[البقرة : 237] وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
(وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم) يجب لهن ويرجع لكم النصف (إلا) لكن (أن يعفون) أي الزوجات فيتركنه (أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) وهو الزوج فيترك لها الكل ، وعن ابن عباس: الولي إذا كانت محجورة فلا حرج في ذلك (وأن تعفوا) مبتدأ خبره (أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم) أي أن يتفضل بعضكم على بعض (إن الله بما تعملون بصير) فيجازيكم به
قال أبو جعفر: وهذا الحكم من الله تعالى ذكره، إبانة عن قوله: " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ". وتأويل ذلك: لا جناح عليكم أيها الناس إن طلقتم النساء ما لم تماسوهن وقد فرضتم لهن فريضة، فلهن عليكم نصف ما كنتم فرضتم لهن من قبل طلاقكم إياهن، يعني بذلك: فلهن عليكم نصف ما أصدقتموهن. وإنما قلنا إن تأويل ذلك كذلك، لما قد قدمنا البيان عنه من أن قوله: "أو تفرضوا لهن فريضة"، بيان من الله تعالى ذكره لعباده حكم غير المفروض لهن إذا طلقهن قبل المسيس. فكان معلوما بذلك أن حكم اللواتي عطف عليهن بـ أو، غير حكم المعطوف بهن بها.
وإنما كرر تعالى ذكره قوله: "وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة"، وقدمضى ذكرهن في قوله: "لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن"، ليزول الشك عن سامعيه واللبس عليهم، من أن يظنوا من أن التي حكمها الحكم الذي وصفه في هذه الآية، هي غير التي ابتدأ بذكرها وذكر حكمها في الآية التي قبلها.
وأما قوله: "إلا أن يعفون" ، فإنه يعني: إلا أن يعفو اللواتي وجب لهن عليكم نصف تلك الفريضة، فيتركنه لكم ويصفحن لكم عنه تفضلا منهن بذلك عليكم، إن كن ممن يجوزحكمه في ماله وهن بوالغ رشيدات، فيجوز عفوهن حينئذ ما عفون عنكم من ذلك، فيسقط عنكم ما كن عفون لكم عنه منه. وذلك النصف الذي كان وجب لهن من الفريضة بعد الطلاق وقبل العفو إن عفت عنه- أو ما عفت عنه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم" ،فهذا الرجل يتزوج المرأة وقد سمى لها صداقا، ثم يطلقها من قبل أن يمسها، فلها نصف صداقها، ليس لها أكثر من ذلك.حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم" قال: إن طلق الرجل امرأته وقد فرض لها، فنصف ما فرض، إلا أن يعفون.حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله. حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم" فنسخت هذه الآية ما كان قبلها، إذا كان لم يدخل بها وفد كان سمى لها صداقا، فجعل لها النصف ولا متاع لها.حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه عن الربيع : "إن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم" قال: هوالرجل يتزوج المرأة وقد فرض لها صداقا ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فلها نصف ما فرض لها، ولها المتاع ولا عدة عليها.حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهاب: "وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم" قال: إذا طلق الرجل المرأة وقد فرض لها ولم يمسها، فلها نصف صداقها ولا عدة عليها.ذكر من قال في قوله: "إلا أن يعفون" القول الذي ذكرناه من التأويل.
حدثني المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال، أخبرنا ابن المبارك قال، أخبرنا يحيى بن بشر: أنه سمع عكرمة يقول: إذا طلقها قبل أن يمسها وقد فرض لها، فنصف الفريضة لها عليه، إلا أن وعنه فتتركه.حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: "إلا أن يعفون" قال: المرأة تترك الذي لها.حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن ابي طلحة، عن ابن عباس: "إلا أن يعفون" هي المرأة الثيب أو البكر، يزوجها غير أبيها، فجعل الله العفو إليهن: إن شئن عفون فتركن، وإن شئن أخذن نصف الصداق.حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "إلا أن يعفون" تترك المرأة شطر صداقها، وهو الذي لها كله.حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله:-"إلا أن يعفون" قال: المرأة تدع لزوجها النصف. حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثني عبد الله بن عون، عن محمد بن سيرين، عن شريح: "إلا أن يعفون"، قال: إن شاءت المرأة عفت فتركت الصداق.حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا عبد الله بن عون، عن محمد بن سيرين، عن شريح مثله.حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا عبيد الله، عن نافع قوله: "إلا أن يعفون" هي المرأة يطلقها زوجها قبل أن يدخل بها، فتعفو عن النصف لزوجها.حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "إلا أن يعفون" إما أن يعفون ، فالثيب أن تدع من صداقها، أو تدعه كله.حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني الليث، عن يونس، عن ابن شهاب: "إلا أن يعفون" ، قال: العفو إليهن، إذا كانت المرأة ثيبا فهي أولى بذلك، ولا يملك ذلك عليها ولي، لأنها قد ملكت أمرها. فإن أرادت أن تعفو فتضع له نصفها الذي لها عليه من حقها، جاز ذلك. وإن أرادت أخذه، فهي أملك بذلك.حدثني المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال، أخبرنا ابن المبارك قال، أخبرنا معمر قال، وحدثني ابن شهاب: "إلا أن يعفون" قال: النساء.حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا عبيدالله، عن إسرائيل، عن السدي، عن أبي صالح:"إلا أن يعفون" قال: الثيب تدع صداقها.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا أبو أسامة حماد بن زيد بن أسامة قال، حدثنا إسماعيل، عن الشعبي، عن شريح: "إلا أن يعفون"، قال قال: تعفو المرأة عن الذي لها كله. قال أبو جعفر: ما سمعت أحدا يقول: حماد بن زيد بن أسامة، إلا أبا هشام.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا عبدة، عن سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب قال: ان شاءت عفت عن صداقها، يعني في قوله: "إلا أن يعفون".حدثنا أبو هشام قال، حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن أبي حصين، عن شريح قال:
تعفو المرأة وتدع نصف الصداق حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن ابن جريج قال، قال الزهري: "إلا أن يعفون"، الثيبات.
حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن ابن جريج قال، قال مجاهد: "إلا أن يعفون"، قال: تترك المرأة شطرها.حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه،عن ابن عباس قوله: "إلا أن يعفون"، يعني النساء.حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: "إلا أن يعفون"، إن كانت ثيبا عفت.حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري قوله:
"إلا أن يعفون"، يعني المرأة حدثني علي بن سهل قال، حدثنا زيد، وحدثنا ابن حميد قال، حدثنا مهران، جميعا،عن سفيان: "إلا أن يعفون" قال: المرأة إذا لم يدخل بها: أن تترك له المهر، فلا تأخذ منه شيئا. قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل فيمن عنى الله تعالى ذكره بقوله: "الذي بيده عقدة النكاح".فقال بعضهم: هو ولي البكر. وقالوا: ومعنى الآية: أو يترك، الذي يلي على المرأة عقد نكاحها من أوليائها، للزوج النصف الذي وجب للمطلقة عليه قبل مسيسه فيصفح له عنه، إن كانت الجارية ممن لا يجوز لها أمر في مالها.ذكر من قال ذلك:حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن عكرمةقال: قال ابن عباس رضي الله عنه: أذن الله في العفو وأمر به، فإن عفت فكما عفت، وإن ضنت وعفا وليها جاز وان أبت.حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن
أبي طلحة، عن ابن عباس: "أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح" وهو أبو الجارية البكر، جعل الله سبحانه العفو إليه، ليس لها معه أمرإذا طلقت، ما كانت في حجره.حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة:" الذي بيده عقدة النكاح" الولي.حدثني أبو السائب قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم قال، قال علقمة: هو الولي.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة أنه قال: هو الولي.حدثنا أبو كريب قال، حدثنا معمر، عن حجاج، عن النخعي، عن علقمة قال: هو
الولي.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا عبيد الله، عن بيان النحوي، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة وأصحاب عبد الله قالوا: هو الولي.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة أنه قال: هو ألولي.حدثنا أبو كريب قال، حدثنا معمر، عن حجاج: أن الأسود بن زيد قال: هو الولي.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا أبو خالد، عن شعبة، عن أبي بشر قال، قال طاوس ومجاهد: هو الولي، ثم رجعا فقالا: هو الزوج.حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو بشر قال، قال مجاهد وطاوس: هو الولي، ثم رجعا فقالا: هو الزوج. حدثنا أبو هشام قال، حدثنا ابن فضيل، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قال: هو الولي.حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي قال: زوج رجل أخته،
فطلقها زوجها قبل أن يدخل بها، فعفا أخوها عن المهر، فأجازه شريح ثم قال: أنا أعفو عن نساء بني مرة. فقال عامر: لا والله، ما قضى قضاء قط أحمق منه: أن يجيز عفو الأخ في قوله: "إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح"، فقال فيها شريح بعد: هو الزوج، إن عفا عن الصداق كله فسلمه إليها كله، أو عفت هي عن النصف الذي سمى لها. وإن تشاحا كلاهما أخت ت نصف صداقها. قال: وأن تعفو هو أقرب للتقوى. حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا جرير بن حازم، عن عيسى بن عاصم الأسدي: أن عليا سأل شريحا عن الذي بيده عقدة النكاح، فقال: هو الولي.حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم، قال مغيرة، أخبرنا عن الشعبي، عن شريح أنه كان يقول: الذي بيده عقدة النكاح هو الولي- ثم ترك ذلك فقال: هو الزوج. حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا سيار، عن الشعبي: أن رجلا تزوج امرأة فوجدها دميمة فطلقها قبل أن يدخل بها، فعفا وليها عن نصف الصداق، قال: فخاصمته إلى شريح فقال لها شريح: قد عفا وليك. قال: ثم إنه رجع بعد ذلك، فجعل الذي بيده عقدة النكاح الزوج.حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن- في الذي بيده عقدة النكاح- قال: الولي.حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم، عن منصور أو غيره، عن الحسن قال: هو الولي. حدثنا أبو هشام قال، حدثنا ابن إدريس، عن هشام، عن الحسن قال: هو الولي.حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء قال: سئل الحسن عن الذي بيده عقدة النكاح، قال: هو الولي.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا وكيع، عن يزيد بن إبراهيم، عن الحسن قال: هو الذي أنكحها.حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: الذي بيده عقد النكاح، هو الولي.
حدثنا أبو هشام قال، حدثنا وكيع وابن مهدي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم قال: هو الولي.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا ابن مهدي، عن أبي عوانة، عن مغيرة، عن إبراهيم والشعبي قالا: هو الولي.حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا ابن جويج، عن عطاء قال: هو الولي.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا عبيدالله، عن إسرائيك، عن السدي، عن أبي صالح: "أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح" قال: ولي العذراء. حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن ابن جريج قال: قال لي الزهري: "أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح"، ولي البكر.حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: "أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح"، هو الولي.حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر قال، أخبرنا ابن طاوس، عن أبيه- وعن رجل، عن عكرمة- قال معمر: وقاله الحسن أيضا- قالوا: الذي بيده عقدة النكاح، الولي.
حدثنا الحسن قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري قال: الذي بيده عقدة النكاح، الأب.حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة قال: هو الولي.حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك، عن سالم، عن مجاهد قال: هو الولي.حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: الذي بيده عقدة النكاح، هو ولي البكر. حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد- في الذي بيده عقدة النكاح-: الوالد. ذكره ابن زيد عن أبيه.حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب، عن مالك، عن زيد وربيعة: الذي بيده عقدة النكاح، الأب في ابنته البكر، والسيد في أمته.حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال مالك: وذلك إذا طلقت قبل الدخول بها،فله أن يعفو عن نصف الصداق الذي وجب لها عليه، ما لم يقع طلاق. 00 (1)حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني الليث، عن يونس، عن ابن شهابقال: الذي بيده عقدة النكاح، هي البكر التي يعفو وليها، فيجوز ذلك، ولا يجوز عفوها هي.حدثني المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال، أخبرنا ابن المبارك قال، أخبرنا يحيى بن بشر، أنه سمع عكرمة يقول: "إلا أن يعفون"، أن تعفو المرأة عن نصف الفريضة لها عليه فتتركه. فإن هي شحت إلا أن تأخذه، فلها ولوليها الذي أنكحها الرجل، عم، أو أخ، أو أب، أن يعفو عن النصف، فإنه إن شاء فعل وإن كرهت المرأة.حدثنا سعيد بن الربيع الرازي قال، حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة قال: أذن الله في العفو وأمر به، فإن امرأة عفت جاز عفوها، وإن شحت وضنت عفا وليها وجاز عفوه. حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم قال: الذي بيده عقدة النكاح، الولي.وقال آخرون: بل الذي بيده عقدة النكاح، الزوج. قالوا: ومعنى ذلك: أو يعفو الذي بيده نكاح المرأة فيعطيها الصداق كاملا. ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو عثمة قال، حدثنا حبيب، عن الليث، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن علي قال: الذي بيده عقدة النكاح، الزوج.حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا جرير بن حازم، عن عيسى بن عاصم الأسدي: أن عليا سأل شريحا عن الذي بيده عقدة النكاح فقال: هو الولي. فقال علي: لا، ولكنه الزوج. حدثنا ابن حميد قال، حدثنا إبراهيم قال، حدثنا جرير بن حازم، عن عيسى بن عاصم قال: سمعت شريحا قال: قال: قال لي علي: من الذي بيده عقدة النكاح؟ قلت: ولي المرأة. قال: لا، بل هو الزوج.حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا ابن مهدي قال، حدثنا حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس قال: هو الزوج.حدثني أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال: قلت لحماد بن سلمة: من الذي بيده عقدة النكاح؟ فذكر عن علي بن زيد، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس قال: الزوج.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا عبيد الله قال، أخبرنا إسرائيل، عن خصيف، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: هو الزوج.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا ابن فضيل، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن ابن عباس وشريح قالا: هو الزوج.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا ابن مهدي، عن عبد الله بن جعفر، عن واصل بن أبي سعيد، عن محمد بن جبير بن مطعم: أن أباه تزوج امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فأرسل بالصداق وقال: أنا أحق بالعفو.حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن صالح بن كيسان: أن جبيربن مطعم تزوج امرأة فطلقها قبل أن يبني بها، وأكمل لها الصداق، وتأول: "أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح".حدثنا أبوهشام قال، حدثنا ابن إدريس، عن محمد بن عمرو، عن نافع، عن جبير: أنه طلق امرأته قبل أن يدخل بها، فأتم لها الصداق وقال: أنا أحق بالعفو.حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثني عبد الله بن عون، عن محمد بن سيرين، عن شريح: "أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح"، قال: إن شاء الزوج أعطاها الصداق كاملا. حدثنا حميد قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا عبد الله بن عون، عن محمد بن سيرين بنحوه. حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن شريح قال: الذي بيده عقدة النكاح، الزوج.حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن عامر: أن شريحا قال:الذي بيده عقدة النكاح، الزوج. فرد ذلك عليه.حدثني أبو السائب قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن شريح قال: الذي بيده عقدة النكاح، هو الزوج. قال، وقال إبراهيم: وما يدري شريحا!. حدثنا أبو كريب قال، حدثنا معمر قال، حدثنا حجاج، عن شريح قال: هو الزوج. حدثنا أبو كريب قال، أخبرنا الأعمش، عن ابراهيم، عن شريح قال: هو الزوج. حدثنا أبو هشام قال، حدثنا أبو أسامة حماد بن زيد بن أسامة قال، حدثنا إسماعيل، عن الشعبي، عن شريح: "أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح"، وهو الزوج.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن أبي حصين، عن شريح قال:"الذي بيده عقدة النكاح"، قال: الزوج يتم لها الصداق.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا أبو معاوية، عن إسماعيل، عن الشعبي- وعن الحجاج، عن الحكم، عن شريح- وعن الأعمش، عن إبراهيم، عن شريح قال: هو الزوج. حدثنا أبو هشام قال، حدثنا وكيع قال، حدثنا إسماعيل، عن الشعبي، عن شريح قال: هو الزوج، إن شاء أتم لها الصداق، وإن شاءت عفت عن الذي لها. حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن محمد قال: قال شريح: "الذي بيده عقدة النكاح"، الزوج.حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن شريح: "أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح"، قال: إن شاء الزوج عفا فكمل الصداق.حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، عن شريح قال: هو الزوج.حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا، حدثنا ابن أبي عدي، عن عبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب قال: "الذي بيده عقدة النكاح"، قال: هو الزوج.حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبدة، عن سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب: "أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح"، قال: هو الزوج.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا ابن مهدي، عن حماد بن سلمة، عن قيس بن سعد، عن مجاهد قال: هو الزوج.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا وكيع قال، حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد قال: الزوج. حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى- وحدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل- جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح"، زوجها: ألق يتم لها الصداق كاملا.حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب- وعن ابن أبي نجيح عن مجاهد، وعن أيوب، عن ابن سيرين، عن شريح- قالوا: "الذي بيده عقدة النكاح "، الزوج. حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن ابن جريج قال، قال مجاهد: "الذي بيده عقدة النكاح"، الزوج، "أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح"، إتمام الزوج الصداق كله.حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن ابن جريج، عن عبد الله بن أبي مليكة قال، قال سعيد بن جبير: "الذي بيده عقدة النكاح"، الزوج.حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير قال: "الذي بيده عقدة النكاح"، هو الزوج. قال: وقال مجاهد وطاوس: هو الولي. قال قلت لسعيد: فإن مجاهدا وطاوسا يقولان: هو الولي؟ قال سعيد: فما تأمرني إذا؟ قال: أرأيت لو أن الولي عفا وأبت المرأة، أكان يجوز ذلك؟ فرجعت إليهما فحدثتهما، فرجعا عن قولهما وتابعا سعيدا.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا حميد، عن الحسن بن صالح، عن سالم الأفطس، عن سعيد قال: هو الزوج.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد، قال: هو الزوج، وقال طاوس ومجاهد: هو الولي- فكلمتهما في ذلك حتى تابعا سعيدا.حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبى بشر، عن سعيدبن جبير وطاوس ومجاهد بنحوه.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا أبو الحسين- يعني زيد بن الحباب- عن أفلح بن سعيد قال، سمعت محمد بن كعب القرظي قال: هو الزوج، أعطى ما عنده عفوا. حدثنا أبوهشام قال، حدثنا أبو داود الطيالسي، عن زهير، عن أبي إسحاق، عن الشعبي قال: هو الزوج.حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا عبد الله، عن نافع قال:"الذي بيده عقدة النكاح"، الزوج- "إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح"، قال: أما قوله: "إلا أن يعفون"، فهي المرأة التي يطلقها زوجها قبل أن يدخل بها. فإما أن تعفو عن النصف لزوجها، وإما أن يعفو الزوج فيكمل لها صداقها. حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع:"الذي بيده عقدة النكاح"، الزوج.حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن المسعودي، عن القاسم قال: كان شريح يجاثيهم على الركب ويقول: هو الزوج.حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا محمد بن حرب قال، حدثنا ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الذي بيده عقدة النكاح"، الزوج، يعفو أو تعفو.حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد قال، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: "أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح"، قال: الزوج، وهذا في المرأة يطلقها زوجها ولم يدخل بها وقد فرض لها، فلها نصف المهر، فإن شاءت تركت الذي لها وهو النصف، وإن شاءت قبضته.حدثنا ابن حميد قال، حدثنا مهران، وحدثني علي قال، حدثنا زيد، جميعاً، عن سفيان:" أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح"، الزوج.حدثني يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك قال: "الذي بيده عقدة النكاح"، الزوج.حدثنا ابن البرقي قال، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد بن عبد العزيز قال: سمعت تفسير هذه الآية: "إلا أن يعفون"، النساء، فلا يأخذن شيئا، "أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح"، الزوج، فيترك ذلك فلا يطلب شيئا. حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور قال، قال شريح في قوله: "إلا أن يعفون"، قال: يعفو النساء، "أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح"، الزوج.قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: المعني بقوله: "الذي بيده عقدة النكاح"، الزوج. وذلك لإجماع الجميع على أن ولي جارية بكر أو ثيب، صبية صغيرة كانت أو مدركة كبيرة، لو أبرأ زوجها من مهرها قبل طلاقه إياها، أو وهبه له أو عفا له عنه- أن إبراءه ذلك وعفوه له عنه باطل، وأن صداقها عليه ثابت ثبوته قبل إبرائه إياه منه. فكان سبيل ما أبرأه من ذلك بعد طلاقه إياها، سبيل ما أبرأه منه قبل طلاقه إياها.وأخرى: أن الجميع مجمعون على أن ولي امرأة محجور عليها أو غير محجور عليها، لو وهب لزوجها المطلقها بعد بينونتها منه درهما من مالها، على غير وجه العفو منه عما وجب لها من صداقها قبله، أن هبته ما وهب من ذلك مردودة باطلة. وهم مع ذلك مجمعون على أن صداقها مال من مالها، فحكمه حكم سائر أموالها.وأخرى: أن الجميع مجمعون على أن بني أعمام المرأة البكر وبني إخوتها من أبيها وأمها من أوليائها، وأن بعضهم لو عفا عن مالها لزوجها، قبل دخوله بها، أو بعد دخوله بها-: أن عفوه ذلك عما عفا له عنه منه باطل، وأن حق المرأة ثابت عليه بحاله. فكذلك سبيل عفو كل ولي لها كائنا من كان من الأولياء، والدا كان أو جدا أو خالا. لأن الله تعالى ذكره لم يخصص بعض الذين بأيديهم عقد النكاح دون بعض في جواز عفوه، إذا كانوا ممن يجوز حكمه في نفسه وماله. ويقال لمن أبى ما قلنا، ممن زعم أن "الذي بيده عقدة النكاح"، ولي المرأة: هل يخلو القول في ذلك من أحد أمرين، إذ كان الذي بيده عقدة النكاح هو الولي عندك: إما أن يكون ذلك كل ولي جاز له تزويج وليته، أو يكون ذلك بعضهم دون بعض؟ فلن يجد إلى الخروج من أحد هذين القسمين سبيلا. فإن قال: إن ذلك كذلك. قيل له: فأي ذلك عني به؟.فإن قال: لكل ولي جاز له تزويج وليته. قيل له: أفجائز للمعتق أمة تزويج مولاته بإذنها بعد عتقه إياهما؟.فإن قال: نعم!. قيل له: أفجائز عفوه إن عفا عن صداقها لزوجها بعد طلاقه إياها قبل المسيس؟. فإن قال: نعم! خرج من قول الجميع. وإن قال: لا! قيل له: ولم؟ وما الذي حظر ذلك عليه وهو وليها الذي بيده عقدة نكاحها؟. ثم يعكس القول عليه في ذلك، وشمال الفرق بينه وبين عفو سائر الأولياء غيره. وإن قال: لبعض دون بعض. سئل البرهان على خصوص ذلك، وقد عمه الله تعالى ذكره فلم يخصص بعضا دون بعض.ويقال له: من المعني به، إن كان المراد بذلك بعض الأولياء دون بعض؟. فإن أومأ في ذلك إلى بعض منهم، سئل البرهان عليه، وعكس القول فيه، وعورض في قوله ذلك بخلاف دعواه. ثم لن يقول في ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله.فإن ظن ظان أن المرأة إذا فارقها زوجها فقد بطل أن يكون بيده عقدة نكاحها، والله تعالى ذكره إنما أجاز عفو الذي بيده عقدة نكاح المطلقة، فكان معلوما بذلك أن الزوج غير معني به، وأن المعني به هو الذي بيده عقدة نكاح المطلقة بعد بينونتها من زوجها. وفي بطول ذلك أن يكون حينئذ بيد الزوج، صحة القول أنه بيد الولي الذي إليه عقد النكاح إليها. وإذا كان ذلك كذلك، صح القول بأن الذي بيده عقدة النكاح هو الولي، فقد أغفل (1) وظن خطا. وذلك أن معنى ذلك: أو يعفو الذي بيده عقدة نكاحه، وإنما أدخلت الألف واللام في النكاح
بدلا من الإضافة إلى الهاء التي كان النكاح- لو لم يكونا فيه- مضافا إليها، كما قال الله تعالى ذكره: "فإن الجنة هي المأوى" [النازعات: 41]، بمعنى: فإن الجنة مأواه، وكما قال نابغة بني ذبيان:
لهم شيمة لم يعطها الله غيرهم من الناس، فالأحلام غير عوازب
بمعنى: فأحلامهم غير عوازب. والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى.فتأويل الكلام: إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة نكاحه، وهو الزوج الذي بيده عقدة نكاح نفسه في كل حال قبل الطلاق وبعده، لا أن معناه: أو يعفو الذي بيده عقدة نكاحهن، فيكون تأويل الكلام ما ظنه القائلون أنه الولي ولي المرأة. لأن ولي المرأة لا يملك عقدة نكاح المرأة بغير إذنها، إلا في حال طفولتها، وتلك حال لا يملك العقد عليها إلا بعض أوليائها، في قول أكثر من رأى أن الذي بيده عقدة النكاح الولي. ولم يخصص الله تعالى ذكره بقوله: "أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح" بعضا منهم، فيجوز توجيه التأويل إلى ما تأولوه، لو كان لما قالوا في ذلك وجه.وبعد، فإن الله تعالى ذكره إنما كنى بقوله: "وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون"، عن ذكر النساء اللاتي قد جرى ذكرهن في الآية قبلها، وذلك قوله: "لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن"، والصبايا لا يسمين نساء، وإنما يسمين صبايا أو جواري، وإنما النساء في كلام العرب أجمع، اسم المرأة، ولا تقول العرب للطفلة والصبية والصغيرة امرأة، كما لا تقول للصبي الصغير رجل .وإذ كان ذلك كذلك، وكان قوله: "أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح"، عند الزاعمين أنه الولي إنما هو: أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح عما وجب لوليته التي تستحق أن يولي عليها مالها إما الصغر وإما السفه، والله تعالى ذكره إنما اقتص في الآيتين قصص النساء المطلقات لعموم الذكر دون خصوصه، وجعل لهن العفو بقوله: "إلا أن يعفون"، كان معلوما بقوله: "إلا أن يعفون"، أن المعنيات منهن بالآيتين اللتين ذكرهن فيهما جميعهن دون بعض، إذ كان معلوما أن عفو من تولى عليه ماله منهن باطل. وإذ كان ذلك كذلك، فبين أن التأويل في قوله: أو يعفو الذي بيده عقدة نكاحهن، يوجب أن يكون الأولياء الثيبات الرشد البوالغ، من العفو عما وجب لهن من الصداق بالطلاق قبل المسيس، مثل الذي لأولياء الأطفال الصغار المولي عليهن أموالهن السفه. وفي إنكار القائلين: إن الذي بيده عقدة النكات الولي ، عفو أولياء الثيبات الرشد البوالغ على ما وصفنا، وتفريقهم بين أحكامهم وأحكام أولياء الآخر- ما أبان عن فساد تأويلهم الذي تأولوه في ذلك. ويسأل القائلون بقولهم في ذلك، الفرق بين ذلك من أصل أو نظير، فلن يقولوا في شيء من ذلك قولا إلا ألزموا في خلافه مثله.قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل فيمن خوطب بقوله: "وأن تعفوا أقرب للتقوى". فقال بعضهم: خوطب بذلك الرجال والنساء.ذكر من قال ذلك:حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن جريج يحدث، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس: "وأن تعفوا أقرب للتقوى"، قال: أقربهما للتقوى الذي يعفو.حدثنا ابن البرقي قال، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد بن عبد العزيز قال: سمعت تفسير هذه الآية: "وأن تعفوا أقرب للتقوى"، قال: يعفون جميعا. فتأويل الآية على هذا القول: وأن يعفو، أيها الناس، بعضكم عما وجب له قبل صاحبه من الصداق قبل الافتراق عند الطلاق، أقرب له إلى تقوى الله. وقال اخرون: بل الذين خوطبوا بذلك أزواج المطلقات.ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي: "وأن تعفوا أقرب للتقوى"، وأن يعفو هو أقرب للتقوى. فتأويل ذلك على هذا القول: وأن تعفوا أيها المفارقون أزواجهم، فتتركوا لهن ما وجب لكم الرجوع به عليهن من الصداق الذي سقتموه إليهن، أو تتموا لهن- بإعطائكم إياهن الصداق الذي كنتم سميتم لهن في عقدة النكاح إن لم تكونوا سقتموه إليهن- أقرب لكم إلى تقوى الله.قال أبو جعفر: والذي هو أولى القولين بتأويل الآية عندي في ذلك، ما قاله ابن عباس، وهو أن معنى ذلك: وأن يعفو بعضكم لبعض، أيها الأزواج والزوجات، بعد فراق بعضكم بعضا عما وجب لبعضكم قبل بعض، فيتركه له إن كان قد بقي له قبله. وإن لم يكن بقي له، فبأن يوفيه بتمامه، أقرب لكم إلى تقوى الله.فإن قال قائل: وما في الصفح عن ذلك من القرب من تقوى الله، فيقال للصافح العافي عما وجب له قبل صاحبه: فعلك ما فعلت أقرب لك إلى تقوى الله؟.قيل له: الذي في ذلك من قربه من تقوى الله، مسارعته في عفوه ذلك إلى ما ندبه الله إليه، ودعاه وحضه عليه. فكان فعله ذلك- إذا فعله ابتغاء مرضاة الله، وإيثار ما ندبه إليه على هوى نفسه- معلوما به، إذ كان مؤثرا فعل ما ندبه إليه مما لم يفرضه عليه على هوى نفسه: أنه لما فرضه عليه وأوجبه أشد إيثارا، ولما نهاه أشد تجنبا. وذلك هو قربه من التقوى.قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولا تغفلوا، أيها الناس، الأخذ بالفضل بعضكم على بعض فتتركوه، ولكن ليتفضل الرجل المطلق زوجته قبل مسيسها، فيكمل لها تمام صداقها إن كان لم يعطها جميعه. وإن كان قد ساق إليها جميع ما كان فرض لها، فليتفضل عليها بالعفو عما يجب له ويجوز له الرجوع به عليها، وذلك نصفه. فإن شح الرجل بذلك وأبى إلا الرجوع بنصفه عليها، فتتفضل المرأة المطلقة عليه برد جميعه عليه، إن كانت قد قبضته منه. وإن لم تكن قبضته، فتعفو عن جميعه. فإن هما لم يفعلا ذلك وشحا وتركا ما ندبهما الله إليه- من أخذ أحدهما على صاحبه بالفضل- فلها نصف ما كان فرض لها في عقد النكاح وله نصفه.وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك: حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا ابن أبي ذئب، عن سعيد بن جبيربن مطعم، عن أبيه جبير: أنه دخل على سعد بن أبي قاص فعرض عليه ابنة له فتزوجها، فلما خرج طلقها وبعث إليها بالصداق. قال: قيل له: فلم تزوجتها؟ قال: عرضها علي فكرهت ردها! قيل: فلم تبعث بالصداق؟ قال: فأين الفضل؟. حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن أبي زائدة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"ولا تنسوا الفضل بينكم"، قال: إتمام الزوج الصداق، أو ترك المرأة الشطر.حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "ولا تنسوا الفضل بينكم"، قال: إتمام الصداق، أو ترك المرأة شطره.حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله. حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد: "ولا تنسوا الفضل بينكم"، في هذا وفي غيره.حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: "ولا تنسوا الفضل بينكم "، قال يقول: ليتعاطفا.حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير"، يرغبكم الله في المعروف ويحثكم على الفضل. حدثنا يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله:"ولا تنسوا الفضل بينكم"، قال: المرأة يطلقها زرجها وقد فرض لها ولم يدخل بها، فلها نصف الصداق. فأمر الله أن يترك لها نصيبها، وإن شاء أن يتم المهر كاملا. وهو الذي ذكر الله: "ولا تنسوا الفضل بينكم ".حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "ولا تنسوا الفضل بينكم"، حض كل واحد على الصلة- يعني الزوج والمرأة، على الصلة. حدثني المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال، أخبرنا ابن المبارك قال، أخبرنا يحيى بن بشر: أنه سمع عكرمة يقول في قول الله: "ولا تنسوا الفضل بينكم"، وذلك الفضل هو النصف من الصداق، وأن تعفو عنه المرأة للزوج أو يعفو عنه وليها.حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "ولا تنسوا الفضل بينكم"، قال: يعفى عن نصف الصداق أو بعضه.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا مهران، وحدثني علي قال، حدثنا زيد، جميعا، عن سفيان:"ولا تنسوا الفضل بينكم"، قال: حث بعضهم على بعض في هذا وفي غيره، حتى في عفو المرأة عن الصداق، والزوج بالإتمام. حدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك: "ولا تنسوا الفضل بينكم"، قال: المعروف. حدثنا ابن البرقي قال، حدثنا عمرو، عن سعيد قال، سمعت تفسير هذه الآية: "ولا تنسوا الفضل بينكم "، قال: لا تنسوا الإحسان.قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: "إن الله بما تعملون"، أيها الناس، مما ندبكم إليه وحضكم عليه، من عفو بعضكم لبعض عما وجب له قبله من حق بسبب النكاح الذي كان بينكم وبين أزواجكم، وتفضل بعضكم على بعض في ذلك، وفي غيره مما تأتون وتذرون من أموركم في أنفسكم وغيركم مما حثكم الله عليه وأمركم به أو نهاكم عنه، "بصير"، يعني بذلك: ذو بصر، لا يخفى عليه منه شيء من ذلك، بل هو يحصيه عليكم ويحفظه، حتى يجازي ذا الإحسان منكم على إحسانه، وذا الإساءة منكم كم على إساءته.
فيه ثمان مسائل :
الأولى : اختلف الناس في هذه الآية : فقالت فرقة منها مالك وغيره ، إنها مخرجة المطلقة بعد الفرض من حكم التمتع ، إذ يتناولها قوله تعالى : " ومتعوهن " وقال ابن المسيب : نسخت هذه الآية الآية التي في (( الأحزاب )) لأن تلك تضمنت تمتيع كل من لم يدخل بها ، وقال قتادة : نسخت هذه الآية الآية التي قبلها .
قلت : قول سعيد و قتادة فيه نظر ، إذ شرط النسخ غير موجود والجمع ممكن وقال ابن القاسم في المدونة : كان المتاع لكل مطلقة بقوله تعالى : " وللمطلقات متاع بالمعروف " ولغير المدخول بها بالآية التي في سورة (( الأحزاب )) فاستثنى الله تعالى المفروض لها قبل الدخول بها بهذه الآية ، وأثبت للمفروض لها نصف ما فرض فقط ، وقال فريق من العلماء منهم أبو ثور : المتعة لكل مطلقة عموماً ، وهذه الآية إنما بينت أن المفروض لها تأخذ نصف ما فرض لها ، ولم يعن بالآية إسقاط متعتها ، بل لها المتعة ونصف المفروض .
الثانية : قوله تعالى : " فنصف ما فرضتم " أي فالواجب نصف ما فرضتم ، أي من المهر فالنصف للزوج والنصف للمرأة بإجماع والنصف الجزء من اثنين ، فيقال : نصف الماء القدح أي بلغ نصفه ، ونصف الإزار الساق ، وكل شيء بلغ نصف غيره فقد نصفه ، وقرأ الجمهور (( فنصف )) بالرفع ، وقرأت (( فنصف )) بنصب الفاء ، المعنى فادفعوا نصف ، وقرأ علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت (( فنصف )) بضم النون في جميع القرآن وهي لغة ، وكذلك روى الأصمعي قراءة عن أبي عمرو بن العلاء يقال : نصف ونصف ونصيف ، لغات ثلاث في النصف ، وفي الحديث : " لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدكم ولا نصيفه " ، أي نصفه ، والنصيف أيضاً القناع .
الثالثة : إذا أصدقها ثم طلقها قبل الدخول ونما الصداق في يدها فقال مالك : كل عرض أصدقها أو عبد فنماؤهما لهما جميعاً ونقصانه بينهما ، وتواه عليهما جميعاً ليس على المرأة منه شيء ، فإن أصدقها عيناً ذهباً أو ورقاً فاشتريت به عبداً أو داراً أو أشتريت به منه أو من غيره طيباً أو شواراً أو غير ذلك مما لها التصرف فيه لجهازها وصلاح شأنها في بقائها معه فذلك كله بمنزلة ما لو أصدقها إياه ، ونماؤه ونقصانه بينهما ، وإن طلقها قبل الدخول لم يكن لها إلا نصفه ، وليس عليها أن تغرم له نصف ما قبضته منه ، وإن اشتريت به أو منه شيئاً تختص به فعليها أن تغرم له نصف صداقها الذي قبضت منه ، وكذلك لو اشترت من غيره عبداً أو داراً بالألف الذي أصدقها ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف الألف .
الرابعة : لا خلاف أن من دخل بزوجته ثم مات عنها وقد سمى لها أن لها ذلك المسمى كاملاً والميراث ، وعليها العدة .
واختلفوا في الرجل يخلو بالمرأة ولم يجامعها حتى فارقها ، فقال الكوفيون و مالك : عليه جميع المهر ، وعليها العدة ، لخبر ابن مسعود قال : قضى الخلفاء الراشدون فيمن أغلق باباً أو أرخى ستراً أن لها الميراث وعليها العدة ، وروي مرفوعاً خرجه الدارقطني وسيأتي في (( النساء )) و الشافعي لا يوجب مهراً كاملاً ، ولا عدة إذا لم يكن دخول ، لظاهر القرآن قال شريح : لم أسمع الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه باباً ولا ستراً ، إذا زعم أنه لم يمسها فلها نصف الصداق ، وهو مذهب ابن عباس ، وسيأتي ما لعلمائنا في هذا في سورة (( النساء )) إن شاء الله تعالى عند قوله تعالى : " وقد أفضى بعضكم إلى بعض " [ النساء : 21 ] .
الخامسة : قوله تعالى : " إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " الآية " إلا أن يعفون " استثناء منقطع ، لأن عفوهن عن النصف ليس من جنس أخذهن و (( يعفون )) معناه يتركن ويصفحن ، ووزنه يفعلن ، والمعنى إلا أن يتركن النصف الذي وجب لهن عند الزوج ، ولم تسقط النون مع (( أن )) لأن جمع المؤنث في المضارع على حالة واحدة في الرفع والنصب والجزم ، فهي ضمير وليست بعلامة إعراب فلذلك لم تسقط ، ولأنه لو سقطت النون لأشبه بالمذكر ، والعافيات في هذه الآية كل امرأة تملك أمر نفسها ، فأذن الله سبحانه وتعالى لهن في إسقاطه بعد وجوبه ، إذ جعله خالص حقهن ، فيتصرفن فيه بالإمضاء والإسقاط كيف شئن ، إذا ملكن أمر أنفسهن وكن بالغات عاقلات راشدات ، وقال ابن عباس وجماعة من الفقهاء والتابعين : ويجوز عفو البكر التي لا ولي لها ، وحكاه سحنون في المدونة عن غير ابن القاسم بعد أن ذكر لـ ابن القاسم أن وضعها نصف الصداق لا يجوز ، وأما التي في حجر أب أو وصي فلا يجوز وضعها لنصف صداقها قولاً واحداً ، ولا خلاف فيه فيما أعلم .
السادسة : قوله تعالى : " أو يعفو الذي بيده " معطوف على الأول مبني ، وهذا معرب ، وقرأ الحسن (( أو يعفو )) ساكنة الواو ، كأنه استثقل الفتحة في الواو ، واختلف الناس في المراد بقوله تعالى : " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " فروى الدارقطني عن جبير بن مطعم أنه تزوج امرأة من بني نصر فطلقها قبل أن يدخل بها ، فأرسل إليها بالصداق كاملاً وقال : أنا أحق بالعفو منها ، قال الله تعالى : " إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " وأنا أحق بالعفو منها ، وتأول قوله تعالى : " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " يعني نفسه في كل حال قبل الطلاق وبعده ، أي عقدة نكاحه ، فلما أدخل اللام حذف الهاء كقوله : " فإن الجنة هي المأوى " [ النازعات : 41 ] ، أي مأواه قال النابغة :
لهم شيمة لم يعطها الله غيرهم من الجود والأحلام غير عوازب
أي أحلامهم ، وكذلك قوله : " عقدة النكاح " أي عقدة نكاحه ، وروى الدراقطني مرفوعاً من حدث قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ك " ولي عقدة النكاح الزوج " ، وأسند هذا عن علي وابن عباس و سعيد بن المسيب و شريح ، قال : وكذلك قال : نافع بن جبير و محمد بن كعب و طاوس و مجاهد و الشعبي و سعيد بن جبير ، زاد غيره و مجاهد و الثوري ، واختاره أبو حنيفة ، وهو الصحيح من قول الشافعي ، كلهم لا يرى سبيلاً للوالي على شيء من صداقها ، للإجماع على أن الولي لو أبرأ الزوج من المهر قبل الطلاق لم يجز فكذلك بعده ، وأجمعوا على أن الولي لا يملك أن يهب شيئاً من مالها ، والمهر مالها ، وأجمعوا على أن من الأولياء من لا يجوز عفوهم وهو بنو العم وبنو الإخوة ، فكذلك الأب ، والله أعلم ، ومنهم من قال هو الولي ، أسنده الدارقطني أيضاً عن ابن عباس قال : وهو قول إبراهيم و علقمة و الحسن ، زاد غيره و عكرمة و طاوس و عطاء و أبي الزناد و زيد بن أسلم و ربيعة و محمد بن كعب و ابن شهاب و الأسود بن يزيد و الشعبي و قتادة و مالك و الشافعي في القديم ، فيجوز للأب العفو عن نصف صداق ابنته البكر إذا طلقت ، بلغت المحيض أم لم تبلغه ، قال عيسى بن دينار : ولا ترجع بشيء منه على أبيها ، والدليل على أن المراد الولي أن الله سبحانه وتعالى قال في أول الآية : " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم " ، فذكر الأزواج وخاطبهم بهذا الخطاب ، ثم قال : " إلا أن يعفون " فذكر النسوان : " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " فهو ثاث فلا يرد إلى الزوج المتقدم إلا لو لم يكن لغيره وجود ، وقد وجد وهو الولي فهو المراد ، قال معناه مكي وذكره ابن العربي ، وأيضاً فإن الله تعالى قال : " إلا أن يعفون " ومعلوم أنه ليس كل امرأة تعفو ، فإن الصغيرة والمحجور عليها لا عفو لهما ، فبين الله القسمين فقال : " إلا أن يعفون " أي إن كن لذلك أهلاً ، " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " وهو الولي ، لأن الأمر فيه إليه ، وكذلك روى ابن وهب و أشهب و ابن عبد الحكم و ابن القاسم عن مالك أنه الأب في ابنته البكر والسيد في أمته وإنما يجوز عفو الولي إذا كان من أهل السداد ، ولا يجوز عفوه إذا كان سفيهاً ، فإن قيل : لا نسلم أنه الولي بل هو الزوج ، وهذا الاسم أولى به ، لأنه أملك للعقد من الولي على ما تقدم فالجواب ، أنا لا نسلم أن الزوج أملك للعقد من الأب في ابنته البكر ، بل أب البكر يملكه خاصة دون الزوج ، لأن المعقود عليه هو بضع البكر ، ولا يملك الزوج أن يعقد على ذلك بل الأب يملكة وقد أجاز شريح عفو الأخ عن نصف المهر ، وكذلك قال عكرمة : يجوز عفو الذي عقد عقدة النكاح بينهما ، كان عماً أو أباً أو أخاً وإن كرهت ، وقرأ أبو نهيك و الشعبي (( أو يعفو )) بإسكان الواو على التشبيه بالألف ومثله قول الشاعر :
فما سودتني عامر عن وراثة أبى الله أن أسمو بأم ولا أب
السابعة : قوله تعالى : " وأن تعفوا أقرب للتقوى " ابتداء وخبر ، والأصل تعفووا أسكنت الواو الأولى لثقل حركتها ثم حذفت لالتقاء الساكنين ، وهو خطاب للرجال والنساء في قول ابن عباس فغلب الذكور ، واللام بمعنى إلى ، أي أقرب إلى التقوى ، وقرأ الجمهور (( تعفو )) بالتاء باثنتين من فوق وقرأ أبو نهيك و الشعبي (( وأن تعفوا )) بالياء ، وذلك راجع إلى الذي بيده عقدة النكاح .
قلت : ولم يقرأ (( وأن تعفون )) بالتاء فيكون للنساء ، وقرأ الجمهور " ولا تنسوا الفضل " بضم الواو ، وكسرها يحيى بن يعمر ، وقرأ علي و مجاهد و أبو حيوة و ابن أبي عبلة (( ولا تناسوا الفضل )) وهي قراءة متمكنة المعنى ، لأنه موضع تناس لا نسيان إلا على التشبيه قال مجاهد : الفضل إتمام الرجل الصداق كله ، أو ترك المرأة النصف الذي لها .
الثامنة : قوله تعالى : " إن الله بما تعملون بصير " خبر في ضمنه الوعد للمحسن والحرمان لغير المحسن ، أي لا يخفى عليه عفوكم واستقضاؤكم .
وهذه الاية الكريمة مما يدل على اختصاص المتعة بما دلت عليه الاية الأولى, حيث إنما أوجب في هذه الاية نصف المهر المفروض إذا طلق الزوج قبل الدخول, فإنه لو كان ثم واجب آخر من متعة لبينها لا سيما وقد قرنها بما قبلها من اختصاص المتعة بتلك الاية, والله أعلم. وتشطير الصداق والحالة هذه أمر مجمع عليه بين العلماء, لا خلاف بينهم في ذلك, فإنه متى كان قد سمى لها صداقاً ثم فارقها قبل دخوله بها, فإنه يجب لها نصف ما سمى من الصداق, إلا أن عند الثلاثة أنه يجب جميع الصداق إذا خلا بها الزوج وإن لم يدخل بها, وهو مذهب الشافعي في القديم, وبه حكم الخلفاء الراشدون, لكن قال الشافعي: أخبرنا مسلم بن خالد, أخبرنا ابن جريج عن ليث بن أبي سليم, عن طاوس, عن ابن عباس أنه قال في الرجل يتزوج المرأة فيخلو بها ولا يمسها ثم يطلقها: ليس لها إلا نصف الصداق, لأن الله يقول: "وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم" قال الشافعي: بهذا أقول, وهو ظاهر الكتاب. قال البيهقي وليث بن أبي سليم, وإن كان غير محتج به, فقد رويناه من حديث ابن أبي طلحة عن ابن عباس فهو مقوله.
وقوله: "إلا أن يعفون" أي النساء, عما وجب لها على زوجها, فلا يجب لها عليه شيء, قال السدي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله: "إلا أن يعفون" قال: إلا أن تعفو الثيب فتدع حقها. قال الإمام أبو محمد بن أبي حاتم رحمه الله: روي عن شريح وسعيد بن المسيب وعكرمة ومجاهد والشعبي والحسن ونافع وقتادة وجابر بن زيد وعطاء الخراساني والضحاك والزهري ومقاتل بن حيان وابن سيرين والربيع بن أنس والسدي نحو ذلك. قال: وخالفهم محمد بن كعب القرظي فقال: "إلا أن يعفون" يعني الرجال, وهو قول شاذ لم يتابع عليه, انتهى كلامه.
وقوله: "أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح" قال ابن أبي حاتم: ذكر عن ابن لهيعة حدثني عمرو بن شعيب, عن أبيه عن جده, عن النبي صلى الله عليه وسلم, قال "ولي عقد النكاح الزوج" وهكذا أسنده ابن مردويه من حديث عبد الله بن لهيعة به, وقد أسنده ابن جرير عن ابن لهيعة, عن عمرو بن شعيب, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ولم يقل عن أبيه عن جده, فالله أعلم. ثم قال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن حبيب, حدثنا أبو داود, حدثنا جابر يعني ابن أبي حازم, عن عيسى يعني ابن عاصم, قال: سمعت شريحاً يقول: سألني علي بن أبي طالب عن الذي بيده عقدة النكاح, فقلت له: هو ولي المرأة, فقال علي: لا, بل هو الزوج, ثم قال: وفي إحدى الروايات عن ابن عباس وجبير بن مطعم وسعيد بن المسيب وشريح في أحد قوليه, وسعيد بن جبير ومجاهد والشعبي وعكرمة ونافع ومحمد بن سيرين والضحاك ومحمد بن كعب القرظي وجابر بن زيد وأبي مجلز والربيع بن أنس وإياس بن معاوية ومكحول ومقاتل بن حيان, أنه الزوج (قلت) وهذا هو الجديد من قولي الشافعي, ومذهب أبي حنيفة وأصحابه, والثوري وابن شبرمة والأوزاعي, واختاره ابن جرير, ومأخذ هذا القول أن الذي بيده عقدة النكاح حقيقة الزوج, فإن بيده عقدها وإبرامها ونقضها وانهدامها, وكما أنه لا يجوز للولي, أن يهب شيئاً من مال المولية للغير, فكذلك في الصداق, قال: والوجه الثاني حدثنا أبي حدثنا ابن أبي مريم, حدثنا محمد بن مسلم, حدثنا عمرو بن دينار, عن ابن عباس ـ في الذي ذكر الله بيده عقدة النكاح ـ قال: ذلك أبوها أو أخوها أو من لا تنكح إلا بإذنه. وروي عن علقمة والحسن وعطاء وطاوس والزهري وربيعة وزيد بن أسلم وإبراهيم النخعي وعكرمة في أحد قوليه, ومحمد بن سيرين في أحد قوليه أنه الولي. وهذا مذهب مالك, وقول الشافعي في القديم, ومأخذه أن الولي هو الذي أكسبها إياه, فله التصرف فيه بخلاف سائر مالها. وقال ابن جرير: حدثنا سعيد بن الربيع الرازي, حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عكرمة, قال: أذن الله في العفو وأمر به, فأي امرأة عفت جاز عفوها, فإن شحت وضنت عفا وليها جاز عفوه, وهذا يقتضي صحة عفو الولي وإن كانت رشيدة, وهو مروي عن شريح, لكن أنكر عليه الشعبي, فرجع عن ذلك وصار إلى أنه الزوج وكان يباهل عليه.
وقوله: " وأن تعفوا أقرب للتقوى ". قال ابن جرير : قال بعضهم: خوطب به الرجال والنساء, حدثني يونس, أنبأنا ابن وهب, سمعت ابن جريج يحدث عن عطاء بن أبي رباح, عن ابن عباس "وأن تعفوا أقرب للتقوى" قال: أقربهما للتقوى الذي يعفو, وكذا روي عن الشعبي وغيره. وقال مجاهد والنخعي والضحاك ومقاتل بن حيان والربيع بن أنس والثوري: الفضل ـ ههنا ـ أن تعفوا المرأة عن شطرها أو إتمام الرجل الصداق لها, ولهذا قال "ولا تنسوا الفضل بينكم" أي الإحسان, قاله سعيد, وقال الضحاك وقتادة والسدي وأبو وائل المعروف: يعني لا تهملوه بل استعملوه بينكم, وقد قال أبو بكر بن مردويه, حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم, حدثنا موسى بن إسحاق, حدثنا عقبة بن مكرم, حدثنا يونس بن بكير, حدثنا عبد الله بن الوليد الرصافي عن عبد الله بن عبيد, عن علي بن أبي طالب, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليأتين على الناس زمان عضوض, يعض المؤمن على ما في يديه وينسى الفضل, وقد قال الله تعالى: "ولا تنسوا الفضل بينكم" شرار يبايعون كل مضطر" وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر وعن بيع الغرر , فإن كان عندك خير فعد به على أخيك ولا تزده هلاكاً إلى هلاكه, فإن المسلم أخو المسلم لا يحزنه ولا يحرمه. وقال سفيان: عن أبي هارون, قال: رأيت عون بن عبد الله في مجلس القرظي, فكان عون يحدثنا ولحيته ترش من البكاء, ويقول صحبت الأغنياء فكنت من أكثرهم هماً حين رأيتهم أحسن ثياباً, وأطيب ريحاً, وأحسن مركباً, وجالست الفقراء فاسترحت بهم, وقال "ولا تنسوا الفضل بينكم" إذا أتاه السائل وليس عنده شيء فليدع له, رواه ابن أبي حاتم "إن الله بما تعملون بصير" أي لا يخفى عليه شيء من أموركم وأحوالكم, وسيجزي كل عامل بعمله.
قوله: 237- "وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن" الآية، فيه دليل على أن المتعة لا تجب لهذه المطلقة لوقوعها في مقابلة المطلقة قبل البناء والفرض التي تستحق المتعة. وقوله: " فنصف ما فرضتم " أي: فالواجب عليكم نصف ما سميتم لهن من المهر وهذا مجمع عليه. وقرأ الجمهور "فنصف" بالرفع. وقرأ من عدا الجمهور بالنصب: أي فادفعوا نصف ما فرضتم وقرئ أيضاً بضم النون وكسرها وهما لغتان. وقد وقع الاتفاق أيضاً على أن المرأة التي لم يدخل بها زوجها ومات وقد فرض لها مهراً تستحقه كاملاً بالموت، ولها الميراث وعليها العدة. واختلفوا في الخلوة هل تقوم مقام الدخول وتستحق المرأة بها كمال المهر كما تستحقه بالدخول أم لا؟ فذهب إلى الأول مالك والشافعي في القديم والكوفيون والخلفاء الراشدون وجمهور أهل العلم، وتجب عندهم أيضاً العدة. وقال الشافعي في الجديد: لا يجب إلا نصف المهر، وهو ظاهر الآية لما تقدم من أن المسيس هو الجماع ولا تجب عنده العدة، وإليه ذهب جماعة من السلف قوله: "إلا أن يعفون" أي المطلقات، ومعناه: يتركن ويصفحن، ووزنه يفعلن، وهو استثناء مفرغ من أعم العام، وقيل منقطع، ومعناه: يتركن النصف الذي يجب لهن على الأزواج. ولم تسقط النون مع إن، لأن جمع المؤنث في المضارع على حالة واحدة في الرفع والنصب والجزم لكون النون ضميراً وليست بعلامة إعراب كما في المذكر في قولك: الرجال يعفون، وهذا عليه جمهور المفسرين. وروي عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: "إلا أن يعفون" يعني الرجال وهو ضعيف لفظاً. ومعنى قوله: " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " معطوف على محل قوله: "إلا أن يعفون" لأن الأول مبني وهذا معرب، قيل: هو الزوج، وبه قال جبير بن مطعم وسعيد بن المسيب وشريح وسعيد بن جبير ومجاهد والشعبي وعكرمة ونافع وابن سيرين والضحاك ومحمد بن كعب القرظي وجابر بن زيد وأبوا مجلز والربيع بن أنس وإياس بن معاوية ومكحول ومقاتل بن حيان وهو الجديد من قولي الشافعي، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري وابن شبرمة والأوزاعي ورجحه ابن جرير. وفي هذا القول قوة وضعف، أما قوته فلكون الذي بيده عقدة النكاح حقيقة هو الزوج، لأنه هو الذي إليه رفعه بالطلاق، وأما ضعفه فلكون العفو منه غير معقول، وما قالوا به من أن المراد بعفوه أن يعطيها المهر كاملاً غير ظاهر. لأن العفو لا يطلق على الزيادة. وقيل المراد بقوله: " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " هو الولي، وبه قال النخعي وعلقمة والحسن وطاوس وعطاء وأبو الزناد وزيد بن أسلم وربيعة والزهري والأسود بن يزيد والشعبي وقتادة ومالك والشافعي في قوله القديم، وفيه قوة وضعف، أما قوته فلكون معنى العفو فيه معقولاً، وأما ضعفه فلكون عقدة النكاح بيد الزوج لا بيده، ومما يزيد هذا القول ضعفاً أنه ليس للولي أن يعفو عن الزوج مما لا يملكه. وقد حكى القرطبي الإجماع على أن الولي لا يملك شيئاً من مالها، والمهر مالها. فالراجح ما قاله الأولون لوجهين: الأول أن الزوج هو الذي بيده عقدة النكاح حقيقة. الثاني أن عفوه بإكمال المهر هو صادر عن المالك مطلق التصرف بخلاف الولي، وتسمية الزيادة عفواً وإن كان خلاف الظاهر، لكن لما كان الغالب أنهم يسوقون المهر كاملاً عند العقد كان العفو معقولاً، لأنه تركه لها ولم يسترجع النصف منه، ولا يحتاج في هذا إلى أن يقال إنه من باب المشاكلة كما في الكشاف، لأنه عفو حقيقي: أي ترك لما يستحق المطالبة به، إلا أن يقال إنه مشاكلة، أو يطيب في توفية المهر قبل أن يسوقه الزوج. قوله: " وأن تعفوا أقرب للتقوى " قيل: هو خطاب للرجال والنساء تغليباً، وقرأه الجمهور بالتاء الفوقية، وقرأ أبو نهيك والشعبي بالياء التحتية، فيكون الخطاب مع الرجال. وفي هذا دليل على ما رجحناه من أن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج، لأن عفو الولي عن شيء لا يملكه ليس هو أقرب إلى التقوى، بل أقرب إلى الظلم والجور. قوله: "ولا تنسوا الفضل بينكم" قرأه الجمهور بضم الواو، وقرأ يحيى بن يعمر بكسرها وقرأ علي ومجاهد وأبو حيوة وابن أبي عبلة ولا تناسوا والمعنى: أن الزوجين لا ينسيان التفضل من كل واحد منهما على الآخر، ومن جملة ذلك أن تتفضل المرأة بالعفو عن النصف ويتفضل الرجل عليها بإكمال المهر، وهو إرشاد للرجال والنساء من الأزواج إلى ترك التقصي على بعضهم بعضاً، والمسامحة فيما يستغرقه أحدهما على الآخر للوصلة التي قد وقعت سهماً من إفضاء البعض إلى البعض، وهي وصلة لا يشبهها وصلة، فمن رعاية حقها ومعرفتها حق معرفتها الحرص منهما على التسامح. وقوله: " إن الله بما تعملون بصير " فيه من ترغيب المحسن وترهيب غيره ما لا يخفى.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله: "ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة" قال: المس: النكاح، والفريضة: الصداق "متعوهن" قال: هو على الرجل يتزوج المرأة ولم يسم لها صداقاً، ثم يطلقها قبل أن يدخل بها، فأمره الله أن يمتعها على قدر عسره ويسره، فإن كان موسراً متعها بخادم، وإن كان معسراً متعها بثلاثة أثواب أو نحو ذلك. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أنه قال: متعة الطلاق: أعلاها الخادم ودون ذلك الورق، ودون ذلك الكسوة. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن ابن عمر قال: أدنى ما يكون من المتعة ثلاثون درهماً. وروى القرطبي في تفسيره عن الحسن بن علي أنه متع بعشرين ألفاً ورقاق من عسل. وعن شريح أنه متع بخمسمائة درهم. وأخرج الدارقطني عن الحسن بن علي أنه متع بعشرة آلاف. وأخرج عبد الرزاق عن ابن سيرين أنه كان يمتع بالخادم والنفقة أو بالكسوة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله: "من قبل أن تمسوهن" قال المس: الجماع، فلها نصف صداقها، وليس لها أكثر من ذلك إلا أن يعفون. وهي المرأة الثيب والبكر يزوجها غير أبيها فجعل الله العفو لهن إن شئن عفون بتركهن، وإن شئن أخذن نصف الصداق "أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح" وهو أبو الجارية البكر جعل العفو إليه ليس لها معه أمر إذا طلقت ما كانت في حجره. وأخرج الشافعي وسعيد بن منصور والبيهقي عن ابن عباس قال في الرجل يتزوج المرأة فيخلو بها ولا يمسها ثم يطلقها: ليس لها إلا نصف الصداق، لأن الله يقول: " وإن طلقتموهن " الآية. وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال: لها نصف الصداق وإن جلس بين رجليها. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والبيهقي بسند حسن عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الذي بيده عقدة النكاح الزوج". وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والدارقطني والبيهقي عن علي مثله من قوله. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس مثله. وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عنه قال: هو أبوها وأخوها ومن لا تنكح إلا بإذنه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: "ولا تنسوا الفضل بينكم" قال: في هذا أو غيره. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه والحاكم وصححه البيهقي أن قوماً أتوا ابن مسعود فقالوا: إن رجلاً تزوج منا امرأة ولم يفرض لها صداقاً ولم يجمعها إليه حتى مات فقال: أرى أن أجل لها صداقاً كصداق نسائها لا وكس ولا شطط، ولها الميراث وعليها العدة أربعة أشهر وعشر، فسمع بذلك ناس من أشجع منهم مغفل بن سنان، فقالوا: نشهد أنك قضيت مثل الذي قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة منا يقال لها: بروع بنت واشق. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبيهقي عن علي أنه قال في التوفى عنها زوجها ولم يفرض لها صداقاً: لها الميراث وعليها العدة ولا صداق لها. وقال: لا يقبل قول أعرابي من أشجع على كتاب الله. وأخرج الشافعي والبيهقي عن ابن عباس قال في المرأة التي يموت عنها زوجها وقد فرض لها صداقاً: لها الصداق والميراث. وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة والبيهقي عن عمر بن الخطاب أنه قضى في المرأة يتزوجها الرجل: أنه إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق. وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن عمر وعلي قال: إذا أرخى ستراً وأغلق باباً فلها الصداق كاملاً وعليها العدة. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبيهقي عن زرارة بن أوفى قال: قضى الخلفاء الراشدون أنه من أغلق باباً أو أرخى ستراً فقد وجب الصداق والعدة. وأخرج مالك والبيهقي عن زيد بن ثابت نحوه. وأخرج البيهقي عن محمد بن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كشف امرأة فنظر إلى عورتها فقد وجب الصداق".
237. قوله تعالى: " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم " هذا في المطلقة بعد الفرض قبل المسيس فلها نصف المفروض، وإن مات أحدهما قبل المسيس فلها كمال المهر المفروض، والمراد بالمس المذكور في الآية: الجماع، واختلف أهل العلم فيما لو خلا الرجل بامرأته ثم طلقها قبل أن يدخل بها فذهب قوم إلى أنه لا يجب لها إلا نصف الصداق، ولا عدة عليها لأن الله تعالى أوجب بالطلاق قبل المسيس نصف المهر، ولم يوجب العدة، وهو قول ابن عباس رضي الله عنه وابن مسعود وبه قال الشافعي رحمه الله.
وقال قوم: يجب لها كمال المهر، وعليها العدة، لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق، ومثله عن زيد بن ثابت، وحمل بعضهم قول عمر على وجوب تسليم الصداق إليها إذا سلمت نفسها لا على تقدير الصداق، وقيل هذه الآية ناسخة للآية التي في سورة الأحزاب " فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن " (49-الأحزاب) فقد كان للمطلقة قبل المسيس متاع فنسخت بهذه الآية، وأوجب للمطلقة المفروض لها قبل المسيس نصف المفروض ولا متاع لها.
وقوله تعالى: " وقد فرضتم لهن فريضة " أي سميتم لهن مهراً " فنصف ما فرضتم " أي لها نصف المهر المسمى " إلا أن يعفون " يعني النساء أي إلا أن تترك المرأة نصيبها فيعود جميع الصداق إلى الزوج.
قوله تعالى: " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " اختلفوا فيه: فذهب بعضهم إلى أن الذي بيده عقدة النكاح هو الولي، وبه قال ابن عباس رضي الله عنه، معناه: إلا أن تعفو المرأة بترك نصيبها إلى الزوج إن كانت ثيباً من أهل العفو، أو يعفو وليها فيترك نصيبها إن كانت المرأة بكراً أو غير جائزة الأمر فيجوز عفو وليها وهو قول علقمة و عطاء و الحسن و الزهري و ربيعة ، وذهب بعضهم إلى أنه إنما يجوز عفو الولي إذا كانت المرأة بكراً ثيباً فلا يجوز عفو وليها، وقال بعضهم: الذي بيده النكاح هو الزوج، وهو قول علي، وبه قال سعيد بن المسيب و سعيد بن جبير و الشعبي و شريح و مجاهد و قتادة ، وقالوا: لا يجوز لوليها ترك الشيء من الصداق، بكراً كانت أو ثيباً كما لا يجوز له ذلك قبل الطلاق بالاتفاق وكما لا يجوز له أن يهب شيئاً من مالها، وقالوا: معنى الآية إلا أن تعفو المرأة بترك نصيبها فيعود جميع الصداق إلى الزوج أو يعفو الزوج بترك نصيبه فيكون لها جميع الصداق، فعلى هذا التأويل وجه الآية: الذي بيده عقدة النكاح نكاح نفسه في كل حال قبل الطلاق أو بعده " وأن تعفوا أقرب للتقوى " موضعه رفع بالابتداء أي فالعفو أقرب للتقوى، أي إلى التقوى، والخطاب للرجال والنساء جميعاً لأن المذكر والمؤنث إذا اجتمعا كانت الغلبة للمذكر معناه: وعفو بعضكم عن بعض أقرب للتقوى " ولا تنسوا الفضل بينكم " أي أفضال بعضكم على بعض باعطاء الرجل تمام الصداق أو ترك المرأة نصيبها، حثهما جميعاً على الإحسان " إن الله بما تعملون بصير ".
237-" وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضةً " لما ذكر حكم المفوضة أتبعه حكم قسيمها . " فنصف ما فرضتم " أي فلهن ، أو فالواجب نصف ما فرضتم لهن ، وهو دليل على أن الجناح المنفي ثم تبعه المهر وأن لا متعة مع التشطير لأنه قسيمها " إلا أن يعفون " أي المطلقات فلا يأخذن شيئاً ،والصيغة تحتمل التذكير والتأنيث ، والفرق في الأول أن الواو ضمير والنون علامة الرفع الثاني لام الفعل والنون ضمير الفعل مبني ولذلك لم يؤثر فيه أن ههنا ونصب المعطوف عليه . " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " أي الزوج المالك لعقدة وحله عما يعود إليه بالتشطير فيسوق المهر إليها كاملاً ، وهو مشعر بأن الطلاق قبل المسيس مخير للزوج غير مشطر بنفسه ، وإليه ذهب بعض أصحابنا و الحنفية . وقيل الولي الذي يلي عقد نكاحهن وذلك إذا كانت المرأة صغيرة ، وهو قول قديم للشافعي رحمه الله تعالى . " وأن تعفوا أقرب للتقوى " يؤيد الوجه الأول وعفو الزوج على وجه التخيير ظاهر وعلى الوجه الآخر عبارة عن الزيادة على الحق ، وتسميتها عفواً إما على المشالكة وإما لأنهم يسوقون المهر إلى النساء عند التزوج ، فمن طلق قبل المسيس استحق استرداد النصف فإذا لم يسترده فقد عفا عنه . وعن جبير بن مطعم أنه تزوج امرأة وطلقها قبل الدخول فأكمل لها الصداق وقال أنا أحق بالعفو . " ولا تنسوا الفضل بينكم " أي ولا تنسوا أن يتفضل بعضكم على بعض . " إن الله بما تعملون بصير " لا يضيع تفضلكم وإحسانكم .
237. If ye divorce them before ye have touched them and ye have appointed unto them a portion, then (pay the) half of that which ye appointed, unless they (the women) agree to forgo it, or he agreeth to forgo it in whose hand is the marriage tie. To forgo is nearer to piety; And forget not kindness among yourselves. Allah is Seer of what ye do.
237 - And if ye divorce them before consummation but after the fixation of a dower for them, then the of the dower (is due to them), unless they remit it or (the man's half) is remitted by him in whose hands is the marriage tie; and the remission (of the man's half) is the nearest to righteousness. and do not forget liberality between yourselves. all that ye do.