[الشعراء : 157] فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ
157 - (فعقروها) عقرها بعضهم برضاهم (فأصبحوا نادمين) على عقرها
يقول تعالى ذكره ، فخالفت ثمود أمر نبيها صالح صلى الله عليه وسلم ، فعقروا الناقة التي قال لهم صالح : لا تمسوها بسوء ، فأصبحوا نادمين على عقرها ، فلم ينفعهم ندمهم ، وأخذهم عذاب الله الذي كان صالح توعدهم به فأهلكهم " إن في ذلك لآية " يقول : إن في إهلاك ثمود بما فعلت من عقرها ناقة الله و خلافها أمر نبي الله صالح لعبرة لمن اعتبر به يا محمد من قومك " وما كان أكثرهم مؤمنين " يقول : ولن يؤمن أكثرهم في سابق علم الله " و إن ربك " يا محمد " لهو العزيز " في انتقامه من أعدائه " الرجيم " بمن آمن به من خلقه .
قوله تعالى : " فعقروها فأصبحوا نادمين " أي على عقرها لما أيقنوا بالعذاب . وذلك أنه أنظرهم ثلاثاً فظهرت عليهم العلامة في كل يوم ،وندموا ولم ينفعهم الندم عند معاينة العذاب . وقيل : لم ينفعهم الندم لأنهم لم يتوبوا ، بل طلبوا صالحاً عليه السلام ليقتلوه لما أيقنوا بالعذاب . وقيل : كانت ندامتهم على ترك الولد إذا لم يقتلوه معها . وهو بعيد . " إن في ذلك لآية " إلى أخره تقدم . ويقال : إنه ما آمن به من تلك الأمم إلا ألفان وثمانمائة رجل وامرأة . وقيل : كانوا أربعة آلاف . وقال كعب : كان قوم صالح اثني عشر ألف قبيل كل قبيل نحو اثني عشر ألفا من سوى النساء والذرية ، ولقد كان قوم عاد مثلهم ست مرات .
يقول تعالى مخبراً عن ثمود في جوابهم لنبيهم صالح عليه السلام حين دعاهم إلى عبادة ربهم عز وجل أنهم "قالوا إنما أنت من المسحرين" قال مجاهد وقتادة : يعنون من المسحورين. وروى أبو صالح عن ابن عباس "من المسحرين" يعني من المخلوقين, واستشهد بعضهم على هذا بقول الشاعر:
فإن تسألينا: فيم نحن ؟ فإننا عصافير من هذا الأنام المسحر
يعني الذين لهم سحور, والسحر هو الرئة. والأظهر في هذا قول مجاهد وقتادة أنهم يقولون: إنما أنت في قولك هذا مسحور لا عقل لك, ثم قالوا "ما أنت إلا بشر مثلنا" يعني فكيف أوحي إليك دوننا ؟ كما قالوا في الاية الأخرى " أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر * سيعلمون غدا من الكذاب الأشر " ثم إنهم اقترحوا عليه آية يأتيهم بها ليعلموا صدقه بما جاءهم به من ربهم, وقد اجتمع ملؤهم, وطلبوا منه أن يخرج لهم الان من هذه الصخرة ناقة عشراء إلى صخرة عندهم ـ من صفتها كذا وكذا, فعند ذلك أخذ عليهم نبي الله صالح. العهود والمواثيق لئن أجابهم إلى ما سألوا ليؤمنن به وليتبعنه, فأعطوه ذلك, فقام نبي الله صالح عليه السلام فصلى, ثم دعا الله عز وجل أن يجيبهم إلى سؤالهم, فانفطرت تلك الصخرة التي أشاروا إليها عن ناقة عشراء على الصفة التي وصفوها, فآمن بعضهم وكفر أكثرهم "قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم" يعني ترد ماءكم يوماً, ويوماً تردونه أنتم "ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم" فحذرهم نقمة الله إن أصابوها بسوء, فمكثت الناقة بين أظهرهم حيناً من الدهر, ترد الماء وتأكل الورق والمرعى ـ وينتفعون بلبنها يحلبون منها ما يكفيهم شرباً ورياً, فلما طال عليهم الأمد وحضر شقاؤهم, تمالؤوا على قتلها وعقرها " فعقروها فأصبحوا نادمين * فأخذهم العذاب " وهو أن أرضهم زلزلت زلزالاً شديداً, وجاءتهم صيحة عظيمة اقتلعت القلوب من محالها, وأتاهم من الأمر ما لم يكونوا يحتسبون, وأصبحوا في ديارهم جاثمين " إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم ".
"فعقروها فأصبحوا نادمين" على عقرها، لما عرفوا أن العذاب نازل بهم، وذلك أنه أنظرهم ثلاثاً، فظهرت عليهم العلامة في كل يوم وندموا حيث لا ينفع الندم، لأن ذلك لا يجدي عند معاينة العذاب وظهور آثاره.
157- "فعقروها فأصبحوا نادمين"، على عقرها حين رأوا العذاب.
157 -" فعقروها " أسند العقر إلى كلهم لأن عاقرها إنما عقرها برضاهم ولذلك أخذوا جميعاً . " فأصبحوا نادمين " على عقرها خوفاً من حلول العذاب لا توبة ، أو عند معاينة العذاب ولذلك لم ينفعهم .
157. But they hamstrung her, and then were penitent.
157 - But they ham strung her: then did they become full of regrets.