[الشعراء : 12] قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ
12 - (قال) موسى (رب إني أخاف أن يكذبون)
يقول تعالى ذكره " قال " موسى لربه " رب إني أخاف " من قوم فرعون الذين أمرتني أن آتيهم " أن يكذبون " بقيلى لهم : إنك أرسلتني إليهم " و يضيق صدري " من تكذيبهم إياي إن كذبوني ، ورفع قوله " و يضيق صدري " عطفا به على أخاف ، و بالرفع فيه قرأته عامة قراء الأمصار ، و معناه : وإني يضيق صدري و قوله " ولا ينطلق لساني " يقول : ولا ينطلق بالعبارة عما ترسلني به إليهم للعلة التي كانت بلسانه . و قوله " ولا ينطلق لساني " كلام معطوف به على يضيق . و قوله " فأرسل إلى هارون " يعني هارون أخاه ، و لم يقل : فأرسل لي هارون ليؤازرني و ليعينني ، إذ كان مفهوما معنى الكلام ، و ذلك كقول القائل : لو نزلت بنا نازلة لفزعنا إليك ، بمعنى لفزعنا إليك لتعيننا . وقوله " ولهم علي ذنب " يقول : ولقوم فرعون علي دعوى أذنبت إليهم ، وذلك قتله النفس التي قتلها منهم .
و بنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثني عيسى ، و حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون " قال : قتل النفس التي قتل منهم .
حدثنا القاسم ، قال : ثني الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قال : قتل موسى النفس .
قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله " ولهم علي ذنب " قال : قتل النفس . و قوله " فأخاف أن يقتلون " يقول : فأخاف أن يقتلوني قودا بالنفس التي قتلت منهم .
قوله تعالى : " قل ربي " أي قال موسى : " رب إني أخاف أن يكذبون " أي في الرسالة والنبوة .
يخبر تعالى عما أمر به عبده ورسوله وكليمه موسى بن عمران عليه السلام حين ناداه من جانب الطور الأيمن, وكلمه وناجاه, وأرسله واصطفاه, وأمره بالذهاب إلى فرعون وملئه, ولهذا قال تعالى: " أن ائت القوم الظالمين * قوم فرعون ألا يتقون * قال رب إني أخاف أن يكذبون * ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون * ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون " هذه أعذار سأل الله إزاحتها عنه, كما قال في سورة طه " قال رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري " إلى قوله " قد أوتيت سؤلك يا موسى ".
وقوله تعالى: "ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون" أي بسبب قتل ذلك القبطي الذي كان سبب خروجه من بلاد مصر "قال كلا" أي قال الله له: لا تخف من شيء من ذلك كقوله " سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون " "فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون" كقوله " إنني معكما أسمع وأرى " أي إنني معكما بحفظي وكلاءتي ونصري وتأييدي " فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين " كقوله في الاية الأخرى "إنا رسولا ربك" أي كل منا أرسل إليك "أن أرسل معنا بني إسرائيل" أي أطلقهم من إسارك وقبضتك وقهرك وتعذيبك, فإنهم عباد الله المؤمنون وحزبه المخلصون, وهم معك في العذاب المهين, فلما قال له موسى ذلك أعرض فرعون هنالك بالكلية, ونظر إليه بعين الازدراء والغمص, فقال "ألم نربك فينا وليداً" الاية, أي أما أنت الذي ربيناه فينا وفي بيتنا وعلى فراشنا, وأنعمنا عليه مدة من السنين, ثم بعد هذا قابلت ذلك الإحسان بتلك الفعلة أن قتلت منا رجلاً, وجحدت نعمتنا عليك, ولهذا قال "وأنت من الكافرين" أي الجاحدين. قاله ابن عباس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم , واختاره ابن جرير , "قال فعلتها إذاً" أي في تلك الحال "وأنا من الضالين" أي قبل أن يوحى إلي وينعم الله علي بالرسالة والنبوة.
قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة والضحاك وغيرهم "وأنا من الضالين" أي الجاهلين. قال ابن جريج : وهو كذلك في قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه "ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين" الاية, أي انفصل الحال الأول وجاء أمر آخر, فقد أرسلني الله إليك فإن أطعته سلمت, وإن خالفته عطبت, ثم قال موسى "وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل" أي وما أحسنت إلي وربيتني مقابل ما أسأت إلى بني إسرائيل فجعلتهم عبيداً وخدماً تصرفهم في أعمالك ومشاق رعيتك, أفيفي إحسانك إلى رجل واحد منهم بما أسأت إلى مجموعهم, أي ليس ما ذكرته شيئاً بالنسبة إلى ما فعلت بهم.
12- "قال رب إني أخاف أن يكذبون" أي قال موسى هذه المقالة، والمعنى: أخاف أن يكذبوني في الرسالة "ويضيق صدري ولا ينطلق لساني" معطوفان على أخاف: أي يضيق صدري لتكذيبهم إياي، ولا ينطلق لساني بتأدية الرسالة.
12- "قال"، يعني موسى، "رب إني أخاف أن يكذبون".
12 -" قال رب إني أخاف أن يكذبون "
12. He said: My Lord! Lo! I fear that they will deny me,
12 - He said: O my Lord! I do fear that they will charge me with falsehood: