[الشعراء : 34] قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ
34 - (قال) فرعون (للملأ حوله إن هذا لساحر عليم) فائق في علم السحر
يقول تعالى ذكره : قال فرعون لما أراه موسى من عظيم قدرة الله وسلطانه حجة عليه لموسى بحقيقة ما دعاه إليه ، وصدق ما أتاه به من عند ربه " للملإ حوله " يعني لأشراف قومه الذين كانوا حوله " إن هذا لساحر عليم " يقول : إن موسى سحر عصاه حتى أراكموها ثعبانا " عليم " ، يقول : ذو علم بالسحر و بصر به " يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره " يقول : يريد أن يخرج بنيإسرائيل من أرضكم إلى الشأم بقهره إياكم بالسحر و إنما قال : يريد أن يخرجكم فجعل الخطاب للملأ حوله من القبط ، والمعني به بنو إسرائيل ، لأن القبط كانوا قد استعبدوا بني إسرائيل ، واتخذوهم خدما لأنفسهم ومهانا ، فذلك قال لهم " يريد أن يخرجكم " و هو يريد أن يخرج خدمكم و عبيدكم من أرض مصر إلى الشأم .
وإنما قلت معنى ذلك كذلك ، لأن الله إنما أرسل موسى إلى فرعون يأمره بارسال بني إسرائيل معه ، فقال له ولأخيه " فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين * أن أرسل معنا بني إسرائيل " الشعراء : 16- 17 .
وقوله " فماذا تأمرون " يقول : فأي شيء تأمرون في أمر موسى وما به تشيرون من الرأي فيه " قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين " يقول تعالى ذكره : فأجاب فرعون الملأ حوله بأن قالوا له : أخر موسى وأخاه وأنظره ، و ابعث في بلادك و أمصار مصر حاشرين يحشرون إليك كل سحار عليم بالسحر .
قوله تعالى : " قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليم " .
لما قامت الحجة على فرعون بالبيان والعقل, عدل إلى أن يقهر موسى بيده وسلطانه, وظن أنه ليس وراء هذا المقام مقال, فقال "لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين" فعند ذلك قال موسى " أو لو جئتك بشيء مبين " أي ببرهان قاطع واضح "قال فأت به إن كنت من الصادقين * فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين" أي ظاهر واضح في غاية الجلاء والوضوح والعظمة, ذات قوائم, وفم كبير, وشكل هائل مزعج "ونزع يده" أي من جبيه "فإذا هي بيضاء للناظرين" أي تتلألأ كقطعة من القمر, فبادر فرعون بشقاوته إلى التكذيب والعناد, فقال للملإ حوله "إن هذا لساحر عليم" أي فاضل بارع في السحر, فروج عليهم فرعون أن هذا من قبيل السحر لا من قبيل المعجزة, ثم هيجهم وحرضهم على مخالفته والكفر به, فقال "يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره" الاية, أي أراد أن يذهب بقلوب الناس معه بسبب هذا, فيكثر أعوانه وأنصاره وأتباعه, ويغلبكم على دولتكم, فيأخذ البلاد منكم, فأشيروا علي فيه ماذا أصنع به ؟ "قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين * يأتوك بكل سحار عليم" أي أخره وأخاه حتى تجمع له من مدائن مملكتك وأقاليم دولتك كل سحار عليم يقابلونه, ويأتون بنظير ما جاء به, فتغلبه أنت, وتكون لك النصرة والتأييد, فأجابهم إلى ذلك. وكان هذا من تسخير الله تعالى لهم في ذلك ليجتمع الناس في صعيد واحد, وتظهر آيات الله وحججه وبراهينه على الناس في النهار جهرة.
34- "قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليم".
34- "قال" فرعون " للملإ حوله إن هذا لساحر عليم ".
34 -" قال للملإ حوله " مستقرين حوله فهو ظرف وقع موقع الحال . " إن هذا لساحر عليم " فائق في علم السحر .
34. (Pharaoh) said unto the chiefs about him: Lo, this is verily a knowing wizard,
34 - (Pharaoh) said to the Chiefs around him: This is indeed a sorcerer well versed: