[طه : 133] وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى
133 - (وقالوا) أي المشركون (لولا) هلا (يأتينا) محمد (بآية من ربه) مما يقترحونه (أولم تأتهم بينة) بالتاء والياء (ما) بيان (في الصحف الأولى ولو) المشتمل عليه القرآن من أنباء الأمم الماضية وإهلاكهم بتكذيب الرسل
يقول تعالى ذكره : قال هؤلاء المشركون الذين وصف صفتهم في الآيات قبل هلا يأتينا محمد بآية من ربه ، كما أتى قومه صالح بالناقة وعيسى بإحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص ، يقول الله جل ثناؤه : أولم يأتهم بيان ما في الكتب التي قبل هذا الكتاب من أنباء الأمم من قبلهم التي أهلكناهم لما سألوا الآيات فكفروا بها لما أتتهم كيف عجلنا لهم العذاب ، وأنزلنا بأسنا بكفرهم بها، يقول : فماذا يؤمنهم إن أتتهم الآية أن يكون حالهم حال أولئك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، قوله : "أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأول" قال : التوراة والإنجيل.
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد مثله.
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة، قوله : "أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى" الكتب التي خلت من الأمم التي يمشون في مساكنهم.
قوله تعالى: " وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه " يريد كفار مكة، أي لولا يأتينا محمد بآية توجب العلم الضروري. أو بآية ظاهرة كالناقة والعصا. أو هلا يأتينا بالآيات التي نقترحها نحن كما أتى الأنبياء من قبله.
قوله تعالى: " أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى " يريد التوراة والإنجيل والكتب المتقدمة، وذلك أعظم آية إذ أخبر بما فيها. وقرىء " الصحف " بالتخفيف. وقيل: أولم تأتهم الآية الدالة على نبوته بما وجدوه في الكتب المتقدمة من البشارة. وقيل: أولم يأتهم إهلاكنا الأمم الذين كفروا واقترحوا الآيات، فما يؤمنهم إن أتتهم الآيات أن يكون حالهم حال أولئك. وقرأ أبو جعفر وشيبة ونافع وأبو عمرو ويعقوب وابن إبي إسحاق وحفص " أولم تأتهم " بالتاء لتأنيث البينة. الباقون بالياء لتقدم الفعل، ولأن البينة هي البيان والبرهان فردوه إلى المعنى، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم. وحكى الكسائي " أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى " قال: ويجوز على هذا " بينة ما في الصحف الأولى ". قال النحاس : إذا نونت " بينة " ورفعت جعلت " ما " بدلاً منها، وإذا نصبتها فعلى الحال، والمعنى: أولم يأتهم ما في الصحف الأولى مبيناً.
يقول تعالى مخبراً عن الكفار في قولهم: "لولا" أي هلا يأتينا محمد بآية من ربه, أي بعلامة دالة على صدقه في أنه رسول الله ؟ قال الله تعالى: " أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى " يعني القرآن الذي أنزله عليه الله, وهو أمي لا يحسن الكتابة ولم يدارس أهل الكتاب, وقد جاء فيه أخبار الأولين بما كان منهم في سالف الدهور بما يوافقه عليه الكتب المتقدمة الصحيحة منها, فإن القرآن مهيمن عليها يصدق الصحيح ويبين خطأ المكذوب فيها وعليها, وهذه الاية كقوله تعالى في سورة العنكبوت: " وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين * أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون " وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما من نبي إلا وقد أوتي من الايات ما آمن على مثله البشر, وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي, فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة" وإنما ذكر ههنا أعظم الايات التي أعطيها عليه السلام, وهو القرآن, وإلا فله من المعجزات ما لا يحد ولا يحصر, كما هو مودع في كتبه ومقرر في مواضعه.
ثم قال تعالى: "ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً" أي لو أنا أهلكنا هؤلاء المكذبين قبل أن نرسل إليهم هذا الرسول الكريم وننزل عليهم هذا الكتاب العظيم, لكانوا قالوا: "ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً" قبل أن تهلكنا حتى نؤمن به ونتبعه كما قال: "فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى" يبين تعالى أن هؤلاء المكذبين متعنتون معاندون لا يؤمنون "ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم" كما قال تعالى: " وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون " إلى قوله "بما كانوا يصدفون " وقال: "وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم" الاية, وقال: "وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها" الايتين, ثم قال تعالى: "قل" أي يا محمد لمن كذبك وخالفك واستمر على كفره وعناده "كل متربص" أي منا ومنكم "فتربصوا" أي فانتظروا "فستعلمون من أصحاب الصراط السوي" أي الطريق المستقيم "ومن اهتدى" إلى الحق وسبيل الرشاد, وهذا كقوله تعالى: "وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلاً" وقال: "سيعلمون غداً من الكذاب الأشر".
آخر تفسير سورة طه ولله الحمد والمنة ويتلوه إن شاء الله تفسير سورة الأنبياء ولله الحمد.
133- ‌"وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه" أي قال كفار مكة: هلا يأتينا محمد بآية من آيات ربه كما كان يأتي بها من قبله من الأنبياء؟ وذلك كالناقة والعصا، أو هلا يأتينا محمد بآ]ة من آيات ربه كما كان يأتي بها من قبله من الأنبياء؟ وذلك كالناقة والعصا، أو هلا يأتينا بآية من الآيات التي قد اقترحناها عليه؟ فأجاب الله سبحانه وتعالى عليهم بقوله: " أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى " يريد بالصحف الأولى التوراة والإنجيل والزبور وسائر الكتب المنزلة، وفيها التصريح بنبوته والتبشير به، وذلك يكفي، فإن هذه الكتب المنزلة هم معترفون بصدقها وصحتها، وفيها ما يدفع إنكارهم لنبوته، ويبطل تعنتاتهم وتعسفاتهم. وقيل المعنى: أو لم يأتهم إهلاكنا للأمم الذين كفروا واقترحوا الآيات، فما يؤمنهم إن أتتهم الآيات التي اقترحوها أن يكون حالهم كحالهم. وقيل المراد أو لم تأتهم آية هي أم الآيات وأعظمها في باب الإعجاز يعني القرآن، فإنه برهان لما في سائر الكتب المنزلة. وقرأ أبو جعفر وشيبة ونافع وأبو عمرو ويعقوب وابن أبي إسحاق وحفص " أولم تأتهم " بالتاء الفوقية وقرأ الباقون بالتحتية لأن معنى البينة البيان والبرهان، فذكروا الفعل اعتباراً بمعنى البينة، واختار هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم. قال الكسائي: ويجوز بينة بالتنوين. قال النحاس: إذا نونت بينة ورفعت جعلت ما بدلاً منها، وإذا نصبت فعلى الحال. والمعنى: أو لم يأتهم ما في الصحف الأولى مبيناً، وهذا على ما يقتضيه الجواز النحوي وإن لم تقع القراءة به.
133. قوله تعالى: " وقالوا "، يعني المشركين، " لولا يأتينا بآية من ربه "، أي الآية المقترحة فإنه كان قد أتاهم بآيات كثيرة، " أولم تأتهم بينة "، قرأ أهل المدينة والبصرة وحفص عن عاصم: " تأتهم " لتأنيث البينة، وقرأ الآخرون بالياء لتقدم الفعل، ولأن البينة هي البيان فرد إلى المعنى، " بينة ما في الصحف الأولى "، أي بيان ما فيها، وهو القرآن أقوى دلالة وأوضح آية.
وقيل: أو لم يأتهم بيان ما في الصحف الأولى: التوراة، والإنجيل، وغيرهما من أنباء الأمم أنهم اقترحوا الآيات، فلما أتتهم ولم يؤمنوا بها، كيف عجلنا لهم العذاب والهلاك، فما يؤمنهم إن أتتهم الآية أن يكون حالهم كحال أولئك.
133ـ " وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه " بآية تدل على صدقه في إهداء النبوة، أو بآية مقترحة إنكاراً لما جاء به من الآيات ، أو للاعتداد به تعنتاً وعناداً فألزمهم بإتيانه بالقرآن الذي هو أم المعجزات وأعظمها وأبقاها ، لأن حقيقة المعجزة اختصاص مدعي النبوة بنوع من العلم أو العمل على وجه خارق للعادة ، ولا شك أن العلم تأصل العمل وأعلى منه قدراً وأبقى أثراً فكذا ما كان من هذا القبيل ، ونبههم أيضاً على وجه أبين من وجوه إعجازه المختصة بهذا الباب فقال : " أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى " من التوراة والإنجيل وسائر الكتب السماوية ، فإن اشتمالها على زبدة ما فيها من العقائد والأحكام الكلية مع أن الآتي بها أمي لم يرها ولم يتعلم ممن علمها إعجاز بين ، وفيه إشعار بأنه كما يدل على نبوته برهان لما تقدمه من الكتب من حيث إنه معجز وتلك ليست كذلك ، بل هي مفتقرة إلى ما يشهده على صحتها . وقرئ (( الصحف )) بالتخفيف وقرأ نافع و أبو عمرو و حفص عن عاصم " أولم تأتهم " بالتاء والباقون بالياء .
133. And they say: If only he would bring us a miracle from his Lord! Hath there not come unto them the proof of what is in the former Scriptures?
133 - They say: Why does he not Bring us a Sign from His Lord? Has not A Clear Sign come to them Of all that was In the former Booked Of revelation?