[القصص : 14] وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
14 - (ولما بلغ أشده) وهو ثلاثون سنة أو وثلاث (واستوى) بلغ أربعين سنة (آتيناه حكما) حكمة (وعلما) فقها في الدين قبل أن يبعث نبيا (وكذلك) كما جزيناه (نجزي المحسنين) لأنفسهم
يقول تعالى ذكره: " ولما بلغ " موسى " أشده "، يعني حان شدة بدنه وقواه، وانتهى ذلك منه. وقد بينا معنى الأشد فيما مضى بشواهده، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع:
وقوله: " واستوى " يقول: تناهى شبابه، وتم خلقه واستحكم. وقد اختلف في مبلغ عدد سني الاستواء، فقال بعضهم: يكون ذلك في أربعين سنة.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد، في قوله: " واستوى " قال: أربعين سنة.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: " ولما بلغ أشده " قال: ثلاثاً وثلاثين سنة. قوله: " واستوى " قال: بلغ أربعين سنة.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن مجاهد، عن ابن عباس " ولما بلغ أشده " قال: بضعاً وثلاثين سنة.
قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد " ولما بلغ أشده " قال: ثلاثاً وثلاثين سنة.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة " أشده واستوى " قال: كان أبي يقول: الأشد: الجلد، والاستواء: أربعون سنة.
وقال بعضهم: يكون ذلك في ثلاثين سنة.
وقوله: " آتيناه حكما وعلما " يعني بالحكم: الفهم بالدين والمعرفة.
كما حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " آتيناه حكما وعلما " قال: الفقه والعقل والعمل قبل النبوة.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد " آتيناه حكما وعلما " قال: الفقه والعمل قبل النبوة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق " ولما بلغ أشده واستوى " آتاه الله حكماً وعلماً: فقهاً في دينه ودين آبائه، وعلماً بما في دينه وشرائعه وحدوده.
وقوله: " وكذلك نجزي المحسنين " يقول تعالى ذكره: وكما جزينا موسى على طاعته إيانا وإحسانه بصبره على أمرنا، كذلك نجزي كل من أحسن من رسلنا وعبادنه، فصبر على أمرنا وأطاعنا، وانتهى عما نهيناه عنه.
قوله تعالى : " ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما " قد مضى الكلام في الأشد في ( الأنعام ) وقوله ربيعة و مالك أنه الحلم أولى ما قيل فيه ، لقوله تعالى : " حتى إذا بلغوا النكاح " [ النساء : 6] فإن ذلك أول الأشد ، وأقصاه أربع وثلاثون سنة ، وهو قول سفيان الثوري . و( أستوى ) قال ابن عباس : بلغ أربعين سنة . والحكم : الحكمة قبل النبوة . وقيل : الفقه في الدين . وقد مضى بيانها في ( البقرة ) وغيرها . والعلم الفهم في قول السدي . وقيل : النبوة وقال مجاهد الفقه . محمد بن إسحاق : أي العلم بما في دينه ودين آبائه ، وكان له تسعة من بني إسرائيل يسمعون منه ، ويقتدون به ، ويجتمعون إليه ، وكان هذا قبل النبوة . " وكذلك نجزي المحسنين " بأي كما جزينا أم موسى لما استسلمت لأمر الله ، وألقت ولدها في البحر وصدقت بوعد الله ، فرددنا ولدها إليها بالتحف والطرف وهي آمنة ، ثم وهبنا له العقل والحكمة والنبوة، وكذلك نجزي كل محسن .
لما ذكر تعالى مبدأ أمر موسى عليه السلام, ذكر أنه لما بلغ أشده واستوى, آتاه الله حكماً وعلماً. قال مجاهد : يعني النبوة "وكذلك نجزي المحسنين" ثم ذكر تعالى سبب وصوله إلى ما كان تعالى قدره له من النبوة والتكليم في قضية قتله ذلك القبطي الذي كان سبب خروجه من الديار المصرية إلى بلاد مدين, فقال تعالى: "ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها" قال ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس : وذلك بين المغرب والعشاء. وقال ابن المنكدر عن عطاء بن يسار عن ابن عباس : كان ذلك نصف النهار, وكذا قال سعيد بن جبير وعكرمة والسدي وقتادة "فوجد فيها رجلين يقتتلان" أي يتضاربان ويتنازعان "هذا من شيعته" أي إسرائيلي "وهذا من عدوه" أي قبطي, قاله ابن عباس وقتادة والسدي ومحمد بن إسحاق , فاستغاث الإسرائيلي بموسى عليه السلام, فوجد موسى فرصة وهي غفلة الناس, فعمد إلى القبطي "فوكزه موسى فقضى عليه" قال مجاهد : فوكزه أي طعنه بجمع كفه. وقال قتادة : وكزه بعصا كانت معه, فقضي عليه, أي كان فيها حتفه فمات "قال" موسى "هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين * قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم * قال رب بما أنعمت علي" أي بما جعلت لي من الجاه والعز والنعمة "فلن أكون ظهيراً" أي معيناً "للمجرمين" أي الكافرين بك, المخالفين لأمرك.
قوله: 14- "ولما بلغ أشده" قدم الكلام في بلوغ الأشد في الأنعام، وقد قال ربيعة ومالك: هو الحلم لقوله تعالى: "حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً" الآية، وأقصاه أربع وثلاثون سنة كما قال مجاهد وسفيان الثوري وغيرهما. وقيل الأشد ما بين الثمانية عشر إلى الثلاثين، والاستواء من الثلاثين إلى الأربعين، وقيل الاستواء هو بلوغ الأربعين، وقيل الاستواء إشارة إلى كمال الخلقة، وقيل هو بمعنى واحد، وهو ضعيف لأن العطف يشعر بالمغايرة "آتيناه حكماً وعلماً" الحكم الحكمة على العموم، وقيل النبوة، وقيل الفقه في الدين. والعلم الفهم قاله السدي. وقال مجاهد الفقه. وقال ابن إسحاق: العلم بدينه ودين آبائه، وقيل كان هذا قبل النبوة، وقد تقدم بيان معنى ذلك في البقرة "وكذلك نجزي المحسنين" أي مثل ذلك الجزاء الذي جزينا أم موسى لما استسلمت لأمر الله وألقت ولدها في البحر وصدقت بوعد الله نجزي المحسنين على إحسانهم، والمراد العموم.
14- "ولما بلغ أشده"، قال الكلبي: الأشد ما بين ثمانية عشرة سنة إلى ثلاثين سنة. قال مجاهد وغيره: ثلاث وثلاثون سنة، "واستوى"، أي: بلغ أربعين سنة، ورواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وقيل: استوى انتهى شبابه "آتيناه حكماً وعلماً"، أي: الفقه والعقل والعلم في الدين، فعلم موسى وحكم قبل أن يبعث نبياً، "وكذلك نجزي المحسنين".
14 -" ولما بلغ أشده " مبلغه الذي لا يزيد عليه نشؤه وذلك من ثلاثين إلى أربعين سنة فإن العقل يكمل حينئذ . وروي أنه لم يبعث نبي إلا على رأس الأربعين سنة . " واستوى " قده أو عقله . " آتيناه حكماً " أي نبوة . " وعلماً " بالدين ، أو علم الحكماء والعلماء وسمتهم قبل استنباته ، فلا يقول ولا يفعل ما يستجهل فيه ، وهو أوفق لنظم القصة لأن الاستنباء بعد الهجرة في المراجعة . "وكذلك " ومثل ذلك الذي فعلنا بموسى وأمه . " نجزي المحسنين " على إحسانهم .
14. And when he reached his full strength and was ripe, We gave him wisdom and knowledge. Thus do We reward the good.
14 - When he reached full age, and was firmly established (in life), We bestowed on him wisdom and knowledge: for thus do We reward those who do good.