[طه : 110] يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا
110 - (يعلم ما بين أيديهم) من أمور الآخرة (وما خلفهم) من امور الدنيا (ولا يحيطون به علما) لا يعلمون ذلك
وقوله "يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم" يقول تعالى ذكره : يعلم ربك يا محمد ما بين أيدي هؤلاء الذين يتبعون الداعي من أمر القيامة، وما الذي يصيرون إليه من الثواب والعقاب "وما خلفهم" يقول : ويعلم أمر ما خلفوه وراءهم من أمر الدنيا:
كما حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة "يعلم ما بين أيديهم" من أمر الساعة "وما خلفهم" من أمر الدنيا.
وقوله "ولا يحيطون به علما" يقول تعالى ذكره : ولا يحيط خلقه به علما. ومعنى الكلام : أنه محيط بعباده علماً، ولا يحيط عباده به علماً. وقد زعم بعضهم : أن معنى ذلك : أن الله يعلم ما بين أيدي ملائكته وما خلفهم ، وأن ملائكته لا يحيطون علما بما بين أيدي أنفسهم وما خلفهم ، وقال : إنما أعلم بذلك الذين كانوا يعبدون الملائكة، أن الملائكة كذلك لا تعلم ما بين أيديها وما خلفها، موبخهم بذلك ومقرعهم بأن من كان كذلك ، فكيف يعبد، وأن العبادة إنما تصلح لمن لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
قوله تعالى: " يعلم ما بين أيديهم " أي من أمر الساعة. " وما خلفهم " من أمر الدنيا قاله قتادة . وقيل: يعلم ما يصيرون إليه من ثواب أو عقاب " وما خلفهم " ما خلفوه وراءهم في الدنيا. ثم قيل: الآية عامة في جميع الخلق. وقيل: المراد الذين يتبعون الداعي. والحمد لله.
قوله تعالى: " ولا يحيطون به علما " الهاء في " به " لله تعالى، أي أحد لا يحيط به علما، إذ الإحاطة مشعرة بالحد ويتعالى الله عن التحديد. وقيل: تعود على العلم، أي أحد لا يحيط علماً لما يعلمه الله. وقال الطبري : الضمير في " أيديهم " و " خلفهم " و " يحيطون " يعود على الملائكة، أعلم الله من يعبدها أنها لا تعلم ما بين أيديها وما خلفها.
يقول تعالى: "يومئذ" أي يوم القيامة "لا تنفع الشفاعة" أي عنده "إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا" كقوله: "من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه", وقوله: "وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى", وقال: "ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون". وقال: "ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له", وقال: "يوم يقوم الروح والملائكة صفاً لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً". وفي الصحيحين من غير وجه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد ولد آدم, وأكرم الخلائق على الله عز وجل أنه قال "آتي تحت العرش, وأخر لله ساجداً, ويفتح علي بمحامد لا أحصيها الان, فيدعني ما شاء أن يدعني, ثم يقول: يا محمد ارفع رأسك وقل تسمع, واشفع تشفع ـ فيحد لي حداً, فأدخلهم الجنة ثم أعود" فذكر أربع مرات, صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء. وفي الحديث أيضاً "يقول تعالى أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان, فيخرجون خلقاً كثيراً, ثم يقول أخرجوا من النار من كان في قلبه نصف مثقال من إيمان, أخرجوا من النار من كان في قلبه ما يزن ذرة, من كان في قلبه أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان" الحديث.
وقوله: "يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم" أي يحيط علماً بالخلائق كلهم "ولا يحيطون به علماً" كقوله: "ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء". وقوله: "وعنت الوجوه للحي القيوم" قال ابن عباس وغير واحد: خضعت وذلت واستسلمت الخلائق لجبارها الحي الذي لا يموت, القيوم الذي لا ينام, وهوقيم على كل شيء يدبره ويحفظه, فهو الكامل في نفسه, الذي كل شيء فقير إليه لا قوام له إلا به. وقوله: "وقد خاب من حمل ظلماً" أي يوم القيامة, فإن الله سيؤدي كل حق إلى صاحبه حتى يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء, وفي الحديث "يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي لا يجاوزني اليوم ظلم ظالم" وفي الصحيح "إياكم والظلم, فإن الظلم ظلمات يوم القيامة, والخيبة كل الخيبة من لقي الله وهو به مشرك, فإن الله تعالى يقول: إن الشرك لظلم عظيم". وقوله: "ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلماً ولا هضماً" لما ذكر الظالمين ووعيدهم, ثنى بالمتقين وحكمهم, وهو أنهم لا يظلمون ولا يهضمون, أي لا يزاد في سيئاتهم ولا ينقص من حسناتهم, قاله ابن عباس ومجاهد والضحاك والحسن وقتادة وغير واحد, فالظلم الزيادة بأن يحمل عليه ذنب غيره, والهضم النقص.
110- "يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم" أي ما بين أيديهم من أمر الساعة، وما خلفهم من أمر الدنيا، والمراد هنا جميع الخلق، وقيل المراد بهم الذين يتبعون الداعي، وقال ابن جرير: الضمير يرجع إلى الملائكة، أعلم الله من يعبدها أنها لا تعلم ما بين أيديها وما خلفها "ولا يحيطون به علماً" أي بالله سبحانه، لا تحيط علومهم بذاته، ولا بصفاته، ولا بمعلوماته، وقيل الضمير راجع إلى ما في الموضعين فإنهم لا يعلمون جميع ذلك.
110. " يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم "، الكناية راجعة إلى الذين يتبعون الداعي، أي يعلم الله " ما بين أيديهم "، ما قدموا " وما خلفهم " ما خلفوا من أمر الدنيا.
وقيل: " ما بين أيديهم " من الآخرة " وما خلفهم " من الأعمال.
" ولا يحيطون به علماً "، قيل: الكناية ترجع إلى ((ما)) أي: هو يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، وهم لا يعلمونه. وقيل: الكناية راجعة إلى الله لأن عباده لا يحيطون به علماً.
110ـ " يعلم ما بين أيديهم " ما تقدمهم من الأحوال . " وما خلفهم " وما بعدهم مما يستقبلونه . " ولا يحيطون به علماً " ولا يحيط علمهم بمعلوماته، وقيل بذاته وقيل الضمير لأحد الموصولين أو لمجموعهما ، فإنهم لم يعلموا جميع ذلك ولا تفصيل ما علموا منه .
110. He knoweth (all) that is before them and (all) that is behind them, while they cannot compass it in knowledge.
110 - He knows what (appears To his creatures as) before or after or behind them: but they shall not compass it with their knowledge.