[الشعراء : 54] إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ
54 - (إن هؤلاء لشرذمة) طائفة (قليلون) قيل كانوا ستمائة ألف وسبعين ألفا ومقدمة جيشه سبعمائة ألف فقللهم بالنظر إلى كثرة جيشه
القول في تأويل قوله تعالى : " إن هؤلاء لشرذمة قليلون " .
قوله تعالى : " إن هؤلاء لشرذمة قليلون " سورة الشعراء
لما طال مقام موسى عليه السلام ببلاد مصر, وأقام بها حجج الله وبراهينه على فرعون وملئه, وهم مع ذلك يكابرون ويعاندون, لم يبق لهم إلا العذاب والنكال, فأمر الله تعالى موسى عليه السلام أن يخرج ببني إسرائيل ليلاً من مصر, وأن يمضي بهم حيث يؤمر, ففعل موسى عليه السلام ما أمره به ربه عز وجل, خرج بهم بعد ما استعاروا من قوم فرعون حلياً كثيراً, وكان خروجه بهم فيما ذكره غير واحد من المفسرين وقت طلوع القمر, وذكر مجاهد رحمه الله أنه كسف القمر تلك الليلة, فالله أعلم, وأن موسى عليه السلام سأل عن قبر يوسف عليه السلام, فدلته امرأة عجوز من بني إسرائيل عليه, فاحتمل تابوته معهم, ويقال: إنه هو الذي حمله بنفسه عليهما السلام, وكان يوسف عليه السلام قد أوصى بذلك, إذا خرج بنو إسرائيل أن يحملوه معهم.
وقد ورد في ذلك حديث رواه ابن أبي حاتم رحمه الله فقال: حدثنا علي بن الحسين , حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان بن صالح , حدثنا ابن فضيل عن يونس بن أبي إسحاق , عن ابن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى قال: " نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعرابي فأكرمه, فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم تعاهدنا ؟ فأتاه الأعرابي, فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حاجتك ؟ قال: ناقة برحلها وأعنز يحتلبها أهلي, فقال أعجزت أن تكون مثل عجوز بني إسرائيل ؟ فقال له أصحابه: وما عجوز بني إسرائيل يا رسول الله ؟ قال إن موسى عليه السلام لما أراد أن يسير ببني إسرائيل أضل الطريق, فقال لبني إسرائيل: ما هذا ؟ فقال له علماء بني إسرائيل: نحن نحدثك أن يوسف عليه السلام لما حضرته الوفاة أخذ علينا موثقاً من الله أن لا نخرج من مصر حتى ننقل تابوته معنا, فقال لهم موسى: فأيكم يدري أين قبر يوسف ؟ قالوا: ما يعلمه إلا عجوز لبني إسرائيل, فأرسل إليها فقال لها: دليني على قبر يوسف, فقالت: والله لا أفعل حتى تعطيني حكمي, فقال لها: وما حكمك ؟ قالت: حكمي أن أكون معك في الجنة, فكأنه ثقل عليه ذلك, فقيل له: أعطها حكمها ـ قال ـ فانطلقت معهم إلى بحيرة ـ مستنقع ماء ـ فقالت لهم: انضبوا هذا الماء, فلما أنضبوه قالت: احفروا, فلما حفروا استخرجوا قبر يوسف, فلما احتملوه إذا الطريق مثل ضوء النهار" وهذا حديث غريب جداً, والأقرب أنه موقوف, والله أعلم, فلما أصبحوا وليس في ناديهم داع ولا مجيب, غاظ ذلك فرعون, واشتد غضبه على بني إسرائيل لما يريد الله به من الدمار, فأرسل سريعاً في بلاده حاشرين, أي من يحشر الجند ويجمعه كالنقباء والحجاب, ونادى فيهم "إن هؤلاء" يعني بني إسرائيل "لشرذمة قليلون" أي لطائفة قليلة "وإنهم لنا لغائظون" أي كل وقت يصل منهم إلينا ما يغيظنا "وإنا لجميع حاذرون" أي نحن كل وقت نحذر من غائلتهم, وإني أريد أن أستأصل شأفتهم, وأبيد خضراءهم, فجوزي في نفسه وجنده بما أراد لهم, قال الله تعالى: "فأخرجناهم من جنات وعيون * وكنوز ومقام كريم" أي فخرجوا من هذا النعيم إلى الجحيم, وتركوا تلك المنازل العالية والبساتين والأنهار والأموال والأرزاق, والملك والجاه الوافر في الدنيا "كذلك وأورثناها بني إسرائيل" كما قال تعالى: "وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها" الاية, وقال تعالى: "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين" الايتين.
54- "إن هؤلاء لشرذمة قليلون" يريد بني إسرائيل، والشرذمة الجمع الحقير القليل والجمع شراذم: قال الجوهري: الشرذمة الطائفة من الناس والقطعة من الشيء، وثوب شراذم: أي قطع، ومنه قول الشاعر:
جاء الشتاء وقميصي أخلاق شراذم يضحك منها الخلاق
قال الفراء: يقال عصبة قليلة وقليلون وكثيرة وكثيرون. قال المبرد: الشرذمة القطعة من الناس غير الكثير، وجمعها الشراذم. قال الواحدي: قال المفسرون: وكان الشرذمة الذين قللهم فرعون ستمائة ألف ولا يحصى عدد أصحاب فرعون.
54- "إن هؤلاء لشرذمة"، عصابة "قليلون"، والشرذمة القطعة من الناس غير الكثير، وجمعها شراذم. قال أهل التفسير: كانت الشرذمة الذين قللهم فرعون ستمائة ألف. وعن ابن مسعود قال: كانوا ستمائة وسبعين ألفاً ولا يحصى عدد أصحاب فرعون.
54 -" إن هؤلاء لشرذمة قليلون " على إرادة القول وإنما استقلهم وكانوا ستمائة ألف وسبعين ألفاً بالإضافة إلى جنوده ، إذ روي أنه خرج وكانت مقدمته سبعمائة ألف والشرذمة الطائفة القليلة ، ومنها ثوب شراذم لما بلي وتقطع ، و" قليلون " باعتبار أنهم أسباط كل سبط منهم قليل .
54. (Who said): Lo! these indeed are but a little troop,
54 - Then Pharaoh sent heralds to (all) the Cities,