[طه : 95] قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ
95 - (قال فما خطبك) شأنك الداعي إلى ما صنعت (يا سامري)
يعني تعالى ذكره بقوله "فما خطبك يا سامري" قال موسى للسامري : فما شأنك يا سامري ، وما الذي دعاك إلى ما فعلته.
كما حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد، في قوله "فما خطبك يا سامري" قال : ما أمرك ؟ ما شأنك ؟ ما هذا الذي أدخلك فيما دخلت فيه.
حدثنا موسى، قال : ثنا عمرو، قال : ثنا أسباط ، عن السدي "قال فما خطبك يا سامري" قال : مالك يا سامري؟
فتركه موسى ثم أقبل على السامري فـ" قال فما خطبك يا سامري " أي، ما أمرك وشأنك، وما الذي حملك على ما صنعت؟قال قتادة : كان السامري عظيماً في بني إسرائيل من قبيلة يقال لها سامرة، ولكن عدو الله نافق بعد ما قطع البحر مع موسى، فلما مرت بنو إسرائيل بالعمالقة وهم يعكفون على أصنام لهم " قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة " [الأعراف: 138] فاغتنمها السامري وعلم أنهم يميلون إلى عبادة العجل فاتخذ العجل.
يقول موسى عليه السلام للسامري: ما حملك على ما صنعت ؟ وما الذي عرض لك حتى فعلت ما فعلت ؟ قال محمد بن إسحاق عن حكيم بن جبير , عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان السامري رجلاً من اهل باجرما, وكان من قوم يعبدون البقر, وكان حب عبادة البقر في نفسه, وكان قد أظهر الاسلام مع بني إسرائيل, وكان اسمه موسى بن ظفر, وفي رواية عن ابن عباس أنه كان من كرمان, وقال قتادة : كان من قرية سامرا "قال بصرت بما لم يبصروا به" أي رأيت جبريل حين جاء لهلاك فرعون "فقبضت قبضة من أثر الرسول" أي من أثر فرسه, وهذا هو المشهور عند كثير من المفسرين أو أكثرهم.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عمار بن الحارث , أخبرني عبيد الله بن موسى , أخبرنا إسرائيل عن السدي عن أبي بن عمارة عن علي رضي الله عنه قال: إن جبريل عليه السلام لما نزل فصعد بموسى عليه السلام إلى السماء, بصر به السامري من بين الناس, فقبض قبضة من أثر الفرس, قال: وحمل جبريل موسى عليهما السلام خلفه حتى إذا دنا من باب السماء صعد وكتب الله الألواح, وهو يسمع صرير الأقلام في الألواح, فلما أخبره أن قومه قد فتنوا من بعده قال: نزل موسى فأخذ العجل فأحرقه, غريب.
وقال مجاهد : "فقبضت قبضة من أثر الرسول" قال: من تحت حافر فرس جبريل, قال: والقبضة ملء الكف, والقبضة بأطراف الأصابع, قال مجاهد : نبذ السامري, أي ألقى ما كان في يده على حلية بني إسرائيل, فانسبك عجلاً جسداً له خوار حفيف الريح فيه فهو خوراه. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن يحيى , أخبرنا علي بن المديني , حدثنا يزيد بن زريع , حدثنا عمارة , حدثنا عكرمة أن السامري رأى الرسول, فألقي في روعه أنك إن أخذت من أثر هذا الفرس قبضة فألقيتها في شيء فقلت له كن فكان, فقبض قبضة من أثر الرسول فيبست أصابعه على القبضة, فلما ذهب موسى للميقات, وكان بنو إسرائيل قد استعاروا حلي آل فرعون, فقال لهم السامري: إنما أصابكم من أجل هذا الحلي, فاجمعوه فجمعوه, فأوقدوا عليه فذاب, فرآه السامري فألقي في روعه أنك لو قذفت هذه القبضة في هذه فقلت كن فيكون, فقذف القبضة وقال كن فكان عجلاً جسداً له خوار, فقال: "هذا إلهكم وإله موسى" ولهذا قال "فنبذتها" أي ألقيتها مع من ألقى "وكذلك سولت لي نفسي" أي حسنته وأعجبها, إذا ذاك "قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس" أي كما أخذت ومسست ما لم يكن لك أخذه ومسه من أثر الرسول فعقوبتك في الدنيا أن تقول لا مساس, أي لا تماس الناس ولا يمسونك "وإن لك موعداً" أي يوم القيامة "لن تخلفه" أي لا محيد لك عنه. وقال قتادة "أن تقول لا مساس" قال: عقوبة لهم وبقاياهم اليوم يقولون لا مساس.
وقوله: "وإن لك موعداً لن تخلفه" قال الحسن وقتادة وأبو نهيك : لن تغيب عنه. وقوله: "وانظر إلى إلهك" أي معبودك "الذي ظلت عليه عاكفاً" أي أقمت على عبادته يعني العجل "لنحرقنه" قال الضحاك عن ابن عباس والسدي : سحله بالمبارد وألقاه على النار. وقال قتادة : استحال العجل من الذهب لحماً ودماً, فحرقه بالنار, ثم القى رماده في البحر, ولهذا قال: "ثم لننسفنه في اليم نسفاً". وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا عبد الله بن رجاء , أنبأنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمارة بن عبد وأبي عبد الرحمن عن علي رضي الله عنه قال: إن موسى لما تعجل إلى ربه عمد السامري فجمع ما قدر عليه من حلي نساء بني إسرائيل, ثم صوره عجلاً, قال: فعمد موسى إلى العجل فوضع عليه المبارد, فبرده بها وهو على شط نهر, فلم يشرب أحد من ذلك الماء ممن كان يعبد العجل إلا اصفر وجهه مثل الذهب, فقالوا لموسى: ما توبتنا ؟ قال: يقتل بعضكم بعضاً, وهكذا قال السدي , وقد تقدم في تفسير سورة البقرة, ثم في حديث الفتون بسط ذلك.
وقوله تعالى: "إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علماً" يقول لهم موسى عليه السلام: ليس هذا إلهكم, إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو, ولا تنبغي العبادة إلا له, فإن كل شيء فقير إليه عبد له. وقوله: "وسع كل شيء علماً" نصب على التمييز, أي هو عالم بكل شيء, "أحاط بكل شيء علماً", و "أحصى كل شيء عدداً", فلا "يعزب عنه مثقال ذرة", " وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ", " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ", والايات في هذا كثيرة جداً.
ثم ترك الكلام مع أخيه وخاطب السامري فـ 95- "قال فما خطبك يا سامري" أي ما شأنك وما الذي حملك على ما صنعت.
95. " قال فما خطبك " ما أمرك وشأنك؟ وما الذي حملك على ما صنعت؟ " يا سامري ".
95ـ " قال فما خطبك يا سامري " أي ثم أقبل عليه وقال له منكراً ما خطبك أي ما طلبك له وما الذي حملك عليه ، وهو مصدر خطب الشيء إذا طلبه .
95. (Moses) said: And what has thou to say, O Samiri?
95 - (Moses) said: what then is thy case, O Samiri?