[البقرة : 201] وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
(ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة) نعمة (وفي الآخرة حسنة) هي الجنة (وقنا عذاب النار) بعدم دخولها وهذا بيان لما كان عليه المشركون ولحال المؤمنين والقصد به الحث على طلب خير الدارين كما وعد بالثواب عليه بقوله:
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى الحسنة التي ذكر الله في هذا الموضع. فقال بعضهم: يعني بذلك: ومن الناس من يقول ربنا أعطنا عافية في الدنيا، وعافية في الآخرة. ذكر من قال ذلك: حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة"، قال: في الدنيا عافية، وفي الآخرة عافية. قال قتادة: و"قال رجل: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا، فمرض مرضا حتى أضنى على فراشه، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم شأنه، فأتاه النبي عليه السلام، فقيل له: إنه دعا بكذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه لا طاقة لأحد بعقوبة الله"، ولكن قل: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار". فقالها، فما لبث إلا أياما- أو: يسيرا- حتى برأ. حدثني المثنى قال، حدثنا سعيد بن الحكم قال، أخبرنا يحيى بن أيوب قال، حدثني
حميد قال، سمعت أنس بن مالك يقول: "عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا قد صار مثل الفرخ المنتوف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل كنت تدعو الله بشيء؟- أو: تسأل الله شيئا؟ قال، قلت: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعاقبني به في الدنيا . قال: سبحان الله! هل يستطيع ذلك أحد أو يطيقه؟ فهلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار"؟ وقال آخرون: بل عنى الله عز وجل: الحسنة- في هذا الموضع- في الدنيا، العلم والعبادة، وفي الآخرة الجنة. ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا عباد، عن هشام بن حسان، عن الحسن: "ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة"، قال: الحسنة في الدنيا العلم والعبادة، وفي الآخرة الجنة. حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم، عن سفيان بن حسين، عن الحسن في قوله: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار"، قال: العبادة في الدنيا، والجنة في الآخرة. حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الرحمن بن واقد العطار قال، حدثنا عباد بن العوام، عن هشام، عن الحسن في قوله: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة"، قال: الحسنة في الدنيا الفهم في كتاب الله والعلم.حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت سفيان الثوري يقول [في]، هذه الآية:"ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة"، قال: الحسنة في الدنيا العلم والرزق الطيب، وفي الآخرة حسنة الجنة. وقال آخرون: الحسنة في الدنيا المال، وفي الآخرة الجنة. ذكر من قال ذلك:حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: "ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار"، قال: فهؤلاء النبي-صلى الله عليه وسلم والمؤمنون.حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة"، هؤلاء المؤمنون، أما حسنة الدنيا فالمال، وأما حسنة الآخرة فالجنة. قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله جل ثناؤه أخبر عن قوم من أهل الإيمان به وبرسوله ممن حج بيته، يسألون ربهم الحسنة في الدنيا والحسنة في الآخرة، وأن يقيهم عذاب النار. وقد تجمع الحسنة من الله عز وجل العافية في الجسم والمعاش والرزق وغير ذلك، والعلم والعبادة. وأما في الاخرة، فلا شك أنها الجنة، لأن من لم ينلها يومئذ فقد حرم جميع الحسنات، وفارق جميع معاني العافية.وإنما قلنا إن ذلك أولى التأويلات بالاية، لأن الله عز وجل لم يخصص بقوله- مخبرا عن قائل ذلك- من معاني الحسنة شيئا، ولا نصب على خصوصه دلالة دالة على أن المراد من ذلك بعض دون بعض. فالواجب من القول فيه ما قلنا: من أنه لا يجوز أن يخص من معاني ذلك شيء، وأن يحكم له بعمومه على ما عمه الله. وأما قوله: "وقنا عذاب النار"، فإنه يعني بذلك: اصرف عنا عذاب النار. ويقال منه: وقيته كذا أقيه وقاية ووقاية ووقاء، ممدودا، وربما قالوا: وقاك الله وقيا، إذا دفعت عنه أذى أو مكروها.
قوله تعالى : "ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" .
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى : "ومنهم" أي من الناس ،وهم المسلمون يطلبون خير الدنيا والآخرة . واختلف في تأويل الحسنتين على أقوال عديدة ، فروي عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه أن الحسنة في الدنيا المرأة الحسناء ، وفي الآخرة الحور العين . "وقنا عذاب النار" : المرأة السوء .
قلت : وهذا فيه بعد ، ولا يصح عن علي ، لأن النار حقيقة في النار المحرقة ، وعبارة المرأة عن النار تجوز . وقال قتادة : حسنة الدنيا العافية في الصحة وكفاف المال . وقال الحسن : حسنة الدنيا العلم والعبادة . وقيل غير هذا . والذي عليه أكثر أهل العلم أن المراد بالحسنتين نعم الدينا والآخرة . وهذا هو الصحيح ، فإن اللفظ يقتضي هذا كله ، فإن حسنة نكرة في سياق الدعاء ، فهو محتمل لكل حسنة من الحسنات على البدل . وحسنة الآخرة : الجنة بإجماع . وقيل : لم يرد حسنة واحدة ،بل أراد : أعطنا في الدنيا عطية حسنة ، فحذف الإسم .
الثانية : قوله تعالى : "وقنا عذاب النار" أصل قنا أوقنا ، حذفت الواو كما حذفت في يقي ويشي ، لأنها بين ياء وكسرة ، مثل بعد ، هذا قول البصريين . وقال الكوفيون : حذفت فرقاً بين اللازم والمتعدي . قال محمد بن يزيد : هذا خطأ ، لأن العرب تقول : ورم يرم ، فيحذفون الواو . والمراد بالآية الدعاء في ألا يكون المرء ممن يدخلها بمعاصيه وتخرجه الشفاعة . ويحتمل أن يكون دعاء مؤكد لطلب دخلو الجنة ، لتكون الرغبة في معنى النجاة والفوز من الطرفين ، كما :
"قال أحد الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم : أنا إنما أقول في دعائي : اللهم أدخلني الجنة وعافني من النار ، ولا أدري ما دندنتك ولا دندنة معاذ . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : حولها ندندن" خرجه أبو داود في سننه و ابن ماجة أيضاً .
الثالثة : هذه الآية من جوامع الدعاء التي عمت الدنيا والآخرة . قيل لأنس : ادع الله لنا ، فقال : اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . قالوا : زدنا قال : ما تريدون ‍، قد سألت الدنيا والآخرة ، . وفي الصحيحين عن أنس قال :
كان أكثر دعوة يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم يقول : "اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" . قال : فكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها ، فإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه . وفي حديث عمر :
"أنه كان يطوف بالبيت وهو يقول : ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" . ما له هجيرى غيرها ، ذكره أبو عبيد . وقال ابن جريج : بلغني أنه كان يأمر أن يكون أكثر دعاء المسلم في الموقف هذه الآية : "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" . وقال ابن عباس : إن عند الركن ملكاً قائماً منذ خلق الله السموات والأرض يقول آمين ، فقولوا : ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . وسئل عطاء بن أبي رباح عن الركن اليماني وهو يطوف بالبيت ، فقال عطاء : حدثني أبو هريرة " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : وكل به سبعون ملكاً فمن قال اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار قالوا آمين" الحديث . خرجه ابن ماجة في السنن ، وسيأتي بكماله مسنداً في الحج إن شاء الله .
يأمر تعالى بذكره والإكثار منه بعد قضاء المناسك وفراغها, وقوله "كذكركم آباءكم" اختلفوا في معناه, فقال ابن جريج عن عطاء: هو كقول الصبي أبه أمه, يعني كما يلهج الصبي بذكر أبيه وأمه, فكذلك أنتم فالهجوا بذكر الله بعد قضاء النسك, وكذا قال الضحاك والربيع بن أنس, وروى ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس نحوه, وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس: كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم فيقول الرجل منهم: كان أبي يطعم ويحمل الحمالات, ويحمل الديات, ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم, فأنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم "فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً", قال ابن أبي حاتم : وروى السدي, عن أنس بن مالك وأبي وائل وعطاء بن أبي رباح في أحد قوليه وسعيد بن جبير وعكرمة في أحد رواياته, ومجاهد والسدي وعطاء الخراساني والربيع بن أنس والحسن وقتادة ومحمد بن كعب ومقاتل بن حيان نحو ذلك, وهكذا حكاه ابن جرير عن جماعة والله أعلم, والمقصود منه الحث على كثرة الذكر لله عز وجل, ولهذا كان انتصاب قوله, أو أشد ذكراً على التمييز, تقديره كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً, وأو ـ ههنا ـ لتحقيق المماثلة في الخبر كقوله "فهي كالحجارة أو أشد قسوة" وقوله "يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية" " وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون " "فكان قاب قوسين أو أدنى" فليست ههنا للشك قطعاً, وإنما هي لتحقيق المخبر عنه كذلك أو أزيد منه, ثم إنه تعالى أرشد إلى دعائه بعد كثرة ذكره فإنه مظنة الإجابة, وذم من لا يسأله إلا في أمر دنياه وهو معرض عن أخراه, فقال " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق " أي من نصيب ولا حظ , وتضمن هذا الذم والتنفير عن التشبه بمن هو كذلك, قال سعيد بن جبير , عن ابن عباس: كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف فيقولون: اللهم اجعله عام غيث, وعام خصب, وعام ولاد حسن, لا يذكرون من أمر الاخرة شيئاً, فأنزل الله فيهم " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق " وكان يجيء بعدهم آخرون من المؤمنين فيقولون " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " فأنزل الله "أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب" ولهذا مدح من يسأله الدنيا والأخرى, فقال: " ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " فجمعت هذه الدعوة كل خير في الدنيا وصرفت كل شر , فإن الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي من عافية, ودار رحبة, وزوجة حسنة, ورزق واسع, وعلم نافع, وعمل صالح, ومركب هني, وثناء جميل إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عبارات المفسرين, ولا منافاة بينها, فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا, وأما الحسنة في الاخرة, فأعلى ذلك دخول الجنة وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العرصات, وتيسير الحساب وغير ذلك من أمور الاخرة الصالحة, وأما النجاة من النار فهو يقتضي تيسير أسبابه في الدنيا من اجتناب المحارم والاثام وترك الشبهات والحرام, وقال القاسم بن عبد الرحمن: من أعطي قلباً شاكراً, ولساناً ذاكراً, وجسداً صابراً, فقد أوتي في الدنيا حسنة, وفي الاخرة حسنة, ووقي عذاب النار, ولهذا وردت السنة بالترغيب في هذا الدعاء, فقال البخاري: حدثنا أبو معمر , حدثنا عبد الوارث عن عبد العزيز, عن أنس بن مالك, قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة, وفي الاخرة حسنة, وقنا عذاب النار" وقال أحمد: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم, حدثنا عبد العزيز بن صهيب, قال: سأل قتادة أنساً: أي دعوة كان أكثر ما يدعوها النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال: يقول "اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة, وفي الاخرة حسنة, وقنا عذاب النار" وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها, وإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها ورواه مسلم, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا أبو نعيم, حدثنا عبد السلام بن شداد يعني أبا طالوت, قال: كنت عند أنس بن مالك, فقال له ثابت: إن إخوانك يحبون أن تدعو لهم, فقال: "اللهم آتنا في الدينا حسنة, وفي الاخرة حسنة, وقنا عذاب النار" وتحدثوا ساعة, حتى إذا أرادوا القيام قال: يا أبا حمزة, إن إخوانك يريدون القيام, فادع الله لهم, فقال: أتريدون أن أشقق لكم الأمور إذا آتاكم الله في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة, ووقاكم عذاب النار, فقد آتاكم الخير كله, وقال أحمد أيضاً: حدثنا محمد بن أبي عدي عن حميد عن ثابت, عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلاً من المسلمين قد صار مثل الفرخ, فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "هل تدعو الله بشيء أو تسأله إياه ؟ قال: نعم, كنت أقول اللهم ما كنت معاقبي به في الاخرة فعجله لي في الدنيا, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله لا تطيقه أو لا تستطيعه, فهلا قلت " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " قال: فدعاه فشفاه", انفرد بإخراجه مسلم, فرواه من حديث ابن أبي عدي به وقال الإمام الشافعي: أخبرنا سعيد بن سالم القداح عن ابن جريج, عن يحيى بن عبيد مولى السائب, عن أبيه, عن عبد الله بن السائب: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما بين الركن اليماني والركن الأسود: " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " ورواه الثوري عن ابن جريج كذلك. وروى ابن ماجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو ذلك, وفي سنده ضعف, والله أعلم. وقال ابن مردويه: حدثنا عبد الباقي, أخبرنا أحمد بن القاسم بن مساور, حدثنا سعيد بن سليمان عن إبراهيم بن سليمان عن عبد الله بن هرمز, عن مجاهد, عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما مررت على الركن إلا رأيت عليه ملكاً يقول آمين, فإذا مررتم عليه فقولوا " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار "" وقال الحاكم في مستدركه: حدثنا أبو زكريا العنبري, حدثنا محمد بن عبد السلام, حدثنا إسحاق بن إبراهيم, أخبرنا جرير عن الأعمش, عن مسلم البطين, عن سعيد بن جبير, قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال. إني أجرت نفسي من قوم على أن يحملوني, ووضعت لهم من أجرتي على أن يدعوني أحج معهم, أفيجزي ذلك ؟ فقال: أنت من الذين قال الله: "أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب" ثم قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين, ولم يخرجاه.
وقد اختلف في تفسير الحسنتين المذكورتين في الآية، فقيل: هما ما يطلبه الصالحون في الدنيا من العافية وما لا بد منه من الرزق، وما يطلبونه في الآخرة من نعيم الجنة والرضا، وقيل المراد بحسنة الدنيا: الزوجة الحسناء، وحسنة الآخرة: الحور العين، وقيل: حسنة الدنيا: العلم والعبادة، وقيل غير ذلك. قال القرطبي: والذي عليه أكثر أهل العلم أن المراد بالحسنتين نعيم الدنيا والآخرة. قال: وهذا هو الصحيح، فإن اللفظ يقتضي هذا كله، فإن حسنة نكرة في سياق الدعاء فهو محتمل لكل حسنة من الحسنات على البدل، وحسنة الآخرة: الجنة بإجماع انتهى. قوله: 201- "وقنا" أصله أوقنا حذفت الواو كما حذفت في يقي لأنها بين ياء وكسرة مثل يعد، هذا قول البصريين. وقال الكوفيون: حذفت فرقاً بين اللازم والمتعدي.
201. " ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " يعني المؤمين، واختلفوا في معنى الحسنتين قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الدنيا حسنة: امرأة صالحة، وفي الآخرة حسنة: الجنة.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد الحنيفي أنا أبو الحسن محمد بن يعقوب الطوسي أخبرنا أبو بكر أحمد بن يوسف بن خلاد أنا الحارث بن أبي أسامة أنا أبو عبد الرحمن المقري أخبرنا حيوة و ابن لهيعة قالا أخبرنا شرحبيل بن شريك أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يحدث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الدنيا كلها متاع وخير متاعها المرأة الصالحة " وقال الحسن : في الدنيا حسنة: العلم والعبادة، وفي الآخرة حسنة، الجنة، وقال السدي و ابن حيان : " في الدنيا حسنة " رزقاً حلالاً وعملاً صالحاً، " وفي الآخرة حسنة " المغفرة والثواب.
أخبرنا أبو بكر بن محمد بن عبد الله بن أبي توبة أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث أخبرنا أبو الحسن محمد بن يعقوب الكسائي أخبرنا عبد الله بن محمود أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ثنا عبد الله بن المبارك عن يحيى بن أيوب حدثني عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أغبط أوليائي عندي مؤمن خفيف الحاذ ذو حظ من الصلاة أحسن عبادة ربه، فأطاعه في السر، وكان غامضاً في الناس لا يشار إليه بالأصابع، وكان رزقه كفافاً، فصبرعلى ذلك، ثم (نفض بيده) فقال: عجلت منيته قلت بواكيه قل تراثه ".
وقال قتادة : في الدنيا عافية وفي الآخرة عافية. وقال عوف في هذه الآية: من آتاه الله الإسلام والقرآن وأهلاً ومالاً فقد أوتي في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة.
أخبرنا الشيخ أبو القاسم عبد الله بن علي الكركاني الطوسي أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمش الزيادي أخبرنا أبو الفضل عبدوس بن الحسين بن منصور السمسار أخبرنا أبو حاتم محمد بن ادريس الحنظلي الرازي أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا حميد الطويل عن ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:" رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً قد صار مثل الفرخ فقال: هل كنت تدعو الله بشيء أو تسأله إياه؟ فقال يا رسول الله كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبني به في الآخرة فعجله لي في الدنيا فقال: سبحان الله إذن لا تستطيعه ولا تطيقه فهلا قلت اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ".
أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أبي إسحاق الحجاجي أخبرنا أبو العباس محمد بن عبد الرحمن الدعولي أخبرنا محمد بن مشكان أخبرنا أبو داود أخبرنا شعبة عن ثابت عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ".
أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أخبرنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم القداح عن ابن جريج عن يحيى بن عبيد مولى السائب عن أبيه عن عبد الله بن السائب أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فيما بين ركن بني جمح والركن الأسود " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ".
201-" ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنةً " يعني الصحة والكفاف وتوفيق الخير ." وفي الآخرة حسنةً " يعني الثواب والرحمة . " وقنا عذاب النار " بالعفو والمغفرة ،وقول علي رضي الله تعالى عنه ك الحسنة في الدنيا المرأة الصالحة ، وفي الآخرة الحوراء . وعذاب النار المرأة السوء وقول الحسن : الحسنة في الدنيا العلم والعبادة ، وفي الآخرة الجنة . وقنا عذاب النار معناه احفظنا من الشهوات والذنوب والمؤدية إلى النار أمثلة للمراد بها .
201. And of them (also) is he who saith: "Our Lord! Give unto us in the world that which is good and in the Hereafter that which is good, and guard us from the doom of Fire."
201 - And there are men who say: our Lord! give us good in this world and in this world and good in the hereafter, and defend us from the torment of the fire!