر بن الحارث الحافي : لو تفكر الناس في عظمة الله تعالى لما عصوه. وقال الحسن عن عامر بن عبد قيس , قال: سمعت غير واحد ولا اثنين ولا ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: إن ضياء الإيمان أو نور الإيمان التفكر. وعن عيسى عليه السلام أنه قال: يا ابن آدم الضعيف اتق الله حيث ما كنت, وكن في الدنيا ضيفاً, واتخذ المساجد بيتاً, وعلم عينيك البكاء, وجسدك الصبر, وقلبك الفكر, ولا تهتم برزق غد. وعن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه, أنه بكى يوماً بين أصحابه, فسئل عن ذلك, فقال: فكرت في الدنيا ولذاتها وشهواتها, فاعتبرت منها بها ما تكاد شهواتها تنقضي حتى تكدرها مرارتها, ولئن لم يكن فيها عبرة لمن اعتبر إن فيها مواعظ لمن ادكر. وقال ابن أبي الدنيا : أنشدني الحسين بن عبد الرحمن :
نزهة المؤمن الفكر لذة المؤمن العبر
نحمد الله وحده نحن كل على خطر
رب لاه وعمره قد تقضى وما شعر
رب عيش قد كان فو ق المنى مونق الزهر
في خرير من العيو ن وظل من الشجر
وسرور من النبا ت وطيب من الثمر
غيرته وأهله سرعة الدهر بالغير
نحمد الله وحده إن في ذا لمعتبر
إن في ذا لعبرة للبيب إن اعتبر
وقد ذم الله تعالى من لا يعتبر بمخلوقاته الدالة على ذاته وصفاته وشرعه وقدره وآياته, فقال "وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون * وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون" ومدح عباده المؤمنين "الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض" قائلين "ربنا ما خلقت هذا باطلاً" أي ما خلقت هذا الخلق عبثاً, بل بالحق لتجزي الذين أساؤوا بما عملوا, وتجزي الذين أحسنوا بالحسنى. ثم نزهوه عن العبث وخلق الباطل, فقالوا "سبحانك" أي عن أن تخلق شيئاً باطلاً "فقنا عذاب النار" أي يا من خلق الخلق بالحق والعدل, يا من هو منزه عن النقائص والعيب والعبث. قنا من عذاب النار بحولك وقوتك وقيضنا لأعمال ترضى بها عنا. ووفقنا لعمل صالح تهدينا به إلى جنات النعيم, وتجيرنا به من عذابك الأليم. ثم قالوا "ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته" أي أهنته وأظهرت خزيه لأهل الجمع "وما للظالمين من أنصار" أي يوم القيامة لا مجير لهم منك. ولا محيد لهم عما أردت بهم "ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان" أي داعياً يدعو إلى الإيمان, وهو الرسول صلى الله عليه وسلم "أن آمنوا بربكم فآمنا" أي يقول آمنوا بربكم فآمنا, أي فاستجبنا له واتبعناه, أي بإيماننا واتباعنا نبيك, "ربنا فاغفر لنا ذنوبنا" أي استرها, "وكفر عنا سيئاتنا" فيما بيننا وبينك, "وتوفنا مع الأبرار" أي ألحقنا بالصالحين, " ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك " قيل: معناه على الإيمان برسلك, وقيل: معناه على ألسنة رسلك. وهذا أظهر ـ وقد قال الإمام أحمد : حدثنا أبو اليمان , حدثنا إسماعيل بن عياش عن عمرو بن محمد , عن أبي عقال , عن أنس بن مالك , قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عسقلان أحد العروسين يبعث الله منها يوم القيامة سبعين ألفاً لا حساب عليهم, ويبعث منها خمسين ألفاً شهداء وفودا إلى الله, وبها صفوف الشهداء رؤوسهم مقطعة في أيديهم تثج أوداجهم دماً, يقولون " ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد " فيقول الله: صدق عبيدي اغسلوهم بنهر البيضة. فيخرجون منه نقاء بيضاً. فيسرحون في الجنة حيث شاؤوا" وهذا الحديث يعد من غرائب المسند, ومنهم من يجعله موضوعاً, والله أعلم. "ولا تخزنا يوم القيامة" أي على رؤوس الخلائق, "إنك لا تخلف الميعاد" أي لا بد من الميعاد الذي أخبرت عنه رسلك وهو القيام يوم القيامة بين يديك, وقد قال الحافظ أبو يعلى : حدثنا الحارث بن سريج , حدثنا المعتبر , حدثنا الفضل بن عيسى , حدثنا محمد بن المنكدر أن جابر بن عبد الله حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "العار والتخزية تبلغ من ابن آدم في القيامة في المقام بين يدي الله عز وجل ما يتمنى العبد أن يؤمر به إلى النار" حديث غريب. وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ هذه الايات العشر من آخر آل عمران إذا قام من الليل لتهجده, فقال البخاري رحمه الله: حدثنا سعيد بن أبي مريم , حدثنا محمد بن جعفر , أخبرني شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن كريب , عن ابن عباس رضي الله عنهما, قال: " بت عند خالتي ميمونة , فتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهله ساعة ثم رقد, فلما كان ثلث الليل الاخر قعد فنظر إلى السماء, فقال " إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب " الايات, ثم قام فتوضأ واستن, فصلى إحدى عشرة ركعة, ثم أذن بلال فصلى ركعتين, ثم خرج فصلى بالناس الصبح " . وهكذا رواه مسلم عن أبي بكر بن إسحاق الصنعاني , عن ابن أبي مريم به. ثم رواه البخاري من طرق عن مالك , عن مخرمة بن سليمان , عن كريب أن ابن عباس أخبره أنه بات عند ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي خالته, قال: " فاضطجعت في عرض الوسادة, واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها, فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا انتصف الليل أو قبله أو بعده بقليل, استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من منامه فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده, ثم قرأ العشر الايات الخواتيم من سورة آل عمران, ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ منها, فأحسن وضوءه, ثم قام يصلي . قال ابن عباس رضي الله عنهما: فقمت فصنعت مثل ما صنع, ثم ذهبت فقمت إلى جنبه, فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده اليمنى على رأسي, وأخذ بأذني اليمنى يفتلها, فصلى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين, ثم أوتر, ثم اضطجع حتى جاءه المؤذن, فقام فصلى ركعتين خفيفتين, ثم خرج فصلى الصبح " . وهكذا أخرجه بقية الجماعة من طرق عن مالك به. ورواه مسلم أيضاً و أبو داود من وجوه أخر عن مخرمة بن سليمان به.
(طريق أخرى) لهذا الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما, قال أبو بكر بن مردويه : حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن علي , حدثنا أبو يحيى بن أبي مسرة , أنبأنا خلاد بن يحيى , أنبأنا يونس بن أبي إسحاق , عن المنهال بن عمرو , عن علي بن عبد الله بن عباس , عن عبد الله بن عباس , قال: أمرني العباس أن أبيت بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحفظ صلاته. قال: " فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس صلاة العشاء الاخرة حتى إذا لم يبق في المسجد أحد غيره, قام فمر بي, فقال: من هذا ؟ عبد الله ؟ قلت: نعم, قال: فمه قلت أمرني العباس أن أبيت بكم الليلة. قال: فالحق الحق فلما أن دخل قال: افرشن عبد الله ؟ فأتى بوسادة من مسوح. قال: فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها حتى سمعت غطيطه, ثم استوى على فراشه قاعداً, قال: فرفع رأسه إلى السماء فقال سبحان الملك القدوس ثلاث مرات ثم تلا هذه الايات من آخر سورة آل عمران حتى ختمها " . وقد روى مسلم وأبو داود والنسائي من حديث علي بن عبدالله بن عباس عن أبيه حديثاً في ذلك أيضاً.
(طريق أخرى) رواها ابن مردويه من حديث عاصم بن بهدلة عن بعض أصحابه, عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة بعدما مضى ليل, فنظر إلى السماء وتلا هذه الاية " إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب " إلى آخر السورة ثم قال اللهم اجعل في قلبي نوراً, وفي سمعي نوراً وفي بصري نوراً, وعن يميني نوراً, وعن شمالي نوراً, ومن بين يدي نوراً, ومن خلفي نوراً, ومن فوقي نوراً, ومن تحتي نوراً وأعظم لي نوراً يوم القيامة" وهذا الدعاء ثابت في بعض طرق الصحيح من رواية كريب عن ابن عباس رضي الله عنه, ثم روى ابن مردويه وابن أبي حاتم من حديث جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , قال: أتت قريش اليهود, فقالوا: بم جاءكم موسى من الايات ؟ قالوا: عصاه ويده البيضاء للناظرين. وأتوا النصارى فقالوا: كيف كان عيسى فيكم ؟ قالوا: كان يبرىء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى, فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهباً, فدعا ربه عز وجل, فنزلت " إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب " قال: فليتفكروا فيها, لفظ ابن مردويه . وقد تقدم هذا الحديث من رواية الطبراني في أول الاية, وهذا يقتضي أن تكون هذه الايات مكية, والمشهور أنها مدنية, ودليله الحديث الاخر. قال ابن مردويه : حدثنا إسماعيل بن علي بن إسماعيل , حدثنا أحمد بن علي الحراني , حدثنا شجاع بن أشرس , حدثنا حشرج بن نباتة الواسطي أبو مكرم عن الكلبي وهو أبو جناب , عن عطاء قال: انطلقت أنا و ابن عمر وعبيد بن عمير إلى عائشة رضي الله عنها, فدخلنا عليها وبيننا وبينها حجاب, فقالت: يا عبيد ما يمنعك من زيارتنا ؟ قال: قول الشاعر: زر غباً تزدد حباً. فقال ابن عمر : " ذرينا أخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم, فبكت وقالت: كل أمره كان عجباً, أتاني في ليلتي حتى مس جلده جلدي, ثم قال :ذريني أتعبد لربي عز وجل قالت: فقلت والله إني لأحب قربك, وإني أحب أن تعبد لربك, فقام إلى القربة فتوضأ ولم يكثر صب الماء, ثم قام يصلي فبكى حتى بل لحيته, ثم سجد فبكى حتى بل الأرض, ثم اضطجع على جنبه فبكى حتى إذا أتى بلال يؤذنه بصلاة الصبح. قالت: فقال: يارسول الله, ما يبكيك وقد غفر الله لك ذنبك ما تقدم وما تأخر ؟ فقال: ويحك يا بلال, وما يمنعني أن أبكي وقد أنزل علي في هذه الليلة " إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب " ثم قال ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها" وقد رواه عبد بن حميد في تفسيره عن جعفر بن عون عن أبي جناب الكلبي عن عطاء . قال: دخلت أنا وعبد الله بن عمر وعبيد بن عمير على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهي في خدرها, فسلمنا عليها, فقالت: من هؤلاء ؟ قال: فقلنا: هذا عبد الله بن عمر وعبيد بن عمير . قالت: يا عبيد بن عمير . ما يمنعك من زيارتنا, قال: ما قال الأول: زر غباً تزدد حباً. قالت إنا لنحب زيارتك وغشيانك. قال عبد الله بن عمر : دعينا من بطالتكما هذه, " أخبرينا بأعجب ما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فبكت ثم قالت: كل أمره كان عجباً, أتاني في ليلتي حتى دخل معي في فراشي, حتى لصق جلده بجلدي, ثم قال: يا عائشة ائذني لي أتعبد لربي. قالت: إني لأحب قربك وأحب هواك. قالت: فقام إلى قربة في البيت فما أكثر صب الماء, ثم قام فقرأ القرآن, ثم بكى حتى رأيت أن دموعه قد بلغت حقويه, قالت: ثم جلس فحمد الله وأثنى عليه, ثم بكى حتى رأيت دموعه بلغت حجره, قالت: ثم اتكأ على جنبه الأيمن ووضع يده تحت خده, قالت: ثم بكى حتى رأيت دموعه قد بلغت الأرض فدخل عليه بلال فآذنه بصلاة الفجر, ثم قال: الصلاة يا رسول الله, فلما رآه بلال يبكي قال: يا رسول الله, تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال يا بلال أفلا أكون عبداً شكوراً ؟ ومالي لا أبكي وقد نزل علي الليلة " إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب " إلى قوله "سبحانك فقنا عذاب النار" ـ ثم ـ قال ويل لمن قرأ هذه الايات ثم لم يتفكر فيها" وهكذا رواه أبي حاتم ابن حبان في صحيحه عن عمران بن موسى , عن عثمان بن أبي شيبة , عن يحيى بن زكريا , عن إبراهيم بن سويد النخعي , عن عبد الملك بن أبي سليمان , عن عطاء , قال: دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة فذكر نحوه. وهكذا رواه عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا في كتاب التفكر والاعتبار عن شجاع بن أشرس به. ثم قال: حدثني الحسن بن عبد العزيز : سمعت سنيداً يذكر عن سفيان هو الثوري رفعه, قال "من قرأ آخر آل عمران فلم يتفكر فيها ويله" يعد بأصابعه عشراً ـ قال الحسن بن عبد العزيز : فأخبرني عبيد بن السائب قال: قيل للأوزاعي : ما غاية التفكر فيهن ؟ قال: يقرؤهن وهو يعقلهن. قال ابن أبي الدنيا : وحدثني قاسم بن هاشم , حدثنا علي بن عياش , حدثنا عبد الرحمن بن سليمان قال: سألت الأوزاعي عن أدنى ما يتعلق به المتعلق من الفكر فيهن وما ينجيه من هذا الويل ؟ فأطرق هنية ثم قال: يقرؤهن وهو يعقلهن.
(حديث آخر) فيه غرابة. قال أبو بكر بن مردويه : حدثنا عبد الرحمن بن بشير بن نمير , حدثنا إسحاق بن إبراهيم البستي (ح) قال: وحدثنا إسحاق بن إبراهيم بن زيد , حدثنا أحمد بن عمرو قال: أنبأنا هشام بن عمار , أنبأنا سليمان بن موسى الزهري , أنبأنا مظاهر بن أسلم المخزومي , أنبأنا سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة , قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عشر آيات من آخر سورة آل عمران كل ليلة " . مظاهر بن أسلم ضعيف.
قوله 194- " ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك " هذا دعاء آخر والنكتة في تكرير النداء ما تقدم والموعود به على ألسن الرسل هو الثواب الذي وعد الله به أهل طاعته، ففي الكلام حذف وهو لفظ الألسن كقوله "واسأل القرية" وقيل: المحذوف التصديق: أي ما وعدتنا على تصديق رسلك، وقيل: ما وعدتنا منزلاً على رسلك، أو محمولاً على رسلك والأول أولى. وصدور هذا الدعاء منهم مع علمهم أن ما وعدهم الله به على ألسن رسله كائن لا محالة، إما لقصد التعجيل أو للخضوع بالدعاء لكونه مخ العبادة، وفي قولهم "إنك لا تخلف الميعاد" دليل على أنهم لم يخافوا خلف الوعد، وأن الحامل لهم على الدعاء هو ما ذكرنا.
وقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال: أتت قريش اليهود فقالوا: ما جاءكم به موسى من الآيات؟ قالوا: عصاه ويده بيضاء للناظرين، وأتوا النصارى فقالوا: كيف كان عيسى فيكم؟ قالوا: كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهباً، فدعا ربه، فنزلت "إن في خلق السموات والأرض" الآية. وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس قال: بت عند خالتي ميمونة فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل، ثم استيقظ فجعل يمسح النوم عن وجهه بيديه، ثم قرأ العشر الآيات الأواخر من سورة آل عمران حتى ختم. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، والطبراني والحاكم في الكنى، والبغوي في معجم الصحابة عن صفوان بن المعطل قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فذكر نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن مسعود في قوله "الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم" الآية، قال: إنما هذه في الصلاة إذا لم يستطع قائماً فقاعداً، وإن لم يستطع قاعداً فعى جنبه. وقد ثبت في البخاري من حديث عمران بن حصين قال: "كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال: صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب". وثبت فيه عنه قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل وهو قاعد فقال: من صلى قائماً فهو أفضل، ومن صلى قاعداً فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائماً فله نصف أجر القاعد". وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: هذه حالاتك كلها يابن آدم، اذكر الله وأنت قائم، فإن لم تستطع فاذكره جالساً فإن لم تستطع جالساً فاذكره وأنت على جنبك، يسر من الله وتخفيف.
وأقول هذا التقييد الذي ذكره بعدم الاستطاعة مع تعميم الذكر لا وجه له لا من الآية ولا من غيرها، فإنه لم يرد في شيء من الكتاب والسنة ما يدل على أنه لا يجوز الذكر من قعود إلا مع عدم استطاعة الذكر من قيام، ولا يجوز على جنب إلا مع عدم استطاعته من قعود، وإنما يصلح هذا التقييد لمن جعل المراد بالذكر هنا الصلاة كما سبق عن ابن مسعود. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن حبان في صحيحه وابن مردويه عن عائشة مرفوعاً: ويل لمن قرا هذه الآية ولم يتفكر فيها. وأخرج ابن أبي الدنيا في التفكر عن سفيان رفعه "من قرأ آخر سورة آل عمران فلم يتفكر فيها ويله فعد أصابعه عشراً". قيل للأوزاعي: ما غاية التفكر فيهن؟ قال: يقرأهن وهو يعقلهن. وقد وردت أحاديث وآثار عن السلف في استحباب التفكر مطلقاً. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أنس في قوله "من تدخل النار فقد أخزيته" قال: من تخلد. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن المسيب في الآية قال: هذه خاصمة بمن لا يخرج منها. وأخرج ابن جرير والحاكم عن عمرو بن دينار قال: قدم علينا جابر بن عبد الله في عمرة، فانتهيت إليه أنا وعطاء فقلت "وما هم بخارجين من النار" قال: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم الكفار، قلت لجابر: فقوله "إنك من تدخل النار فقد أخزيته" قال: وما أخزاه حين أحرقه بالنار، وإن دون ذلك خزياً. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله "منادياً ينادي للإيمان" قال: هو محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد مثله. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال: هو القرآن، ليس كل أحد سمع النبي صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله " ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك " قال: يستنجزون موعد الله على رسله. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله "ولا تخزنا يوم القيامة" قال: لا تفضحنا.
194-" ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك " ،أي: على ألسنة رسلك،"ولا تخزنا" ،ولا تعذبنا ولا تهلكنا ولا تفضحنا ولا تهنا،"يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد".
فإن قيل: ما وجه قولهم:" ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك " ، وقد علموا أن الله لا يخلف الميعاد؟ قيل: لفظه دعاء ومعناه خبر،أي : لتؤتينا ما وعدتنا على رسلك ، تقديره :" فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا " "ولا تخزنا يوم القيامة" لتؤتينا ما وعدتنا على رسلك من الفضل والرحمة ، وقيل: معناه ربنا واجعلنا /ممن يستحقون ثوابك وتؤتيهم ما وعدتهم على ألسنة رسلك لأنهم لم يتيقنوا استحقاقهم لتلك الكرامة ، فسألوه ان يجعلهم مستحقين لها ،وقيل: إنما سألوه تعجيل ما وعدهم من النصر على الأعداء ، قالوا: قد علمنا أنك لا تخلف ، ولكن لا صبر لناعلى حلمك فعجل خزيهم وانصرنا عليهم.
194" ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك " أي ما وعدتنا على تصديق رسلك من الثواب. لما أظهر امتثاله لما أمر به سأل ما وعد عليه لا خوفاً من إخلاف الوعد بل مخافة أن لا يكون من الموعودين لسوء عاقبة، أو قصور في الامتثال أو تعبداً واستكانة. ويجوز أن يعلق على بمحذوف تقديره: ما وعدتنا منزلاً على رسلك، أ, محمولاً عليهم. وقيل معناه على ألسنة رسلك. "ولا تخزنا يوم القيامة" بأن تعصمنا عما يقتضيه. " إنك لا تخلف الميعاد " بإثابة المؤمن وإجابة الداعي وعن ابن عباس رضي الله عنهما: الميعاد البعث بعد الموت. وتكرير ربنا للمبالغة في الابتهال والدلالة على أن استقلال المطالب وعلو شأنها. وفي الآثار من حزبه أمر فقال خمس مرات ربنا أنجاه الله مما يخاف.
194. Our Lord! And give us that which Thou hast promised to us by Thy messengers. Confound us not upon the Day of Resurrection. Lo! Thou breakest not the tryst.
194 - Our lord grant. us what thou didst promise unto us through thine apostles, and save us from shame on the day of judgment: for thou never breakest thy promise.