[الأنبياء : 109] فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاء وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ
109 - (فإن تولوا) عن ذلك (فقل آذنتكم) بالحرب (على سواء) حال من الفاعل والمفعول أي مستوين في علمه لا أستبد به دونكم لتتأهبوا (وإن) ما (أدري أقريب أم بعيد ما توعدون) من العذاب أو القيامة المشتملة عليه وإنما يعلمه الله
يقول تعالى ذكره : فإن أدبر هؤلاء المشركون يا محمد عن الإقرار بالإيمان ، بأن لا إله لهم إلا إله واحد ، فأعرضوا عنه ، وأبوا الإجابة إليه ، فقل لهم قد " آذنتكم على سواء " يقول : أعلمهم أنك وهم على علم من أن بعضكم لبعض حرب ، لا صلح بينكم ولا سلم .
وإنما عني بذلك قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش كما :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله " فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء " فإن تولوا : يعني قريشا .
وقوله " وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون " يقول تعالى ذكره لنبيه : قل وما أدري متى الوقت الذي يحل بكم عقاب الله الذي وعدكم ، فينتقم به منكم ، أقريب نزوله بكم ، أم بعيد ؟
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج عن ابن جريج " وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون " قال : الأجل .
قوله تعالى: " فإن تولوا " أي إن أعرضوا عن الإسلام " فقل آذنتكم على سواء " أي أعلمتكم على بيان أنا وإياكم حرب لا صلح بيننا، كقوله تعالى: " وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء " [الأنفال: 58] أي أعلمهم أنك نقضت العهد نقضاً، أي استويت أنت وهم فليس لفريق عهد ملتزم في حق الفريق الآخر. وقال الزجاج : المعنى أعلمتكم بما يوحى إلي على استواء في العلم به، ولم أظهر لأحد شيئاً كتمته عن غيره. " وإن أدري " " إن " نافية بمعنى " ما " أي وما أدري. " أقريب أم بعيد ما توعدون " يعني أجل يوم القيامة لا يدريه أحد لا نبي مرسل ولا ملك مقرب، قاله ابن عباس. وقيل: آذنتكم بالحرب ولكني لا أدري متى يؤذن لي في محاربتكم.
يقول تعالى آمراً رسوله صلواته وسلامه عليه أن يقول للمشركين " إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون "أي متبعون على ذلك مستسلمون منقادون له "فإن تولوا" أي تركوا ما دعوتهم إليه "فقل آذنتكم على سواء" أي أعلمتكم أني حرب لكم كما أنكم حرب لي بريء منكم كما أنتم برآء مني, كقوله: " وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون " وقال: "وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء" أي ليكن علمك وعلمهم بنبذ العهود على السواء, وهكذا ههنا "فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء" أي أعلمتكم ببراءتي منكم وبراءتكم مني لعلمي بذلك.
وقوله: "وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون" أي هو واقع لا محالة, ولكن لا علم لي بقربه ولا ببعده "إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون" اي إن الله يعلم الغيب جميعه ويعلم ما يظهره العباد وما يسرون, يعلم الظواهر والضمائر, ويعلم السر وأخفى, ويعلم ما العباد عاملون في أجهارهم وأسرارهم, وسيجزيهم على ذلك القليل والجليل. وقوله: "وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين" أي وما أدري لعل هذا فتنة لكم ومتاع إلى حين. قال ابن جرير : لعل تأخير ذلك عنكم فتنة لكم ومتاع إلى أجل مسمى, وحكاه عون عن ابن عباس فالله أعلم "قال رب احكم بالحق" أي افصل بيننا وبين قومنا المكذبين بالحق. قال قتادة : كانت الأنبياء عليهم السلام يقولون: "ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين" وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ذلك, وعن مالك عن زيد بن أسلم : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شهد قتالاً قال: "رب احكم بالحق". وقوله: "وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون" أي على ما يقولون ويفترون من الكذب ويتنوعون في مقامات التكذيب والإفك, والله المستعان عليكم في ذلك.
آخر تفسير سورة الأنبياء عليهم السلام ولله الحمد والمنة.
109- "فإن تولوا" أي أعرضوا عن الإسلام "فقل" لهم "آذنتكم على سواء" أي أعلمتكم أنا وإياكم حرب لا صلح بيننا كائنين على سواء في الإعلام لم أخص به بعضكم دون بعض كقوله سبحانه: "وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء" أي أعلمهم أنك نقضت العهد نقضاً سويت بينهم فيه. وقال الزجاج: المعنى أعلمتكم ما يوحى إلي على استواء في العلم به، ولا أظهر لأحد شيئاً كتمته على غيره "وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون" أي ما أدري أما توعدون به قريب حصوله أم بعيد، وهو غلبة الإسلام أهله على الكفر وأهله، وقيل المراد بما توعدون القيامة، وقيل آذنتكم بالحرب ولكن لا أدري ما يؤذن لي في محاربتكم.
109. " فإن تولوا فقل آذنتكم "، أي أعلمتكم بالحرب وأن لا صلح بيننا، " على سواء "، أي إنذار بين يستوي في علمه لا استيذاناً به دونكم لتتأهبوا لما يراد بكم، أي آذنتكم على وجه نستوي نحن وأنتم في العلم به، وقيل: لتستووا في الإيمان، " وإن أدري "، أي وما أعلم. " أقريب أم بعيد ما توعدون "، يعني القيامة.
109ـ " فإن تولوا " عن التوحيد . " فقل آذنتكم " أي أعلمتكم ما أمرت به أو حربي لكم . " على سواء " مستوين في الإعلام به أو مستوين أنا وأنتم في العلم بما أعلمتكم به ، أو في المعاداة أو إيداناً على سواء . وقيل أعلمتكم أني على " سواء " أي عدل واستقامة رأي بالرهان النير . " وإن أدري " وما أدري " أقريب أم بعيد ما توعدون " من غلبة المسلمين أو الحشر لكنه كائن لا محالة .
109. But if they are averse, then say: I have warned you all alike, although I know not whether nigh or far is that which ye are promised.
109 - But if they turn back, Say: I have proclaimed the Message to you all alike and in truth; but I Know not whether that Which ye are promised is near or far.