[المؤمنون : 95] وَإِنَّا عَلَى أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ
95 - (وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون)
وقوله : " وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون " يقول تعالى ذكره : وإنا يا محمد على أن نريد في هؤلاء المشركين ما نعدهم من تعجيل العذاب لهم ، لقادرون ، فلا يحزننك تكذيبهم إياك بما نعدهم به ، وإنما نؤخر ذلك ، ليبلغ الكتاب أجله .
نبه على أن خلاف المعلوم مقدور، وقد أراه الله تعالى ذلك فيهم بالجوع والسيف، ونجاه الله ومن آمن به من ذلك.
يقول تعالى آمراً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يدعو بهذا الدعاء عند حلول النقم "رب إما تريني ما يوعدون" أي إن عاقبتهم وأنا أشاهد ذلك, فلا تجعلني فيهم كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه "وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون". وقوله تعالى: "وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون" اي لو شئنا لأريناك ما نحل بهم من النقم والبلاء والمحن. ثم قال تعالى مرشداً له إلى الترياق النافع في مخالطة الناس وهو الإحسان إلى من يسيء إليه, ليستجلب خاطره فتعود عداوته صداقة وبغضه محبة, فقال تعالى: "ادفع بالتي هي أحسن السيئة" وهذا كما قال في الاية الأخرى: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا" الاية, اي وما يلهم هذه الوصية أو هذه الخصلة أو الصفة "إلا الذين صبروا" اي على أذى الناس فعاملوهم بالجميل مع إسدائهم القبيح "وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم" أي في الدنيا والاخرة.
وقوله تعالى: "وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين" أمره الله أن يستعيذ من الشياطين لأنهم لا تنفع معهم الحيل ولا ينقادون بالمعروف, وقد قدمنا عند الاستعاذة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه". وقوله تعالى: "وأعوذ بك رب أن يحضرون" أي في شيء من أمري, ولهذا أمر بذكر الله في ابتداء الأمور وذلك لطرد الشيطان عند الأكل والجماع والذبح وغير ذلك من الأمور, ولهذا روى أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الهرم, وأعوذ بك الهدم ومن الغرق, وأعوذ بك من أن يتخبطني الشيطان عند الموت" وقال الإمام أحمد حدثنا يزيد , أخبرنا محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات يقولهن عند النوم من الفزع: "بسم الله, أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده, ومن همزات الشياطين وأن يحضرون" قال فكان عبد الله بن عمرو يعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه ومن كان منهم صغيراً لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعلقها في عنقه. ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث محمد بن إسحاق . وقال الترمذي : حسن غريب.
ثم لما كان المشركون ينكرون العذاب ويسخرون من النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر لهم ذلك أكد سبحانه وقوعه بقوله: 95- "وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون" أي أن الله سبحانه قادر على أن يري رسوله عذابهم، ولكنه يؤخره لعلمه بأن بعضهم سيؤمن، أو لكون الله سبحانه لا يعذبهم والرسول فيهم، وقيل قد أراه الله سبحانه ذلك يوم بدر ويوم فتح مكة.
95. " وإنا على أن نريك ما نعدهم "، من العذاب لهم، " لقادرون ".
95ـ " وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون " لكنا نؤخره علمنا بأن بعضهم أو بعض أعقابهم يؤمنون ، أو لأنا لا نعذبهم وأنت فيهم ، ولعله رد لإنكارهم الموعود واستعجالهم له استهزاء به . وقيل قد أراه : وهو قتل بدر أو فتح مكة .
95. And verily We are Able to show thee that which We have promised them.
95 - And We are certainly able to show thee (in fulfillment) that against which they are warned.