[الشعراء : 15] قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ
15 - (قال) تعالى (كلا) لا يقتلونك (فاذهبا) أنت وأخوك ففيه تغليب الحاضر على الغائب (بآياتنا إنا معكم مستمعون) ما تقولون وما يقال لكم أجريا مجرى الجماعة
يقول تعالى ذكره " كلا " : أي لم يقتلك قوم فرعون " فاذهبا بآياتنا " يقول : فاذهب أنت و أخوك بآياتنا ، يعني باعلامنا و حججنا التي أعطيناك عليهم . وقوله " إنا معكم مستمعون " من قوم فرعون ما يقولون لكم ، و يجيبونكم به ، وقوله " فأتيا فرعون فقولا " ... الآية ،يقول : فأت أنت يا موسى و أخوك هاورن فرعون " فقولا إنا رسول رب العالمين " إليك ب" أن أرسل معنا بني إسرائيل " و قال رسول رب العالمين ، وهو يخاطب اثنين بقوله فقولا ، لأنه أراد به المصدر من أرسلت ، يقول : أرسلت رسالة ورسولا ، كما قال الشاعر :
لقد كذب الواشون ما بحت عندهم بسوء ولا أرسلتهم برسول
يعني برسالة ، و قال الآخر :
ألا من مبلغ عني خفافا رسولا بيت أهلك منتهاها
يعني بقوله رسولا : رسالة ، فأنث لذلك الهاء .
قوله تعالى : " قال كلا " أي كلا لن يقتلوك . فهو ردع وزجر عن هذا الظن ، وأمر بالثقة بالله تعالى ، أي ثق بالله وانزجر عن خوفك منهم ، فإنهم لا يقدرون على قتلك ولا يقوون عليه " فاذهبا " أي أنت وأحوك فقد جعليته رسولاً معك . " بآياتنا " أي ببراهيننا وبالمعجزات . وقيل أي مع آياتنا . " إنا معكم " يريد نفسه سبحانه وتعالى . " مستمعون " أي سامعون ما يقولون وما يجاوبون . وإنما أراد بذلك تقوية قلبيهما وأنه يعينهما ويحفظهما . والاستماع إنما يكون بالإصغاء و يوصف الباري سبحانه بذلك . وقد وصف سبحانه نفسه بأنه السميع البصير . وقال في ( طه ) : " أسمع وأرى " [ طه : 46] وقال : " معكم " فأجراهما مجرى الجمع ، لأن الاثنين جماعة . ويجوز أن يكون لهما ولمن أرسلا إليه . ويجوز أن يكون لجميع بني إسرائيل .
يخبر تعالى عما أمر به عبده ورسوله وكليمه موسى بن عمران عليه السلام حين ناداه من جانب الطور الأيمن, وكلمه وناجاه, وأرسله واصطفاه, وأمره بالذهاب إلى فرعون وملئه, ولهذا قال تعالى: " أن ائت القوم الظالمين * قوم فرعون ألا يتقون * قال رب إني أخاف أن يكذبون * ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون * ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون " هذه أعذار سأل الله إزاحتها عنه, كما قال في سورة طه " قال رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري " إلى قوله " قد أوتيت سؤلك يا موسى ".
وقوله تعالى: "ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون" أي بسبب قتل ذلك القبطي الذي كان سبب خروجه من بلاد مصر "قال كلا" أي قال الله له: لا تخف من شيء من ذلك كقوله " سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون " "فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون" كقوله " إنني معكما أسمع وأرى " أي إنني معكما بحفظي وكلاءتي ونصري وتأييدي " فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين " كقوله في الاية الأخرى "إنا رسولا ربك" أي كل منا أرسل إليك "أن أرسل معنا بني إسرائيل" أي أطلقهم من إسارك وقبضتك وقهرك وتعذيبك, فإنهم عباد الله المؤمنون وحزبه المخلصون, وهم معك في العذاب المهين, فلما قال له موسى ذلك أعرض فرعون هنالك بالكلية, ونظر إليه بعين الازدراء والغمص, فقال "ألم نربك فينا وليداً" الاية, أي أما أنت الذي ربيناه فينا وفي بيتنا وعلى فراشنا, وأنعمنا عليه مدة من السنين, ثم بعد هذا قابلت ذلك الإحسان بتلك الفعلة أن قتلت منا رجلاً, وجحدت نعمتنا عليك, ولهذا قال "وأنت من الكافرين" أي الجاحدين. قاله ابن عباس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم , واختاره ابن جرير , "قال فعلتها إذاً" أي في تلك الحال "وأنا من الضالين" أي قبل أن يوحى إلي وينعم الله علي بالرسالة والنبوة.
قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة والضحاك وغيرهم "وأنا من الضالين" أي الجاهلين. قال ابن جريج : وهو كذلك في قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه "ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين" الاية, أي انفصل الحال الأول وجاء أمر آخر, فقد أرسلني الله إليك فإن أطعته سلمت, وإن خالفته عطبت, ثم قال موسى "وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل" أي وما أحسنت إلي وربيتني مقابل ما أسأت إلى بني إسرائيل فجعلتهم عبيداً وخدماً تصرفهم في أعمالك ومشاق رعيتك, أفيفي إحسانك إلى رجل واحد منهم بما أسأت إلى مجموعهم, أي ليس ما ذكرته شيئاً بالنسبة إلى ما فعلت بهم.
15- "قال كلا فاذهبا بآياتنا" وفي ضمن هذا الجواب إجابة موسى إلى ما طلبه من ضم أخيه إليه كما يدل عليه توجيه الخطاب إليهما كأنه قال: ارتدع يا موسى عن ذلك واذهب أنت ومن استدعيته ولا تخف من القبط "إنا معكم مستمعون" وفي هذا تعليل للردع عن الخوف، وهو كقوله سبحانه: "إنني معكما أسمع وأرى" وأراد بذكل سبحانه تقوية قلوبهما وأنه متول لحفظهما وكلاءتهما وأجراهما مجرى الجمع، فقال معكم لكن الاثنين أقل الجمع على ما ذهب إليه بعض الأئمة أو لكونه أراد موسى وهارون ومن أرسلا إليه، ويجوز أن يكون المراد هما مع بني إسرائيل، ومعكم ومستمعون خبران، لأن، أو الخبر مستمعون، ومعكم متعلق به، ولا يخفى ما في المعية من المجاز: لأن المصاحبة من صفات الأجسام، فالمراد معية النصرة والمعونة.
15- "قال"، الله تعالى، "كلا"، أي: لن يقتلوك، "فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون"، سامعون ما يقولون، ذكر معكم بلفظ الجمع، وهما اثنان، أجراهما مجرى الجماعة. وقيل: أراد معكما ومع بني إسرائيل نسمع ما يجيبكم فرعون.
15 -" قال كلا فاذهبا بآياتنا " إجابة له إلى الطلبتين بوعده بدفع بلائهم اللازم ردعه عن الخوف ، وضم أخيه إليه في الإرسال ، والخطاب في " فاذهبا " على تغليب الحاضر لأنه معطوف على الفعل الذي يدل عليه " كلا " كأنه قيل : ارتدع يا موسى عما تظن فاذهب أنت والذي طلبته . " إنا معكم " يعني موسى وهرون وفرعون . " مستمعون " سامعون لما يجري بينكما وبينه فأظهركما عليه ، مثل نفسه تعالى بمن حضر مجادلة قوم استماعاً لما يجري بينهم وترقباً لإمداد أوليائه منهم ، مبالغة في الوعد بالإعانة ، ولذلك تجوز بالاستماع الذي هو بمعنى الإصغاء للسمع الذي هو مطلق إدراك الحروف والأصوات ، وهو خبر ثان أو الخبر وحده " معكم " لغو .
15. He said: Nay, verily. So go ye twain with Our tokens. Lo! We shall be with you, Hearing.
15 - God said: By no means! Proceed then, both of you, with Our signs; We are with you, and will listen (to your call).