[القصص : 82] وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ
82 - (وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس) أي من قريب (يقولون ويكأن الله يبسط) يوسع (الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر) يضيق على من يشاء ووي اسم فعل بمعنى أعجب أي أنا والكاف بمعنى اللام (لولا أن من الله علينا لخسف بنا) بالبناء للفاعل والمفعول (ويكأنه لا يفلح الكافرون) لنعمة الله كفارون
يقول تعالى ذكره: وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس من الدنيا، وغناه وكثرة ماله، وما بسط له منها بالأمس، يعني قبل أن ينزل به ما نزل من سخط الله وعقابة، يقولون: ويكأن الله...
اختلف في معنى " ويكأن الله " فأما قتادة، فإنه روي عنه في ذلك قولان:
أحدهما: ما:
حدثنا به ابن بشار، قال: ثنا محمد بن خالد بن عثمة، قال: ثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، قال في قوله " ويكأنه " قال: ألم تر أنه.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " ويكأنه ": أو لا ترى أنه.
وحدثني إسماعيل بن المتوكل الأشجعي، قال: ثنا محمد بن كثير، قال: ثني معمر، عن قتادة: " ويكأنه " قال: ألم تر أنه.
والقول الآخر: ما:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة، في قوله " ويكأن الله يبسط الرزق " قال: أو لم يعلم أن الله " ويكأنه ": أولا يعلم أنه.
وتأول هذا التأويل الذي ذكرناه عن قتادة في ذلك أيضاً بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة، واستشهد لصحة تأويله ذلك كذلك، بقول الشاعر:
سألتني الطلاق أن رأتاني قل مالي، قد جئتما بنكر
ويكأن من يكن له نشب يحبـ بب ومن يفتقر يعش عيش ضر
وقال بعض نحويي الكوفة: ( ويكأن) في كلام العرب: تقرير، كقول الرجل: أما ترى إلى صنع الله وإحسانه، وذكر أنه أخبره من سمع أعرابية تقول لزوجها: أين ابننا، فقال: ويكأنه وراء البيت، معناه: أما ترينه وراء البيت؟ قال: وقد يذهب بها بعض النحويين إلى أنها كلمتان، يريد: ويك أنه، كأنه أراد ويلك، فحذف اللام، فتجعل ( أن) مفتوحة بفعل مضمر، كأنه قال: ويلك اعلم أنه وراء البيت، فأمضمر ( اعلم). ولم نجد العرب تعمل الظن مضمراً، ولا العلم وأشباهه في ( أن)، وذلك أنه يبطل إذا كان بين الكلمتين، أو في آخر الكلمة، فلما أضمر جرى مجرى المتأخر، ألا ترى أنه لا يجوز في الابتداء أن يقول: يا هذا، أنك قائم، ويا هذا أن قمت يريد: علمت، أو اعلم، أو ظننت، أو أظن. وأما حذف اللام من قولك: ويلك حتى تصير: ويك، فقد تقوله العرب، لكثرتها في الكلام، قال عنترة:
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها قول الفوارس ويك عنتر أقدم
قال: وقال آخرون: إن معنى قوله " ويكأن ": ( وي) منفصلة من كأن، كقولك للرجل: وي أما ترى ما بين يديك؟ فقال: ( وي) ثم استأنف،كأن الله يبسط الرزق، وهي تعجب، وكأن في معنى الظن والعلم، فهذا وجه يستقيم. قال: ولم تكتبها العرب منفصلة، ولو كانت على هذا لكتبوها منفصلة، وقد يجوز أن تكون كثر بها الكلام، فوصلت بما ليست منه.
وقال آخر منهم: إن ( وي): تنبيه، و ( كأن) حرف آخر غيره، بمعنى: لعل الأمر كذا، وأظن الأمر كذا، لأن كأن بمنزلة أظن وأحسب وأعلم.
وأولى الأقوال في ذلك بالصحة: القول الذي ذكرنا عن قتادة، من أن معناه: ألم تر، ألم تعلم، للشاهد الذي ذكرناه فيه من قول الشاعر، والرواية عن العرب، وأن ( ويكأن) في خط المصحف حرف واحد. ومتى وجه ذلك إلى غير تأويل الذي ذكرنا عن قتادة، فإنه يصير حرفين، وذلك أنه إن وجه إلى قول من تأوله بمعنى: ويلك أعلم أن الله، وجب أن يفصل ( ويك) من ( أن)، وذلك خلاف خط جميع المصاحف، مع فساده في العربية، لما ذكرنا. وإن وجه إلى قول من يقول: ( وي) بمعنى التنبيه، ثم استأنف الكلام بكأن، وجب أن يفصل ( وي) من ( كأن)، وذلك أيضاً خلاف خطوط المصاحف كلها.
فإذا كان ذلك حرفاً واحداً، فالصواب من التأويل: ما قاله قتادة، وإذ كان ذلك هو الصواب، فتأويل الكلام: وأصبح الذين تمنوا مكان قارون وموضعه من الدنيا بالأمس، يقولون لما عاينوا ما أحل الله به من نقمته: ألم تر يا هذا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده، فيوسع عليه، لا لفضل منزلته عنده، ولا لكرامته عليه، كما كان يبسط من ذلك لقارون، لا لفضله ولا لكرامته عليه " ويقدر " يقول: ويضيق على من يشاء من خلقه ذلك، ويقتر عليه، لا لهوانه، ولا لسخطه عمله.
وقوله " لولا أن من الله علينا " يقول: لولا أن تفضل علينا، فصرف عنا ما كنا نتمناه بالأمس. " لخسف بنا ".
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الأمصار سوى شيبة ( لخسف بنا) بضم الخاء، وكسر السين، وذكر عن شيبة والحسن " لخسف بنا " بفتح الخاء والسين، بمعنى: لخسف الله بنا.
وقوله " ويكأنه لا يفلح الكافرون " يقول: ألم تعلم أنه لا يفلح الكافرون، فتنجح طلباتهم.
قوله تعالى : "وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس " أي صاروا يتندمون علي ذلك التمني و" يقولون ويكأن الله " [ وي ] حرف تندم . قال النحاس : أحسن ما قيل في هذا قول الخليل و سيبويه و يونس و الكسائي إن القوم تنبهوا أو نبهوا ، فقالوا وي ، والمتندم من العرب يقول في خلال تندمه وي . قال الجوهري : وي . كلمة تعجب ،ويكأن الله . قال الخليل : هي مفصولة ، تقول : ( وي ) ثم تبتدئ فتقول : ( كأن ) قال الثعلبي : وقال الفراء هي كلمة تقرير ، كقولك : أما ترى إلى صنع الله وإحسانه ، وذكر أن أعرابية قالت لزوجها : أين ابنك ويك ؟ فقال : وي كأنه وراء البيت ، أي أما ترينه . وقال ابن عباس و الحسن : ويك كلمة ابتداء وتحقيق تقديره : إن الله يبسط الرزق . وقيل : هو تنبيه بمنزلة ألا في قولك ألا تفعل وأما في قولك أما بعد . قال الشاعر :
سالتاني الطلاق إذ رأتاني قل مالي قد جئتماني بنكر
وي كأن من يكن له نشب يحبب ومن يفتقر يعش عيش ضر
وقال قطرب : إنما هو ويلك وأسقطت لامه وضمت الكاف التي هي للخطاب إلى وي . وقال عنترة :
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها قول الفوارس ويك عنتر أقدم
وأنكره النحاس وغيره ، وقالوا : إن المعنى لا يصح عليه ، لأن القوم لم يخاطبوا أحداً فيقولوا له ويلك ، ولو كان كذلك لكان إنه بالكسر . وأيضاً فإن حذف اللام من ويلك لا يجوز . وقال بعضهم : التعقدير ويلك أعلم أنه ، فأضمر اعلم . ابن الأعرابي : ( ويكأن الله ) أي أعلم . وقيل : معناه ألم تر أن الله . وقال القتبي : معناه رحمة لك بلغة حمير . وقال الكسائي : وي فيه معنى التعجب . ويروى عنه أيضاً الوقف على وي وقال كلمة تفجع . ومن قال : ويك فوقف على الكاف فمعناه أعجب لأن الله يبسط الرزق وأعجب لأنه لا يفلح الكافرون . وينبغي أن تكون الكاف حرف خطاب لا اسماً ، لأن وي ليست مما يضاف . وإنما كتبت متصلة ، لأنها لما كثر استعمالها جعلت ما بعدها كشيئ واحد . " لولا أن من الله علينا " بالإيمان والرحمة وعصمنا من مثل ما كان عليه قارون من البغي والبطر " لخسف بنا " . وقرأ الأعمش : ( لولا من الله علينا ) وقرأ حفص : ( لخسف بنا ) مسمى الفاعل . الباقون : على ما لم يسم فاعليه وهو اختيار أبي عبيد . وفي حرف عبد الله ( لا تخسف بنا ) كما تقول انطلق بنا . وكذلك قرأ الأعمش و طلحة بن مصرف . واختار قراءة الجماعة أبو حاتم لوجهين : أحدهما قوله : ( فخسفنا به وبداره الأرض ) . والثاني قوله : لولا أن من الله علينا فهو بأن يضاف إلى الله تعالى لقرب اسمه منه أولى . " ويكأنه لا يفلح الكافرون " عند الله .
لما ذكر تعالى اختيال قارون في زينته وفخره على قومه وبغيه عليهم عقب ذلك بأنه خسف به وبداره الأرض, كما ثبت في الصحيح عند البخاري من حديث الزهري عن سالم أن أباه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينما رجل يجر إزاره إذ خسف به, فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة". ثم رواه من حديث جرير بن زيد عن سالم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. وقال الإمام أحمد : حدثنا النضر بن إسماعيل أبو المغيرة القاص , حدثنا الأعمش عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينما رجل فيمن كان قبلكم خرج في بردين أخضرين يختال فيهما, أمر الله الأرض فأخذته, فإنه ليتجلجل فيها إلى يوم القيامة" تفرد به أحمد , وإسناده حسن.
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي , حدثنا أبو خيثمة , حدثنا أبو يعلى بن منصور , أخبرني محمد بن مسلم , سمعت زياد النميري يحدث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينما رجل فيمن كان قبلكم خرج في بردين فاختال فيهما, فأمر الله الأرض فأخذته, فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة". وقد ذكر الحافظ محمد بن المنذر في كتاب العجائب الغريبة بسنده عن نوفل بن مساحق قال: رأيت شاباً في مسجد نجران, فجعلت أنظر إليه وأتعجب من طوله وتمامه وجماله, فقال: ما لك تنظر إلي ؟ فقلت: أعجب من جمالك وكمالك. فقال: إن الله ليعجب مني, قال فما زال ينقص وينقص حتى صار بطول الشبر, فأخذه بعض قرابته في كمه وذهب به.
وقد ذكر أن هلاك قارون كان من دعوة موسى نبي الله عليه السلام, واختلف في سببه فعن ابن عباس والسدي أن قارون أعطى امرأة بغياً مالاً على أن تبهت موسى بحضرة الملأ من بني إسرائيل وهو قائم فيهم يتلو عليهم كتاب الله تعالى, فتقول يا موسى إنك فعلت بي كذا وكذا, فلما قالت ذلك في الملأ لموسى عليه السلام أرعد من الفرق, وأقبل عليها بعد ما صلى ركعتين ثم قال: أنشدك بالله الذي فرق البحر وأنجاكم من فرعون, وفعل كذا وكذا لما أخبرتني بالذي حملك على ما قلت ؟ فقالت: أما إذ نشدتني فإن قارون أعطاني كذا وكذا على أن أقول ذلك لك, وأنا أستغفر الله وأتوب إليه, فعند ذلك خر موسى لله عز وجل ساجداً, وسأل الله في قارون, فأوحى الله إليه أن قد أمرت الأرض أن تطيعك فيه, فأمر موسى الأرض أن تبتلعه وداره, فكان ذلك, وقيل إن قارون لما خرج على قومه في زينته تلك وهو راكب على البغال الشهب, وعليه وعلى خدمه ثياب الأرجوان المصبغة, فمر في محفله ذلك على مجلس نبي الله موسى عليه السلام وهو يذكرهم بأيام الله, فلما رأى الناس قارون انصرفت وجوههم نحوه ينظرون إلى ما هو فيه, فدعاه موسى عليه السلام وقال: ما حملك على ما صنعت ؟ فقال: يا موسى أما لئن كنت فضلت علي بالنبوة فلقد فضلت عليك بالدنيا, ولئن شئت لنخرجن فلتدعون علي وأدعو عليك, فخرج موسى وخرج قارون في قومه, فقال موسى عليه السلام: تدعو أو أدعو أنا, فقال: بل أدعو أنا, فدعا قارون فلم يجب له, ثم قال موسى: أدعو ؟ قال: نعم, فقال موسى: اللهم مر الأرض أن تطيعني اليوم, فأوحى الله إليه أني قد فعلت, فقال موسى: يا أرض خذيهم, فأخذتهم إلى أقدامهم ثم قال: خذيهم, فأخذتهم إلى ركبهم, ثم إلى مناكبهم, ثم قال: أقبلي بكنوزهم وأموالهم. قال: فأقبلت بها حتى نظروا إليها, ثم أشار موسى بيده, ثم قال: اذهبوا بني لاوي فاستوت بهم الأرض, وعن ابن عباس قال: خسف بهم إلى الأرض السابعة. وقال قتادة : ذكر لنا أنه يخسف بهم كل يوم قامة, فهم يتجلجلون فيها إلى يوم القيامة, وقد ذكر ههنا إسرائيليات غريبة أضربنا عنها صفحاً. وقوله تعالى: "فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين" أي ما أغنى عنه ماله ولا جمعه ولا خدمه وحشمه, ولا دفعوا عنه نقمة الله وعذابه ونكاله, ولا كان هو في نفسه منتصراً لنفسه, فلا ناصر له من نفسه ولا من غيره.
وقوله تعالى: "وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس" أي الذين لما رأوه في زينته " يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم " فلما خسف به أصبحو يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر, أي ليس المال بدال على رضا الله عن صاحبه, فإن الله يعطي ويمنع ويضيق ويوسع ويخفض ويرفع, وله الحكمة التامة والحجة البالغة, وهذا كما في الحديث المرفوع عن ابن مسعود "إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم أرزاقكم, وإن الله يعطي المال من يحب ومن لا يحب, ولا يعطي الإيمان إلا من يحب" " لولا أن من الله علينا لخسف بنا " أي لولا لطف الله بنا وإحسانه إلينا لخسف بنا كما خسف به لأنا وددنا أن نكون مثله "ويكأنه لا يفلح الكافرون" يعنون أنه كان كافراً, ولا يفلح الكافرون عند الله لا في الدنيا ولا في الاخرة, وقد اختلف النحاة في معنى قوله ههنا ويكأن, فقال بعضهم: معناه ويلك اعلم أن, ولكن خفف فقيل ويك ودل فتح أن على حذف اعلم, وهذا القول ضعفه ابن جرير , والظاهر أنه قوي ولا يشكل على ذلك إلا كتابتها في المصاحف متصلة ويكأن, والكتابة أمر وضعي اصطلاحي, والمرجع إلى اللفظ العربي, والله أعلم, وقيل معناها ويكأن أي ألم تر أن, قاله قتادة . وقيل معناها وي كأن ففصلها وجعل حرف وي للتعجب أو للتنبيه, وكأن بمعنى أظن وأحتسب. قال ابن جرير : وأقوى الأقوال في هذا قول قتادة إنها بمعنى ألم تر أن, واستشهد بقول الشاعر:
سألتاني الطلاق إذ رأتاني قل مالي قد جئتماني بنكر
ويكأن من يكن له نشب يحبب ومن يفتقر يعش عيش ضر
82- "وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس" أي منذ زمان قريب "يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر" أي يقول كل واحد منهم متندماً على ما فرط منه من التمني. قال النحاس: أحسن ما قيل في هذا ما قاله الخليل وسيبويه ويونس والكسائي أن القوم تنبهوا فقالوا: وي. والمتندم من العرب يقول في خلال ندمه وي. قال الجوهري: وي كلمة تعجب، ويقال ويك، وقد تدخل وي على كأن المخففة والمشددة ويكأن الله. قال الخليل: هي مفصولة تقول وي، ثم تبتدئ فيقول كأن. وقال الفراء: هي كلمة تقرير كقولك: أما ترى صنع الله وإحسانه، وقيل هي كلمة تنبيه بمنزلة ألا. وقال قطرب: إنما وهو ويلك فأسقطت لامه، ومنه قول عنترة:
ولقد شفا نفسي وأبرأ سقمها قول الفوارس ويك عنتر أقدم
وقال ابن الأعرابي: معنى ويكأن الله: أعلم أن الله. وقال القتيبي: معناها بلغة حمير رحمة، وقيل هي بمعنى ألم تر. وروي عن الكسائي أنه قال: هي كلمة تفجع "لولا أن من الله علينا" برحمته وعصمنا من مثل ما كان عليه قارون من البطر والبغي ولم يؤاخذنا بما وقع منا من ذلك التمني و "لخسف بنا" كما خسف به. قرأ حفص "لخسف" مبيناً للفاعل، وقرأ الباقون مبنياً للمفعول "ويكأنه لا يفلح الكافرون" أي لا يفوزون بمطلب من مطالبهم.
82- "وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس"، صار أولئك الذين تمنوا ما رزقه الله من المال والزينة يتندمون على ذلك التمني، والعرب تعبر عن الصيرورة بأضحى وأمسى وأصبح، تقول: أصبح فلان عالماً، وأضحى معدماً، وأمسى حزيناً، "يقولون ويكأن الله"، اختلفوا في معنى هذه اللفظة، قال مجاهد: ألم تعلم، وقال قتادة: ألم تر. قال الفراء: هي كلمة تقرير/ كقول الرجل: أما ترى إلى ما صنع الله وإحسانه. وذكر أنه أخبره من سمع أعرابية تقول لزوجها: أين ابنك؟ فقال: ويكأنه وراء البيت، يعني: أما ترينه وراء البيت. وعن الحسن: أنه كلمة ابتداء، تقديره : أن الله يبسط الرزق. وقيل : هو تنبيه بمنزلة ألا، وقال قطرب: ويك بمعنى ويلك، حذفت منه اللام، كما قال عنترة:
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها قول الفوارس ويك عنتر أقدم
أي: ويلك، وأن منصوب بإضمار اعلم أن الله، وقال الخليل: وي مفصولة من كأن ومعناها التعجب، كما تقول: وي لم فعلت ذلك! وذلك أن القوم تندموا فقالوا: وي! متندمين على ما سلف منهم وكأن معناها أظن ذلك وأقدره، كما تقول كأن: الفرج قد أتاك أي أظن ذلك وأقدره، "يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر"، أي: يوسع ويضيق، "لولا أن من الله علينا لخسف بنا"، قرأ حفص، ويعقوب: بفتح الخاء والسين، وقرأ العامة بضم الخاء وكسر السين، "ويكأنه لا يفلح الكافرون".
82 -" وأصبح الذين تمنوا مكانه " منزلته . " بالأمس " منذ زمان قريب . " يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر " " يبسط " " ويقدر " بمقتضى مشيئته لا لكرامة تقتضي البسط ولا لهوان يوجب القبض ، و ويكأن عند البصريين مركب من (( وي )) للتعجب (( وكأن )) للتشبه والمعنى : ما أشبه الأمر أن يبسط الرزق . وقيل من (( ويك )) بمعنى ويلك (( وأن )) تقديره ويك اعلم أن الله . " لولا أن من الله علينا " فلم يعطنا ما تمنيناه . " لخسف بنا " لتوليده فينا ما ولده فيه فخسف بنا لأجله . وقرأ حفص بفتح الخاء والسين . " ويكأنه لا يفلح الكافرون " لنعمة الله أو المكذبون برسله وبما وعدوا لهم ثواب الآخرة .
82. And morning found those who had coveted his place but yesterday crying: Ah, welladay! Allah enlargeth the provision for whom He will of His slaves and straiteneth it (for whom He will). If Allah had not been gracious unto us He would have caused it to swallow us (also). Ah, welladay! the disbelievers never prosper.
82 - And those who had envied his position the day before began to say on the morrow: Ah! it is indeed God who enlarges the provision or restricts it, to any of his servants He pleases! had it not been that God was gracious to us, He could have caused the earth to swallow us up! ah! those who reject God will assuredly never prosper