[طه : 79] وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى
79 - (وأضل فرعون قومه) بدعائهم إلى عبادته (وما هدى) بل أوقعهم في الهلاك خلاف قوله وما أهديكم إلا سبيل الرشاد
"وأضل فرعون قومه وما هدى" يقول جل ثناؤه : وجاوز فرعون بقومه عن سواء السبيل ، وأخذ بهم على غير استقامة، وذلك أنه سلك بهم طريق أهل النار، بأمرهم بالكفر بالله، وتكذيب رسله "وما هدى" يقول : وما سلك بهم الطريق المستقيم ، وذلك أنه نهاهم عن اتباع رسول الله موسى ، والتصديق به ، فأطاعوه ، فلم يهدهم بأمره إياهم بذلك ، ولم يهتدوا باتباعهم إياه.
" وأضل فرعون قومه وما هدى " أي أضلهم عن الرشد وما هداهم إلى خير ولا نجاة، لأنه قدر أن موسى عليه السلام ومن معه لا يفوتونه، لأن بين أيديهم البحر. فلما ضرب موسى البحر بعصاه انفلق منه اثنا عشر طريقاً، وبين الطرق الماء قائماً كالجبال. وفي سورة الشعراء " فكان كل فرق كالطود العظيم " [الشعراء: 63] أي الجبل الكبير، فأخذ كل سبط طريقاً. وأوحى الله إلى أطواد الماء أن تشبكي فصارت شبكات يرى بعضهم بعضاً، ويسمع بعضهم كلام بعض، وكان هذا من أعظم المعجزات، وأكبر الآيات، فلما أقبل فرعون ورأى الطرق في البحر والماء قائماً أوهمهم أن البحر فعل هذا لهيبته، فدخل هو وأصحابه فانطبق البحر عليهم. وقيل إن قوله: " وما هدى " تأكيد لإضلاله إياهم. وقيل: هو جواب قول فرعون " ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد " [غافر: 29] فكذبه الله تعالى. وقال ابن عباس: " وما هدى " أي ما هدى نفسه بل أهلك نفسه وقومه.
يقول تعالى مخبراً أنه أمر موسى عليه السلام حين أبى فرعون أن يرسل معه بني إسرائيل أن يسري بهم في الليل, ويذهب بهم من قبضة فرعون, وقد بسط الله هذا المقام في غير هذه السورة الكريمة, وذلك أن موسى لما خرج ببني إسرائيل أصبحوا وليس منهم بمصر لا داع ولا مجيب, فغضب فرعون غضباً شديداً, وأرسل في المدائن حاشرين, أي من يجمعون له الجند من بلدانه ورساتيقه, يقول: " إن هؤلاء لشرذمة قليلون * وإنهم لنا لغائظون ", ثم لما جمع جنده واستوسق له جيشه, ساق في طلبهم فأتبعوهم مشرقين, أي عند طلوع الشمس " فلما تراء الجمعان " أي نظر كل من الفريقين إلى الاخر " قال أصحاب موسى إنا لمدركون * قال كلا إن معي ربي سيهدين " ووقف موسى ببني إسرائيل البحر أمامهم, وفرعون وراءهم, فعند ذلك أوحى الله إليه " فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا " فضرب البحر بعصاه, وقال: انفلق علي بإذن الله, فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم, أي الجبل العظيم, فأرسل الله الريح على أرض البحر فلفحته حتى صار يبساً كوجه الأرض, فلهذا قال: "فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً لا تخاف دركاً" أي من فرعون "ولا تخشى" يعني من البحر أن يغرق قومك, ثم قال تعالى: "فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم" أي البحر "ما غشيهم" أي الذي هو معروف ومشهور, وهذا يقال عند الأمر المعروف المشهور, كما قال تعالى: " والمؤتفكة أهوى * فغشاها ما غشى " وقال الشاعر:
أنا أبو النجم وشعري شعري
أي الذي يعرف وهو مشهور. وكما تقدم فرعون فسلك بهم في اليم فأضلهم وما هداهم إلى سبيل الرشاد, كذلك يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود.
79- "وأضل فرعون قومه وما هدى" أي أضلهم عن الرشد، وما هداهم إلى طرق النجاة لأنه قدر أن موسى ومن معه لا يفوتونه لكونهم بين يديه يمشون في طريق يابسة، وبين أيديهم البحر، وفي قوله: "وما هدى" تأكيد لإضلاله، لأن المضل قد يرشد من يضله في بعض الأمور.
79. " وأضل فرعون قومه وما هدى "، أي: ما أرشدهم، وهذا تكذيب لفرعون في قومه. " وما أهديكم إلا سبيل الرشاد " (غافر-29).
79ـ " وأضل فرعون قومه وما هدى " أي أضلهم في الدين وما هداهم وهو تهكم به في قوله " وما أهديكم إلا سبيل الرشاد " أو أضلهم في البحر وما نجا.
79. And Pharaoh led his folk astray, he did not guide them.
79 - Pharaoh led his people astray Instead of leading them aright.