[الحج : 55] وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ
55 - (ولا يزال الذين كفروا في مرية) شك (منه) أي القرآن بما ألقاه الشيطان على لسان النبي ثم أبطل (حتى تأتيهم الساعة بغتة) أي ساعة موتهم أو القيامة فجأة (أو يأتيهم عذاب يوم عقيم) هو يوم بدر لا خير فيه للكفار كالريح العقيم التي لا تأتي بخير أو هو يوم القيامة لا ليل بعده
يقول تعالى ذكره : و لا يزال الذين كفروا بالله في شك .
ثم اختلف أهل التأويل في الهاء التي في قوله منه من ذكر ما هي ؟ فقال بعضهم : هي من ذكر قول النبي صلى الله عليه و سلم : تلك الغرانيق العلى ، و إن شفاعتهن لترتجى .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : ثن محمد ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير " ولا يزال الذين كفروا في مرية منه " من قوله : تلك الغرانيق العلى ، و إن شفاعتهن ترتجى .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال: ابن زيد ، في قوله " ولا يزال الذين كفروا في مرية منه " قال : مما جاء به إبليس لا يخرج من قلوبهم زادهم ضلالة .
و قال آخرون : بل هي من ذكر سجود النبي صلى الله عليه و سلم في النجم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن المثنى قال : ثنا عبد الصمد ، قال : ثنا شعبة ، قال : ثنا أبو بشر عن سعيد بن جبير " ولا يزال الذين كفروا في مرية منه " قال : في مرية من سجودك .
و قال آخرون : بل هي من ذكر القرآن .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قا ل: ثني حجاج ، عن ابن جريج ، " ولا يزال الذين كفروا في مرية منه " قال : من القرآن .
و اولى هذه الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : هي كناية من ذكر القرآن الذي أحكم الله آياته و ذلك أن ذلك من ذكر قوله " وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك " أقرب منه من ذكر قوله " فينسخ الله ما يلقي الشيطان " و الهاء من قوله أنه من ذكر القرآن ، فإلحاق الهاء في قوله " في مرية منه " بالهاء من قوله " أنه الحق من ربك " أولى من إلحاقها بما التي في قوله " ما يلقي الشيطان " مع بعد ما بينهما .
و قوله " حتى تأتيهم الساعة " يقول : لا يزال هؤلاء الكفار في شك من أمر هذا القرآن إلى أن تأتيهم الساعة " بغتة " و هي ساعة حشر الناس لموقف الحساب بغتة يقول : فجأة " أو يأتيهم عذاب يوم عقيم " .
و اختلف أهل التأويل في هذا اليوم أي يوم هو ؟ فقال بعضهم : هو يوم القيامة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، قال : ثنا شيخ من أهل خراسان من الأزد يكني أبا ساسان ، قال: سألت الضحاك ، عن قوله " عذاب يوم عقيم " قال : عذاب يوم لا ليلة بعده .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو تميلة ، عن أبي حمزة ، عن جابر ، عن عكرمة ، أن يوم القيامة لا ليلة له .
و قال آخرون : بل عني به يوم بدر ، و قال وا : إنما قيل له يوم عقيم ، أنهم لم ينظروا إلى الليل ، فكان لهم عقيما .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال " عذاب يوم عقيم " يوم بدر .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، " أو يأتيهم عذاب يوم عقيم " قال ابن جريج : يوم ليس فيه ليلة ، لم يناظروا إلى الليل ، قال مجاهد : عذاب يوم عظيم .
قال ك ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو تميلة ، عن أبي حمزة ، عن جابر ، قال : قال مجاهد : يوم بدر .
حدثني أبو السائب ،قال : ثنا أبو إدريس ، قال : أخبرنا الأعمش ، عن رجل ، عن سعيد بن جبير ، في قوله "عذاب يوم عقيم " قال : يوم بدر .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال: ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله " عذاب يوم عقيم " قال : هو يوم بدر ، ذكره عن أبي بن كعب .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله " عذاب يوم عقيم " قال : هو يوم بدر ، عن أبي بن كعب .
وهذا القول الثاني أولى بتأويل الآية ، لأنه لا وجه لأن يقال : لا يزالون في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة ، أو تأتيهم الساعة ، و ذلك أن الساعة هي يوم القيامة ، فإن أن اليوم العقيم أيضا هو يوم القيامة ، فإنما معناه ما قلنا من تكرير ذكر الساعة مرتين ، باختلاف الألفاظ ، و ذلك ما لا معنى له . فإذ كان ذلك كذلك ، فأولى التأويلين به أصحهما معنى ، و أشبههما بالمعروف في الخطاب ،و هو ما ذكرناه في معناه .
فتأويل الكلام إذن : و لا يزال الذين كفروا في مرية منه ، حتى تأتيهم الساعة بغتة ، فيصيروا إلى العذاب الدائم ، أو يأتيهم عذاب يوم عقيم لهم ، فلا ينظروا فيه إلى الليل ، ولا يؤخروا فيه إلى المساء ، لكنهم يقتلون قبل المساء .
قوله تعالى: " ولا يزال الذين كفروا في مرية منه " يعني في شك من القرآن، قاله ابن جريج . وغيره: من الدين، وهو الصراط المستقيم. وقيل: مما ألقى الشيطان على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، ويقولون: ما باله ذكر الأصنام بخير ثم ارتد عنها. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي " في مرية " بضم الميم. والكسر أعرف، ذكره النحاس . " حتى تأتيهم الساعة " أي القيامة. " بغتة " أي فجأة. " أو يأتيهم عذاب يوم عقيم " قال الضحاك : عذاب يوم لا ليلة له وهو يوم القيامة. النحاس : سمي يوم القيامة عقيماً لأنه ليس يعقب بعده يوماً مثله، وهو معنى قول الضحاك . والعقيم في اللغة عبارة عمن لا يكون له ولد، ولما كان الولد يكون بين الأبوين وكانت الأيام تتوالى قبل وبعد، جعل الاتباع فيها بالبعدية كهيئة الولادة، ولما لم يكن بعد ذلك اليوم يوم وصف بالعقيم. وقال ابن عباس و مجاهد و قتادة : المراد عذاب يوم بدر، ومعنى عقيم لا مثل له في عظمه، لأن الملائكة قاتلت فيه. ابن جريج : لأنهم لم ينظروا فيه إلى الليل، بل قتلوا قبل المساء فصار يوماً لا ليلة له. وكذلك يكون معنى قول الضحاك أنه يوم القيامة، لأنه لا ليلة له. وقيل: لأنه لم يكن فيه رأفة ولا رحمة، وكان عقيماً من كل خير، ومنه قوله تعالى: " إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم " [الذاريات: 41] أي التي لا خير فيها ولا تأتي بمطر ولا رحمة.
يقول تعالى مخبراً عن الكفار أنهم لا يزالون في مرية, أي في شك من هذا القرآن, قال ابن جريج واختاره ابن جرير . وقال سعيد بن جبير وابن زيد منه, أي مما ألقى الشيطان "حتى تأتيهم الساعة بغتة" قال مجاهد : فجأة, وقال قتادة "بغتة" بغت القوم أمر الله وما أخذ الله قوماً قط إلا عند سكرتهم وغرتهم ونعمتهم, فلا تغتروا بالله إنه لايغتر بالله إلا القوم الفاسقون. وقوله: "أو يأتيهم عذاب يوم عقيم" قال مجاهد : قال أبي بن كعب : هو يوم بدر, وكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وقتادة وغير واحد, واختاره ابن جرير . قال عكرمة ومجاهد في رواية عنهما: هو يوم القيامة, لا ليل له, وكذا قال الضحاك والحسن البصري , وهذا القول هو الصحيح, وإن كان يوم بدر من جملة ما أوعدوا به لكن هذا هو المراد, ولهذا قال: "الملك يومئذ لله يحكم بينهم" كقوله: "مالك يوم الدين".
وقوله: "الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوماً على الكافرين عسيرا" " فالذين آمنوا وعملوا الصالحات " أي آمنت قلوبهم وصدقوا بالله ورسوله وعملوا بمقتضى ما علموا, وتوافق قلوبهم وأقوالهم وأعمالهم "في جنات النعيم" أي لهم النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول ولا يبيد "والذين كفروا وكذبوا بآياتنا" أي كفرت قلوبهم بالحق وجحدوا به, وكذبوا به وخالفوا الرسل واستكبروا عن اتباعهم "فأولئك لهم عذاب مهين" أي مقابلة استكبارهم وإعراضهم عن الحق, كقوله تعالى: "إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين" أي صاغرين.
55- "ولا يزال الذين كفروا في مرية منه" أي في شك من القرآن، وقيل في الدين الذي يدل عليه ذكر الصراط المستقيم، وقيل في إلقاء الشيطان، فيقولون: ما باله ذكر الأصنام بخير ثم رجع عن ذلك؟ وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي في مرية بضم الميم "حتى تأتيهم الساعة" أي القيامة "بغتة" أي فجأة "أو يأتيهم عذاب يوم عقيم" وهو يوم القيامة لأنه لا يوم بعده، فكان بهذا الاعتبار عقيماً، والعقيم في اللغة من لا يكون له ولد، ولما كانت الأيام تتوالى جعل ذلك كهيئة الولادة، ولما لم يكن بعد ذلك اليوم يوم وصف بالعقم، وقيل يوم حرب يقتلون في كيوم بدر، وقيل إن اليوم وصف بالعقم، لأنه لا رأفة فيه ولا رحمة، فكأنه عقيم من الخير، ومنه قوله تعالى: "إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم" أي التي لا خير فيها ولا تأتي بمطر.
55. " ولا يزال الذين كفروا في مرية منه "، أي: في شك مما ألقى الشيطان على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: ما باله ذكرها بخير ثم ارتد عنها. وقال ابن جريج : ((منه)) أي من القرآن. وقيل: من الدين، وهو الصراط المستقيم. " حتى تأتيهم الساعة بغتةً "، يعني: القيامة. وقيل: الموت، " أو يأتيهم عذاب يوم عقيم "، قال الضحاك و عكرمة : عذاب يوم لا ليلة له، وهو يوم القيامة.
والأكثرون على أن اليوم العقيم يوم بدر، لأنه ذكر الساعة من قبل وهو يوم القيامة. وسمي يوم بدر عقيماً لأنه لم يكن في ذلك اليوم للكفار خير، كالريح العقيم التي لا تأتي بخير، سحاب ولا مطر، [والعقم في اللغة: المنع، يقال: رجل عقيم إذا منع من الولد]. وقيل/ لأنه لا مثل له في عظم أمره لقتال الملائكة فيه. وقال ابن جريج : لأنهم لم ينظروا فيه إلى الليل حتى قتلوا قبل المساء.
55ـ " ولا يزال الذين كفروا في مرية " في شك . " منه " من القرآن أو الرسول ، أو مما ألقى الشيطان في أمنيته يقولون ما باله ذكرها بخير ثم ارتد عنها . " حتى تأتيهم الساعة " القيامة أو أشراطها أو الموت . " بغتةً " فجأة . " أو يأتيهم عذاب يوم عقيم " يوم حرب يقتلون فيه كيوم بدر ، سمي به لأن أولاد النساء يقتلون فيه فيصرن كالعقم ، أو لأن المقاتلين أبناء الحرب فإذا قتلوا صارت عقيماً ، فوصف اليوم بوصفها اتساعاً أو لأنه لا خير لهم فيه ، ومنه الريح العقيم لما لم تنشئ مطراً ولم تلقح شجراً ، أو لأنه لا مثل له لقتال الملائكة فيه ، أو يوم القيامة على أن المراد بـ " الساعة " غيره أو على وضعه ، موضع ضميرها للتهويل .
55. And those who disbelieve will not cease to be in doubt thereof until the Hour come upon them unawares, or there come unto them the doom of a disastrous day.
55 - Those who reject Faith Will not cease to be In doubt concerning (Revelation) Until the Hour (of Judgment) Comes suddenly upon them, Or there comes to them The Penalty of a Day of Disaster.