[الأنبياء : 28] يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ
28 - (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم) أي ما عملوا وما هم عاملون (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) تعالى أن يشفع له (وهم من خشيته) تعالى (مشفقون) خائفون
يقول تعالى ذكره : يعلم ما بين أيدي الملائكة ما لم يبلغوه ، ما هو ، وما هم فيه قائلون وعاملون ، وما خلفهم : يقول : وما مضى من قبل اليوم مما خلفوه ورائهم من الأزمان والدهور ما عملوا فيه ، قالوا ذلك كله محصى لهم وعليهم ، لا يخفى عليه من ذلك شيء .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ن قال أهل التأويل :
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعيد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس " يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم " يقول : يعلم ما قدموا وما أضاعوا من أعمالهم " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى " يقول : ولا تشفع الملائكة إلا لمن رضي الله عنه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل :
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى " يقول : الذين ارتضى لهم شهادة أن لا إله إلا الله .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا ابو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " إلا لمن ارتضى " قال : لمن رضي عنه .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى " يوم القيامة " وهم من خشيته مشفقون " .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال أخبرنا معمر ، عن قتادة يقول : ولا يشفعون يوم القيامة .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله . وقوله " وهم من خشيته مشفقون " يقول : وهم من خوف الله وحذار عقابه أن يحل بهم مشفقون : يقول : حذرون أن يعصوه ويخالفوا أمره ونهيه .
" يعلم ما بين أيديهم " أي يعلم ما عملوا وما هم عاملون، قاله ابن عباس. وعنه أيضاً: " ما بين أيديهم " الآخرة " وما خلفهم " الدنيا، ذكر الأول الثعلبي ، والثاني القشيري . " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى " قال ابن عباس: هم أهل شهادة أن لا إله إلا الله. وقال مجاهد : هم كل من رضي الله عنه، والملائكة يشفعون غداً في الآخرة كما في صحيح مسلم وغيره، وفي الدنيا أيضاً، فإنهم يستغفرون للمؤمنين ولمن في الأرض، كما نص عليه التنزيل على ما يأتي. " وهم " يعني الملائكة " من خشيته " يعني من خوفه " مشفقون " أي خائفون لا يأمنون مكره.
يقول تعالى رداً على من زعم أن له تعالى وتقدس ولداً من الملائكة, كمن قال ذلك من العرب: إن الملائكة بنات الله فقال: "سبحانه بل عباد مكرمون" أي الملائكة عباد الله مكرمون عنده في منازل عالية ومقامات سامية, وهم له في غاية الطاعة قولاً وفعلاً "لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون" أي لا يتقدمون بين يديه بأمر ولا يخالفونه فيما أمرهم به, بل يبادرون إلى فعله, وهو تعالى علمه محيط بهم فلا يخفى عليه منهم خافية "يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم".
وقوله: "ولا يشفعون إلا لمن ارتضى" كقوله "من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه". وقوله: "ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له" في آيات كثيرة في معنى ذلك "وهم من خشيته" أي من خوفه ورهبته "مشفقون * ومن يقل منهم إني إله من دونه" أي من ادعى منهم أنه إله من دون الله أي مع الله "فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين" أي كل من قال ذلك, وهذا شرط, والشرط لا يلزم وقوعه, كقوله "قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين", وقوله "لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين".
27- "يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم" هذه الجملة تعليل لما قبلها: أي يعلم ما عملوا وما هم عاملون، أو يعلم ما بين أيديهم وهو الآخرة، وما خلفهم وهو الدنيا، ووجه التعليل أنهم إذا علموا بأنه عالم بما قدموا وأخروا، لم يعملوا عملاً ولم يقولوا قولاً إلا بأمره "ولا يشفعون إلا لمن ارتضى" أي يشفع الشافعون له، وهو من رضي عنه، وقيل هم أهل لا إله إلا الله، وقدد ثبت في الصحيح أن الملائكة يشفعون في الدار الآخرة "وهم من خشيته مشفقون" أي من خشيتهم منه، فالمصدر مضاف إلى المفعول، والخشية الخوف من التعظيم، والإشفاق الخوف من التوقع والحذر: أي لا يأمنون مكر الله.
28. " يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم "، أي ما عملوا وما هم عاملون. وقيل: ما كان قبل خلقهم وما يكون بعد خلقهم " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى "، قال ابن عباس: أي لمن قال لا إله إلا الله، وقال مجاهد : أي لمن رضى عنه، " وهم من خشيته مشفقون "، خائفون لا يأمنون مكره.
28ـ " يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم " لا تخفى عليه خافية مما قدموا وأخروا ، وهو كالعلة لما قبله والتمهيد لما بعده فإنهم لإحاطتهم بذلك يضبطون أنفسهم ويراقبون أحوالهم . " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى " أن يشفع له مهابة منه . " وهم من خشيته " عظمته ومهابته . . " مشفقون " مرتعدون ، وأصل الخشية خوف مع تعظيم ولذلك خص بها العلماء . والإشفاق خوف مع اعتناء فإن عدي بمن فمعنى الخوف فيه أظهر وإن عدي بعلى فبالعكس .
28. He knoweth what is before them and what is behind them, and they cannot intercede except for him whom He accepteth, and they quake for awe of Him.
28 - He knows what is before them, and what is behind them, and they offer no intercession Expect for those who are acceptable, and they stand in awe and reverence of His (glory).