[الأنبياء : 13] لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ
13 - فقالت لهم الملائكة استهزاء (لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم) نعمتم (فيه ومساكنكم لعلكم تسألون) شيئا من دنياكم على العادة
يقول تعالى ذكره : لا تهربوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه : يقول : إلى ما أنعمتم فيه من عيشتكم ومساكنكم .
كما حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله " لا تركضوا و ارجعوا إلى ما أترفتم فيه و مساكنكم لعلكم تسألون " يعني من نزل به العذاب في الدنيا ممن كان يعصي الله من الأمم .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، و حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال ثنا و رقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " لا تركضوا " : لا تفروا .
حدثنا القاسم ، قال ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال ثنا سعيد ، عن قتادة "و ارجعوا إلى ما أترفتم فيه " يقول : ارجعوا إلى دنياكم التي أترفتم فيها .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور عن معمر ، عن قتادة "و ارجعوا إلى ما أترفتم فيه " قال : إلى ما أترفتم فيه من دنياكم .
و اختلف أهل التأويل في معنى قوله " لعلكم تسألون " فقال بعضهم : معناه : لعلكم تفقهون و تفهمون بالمسألة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، و حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا و رقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله " لعلكم تسألون " قال : تفقهون .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد "لعلكم تسألون " قال تفقهون .
و قال آخرون : بل معناه لعلكم تسئلون من دنياكم شيئا على وجه السخرية و الاستهزاء .
ذكر من قال ذلك :
حدثني بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " لعلكم تسألون " استهزاء بهم .
حدثني محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور عن معمر ، عن قتادة "لعلكم تسألون " من دنياكم شيئا ، استهزاء بهم .
" لا تركضوا " أي لا تفروا. وقيل: إن الملائكة نادتهم لما انهزموا استهزاء بهم وقالت: " لا تركضوا ". " وارجعوا إلى ما أترفتم فيه " أي إلى نعمكم التي كانت سبب بطركم، والمترف المتنعم، يقال: أترف على فلان أي وسع عليه في معاشه. وإنما أترفهم الله عز وجل كما قال: " وأترفناهم في الحياة الدنيا " [المؤمنون: 33]. " لعلكم تسألون " أي لعلكم تسألون شيئاً من دنياكم، استهزاء بهم، قاله قتادة . وقيل: المعنى " لعلكم تسألون " عما نزل بكم من العقوبة فتخبرون به. وقيل: المعنى " لعلكم تسألون " أن تؤمنوا كما كنتم تسألون ذلك قبل نزول البأس بكم، قيل لهم ذلك استهزاء وتقريعاً وتوبيخاً.
يقول تعالى منبهاً على شرف القرآن ومحرضاً لهم على معرفة قدره: "لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم" قال ابن عباس : شرفكم. وقال مجاهد : حديثكم. وقال الحسن : دينكم, "أفلا تعقلون" أي هذه النعمة, وتتلقونها بالقبول, كما قال تعالى: "وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون". وقوله "وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة" هذه صيغة تكثير, كما قال: "وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح" وقال تعالى: " فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها " الاية.
وقوله "وأنشأنا بعدها قوماً آخرين" أي أمة أخرى بعدهم "فلما أحسوا بأسنا" أي تيقنوا أن العذاب واقع بهم لا محالة كما وعدهم نبيهم "إذا هم منها يركضون" أي يفرون هاربين "لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم" هذا تهكم بهم نزراً, أي قيل لهم نزراً لا تركضوا هاربين من نزول العذاب, وارجعوا إلى ما كنتم فيه من النعمة والسرور والمعيشة والمساكن الطيبة. قال قتادة استهزاء بهم, "لعلكم تسألون" أي عما كنتم فيه من أداء شكر النعم, "قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين" اعترفوا بذنوبهم حين لا ينفعهم ذلك, "فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيداً خامدين" أي ما زالت تلك المقالة, وهي الاعتراف بالظلم هجيراهم حتى حصدناهم حصداً, وخمدت حركاتهم وأصواتهم خموداً.
فقيل لهم: 13- "لا تركضوا" أي لا تهربوا. قيل إن الملائكة كنادتهم، عند فرارهم. وقيل إن القائل لهم ذلك هم من هنالك من المؤمنين استهزاءً بهم وسخرية منهم "وارجعوا إلى ما أترفتم فيه" أي إلى نعمكم التي كانت سبب بطركم وكفركم، والمترف المنعم، يقال أترف فلان: أي وسع عليه في معاشه "ومساكنكم" أي وارجعوا إلى مساكنكم التي كنتم تسكنونها وتفتخرون بها "لعلكم تسألون" أي تقصدون للسؤال والتشاور والتدبير في المهمات، وهذا على طريقة التهكم بهم والتوبيخ لهم. وقيل المعنى: لعلكم تسألون عما نزل بكم من العقوبة فتخبرون به. وقيل لعلكم تسألون أن تؤمنوا كما كنتم تسألون ذلك قبل نزول العذاب بكم. قال المفسرون وأهل الأخبار: إن المراد بهذه الآية أهل حضور من اليمن، وكان الله سبحانه قد بعث إليهم نبياً اسمه شعيب بن مهدم، وقبره بجبل من جبال اليمن يقال له ضين وبينه وبين حضور نحو بريد، قالوا: وليس هو شعيباً صاحب مدين. قلت: وآثار القبر بجبل ضين موجودة، والعامة من أهل تلك الناحية يزعمون أنه قبر قدم بن قادم.
13. " لا تركضوا "، أي قيل لهم لا تركضوا لا تهربوا، " وارجعوا إلى ما أترفتم فيه "، أي نعمتم به، " ومساكنكم لعلكم تسألون "، قال ابن عباس: عن قتل نبيكم. وقال قتادة : من دنياكم شيئاً، نزلت هذه الآية في أهل حصورا، وهي قرية باليمن وكان أهلها العرب، فبعث الله إليهم نبياً يدعوهم إلى الله فكذبوه وقتلوه، فسلط الله عليهم بختنصر، حتى قتلهم وسباهم، فلما استمر فيهم القتل ندموا وهربوا وانهزموا، فقالت الملائكة لهم استهزاءً: لا تركضوا وارجعوا إلى مساكنكم وأموالكم لعلكم تسألون.
قال قتادة : لعلكم تسئلون شيئاً من دنياكم، فتعطون من شئتم وتمنعون من شئتم، فإنكم أهل ثروة ونعمة، يقولون ذلك استهزاءً بهم، فاتبعهم بختنصر وأخذتهم السيوف، ونادى مناد من جو السماء: يا ثارات الأنبياء، فلما رأوا ذلك أقروا بالذنوب حين لم ينفعهم.
13ـ " لا تركضوا " على إرادة القول أي قيل لهم استهزاء لا تركضوا إما بلسان الحال أو المقال ، والقائل ملك أو من ثم من المؤمنين . " وارجعوا إلى ما أترفتم فيه " من التنعم والتلذذ والإتراف إبطار النعمة . " ومساكنكم " التي كانت لكم . " لعلكم تسألون " غدا عن أعمالكم أو تعذبون فإن السؤال من مقدمات العذاب ، أو تقصدون للسؤال والتشاور في المهام والنوازل .
13. (But it was said unto them): Flee not, but return to that (existence) which emasculated you and to your dwellings, that ye may be questioned.
13 - Flee not, but return to The good things of this life which were given you, and to your homes, in order that ye may be called to account.