[الشعراء : 10] وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
10 - اذكر يا محمد لقومك (وإذ نادى ربك موسى) ليلة رأى النار والشجرة (أن) أي بأن (ائت القوم الظالمين) رسولا
يقول تعالى ذكره : واذكر يا محمد إذ نادى موسى بن عمران " أن ائت القوم الظالمين " يعنى الكافرين قوم فرعون ، و نصب القوم الثاني ترجمة عن القوم الأول ، و قوله " ألا يتقون " يقول : ألا يتقون عقاب الله على كفرهم به ، و معنى الكلام : قوم فرعون فقل لهم ألا يتقون . و ترك إظهار فقل لهم لدلالة الكلام عليه . و إنما قيل : ألا يتقون بالياء ، و لم يقل ألا تتقون بالتاء ، لأن التنزيل كان قبل الخطاب ، ولو جاءت القراءة فيها بالتاء كان صوابا ، كما قيل : " قل للذين كفروا ستغلبون " آل عمران : 12 و ( ستغلبون ) .
قوله تعالى : " وإذ نادى ربك موسى " (إذ)في موضع نصب ، المعنى : واتل عليهم " وإذ نادى ربك موسى " ويدل على هذا أن بعده . " واتل عليهم نبأ إبراهيم " ذكره النحاس .وقيل : المعنى ، واذكر إذ نادى كما صرح به في قوله : " واذكر أخا عاد " [ الأحقاف : 21] وقوله : " واذكر عبادنا إبراهيم " [ص. 45] وقوله : " واذكر في الكتاب مريم " [ مريم : 16] . وقيل : المعنى ، " وإذ نادى ربك موسى " كان كذا وكذا . والنداء الدعاء بيا فلان ، أي قال ربك يا موسى : " أن ائت القوم الظالمين " ثم أخبر من هم فقال .
يخبر تعالى عما أمر به عبده ورسوله وكليمه موسى بن عمران عليه السلام حين ناداه من جانب الطور الأيمن, وكلمه وناجاه, وأرسله واصطفاه, وأمره بالذهاب إلى فرعون وملئه, ولهذا قال تعالى: " أن ائت القوم الظالمين * قوم فرعون ألا يتقون * قال رب إني أخاف أن يكذبون * ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون * ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون " هذه أعذار سأل الله إزاحتها عنه, كما قال في سورة طه " قال رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري " إلى قوله " قد أوتيت سؤلك يا موسى ".
وقوله تعالى: "ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون" أي بسبب قتل ذلك القبطي الذي كان سبب خروجه من بلاد مصر "قال كلا" أي قال الله له: لا تخف من شيء من ذلك كقوله " سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون " "فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون" كقوله " إنني معكما أسمع وأرى " أي إنني معكما بحفظي وكلاءتي ونصري وتأييدي " فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين " كقوله في الاية الأخرى "إنا رسولا ربك" أي كل منا أرسل إليك "أن أرسل معنا بني إسرائيل" أي أطلقهم من إسارك وقبضتك وقهرك وتعذيبك, فإنهم عباد الله المؤمنون وحزبه المخلصون, وهم معك في العذاب المهين, فلما قال له موسى ذلك أعرض فرعون هنالك بالكلية, ونظر إليه بعين الازدراء والغمص, فقال "ألم نربك فينا وليداً" الاية, أي أما أنت الذي ربيناه فينا وفي بيتنا وعلى فراشنا, وأنعمنا عليه مدة من السنين, ثم بعد هذا قابلت ذلك الإحسان بتلك الفعلة أن قتلت منا رجلاً, وجحدت نعمتنا عليك, ولهذا قال "وأنت من الكافرين" أي الجاحدين. قاله ابن عباس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم , واختاره ابن جرير , "قال فعلتها إذاً" أي في تلك الحال "وأنا من الضالين" أي قبل أن يوحى إلي وينعم الله علي بالرسالة والنبوة.
قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة والضحاك وغيرهم "وأنا من الضالين" أي الجاهلين. قال ابن جريج : وهو كذلك في قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه "ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين" الاية, أي انفصل الحال الأول وجاء أمر آخر, فقد أرسلني الله إليك فإن أطعته سلمت, وإن خالفته عطبت, ثم قال موسى "وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل" أي وما أحسنت إلي وربيتني مقابل ما أسأت إلى بني إسرائيل فجعلتهم عبيداً وخدماً تصرفهم في أعمالك ومشاق رعيتك, أفيفي إحسانك إلى رجل واحد منهم بما أسأت إلى مجموعهم, أي ليس ما ذكرته شيئاً بالنسبة إلى ما فعلت بهم.
وجملة 10- "وإذ نادى ربك موسى" إلخ مستأنفة مسوقة لتقرير ما قبلها من الإعراض والتكذيب والاستهزاء، والعامل في الظرف محذوف تقديره. واتل إذ نادى أو اذكر، والنداء، الدعاء، و أن في قوله: "أن ائت القوم الظالمين" يجوز أن تكون مفسرة، وأن تكون مصدرية، ووصفهم بالظلم لأنهم جمعوا بين الكفر الذي ظلموا به أنفسهم وبين المعاصي التي ظلموا بها غيرهم كاستعباد بني إسرائيل، وذبح أبنائهم.
قوله عز وجل: 10- "وإذ نادى ربك موسى"، واذكر يا محمد إذ نادى ربك موسى حين رأى الشجرة والنار، "أن ائت القوم الظالمين"، يعني: الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعصية، وظلموا بني إسرائيل باستعبادهم وسومهم سوء العذاب.
10 -" وإذ نادى ربك موسى " مقدر باذكر أو ظرف لما بعده . " أن ائت " أي " ائت " أو بأن " ائت " . " القوم الظالمين " بالكفر واستعباد بني إسرائيل . وذبح أولادهم .
10. And when thy Lord called Moses, saying: Go unto the wrongdoing folk,
10 - Behold thy Lord called Moses: Go to the people of iniquity,