[القصص : 84] مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
84 - (من جاء بالحسنة فله خير منها) ثواب بسببها وهو عشر أمثالها (ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا) جزاء (ما كانوا يعملون) أي مثله
يقول تعالى ذكره: من جاء الله يوم القيامة بإخلاص التوحيد، فله خير، وذلك الخير هو الجنة والنعيم الدائم، ومن جاء بالسيئة، وهي الشرك بالله.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد قال ثنا سعيد، عن قتادة، قوله " من جاء بالحسنة فله خير منها ": أي له منها حظ خير، والحسنة: الإخلاص، والسيئة: الشرك.
وقد بينا ذلك باختلاف المختلفين، ودللنا على الصواب من القول فيه.
وقوله " فلا يجزى الذين عملوا السيئات " يقول: فلا يثاب الذين عملوا السيئات على أعمالهم السيئة " إلا ما كانوا يعملون " يقول: إلا جزاء ما كانوا يعملون.
قوله تعالى : " من جاء بالحسنة فله خير منها " تقدم في ( النمل ) وقال عكرمة : ليس شيء خيراً من لا إله إلا الله . وإنما المعنى من جاء بلا إله إلا الله فله منها خير . " ومن جاء بالسيئة " أي بالشرك " فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون " أي يعاقب بما يليق بعمله .
يخبر تعالى أن الدار الاخرة ونعيمها المقيم الذي لا يحول ولا يزول, جعلها لعباده المؤمنين المتواضعين الذين لا يريدون علواً في الأرض أي ترفعاً على خلق الله وتعاظماً عليهم وتجبراً بهم ولا فساداً فيهم, كما قال عكرمة العلو: التجبر. وقال سعيد بن جبير : العلو البغي. وقال سفيان بن سعيد الثوري عن منصور عن مسلم البطين : العلو في الأرض التكبر بغير حق, والفساد أخذ المال بغير حق. وقال ابن جريج "لا يريدون علواً في الأرض" تعظماً وتجبراً "ولا فساداً" عملاً بالمعاصي. وقال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع , حدثنا أبي عن أشعث السمان عن أبي سلام الأعرج عن علي قال: إن الرجل ليعجبه من شراك نعله أن يكون أجود من شراك نعل صاحبه, فيدخل في قوله تعالى: " تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين " وهذا محمول على ما إذا أراد بذلك الفخر والتطاول على غيره, فإن ذلك مذموم, كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنه أوحي إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد" وأما إذا أحب ذلك لمجرد التجمل, فهذا لا بأس به, فقد ثبت أن رجلاً قال: "يا رسول الله إني أحب أن يكون ردائي حسناً ونعلي حسنة, أفمن الكبر ذلك ؟ فقال: لا, إن الله جميل يحب الجمال". وقال تعالى: "من جاء بالحسنة" أي يوم القيامة "فله خير منها" أي ثواب الله خير من حسنة العبد, فكيف والله يضاعفه أضعافاً كثيرة, وهذا مقام الفضل ثم قال: "ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون" كما قال في الاية الأخرى: " ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون " وهذا مقام الفضل والعدل.
84- " من جاء بالحسنة فله خير منها " وهو أن الله يجازيه بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف " ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون " أي إلا مثل ما كانوا يعملون فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وقد تقدم بيان معنى هذه الآية في سورة النمل.
84- "من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون".
84 -" من جاء بالحسنة فله خير منها " ذاتاً وقدراً ووصفاً . " ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات " وضع فيه الظاهر موضع الضمير تهجيناً لحالهم بتكرير إسناد السيئة إليهم . " إلا ما كانوا يعملون " أي إلا مثل ما كانوا يعملون فحذف المثل وأقيم " ما كانوا يعملون " مقامه مبالغة في المماثلة .
84. Whoso bringeth a good deed, he will have better than the same; while as for him who bringeth an ill deed, those who do ill deeds will be requited only what they did.
84 - If any does good, the reward to him is better than his deed; but if any does evil, the doers of evil are only punished (to the extent) of their deeds.