[البقرة : 33] قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ
(قال) تعالى (يا آدم أنبئهم) أي الملائكة (بأسمائهم) المسميات فسمّى كل شيء باسمه وذكر حكمته التي خلق لها (فلما أنبأهم بأسمائهم قال) تعالى لهم موبخاً (ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض) ما غاب فيهما (وأعلم ما تبدون) ما تظهرون من قولكم أتجعل فيها الخ (وما كنتم تكتمون) تُسِرُّون من قولكم لن يخلق أكرم عليه منا ولا أعلم
قال أبو جعفر: إن الله جل ثناؤه عرف ملائكته الذين سألوه أن يجعلهم الخلفاء في الأرض، ووصفوا أنفسهم بطاعته والخضوع لأمره، دون غيرهم الذين يفسدون فيها ويسفكون الدماء أنهم، من الجهل بمواقع تدبيره ومحل قضائه قبل إطلاعه إياهم عليه، على نحو جهلهم بأسماء الذين عرضهم عليهم، إذ كان ذلك مما لم يعلمهم فيعلموه، وأنهم وغيرهم من العباد لا يعلمون من العلم إلا ما علمهم إياه ربهم، وأنه يخص بما شاء من العلم من شاء من الخلق، ويمنعه منهم من شاء، كما علم آدم أسماء ما عرض على الملائكة، ومنعهم علمها إلا بعد تعليمه إياهم.
فأما تأويل قوله: " قال يا آدم أنبئهم "، يقول: أخبر الملائكة، والهاء والميم في قوله "أنبئهم"، عائدتان على الملائكة، وقوله: "بأسمائهم " يعني بأسماء الذين عرضهم على الملائكة، والهاء والميم اللتان في "أسمائهم " كناية عن ذكرهؤلاء التي في قوله: "أنبئوني بأسماء هؤلاء". "فلما أنبأهم " يقول: فلما أخبر آدم الملائكة بأسماء الذين عرضهم عليهم فلم يعرفوا أسماءهم، وأيقنوا خطأ قيلهم: "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك "، وأنهم قد هفوا في ذلك وقالوا ما لا يعلمون كيفية وقوع قضاء ربهم في ذلك لووقع، على ما نطقوا به، قال لهم ربهم: "ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض ". والغيب: هو ما غاب عن أبصارهم فلم يعاينوه؟ توبيخاً من الله جل ثناؤه لهم بذلك، على ما سلف من قيلهم، وفرط منهم من خطأ مسألتهم. كما:
حدثنا به محمد بن العلاء، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشربن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: "قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم "، يقول: أخبرهم بأسمائهم "فلما أنبأهم بأسمائهم قال: ألم أقل لكم " أيها الملائكة خاصة "إني أعلم غيب السماوات والأرض " ولا يعلمه غيري.
وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قصة الملائكة وآدم: فقال الله للملائكة: كما لم تعلموا هذه الأسماء فليس لكم علم، إنما أردت أن أجعلهم ليفسدوا فيها، هذا عندي قد علمته، فكذلك أخفيت عنكم أني أجعل فيها من يعصيني ومن يطيعني، قال: وسبق من الله: "لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين" (هود: 119) (السجدة: 13)، قال: ولم تعلم الملائكة ذلك ولم يدروه. قال: فلما رأوا ما أعطى الله آدم من العلم أقروا لآدم بالفضل. القول في تأويل قوله تعالى: "وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ".
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فروي عن ابن عباس في ذلك ما:حدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: "وأعلم ما تبدون " يقول: ما تظهرون، "وما كنتم تكتمون " يقول: أعلم السر كما أعلم العلانية. يعني: ما كتم إبليس في نفسه من الكبر والاغترار.
وحدثني موسى بن هرون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبى صالح، عن ابن عباس وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: "وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون "، قال: قولهم: "أتجعل فيها من يفسد فيها"، فهذا الذي أبدوا، "وما كنتم تكتمون "، يعني ما أسر إبليس في نفسه من الكبر.
وحدثنا أحمد بن إسحق الأهوازي، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، قال: حدثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، قوله: "وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون "، قال: ما أسر إبليس في نفسه.
وحدثنا أحمد بن إسحق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفيان في قوله: " وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون "، قال: ما أسر إبليس في نفسه من الكبر ألا يسجد لآدم.
وحدثني المثنى بن إبراهيم، قال: أخبرنا الحجاج الأنماطي، قال: حدثنا مهدي بن ميمون، قال: سمعت الحسن بن دينار، قال للحسن ونحن جلوس عنده في منزله: يا أبا سعيد، أرأيت قول الله للملائكة: "وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون "، ما الذي كتمت الملائكة؟ فقال الحسن: إن الله لما خلق آدم رأت الملائكة خلقاً عجيبًا فكأنهم دخلهم من ذلك شيء، فأقبل بعضهم إلى بعض، وأسروا ذلك بينهم، فقالوا: وما يهمكم من هذا المخلوق! إن الله لن يخلق خلقاً إلا كنا أكرم عليه منه.
وحدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: "وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون "، قال: أسروا بينهم فقالوا: يخلق الله ما يشاء أن يخلق، فلن يخلق خلقاً إلا ونحن أكرم عليه منه.
وحدثني المثنى، قال: حدثنا إسحق، قال: حدثنا عبدالله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس: "وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون "، فكان الذي أبدوا حين قالوا: " أتجعل فيها من يفسد فيها"، وكان الذي كتموا بينهم قولهم: لن يخلق ربنا خلقاً إلا كنا نحن أعلم منه وأكرم. فعرفوا أن الله فضل عليهم آدم في العلم والكرم.
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قاله ابن عباس، وهو أن معنى قوله: "وأعلم ما تبدون "، وأعلم مع علمي غيب السموات والأرض ما تظهرون بألسنتكم، "وما كنتم تكتمون "، وما كنتم تخفونه في أنفسكم، فلا يخفى علي شيء، سواء عندي سرائركم وعلانيتكم. والذي أظهروه بألسنتهم ما أخبر الله جل ثناؤه عنهم أنهم قالوه، وهو قولهم: "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك "؟ والذي كانوا يكتمونه، ما كان منطوياً عليه إبليس من الخلاف على الله في أمره، والتكبر عن طاعته. لأنه لا خلاف بين جميع أهل التأويل أن تأويل ذلك غير خارج من أحد الوجهين اللذين وصفت، وهو ما قلنا، والآخر ما ذكرنا من قول الحسن وقتادة، ومن قال إن معنى ذلك كتمان الملائكة بينهم لن يخلق الله خلقا إلا كنا أكرم عليه منه. فإذ كان لا قول في تأويل ذلك إلا أحد القولين اللذين وصفت، ثم كان أحدهما غير موجودة على صحته الدلالة من الوجه الذي يجب التسليم له صح الوجه الآخر. فالذي حكي عن الحسن وفتادة ومن قال بقولهما في تأويل ذلك، غير موجودة الدلالة على صحته من الكتاب، ولا من خبر يجب به حجة. والذي قاله ابن عباس يدل على صحته خبر الله جل ثناؤه عن إبليس وعصيانه إياه، إذ دعاه إلى السجود لآدم فأبى واستكبر، وإظهاره لسائر الملائكة من معصيته وكبره، ما كان له كاتماً قبل ذلك.
فإن ظن ظان أن الخبر عن كتمان الملائكة ما كانوا يكتمونه، لما كان خارجاً مخرج الخبر عن الجميع، كان غير جائز أن يكون ما روي في تأويل ذلك عن ابن عباس ومن قال بقوله: من أن ذلك خبر عن كتمان إبليس الكبر والمعصية صحيحًا، فقد ظن غير الصواب. وذلك أن من شأن العرب، إذا أخبرت خبرًا عن بعض جماعة بغير تسمية شخص بعينه، أن تخرج الخبر عنه مخرج الخبر عن جميعهم، وذلك كقولهم: قتل الجيش وهزموا، وإنما قتل الواحد أو البعض منهم، وهزم الواحد أو البعض. فتخرج الخبر عن المهزوم منه والمقتول مخرج الخبر عن جميعهم، كما قال جل ثناؤه: "إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون" (الحجرات: 4)، ذكر أن الذي نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية فيه كان رجلاً من جماعة بني تميم، كانوا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأخرج الخبر عنه مخرج الخبر عن الجماعة. فكذلك قوله: "وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون "، أخرج الخبر مخرج الخبر عن الجميع، والمراد به الواحد منهم.
قوله تعالى : "قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون" .
قوله تعالى : "قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم" فيه خمس مسائل :
الأولى : قوله تعالى : "أنبئهم بأسمائهم" أمره الله أن يعلمهم بأسمائهم بعد أن عرضهم على الملائكة ليعلموا أنه أعلم بما سألهم عنه تنبيهاً على فضله وعلو شأنه ، فكان افضل منهم بأن قدمه عليهم وأسجدهم له وجعلهم تلامذته وأمرهم بأن يتعلموا منه . فحصلت له رتبة الجلال والعظمة بأن جعله مسجوداً له ، مختصاً بالعلم .
الثانية : في هذه الآية دليل على فضل العلم وأهله ، وفي الحديث :
"وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم" أي تخضع وتتواضع ، وإنما تفعل ذلك لأهل العلم خاصة من بين سائر عيال الله ، لأن الله تعالى ألزمها ذلك في آدم عليه السلام فتأدبت بذلك الأدب . فكلما ظهر لها علم في بشر خضعت له وتواضعت وتذللت إعظاماً للعلم وأهله ، ورضى منهم بالطلب له والشغل به . هذا في الطلاب منهم فكيف بالأحبار فيهم والربانيين منهم ! جعلنا الله منهم وفيهم ، إنه ذو فضل عظيم .
الثالثة : اختلف العلماء من هذا الباب ، أيما افضل الملائكة أو بنو آدم على قولين : فذهب قوم إلى أن الرسل من البشر أفضل من الرسل من الملائكة ، والأولياء من البشر أفضل من الأولياء من الملائكة . وذهب آخرون إلى أن الملأ الأعلى أفضل . احتج من فضل الملائكة بأنهم "عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون" . "لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون" . وقوله : "لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون" وقوله : "قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك" وفي البخاري :
يقول الله عز وجل :
"من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم" . وهذا نص . احتج من فضل بني آدم بقوله تعالى : "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية" بالهمز ، من برأ الله الخلق . وقوله عليه السلام :
"وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضى لطالب العلم" الحديث . أخرجه أبو داود ، وبما جاء في أحاديث من أن الله تعالى يباهي بأهل عرفات الملائكة ، ولا يباهي إلا بالأفضل ، والله أعلم . وقال بعض العلماء : ولا طريق إلى القطع بأن الأنبياء أفضل من الملائكة ، ولا القطع بأن الملائكة خير منهم ، لأن طريق ذلك خبر الله تعالى وخبر رسوله أو إجماع الأمة ، وليس ها هنا شيء من ذلك ، خلافاً للقدرية والقاضي ابي بكر رحمه الله حيث قالوا الملائكة افضل . قال : وأما من قال من أصحابنا والشيعة : إن الأنبياء أفضل لأن الله تعالى أمر الملائكة بالسجود لأدم ، فيقال لهم : المسجود له لا يكون أفضل من الساجد ، ألا ترى أن الكعبة مسجود لها والأنبياء والخلق يسجدون نحوها ، ثم إن الأنبياء خير من الكعبة باتفاق الأمة . ولا خلاف أن السجود لا يكون إلا الله تعالى ، لأن السجود خير من الكعبة باتفاق الأمة . ولا خلاف أن السجود لا يكون إلا لله تعالى ، لأن السجود عبادة ، والعبادة لا تكون إلا لله ، فإذا كان كذلك فكون السجود إلى جهة لا يدل على أن الجهة خير من الساجد العابد ، وهذا واضح . وسيأتي له مزيد بيان في الآية بعد هذا .
الرابعة : قوله تعالى : "إني أعلم غيب السماوات والأرض" دليل على أن احداً لا يعلم من الغيب إلا ما أعلمه اله كالأنبياء أو من أعلمه الله تعالى ، فالمنجمون والكهان وغيرهم كذبة . وسيأتي بيان هذا في الأنعام إن شاء الله تعالى عند قوله تعالى : "وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو" .
الخامسة : قوله تعالى : "وأعلم ما تبدون" أي من قولهم : "أتجعل فيها من يفسد فيها" حكاه مكي و الماوردي . وقال الزهراوي : ما أبدوا هو بدراهم بالسجود لآدم . "وما كنتم تكتمون" قال ابن عباس وابن مسعود وسعيد بن جبير : المراد ما كتمه إبليس في نفسه من الكبر والمعصية . قال ابن عطية : وجاء تكتمون للجماعة ، والكاتم واحد في هذا القول على تجوز العرب واتساعها ، كما يقال لقوم قد جنى سفيه منهم : أنتم فعلتم كذا . أي منكم فاعله ، وهذا مع قصد تعنيف ، ومنه قوله تعالى : "إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون" وإنما ناداه منهم عيينة ، وقيل الأقرع . وقالت طائفة : الإبداء والمكتوم ذلك على معنى العموم في معرفة أسرارهم وظواهرهم أجمع . وقال مهدي بن ميمون : كنا عند الحسن فسأله الحسن بن دينار ما الذي كتمت الملائكة ؟ قال : إن الله عز وجل لما خلق آدم رأت الملائكة خلقاً عجباً ، وكأنهم دخلهم من ذلك شيء ، قال : ثم أقبل بعضهم على بعض وأسروا ذلك بينهم ، فقالوا : وما يهمكم من هذا المخلوق ! إن الله لم يخلق خلقاً إلا كنا أكرم عليه منه . و ما في قوله ما تبدون يجوز أن ينتصب بـ أعلم على أنه فعل ، ويجوز أن يكون بمعنى عالم وتنصب به ما فيكون مثل حواج بيت الله ، وقد تقدم .
هذا مقام ذكر الله تعالى فيه شرف آدم على الملائكة بما اختصه من علم أسماء كل شيء دونهم وهذا كان بعد سجودهم له، وإنما قدم هذا الفصل على ذلك لمناسبة ما بين المقام وعدم علمهم بحكمة خلق الخليفة حين سألوا عن ذلك، فأخبرهم تعالى بأنه يعلم ما لا يعلمون، ولهذا ذكر الله هذا المقام عقيب هذا ليبين لهم شرف آدم بما فضل به عليهم في العلم فقال تعالى: "وعلم آدم الأسماء كلها" قال السدي عمن حدثه عن ابن عباس "وعلم آدم الأسماء كلها" قال: علمه أسماء ولده إنساناً إنساناً والدواب فقيل: هذا الحمار ، هذا الجمل، هذا الفرس، وقال الضحاك عن ابن عباس "وعلم آدم الأسماء كلها" قال: هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس إنسان ودابة وسماء وأرض وسهل وبحر وخيل وحمار وأشباه ذلك من الأمم وغيرها، وروى ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث عاصم بن كليب عن سعيد بن معبد عن ابن عباس "وعلم آدم الأسماء كلها" قال علمه اسم الصحفة والقدر ، قال نعم حتى الفسوة والفسية، وقال مجاهد "وعلم آدم الأسماء كلها" قال علمه اسم كل دابة وكل طير وكل شيء ، كذلك روي عن سعيد بن جبير وقتادة وغيرهم من السلف أنه علمه أسماء كل شيء، وقال الربيع في رواية عن أسماء الملائكة. وقال حميد الشامي أسماء النجوم. وقال عبد الرحمن بن زيد علمه أسماء ذريته كلهم، واختار ابن جرير أنه علمه أسماء الملائكة وأسماء الذرية لأنه قال "ثم عرضهم" وهذا عبارة عما يعقل وهذا الذي رجح به ليس بلازم، فإنه لا ينفي أن يدخل معهم غيرهم، ويعبر عن الجميع بصيغة من يعقل للتغليب كما قال تعالى "والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير" وقد قرأ عبد الله بن مسعود ثم عرضهن، وقرأ أبي بن كعب ثم عرضها أي المسميات. والصحيح أنه علمه أسماء الأشياء كلها ذواتها وصفاتها وأفعالها كما قال ابن عباس حتى الفسوة والفسية يعني أسماء الذوات والأفعال المكبر والمصغر ، ولهذا قال البخاري في تفسير هذه الاية في كتاب التفسير من صحيحه: حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام عن قتادة عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وقال لي خليفة: حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فيأتون آدم فيقولون أنت أبو الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء فاشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيقول لست هناكم، ويذكر ذنبه فيستحي. ائتوا نوحاً فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض فيأتونه فيقول لست هناكم، ويذكر سؤاله ربه ما ليس له به علم فيستحي. فيقول ائتوا خليل الرحمن، فيأتونه فيقول لست هناكم، فيقول ائتوا موسى عبداً كلمه الله وأعطاه التوراة فيقول لست هناكم. فيذكر قتل النفس بغير نفس فيستحي من ربه. فيقول ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وكلمة الله وروحه فيأتونه فيقول لست هناكم ائتوا محمداً عبداً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتوني فأنطلق حتى أستأذن على ربي فيأذن لي فإذا رأيت ربي وقعت ساجداً فيدعني ما شاء الله ثم يقال: ارفع رأسك وسل تعطه وقل يسمع واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأحمده بتحميد يعلمنيه ثم أشفع فيحد لي حداً فأدخلهم الجنة ثم أعود إليه فإذا رأيت ربي مثله ثم أشفع فيحد لي حداً فأدخلهم الجنة ثم أعود الثالثة ثم أعود الرابعة فأقول ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود" هكذا ساق البخاري هذا الحديث ههنا، وقد رواه مسلم والنسائي من حديث هشام وهو ابن أبي عبد الله الدستوائي عن قتادة به، وأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه من حديث سعيد وهو ابن أبي عروبة عن قتادة، ووجه إيراده ههنا، والمقصود منه قوله عليه الصلاة والسلام فيأتون آدم فيقولون أنت أبو الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء. فدل هذا على أنه علمه أسماء جميع المخلوقات، ولهذا قال "ثم عرضهم على الملائكة" يعني المسميات كما قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة، قال ثم عرض تلك الأسماء على الملائكة "فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين" وقال السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة "وعلم آدم الأسماء كلها" ثم عرض الخلق على الملائكة، وقال ابن جريج عن مجاهد ثم عرض أصحاب الأسماء على الملائكة, وقال ابن جرير: حدثنا القاسم حدثنا الحسين حدثني الحجاج عن جرير بن حازم ومبارك بن فضالة عن الحسن وأبي بكر عن الحسن وقتادة قالا: علمه اسم كل شيء, وجعل يسمي كل شيء باسمه وعرضت عليه أمة أمة, وبهذا الإسناد عن الحسن وقتادة في قوله تعالى: "إن كنتم صادقين" إني لم أخلق خلقاً إلا كنتم أعلم منه فأخبروني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين, وقال الضحاك عن ابن عباس "إن كنتم صادقين" إن كنتم تعلمون أني لم أجعل في الأرض خليفة, وقال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة إن كنتم صادقين أن بني آدم يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء، وقال ابن جرير وأولى الأقوال في ذلك تأويل ابن عباس ومن قال بقوله، ومعنى ذلك فقال أنبئوني بأسماء من عرضته عليكم أيها الملائكة القائلون أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء. من غيرنا أم منا فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك. إن كنتم صادقين في قيلكم إني إن جعلت خليفتي في الأرض من غيركم عصاني وذريته وأفسدوا وسفكوا الدماء وإن جعلتكم فيها أطعتموني واتبعتم أمري بالتعظيم لي والتقديس، فإذا كنتم لا تعلمون أسماء هؤلاء الذين عرضت عليكم وأنتم تشاهدونهم فأنتم بما هو غير موجود من الأمور الكائنة التي لم توجد أحرى أن تكونوا غير عالمين "قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم" هذا تقديس وتنزيه من الملائكة لله تعالى أن يحيط أحد بشيء من علمه إلا بما شاء وأن يعلموا شيئاً إلا ما علمهم الله تعالى ولهذا قالوا "سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم" أي العليم بكل شيء الحكيم في خلقك وأمرك وفي تعليمك من تشاء ومنعك من تشاء لك الحكمة في ذلك والعدل التام. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا حفص بن غياث عن حجاج عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس: سبحان الله، قال تنزيه الله نفسه عن السوء، ثم قال عمر لعلي وأصحابه عنده لا إله إلا الله قد عرفناه، فما سبحان الله ؟ فقال لي علي: كلمة أحبها الله لنفسه ورضيها وأحب أن تقال، قال: وحدثنا أبي حدثنا ابن نفيل حدثنا النضر بن عربي قال: سأل رجل ميمون بن مهران عن سبحان الله، قال: اسم يعظم الله به، ويحاشى به من السوء.
قوله تعالى: "قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون" قال زيد بن أسلم قال أنت جبرائيل أنت ميكائيل أنت إسرافيل حتى عدد الأسماء كلها حتى بلغ الغراب، وقال مجاهد في قول الله "قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم" قال اسم الحمامة والغراب واسم كل شيء، وروي عن سعيد بن جبير والحسن وقتادة نحو ذلك، فلما ظهر آدم عليه السلام على الملائكة عليهم السلام في سرده ما علمه الله تعالى من أسماء الأشياء، قال الله تعالى للملائكة "ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون" أي ألم أتقدم إليكم إني أعلم الغيب الظاهر والخفي كما قال تعالى "وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى" وكما قال إخباراً عن الهدهد أنه قال لسليمان " أن لا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون * الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم " وقيل في قوله تعالى: "وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون" غير ما ذكرناه، فروى الضحاك عن ابن عباس "وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون" قال يقول: أعلم السر كما أعلم العلانية يعني ما كتم إبليس في نفسه من الكبر والاغترار، وقال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة قال قولهم أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء الاية، فهذا الذي أبدوا "وما كنتم تكتمون" يعني ما أسر إبليس في نفسه من الكبر وكذلك قال سعيد بن جبير ومجاهد والسدي والضحاك الثوري. واختار ذلك ابن جرير وقال أبو العالية والربيع بن أنس والحسن وقتادة هو قولهم لم يخلق ربنا خلقاً إلا كنا أعلم منه وأكرم عليه منه، وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس "وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون" فكان الذي أبدوا هو قولهم: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء، وكان الذي كتموا بينهم هو قولهم لن يخلق ربنا خلقاً إلا كنا نحن أعلم منه وأكرم، فعرفوا أن الله فضل عليهم آدم في العلم والكرم، وقال ابن جرير: حدثنا يونس حدثنا ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قصة الملائكة وآدم، فقال الله للملائكة: كما لم تعلموا هذه الأسماء فليس لكم علم إنما أردت أن أجعلهم ليفسدوا فيها، هذا عندي قد علمته ولذلك أخفيت عنكم أني أجعل فيها من يعصيني ومن يطيعني، قال وقد سبق من الله "لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين" قال: ولم تعلم الملائكة ذلك ولم يدروه، فقال: فلما رأوا ما أعطى الله آدم من العلم أقروا له بالفضل. وقال ابن جرير وأولى الأقوال في ذلك قول ابن عباس وهو أن معنى قوله تعالى: "وأعلم ما تبدون" وأعلم مع علمي غيب السموات والأرض وما تظهرونه بألسنتكم وما كنتم تخفون في أنفسكم، فلا يخفى علي أي شيء سواء عندي سرائركم وعلانيتكم والذي أظهروه بألسنتهم قولهم: أتجعل فيها من يفسد فيها، والذي كانوا يكتمون ما كان عليه منطوياً إبليس من الخلاف على الله في أوامره والتكبر عن طاعته، قال: وصح ذلك كما تقول العرب قتل الجيش وهزموا، وإنما قتل الواحد أو البعض وهزم الواحد أو البعض، فيخرج الخبر عن المهزوم منه والمقتول مخرج الخبر عن جميعهم كما قال تعالى: "إن الذين ينادونك من وراء الحجرات" ذكر أن الذي نادى إنما كان واحداً من بني تميم، قال وكذلك قوله "وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون".
ولهذا قال سبحانه: 33- "ألم أقل لكم" الآية. قال فيما تقدم: "أعلم ما لا تعلمون" ثم قال هنا: "أعلم غيب السموات والأرض" تدرجاً من المجمل إلى ما هو مبين بعض بيان، ومبسوط بعض بسط. وفي اختصاصه بعلم غيب السموات والأرض رد لما يتكلفه كثير من العباد من الاطلاع على شيء من علم غيب السموات والأرض رد لما يتكلفه كثير من العباد من الاطلاع على شيء من علم الغيب كالمنجمين والكهان وأهل الرمل والسحر والشعوذة. والمراد بما يبدون وما يكتمون: ما يظهرون ويسرون كما يفيده معنى ذلك عند العرب، ومن فسره بشيء خاص فلا يقبل منه ذلك إلا بدليل. وقد أخرج الفريابي وابن سعد وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس قال: إنما سمي آدم لأنه خلق من أديم الأرض. وأخرج نحوه عبد بن حميد وابن جرير عن سعد بن جبير. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "وعلم آدم الأسماء كلها" قال: علمه اسم الصفحة والقدر وكل شيء. وأخرج ابن جرير عنه نحوه. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه في تفسير الآية قال: عرض عليه أسماء ولده إنساناً إنساناً والدواب، فقيل: هذا الجمل هذا الحمار هذا الفرس. وأخرج الحاكم في تاريخه وابن عساكر والديلمي عن عطية بن بشر مرفوعاً في قوله: "وعلم آدم الأسماء كلها" قال: علم الله آدم في تلك الأسماء ألف حرفة من الحرف وقال له: قل لأولادك ولذريتك إن لم تصبروا عن الدنيا فاطلبوها بهذه الحرف ولا تطلبوها بالدين، فإن الدين لي وحدي خالصاً، ويل لمن طلب الدنيا بالدين ويل له. وأخرج الديلمي عن أبي رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثلت لي أمتي في الماء والطين وعلمت الأسماء كلها كما علم آدم الأسماء كلها" وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في تفسير الآية قال: أسماء ذريته أجمعين "ثم عرضهم" قال: أخذهم من ظهره. وأخرج عن الربيع بن أنس قال: أسماء الملائكة. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال: هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس "ثم عرضهم" يعني عرض أسماء جميع الأشياء التي علمها آدم من أصناف الخلق. "فقال أنبئوني" يقول: أخبروني "بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين" إن كنتم تعلمون أني لم أجعل في الأرض خليفة "قالوا سبحانك" تنزيهاً لله من أن يكون يعلم الغيب أحد غيره تبنا إليك "لا علم لنا" تبرأوا منهم من علم الغيب "إلا ما علمتنا" كما علمت آدم. وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال: عرض أصحاب الأسماء على الملائكة. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: "إنك أنت العليم الحكيم" قال: العليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمه. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة. في قوله: "إن كنتم صادقين" أن بني آدم يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء "وأعلم ما تبدون" قال: قولهم "أتجعل فيها من يفسد فيها" "وما كنتم تكتمون" يعني: ما أسر إبليس في نفسه من الكبر. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: "ما تبدون" ما تظهرون "وما كنتم تكتمون" يقول: أعلم السر كما أعلم العلانية.
33. " قال " الله تعالى:
" يا آدم أنبئهم بأسمائهم" أخبرهم بأسمائهم فسمى آدم كل شئ باسمه وذكر الحكمة التي لأجلها خلق " فلما أنبأهم بأسمائهم قال " الله تعالى " ألم أقل لكم " يا ملائكتي " إني أعلم غيب السماوات والأرض " ما كان منهما وما يكون لأنه قد قال لهم " إني أعلم ما لا تعلمون " (30 - البقرة ) " وأعلم ما تبدون " قال الحسن وقتادة: يعني قولهم أتجعل فيها من يفسد فيها "وما كنتم تكتمون" قولكم لن يخلق الله خلقاً أكرم عليه منا، قال ابن عباس رضي الله عنهما هو أن إبليس مر على جسد آدم وهو ملقى بين مكة والطائف لا روح فيها فقال: لأمر ما خلق هذا ثم دخل في فيه وخرج من دبره وقال: إنه خلق لا يتماسك لأنه أجوف ثم قال للاملائكة الذين معه أرايتم إن فضل هذا عليكم وأمرتم بطاعته ماذا تصنعون ؟ قالوا: نطيع أمر ربنا، فقال إبليس في نفسه: والله لئن سلطت عليه لأهلكنه ولئن سلط علي لأعصينه فقال الله تعالى: " وأعلم ما تبدون" يعني ما تبديه الملائكة من الطاعة " وما كنتم تكتمون " يعني إبليس من المعصية.
33-" قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم " أي : أعلمهم ، وقرئ بقلب الهمزة ياء وحذفها بكسر الهاء فيهما .
" فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون " استحضار لقوله تعالى : " إني أعلم ما لا تعلمون " لكنه جاء به على وجه أبسط ليكون كالحجة عليه ، فإنه تعالى لما علم ما خفي عليهم من أمور السماوات والأرض ، وما ظهر لهم من أحوالهم الظاهرة والباطنة علم ما لا يعلمون ، وفيه تعريض بمعاتبتهم على ترك الأولى ، وهو أن يتوقفوا مترصدين لأن يبين لهم ، وقيل : " ما تبدون " قولهم : أتجعل فيها من يفسد فيها . وما " تكتمون " استبطانهم أنهم أحقاء بالخلافة ، وأنه تعالى لا يخلق خلقاً أفضل منهم . وقيل : ما أظهروا من الطاعة ، وأسر إبليس منهم من المعصية ، والهمزة للإنكار دخلت حرف الجحد فأفادت الإثبات والتقرير .
واعلم أن هذه الآيات تدل على شرف الإنسان ، ومزية العلم وفضله على العبادة ، وأنه شرط في الخلافة بل العمدة فيها ، وأن التعليم يصح إسناده إلى الله تعالى ، وإن لم يصح إطلاق المعلم عليه لاختصاصه بمن يحترف به ، وأن اللغات توقيفية ، فإن الأسماء تدل على الألفاظ بخصوص أو عموم ، وتعليماً ظاهر في إلقائها على المتعلم مبيناً له معانيها ، وذلك يستدعي سابقة وضع ، والأصل ينفي أن يكون ذلك الوضع ممن كان قبل آدم فيكون من الله سبحانه وتعالى ، وان مفهوم الحكمة زائد على مفهوم العلم وإلا لتكرر قوله : " إنك أنت العليم الحكيم " وأن علوم الملائكة و كمالاتهم تقبل الزيادة ، والحكماء منعوا ذلك في الطبقة العليا منهم ، وحملوا عليه قوله تعالى : " وما منا إلا له مقام معلوم " وأن آدم أفضل من هؤلاء الملائكة لأنه أعلم منهم ، والأعلم أفضل لقوله تعالى : " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " وأنه تعالى يعلم الأشياء قبل حدوثها .
33. He said: O Adam! Inform them of their names, and when he had informed them of their names, He said: Did I not tell you that I know the secret of the heavens and the earth? And I know that which ye disclose and which ye hide.
33 - He said: O Adam! tell them Their natures. When he had told them, God said: Did i not tell you that i know the secrets of heaven and earth, and know what ye reveal And what ye conceal?