[الفرقان : 43] أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا
43 - (أرأيت) أخبرني (من اتخذ إلهه هواه) أي مهويه قدم المفعول الثاني لأنه أهم وجملة من اتخذ مفعول أول لرأيت والثاني (أفأنت تكون عليه وكيلا) حافظا تحفظه عن اتباع هواه لا
يعني تعالى ذكره : " أرأيت " يا محمد " من اتخذ إلهه " شهوته التي يهواها و ذلك أن الرجل من المشركين كان يعبد الحجر ، فإذا رأى أحسن منه رمى به ، و أخذ الآخر يعبده ، فكان معبوده و إلهه ما يتخيره لنفسه ، فلذلك قال جل ثناؤه " أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا " يقول تعالى ذكره أفأنت تكون يا محمد على هذا حفيظا في أفعاله من عظيم جهله ؟ " أم تحسب " يا محمد أن أكثر هؤلاء المشركين " يسمعون " ما يتلى عليهم ، فيعون " أو يعقلون " ما يعاينون من حجج الله ، فيفهمون " إن هم إلا كالأنعام " يقول : ما هم إلا كالبهائم التي لا تعقل ما يقال لها ، ولا تفقه ، بل هم من البهائم أضل سبيلا لأن البهائم تهتدي لمراعيها ، و تنقاد لأربابها ، و هؤلاء الكفرة لا يطيعون ربهم ، ولا يشكرون نعمة من أنعم عليهم ، بل يكفرونها ، و يعصون من خلقنم و برأهم .
قوله تعالى : " أرأيت من اتخذ إلهه هواه " عجب نبيه صلى الله عليه وسلم من إضمارهم لعى لاشرك وإصرارهم عليه مع إقرارهم بأنه خالقهم ورازقهم ، ثم يعمد إلى حجر يعيده من غير حجة . قال الكلبي غيره : كانت العرب إذا هوي الرجل منهم شيئاً عبده من دون الله فإذا رأى أحسن منه ترك الأول وعبد الأحسن ، فعلى هذا يعني : أرأيت من اتخذ إلهه بهواه ، فحذف الجار . وقال ابن عباس : الهوى إله يعبد من دون الله ، ثم تلا هذه الآية قال الشاعر :
لعمر أبيها لو تبدت الناسك قد اعتزل الدنيا بإحدى
المناسك
لصلى لها قبل الصلاة لربه ولا ارتد في الدنيا بأعمال فأنك
وقيل : " اتخذ إلهه هواه " أي أطاع هواه . وعن الحسن لا يهوى شيئاً إلا اتبعه ، والمعنى واحد . " أفأنت تكون عليه وكيلا " أي حفيضاً وكفيلا ً حتى ترده إلى الإيمان وتخرجه من هذا الفساد . أي ليست الهداية والضلا لة موكولتين إلى مشيئتك ، وإنما عليك التبليغ . وهذا رد على القدرية .ثم قيل : إنها منسوخة بآية القتال . وقيل : لم تنسخ ، لأن الآية تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم .
يخبر تعالى عن استهزاء المشركين بالرسول صلى الله عليه وسلم إذا رأوه كما قال تعالى: "وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزواً" الاية, يعنونه بالعيب والنقص. وقال ههنا " وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا " أي على سبيل التنقيص والازدراء فقبحهم الله, كما قال " ولقد استهزئ برسل من قبلك " الاية. وقوله تعالى: "إن كاد ليضلنا عن آلهتنا" يعنون أنه كاد يثنيهم عن عبادة الأصنام لولا أن صبروا وتجلدوا واستمروا عليها. قال الله تعالى متوعداً لهم ومتهدداً "وسوف يعلمون حين يرون العذاب" الاية.
ثم قال تعالى لنبيه منبهاً أن من كتب الله عليه الشقاوة والضلال, فإنه لا يهديه أحد إلا الله عز وجل "أرأيت من اتخذ إلهه هواه" أي مهما استحسن من شيء ورآه حسناً في هوى نفسه كان دينه ومذهبه, كما قال تعالى: "أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً فإن الله يضل من يشاء" الاية, ولهذا قال ههنا "أفأنت تكون عليه وكيلاً" قال ابن عباس : كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زماناً, فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول. ثم قال تعالى: "أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون" الاية, أي هم أسوأ حالاً من الأنعام السارحة, فإن تلك تعقل ما خلقت له, وهؤلاء خلقوا لعبادة الله وحده لا شريك له, وهم يعبدون غيره ويشركون به مع قيام الحجة عليهم وإرسال الرسل إليهم.
فقال معجباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم 43- "أرأيت من اتخذ إلهه هواه" قدم المفعول الثاني للعناية كما تقول علمت منطلقاً زيداً: أي أطاع هواه طاعة كطاعة الإله: أي انظر إليه يا محمد وتعجب منه. قال الحسن: معنى الآية لا يهوى شيئاً إلا اتبعه "أفأنت تكون عليه وكيلاً" الاستفهام للإنكار والاستبعاد: أي أفأنت تكون عليه حفيظاً وكفيلاً حتى ترده إلى الإيمان وتخرجه من الكفر، ولست تقدر على ذلك ولا تطيقه، فليست الهداية والضلالة موكولتين إلى مشيئتك، وإنما عليك البلاغ. وقد قيل إن هذه الآية منسوخة بآية القتال. ثم انتقل سبحانه من الإنكار الأول إلى إنكار آخر.
43- "أرأيت من اتخذ إلهه هواه"، وذلك أن الرجل من المشركين كان يعبد الحجر فإذا رأى حجراً أحسن منه طرح الأول وأخذ الآخر فعبده. وقال ابن عباس: أرأيت من ترك عبادة الله وخالقه ثم هوي حجراً فعبده ما حاله عندي؟ "أفأنت تكون عليه وكيلاً"، أي: حافظاً، يقول: أفأنت عليه كفيل تحفظه من اتباع هواه وعبادة ما يهوى من دون الله؟ أي: لست كذلك. قال الكلبي: نسختها آية القتال.
43ـ " أرأيت من اتخذ إلهه هواه " بأن أطاعه وبنى عليه دينه لا يسمع حجة ولا يبصر دليلاً ، وإنما قدم المفعول الثاني للعناية به . " أفأنت تكون عليه وكيلاً " حفيظاً تمنعه عن الشرك والمعاصي وحاله هذا فالاستفهام الأول للتقرير والتعجيب والثاني للإنكار .
43. Hast thou seen him who chooseth for his god his own lust? Wouldst thou then be guardian over him?
43 - Seest thou such a one as taketh for his god his own passion (or impulse)? Couldst thou be a disposer of affairs for him?