[طه : 56] وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى
56 - (ولقد أريناه) أي أبصرنا فرعون (آياتنا كلها) التسع (فكذب) بها وزعم أنها سحر (وأبى) أن يوحد الله تعالى
يقول تعالى ذكره : ولقد أرينا فرعون آياتنا، يعني أدلتنا وحججنا على حقيقة ما أرسلنا به رسولينا موسى وهارون إليه كلها "فكذب وأبى" أن يقبل من موسى وهارون ما جاءا به من عند ربهما من الحق استكباراً وعتواً.
قوله تعالى: " ولقد أريناه آياتنا كلها " أي المعجزات الدالة على نبوة موسى. وقيل: حجج الله الدالة على توحيده. " فكذب وأبى " أي لم يؤمن. وهذا يدل على أنه كفر عناداً، لأنه رأى الآيات عياناً لا خبراً. نظيره " وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا " [النمل: 14].
من تمام كلام موسى فيما وصف به ربه عز وجل حين سأله فرعون عنه, فقال: "الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى" ثم اعترض الكلام بين ذلك, ثم قال: "الذي جعل لكم الأرض مهداً" وفي قراءة بعضهم مهاداً أي قراراً تستقرون عليها, وتقومون وتنامون عليها, وتسافرون على ظهرها "وسلك لكم فيها سبلاً" أي جعل لكم طرقاً تمشون في مناكبها كما قال تعالى: "وجعلنا فيها فجاجاً سبلاً لعلهم يهتدون" "وأنزل من السماء ماءً فأخرجنا به أزواجاً من نبات شتى" أي من أنواع النباتات من زروع وثمار, ومن حامض وحلو ومر وسائر الأنواع "كلوا وارعوا أنعامكم" أي شيء لطعامكم وفاكهتكم, وشيء لأنعامكم لأقواتها خضراً ويبساً " إن في ذلك لآيات " أي لدلالات وحججاً وبراهين "لأولي النهى" أي لذوي العقول السليمة المستقيمة, على أنه لا إله إلا الله ولا رب سواه "منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى" أي من الأرض مبدؤكم, فإن أباكم آدم مخلوق من تراب من أديم الأرض وفيها نعيدكم أي وإليها تصيرون إذا متم وبليتم, ومنها نخرجكم تارة أخرى "يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا" وهذه الاية كقوله تعالى: "قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون" وفي الحديث الذي في السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حضر جنازة, فلما دفن الميت أخذ قبضة من التراب فألقاها في القبر وقال: منها خلقناكم, ثم أخذ أخرى, وقال: وفيها نعيدكم, ثم أخرى, وقال: ومنها نخرجكم تارة أخرى. وقوله: "ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى" يعني فرعون أنه قامت عليه الحجج والايات والدلالات, وعاين ذلك وأبصره فكذب بها وأباها كفراً وعناداً وبغياً, كما قال تعالى: "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً" الاية.
56- "ولقد أريناه آياتنا كلها" أي أرينا فرعون وعرفناه آياتنا كلها، والمراد بالآيات هي الآيات التسع المذكورة في قوله: "ولقد آتينا موسى تسع آيات" على أن الإضافة للعهد. وقيل المراد جميع الآيات التي جاء بها موسى، والتي جاء بها غيره من الأنبياء، وأن موسى قد كان عرفه جميع معجزاته ومعجزات سائر الأنبياء، والأول أولى. وقيل المراد بالآيات حجج الله سبحانه الدالة على توحيده "فكذب وأبى" أي كذب فرعون موسى وأبى عليه أن يجيبه إلى الإيمان، وهذا يدل على أن كفر فرعون كفر عناد لأنه رأى الآيات وكذب بها كما في قوله: "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً".
56. قوله عز وجل: " ولقد أريناه "، يعني فرعون، " آياتنا كلها "، يعني: الآيات التسع التي أعطاها الله موسى، " فكذب "، بها وزعم أنها سحر، " وأبى "، أن يسلم.
56ـ " ولقد أريناه آياتنا " بصرنا إياها أو عرفناه صحتها . " كلها " تأكيد لشمول الأنواع أو لشمول الأفراد ، على أن المراد بآياتنا آيات معهودة وهي الآيات التسع المختصة بموسى ، أو أنه عليه السلام أراه آياته وعدد عليه ما أوتي غيره من المعجزات " فكذب " موسى من فرط عناده . " وأبى " الإيمان والطاعة لعتوه .
56. And We verily did show him all Our tokens, but he denied them and refused.
56 - And we showed Pharaoh all our signs, but he did reject and, refuse.