[الشعراء : 16] فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ
16 - (فأتيا فرعون فقولا إنا) كلا منا (رسول رب العالمين) إليك
القول في تأويل قوله تعالى : " فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين " .
قوله تعالى : " فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين " قال أبو عبيد : رسول بمعنى رسالة والتقدير على هذا ، إنا ذوو رسالة رب العالمين . قال الهذلي :
ألكني إليها وخير ما بحت عندهم بسر ولا أرسلتهم برسول آخر
ألكني إليها معناه أرسلني . وقال آخر :
لقد كذب الواشون ما بحت عندهم بسر ولا أرسلتهم برسول
آخر :
ألا أبلغ بني عمرو رسولاً بأني عن فتاحتكم غني
وقال العباس بن مرداس :
ألا من مبلغ عني خفافا رسولاً بيت أهلك منتهاها
يعني الرسالة فلذلك أنثا ، قال أبو عبيد : ويجوز أن يكون الرسول في معنى الا ثنين والجمع ، فتقول العرب : هذا رسولي ووكيلي ، وهذان رسولي ووكيلي ، وهؤلاء رسولي ووكيلي . ومنه قوله تعالى : " فإنهم عدو لي " [ الشعراء : 77] وقيل : معناه إن كل واحد منا رسول رب العالمين .
يخبر تعالى عما أمر به عبده ورسوله وكليمه موسى بن عمران عليه السلام حين ناداه من جانب الطور الأيمن, وكلمه وناجاه, وأرسله واصطفاه, وأمره بالذهاب إلى فرعون وملئه, ولهذا قال تعالى: " أن ائت القوم الظالمين * قوم فرعون ألا يتقون * قال رب إني أخاف أن يكذبون * ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون * ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون " هذه أعذار سأل الله إزاحتها عنه, كما قال في سورة طه " قال رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري " إلى قوله " قد أوتيت سؤلك يا موسى ".
وقوله تعالى: "ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون" أي بسبب قتل ذلك القبطي الذي كان سبب خروجه من بلاد مصر "قال كلا" أي قال الله له: لا تخف من شيء من ذلك كقوله " سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون " "فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون" كقوله " إنني معكما أسمع وأرى " أي إنني معكما بحفظي وكلاءتي ونصري وتأييدي " فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين " كقوله في الاية الأخرى "إنا رسولا ربك" أي كل منا أرسل إليك "أن أرسل معنا بني إسرائيل" أي أطلقهم من إسارك وقبضتك وقهرك وتعذيبك, فإنهم عباد الله المؤمنون وحزبه المخلصون, وهم معك في العذاب المهين, فلما قال له موسى ذلك أعرض فرعون هنالك بالكلية, ونظر إليه بعين الازدراء والغمص, فقال "ألم نربك فينا وليداً" الاية, أي أما أنت الذي ربيناه فينا وفي بيتنا وعلى فراشنا, وأنعمنا عليه مدة من السنين, ثم بعد هذا قابلت ذلك الإحسان بتلك الفعلة أن قتلت منا رجلاً, وجحدت نعمتنا عليك, ولهذا قال "وأنت من الكافرين" أي الجاحدين. قاله ابن عباس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم , واختاره ابن جرير , "قال فعلتها إذاً" أي في تلك الحال "وأنا من الضالين" أي قبل أن يوحى إلي وينعم الله علي بالرسالة والنبوة.
قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة والضحاك وغيرهم "وأنا من الضالين" أي الجاهلين. قال ابن جريج : وهو كذلك في قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه "ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين" الاية, أي انفصل الحال الأول وجاء أمر آخر, فقد أرسلني الله إليك فإن أطعته سلمت, وإن خالفته عطبت, ثم قال موسى "وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل" أي وما أحسنت إلي وربيتني مقابل ما أسأت إلى بني إسرائيل فجعلتهم عبيداً وخدماً تصرفهم في أعمالك ومشاق رعيتك, أفيفي إحسانك إلى رجل واحد منهم بما أسأت إلى مجموعهم, أي ليس ما ذكرته شيئاً بالنسبة إلى ما فعلت بهم.
16- "فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين" الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها، ووحد الرسول هنا ولم يثنه كما في قوله: "إنا رسولا ربك" لأنه مصدر بمعنى رسالة، والمصدر يوحد، وأما إذا كان بمعنى المرسل فإنه يثنى مع المثنى ويجمع مع الجمع. قال أبو عبيدة: رسول بمعنى رسالة، والتقدير على هذا: إنا ذوا رسالة رب العالمين، ومنه قول الشاعر:
ألا أبلغ أبا عمرو رسولاً فإني عن قتاحتكم غني
أي رسالة. وقال العباس بن مرداس:
ألا من مبلغ عني خفافاً رسولا بيت أهلك منتهاها
أي رسالة. قال أبو عبيدة أيضاً، ويجوز أن يكون الرسول بمعنى الاثنين والجمع، تقول العرب: هذا رسولي ووكيلي، وهذان رسولي ووكيلي، وهؤلاء رسولي ووكيلي، ومنه قوله تعالى: "فإنهم عدو لي" وقيل معناه: إن كل واحد منا رسول رب العالمين، وقيل إنهما لما كانا متعاضدين ومتساندين في الرسالة كانا بمنزلة رسول واحد.
16- "فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين"، ولم يقل: رسولا رب العالمين، لأنه أراد الرسالة، أي: أنا ذو رسالة رب العالمين، كما قال كثير:
لقد كذب الواشون ما بحت عندهم بسر ولا أرسلتهم برسول
أي: بالرسالة، وقال أبو عبيدة: يجوز أن يكون الرسول بمعنى الاثنين والجمع، تقول العرب: هذا رسولي ووكيلي وهذان وهؤلاء رسولي ووكيلي، كما قال الله تعالى: "وهم لكم عدو" (الكهف-50)، وقيل: معناه كل واحد منا رسول رب العالمين.
16 -" فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين " أفرد الرسول لأنه مصدر وصف به فإنه مشترك بين المرسل والرسالة ، قال الشاعر :
لقد كذب الواشون ما فهت عندهم بسر ولا أرسلتهم برسول
ولذلك ثنى تارة وأفرد أخرى ، أو لاتحادهما للأخوة أو لوحدة المرسل والمرسل به ، أو لأنه أراد أن كل واحد منا .
16. And come together unto Pharaoh and say: Lo! we bear a message of the Lord of the Worlds,
16 - So go forth, both of you, to Pharaoh, and say: We have been sent by thy Lord and Cherisher of the worlds;