[الكهف : 90] حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا
90 - (حتى إذا بلغ مطلع الشمس) موضع طلوعها (وجدها تطلع على قوم) هم الزنج (لم نجعل لهم من دونها) أي الشمس (سترا) من لباس ولا سقف لأن أرضهم لا تحمل بناء ولهم سروب يغيبون فيها عند طلوع الشمس ويظهرون عند ارتفاعها
" حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا " . يقول تعالى ذكره : ووجد ذو القرنين الشمس تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا، وذلك أن أرضهم لا جبل فيها ولا شجر، ولا تحتمل بناء، فيسكنوا البيوت ، وإنما يغورون في المياه ، أو يسربون في الأسراب .
كما حدثني إبراهيم بن المستمر ، قال : ثنا سليمان بن داود و أبو داود ، قالا: ثنا سهل بن أبي الصلت السراج ، عن الحسن " تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا " قال : كانت أرضا لا تحتمل البناء، وكانوا إذا طلعت عليهم الشمس تغوروا في الماء، فإذا غربت خرجوا يتراعون ، كما ترعى البهائم ، قال : ثم قال الحسن : هذا حديث سمرة .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا " ذكر لنا أنهم كانوا في مكان لا يستقر عليه البناء، إنما يكونون في أسراب لهم ، حتى إذا زالت عنهم الشمس خرجوا إلى معايشهم وحروثهم ، قال : كذلك أحطنا بما لديه خبرا .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج في قوله " وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا " قال : لم يبنوا فيها بناء قط ، ولم يبن عليهم فيها بناء قط ، وكانوا إذا طلعت عليهم الشمس دخلوا أسرابا لهم حق نزول الشمس ، أو دخلوا البحر، وذلك أن أرضهم ليس فيها جبل ، وجاءهم جيش مرة، فقال لهم أهلها : لا تطلعن عليكم الشمس وأنتم بها، فقالوا : لا نبرح حتى تطلع الشمس ، ما هذه العظام ؟ قالوا : هذه جيف جيش طلعت عليهم الشمس ها هنا فماتوا، قال : فذهبوا هاربين في الأرض .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، قوله " تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا " قال : بلغنا أنهم كانوا في مكان لا يثبت عليهم بناء، فكانوا يدخلون في أسراب لهم إذا طلعت الشمس ، حتى تزول عنهم ، ثم يخرجون إلى معايشهم. وقال آخرون : هم الزنج .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله " تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا " قال : يقال : هم الزنج.
" حتى إذا بلغ مطلع الشمس " وقرأ مجاهد و ابن محيصن بفتح الميم واللام، يقال: طلعت الشمس والكواكب طلوعاً ومطلعاً. والمطلع والمطلع أيضاً موضع طلوعها، قاله الجوهري . المعنى أنه انتهى إلى موضع قوم لم يكن بينهم وبين مطلع الشمس أحد من الناس. والشمس تطلع وراء ذلك بمسافة بعيدة، فهذا معنى قوله تعالى: " وجدها تطلع على قوم ". وقد اختلف فيهم، فعن وهب بن منبه ما تقدم، وأنها أمة يقال لها منسك وهي مقابلة ناسك، وقاله مقاتل. وقال قتادة : يقال لهما الزنج. وقال الكلبي: هم تارس وهاويل ومنسك، حفاة عراة عماة عن الحق، يتسافدون مثل الكلاب، ويتهارجون تهارج الحمر. وقيل: هم أهل جابلق، وهم من نسل مؤمني عاد الذين آمنوا بهود، ويقال لهم بالسريانية مرقيسا. والذين عند مغرب الشمس هم أهل جابرس، ولكل واحدة من المدينتين عشرة آلاف باب، بين كل بابين فرسخ. ووراء جابلق أمم، وهم تافيل وتارس، وهم يجاورون يأجوج ومأجوج. وأهل جابرس وجابلق آمنوا بالنبي عليه الصلاة والسلام، مر بهم ليلة الإسراء فدعاهم فأجابوه، ودعا الأمم الآخرين فلم يجيبون، ذكره السهيلي وقال: اختصرت هذا كله من حديث طويل رواه مقاتل بن حيان عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم. ورواه الطبري مسنداً إلى مقاتل يرفعه، والله أعلم.
قوله تعالى: " لم نجعل لهم من دونها سترا " أي حجابا يستترون منها عند طلوعها. قال قتادة : لم يكن بينهم وبين الشمس ستر، كانوا في مكان لا يستقر عليه بناء، وهم يكونون في أسراب لهم، حتى إذا زالت الشمس عنهم رجعوا إلى معايشهم وحروثهم، يعني لا يستترون منها بكهف جبل ولا بيت يكنهم منها. وقال أمية: وجدت رجالاً بسمرقند يحدثون الناس، فقال بعضهم: خرجت حتى جاوزت الصين، فقيل لي: إن بينك وبينهم مسيرة يوم وليلة، فاستأجرت رجلاً يرينيهم حتى صبحتهم، فوجدت أحدهم يفترش أذنه ويلتحف بالأخرى، وكان صاحبي يحسن كلامهم، فبتنا بهم، فقالوا : فيم جئتم؟ قلنا: جئنا ننظر كيف تطلع الشمس، فبينا نحن كذلك إذ سمعنا كهيئة الصلصلة، فغشي علي، ثم أفقت وهم يمسحونني بالدهن، فلما طلعت الشمس على الماء إذا هي على الماء كهيئة الزيت، وإذا طرف السماء كهيئة الفسطاط، فلما ارتفعت أدخلوني سرباً لهم، فلما ارتفع النهار وزالت الشمس عن رؤوسهم خرجوا يصطادون السمك، فيطرحونه في الشمس فينضج. وقال ابن جريج : جاءهم جيش مرة، فقال لهم أهلها: لا تطلع الشمس وأنتم بها، فقالوا: ما نبرح حتى تطلع الشمس. ثم قالوا: ما هذه العظام؟ قالوا: هذه والله عظام جيش طلعت عليهم الشمس هاهنا فماتوا. قال: فولوا هاربين في الأرض. وقال الحسن : كانت أرضهم لا جبل فيها ولا شجر، وكانت لا تحمل البناء، فإذا طلعت عليهم الشمس نزلوا في الماء، فإذا ارتفعت عنهم خرجوا، فيتراعون كما تتراعى البهائم.
يقول تعالى ثم سلك طريقاً فسار من مغرب الشمس إلى مطلعها وكان كلما مر بأمة قهرهم وغلبهم ودعاهم إلى الله عز وجل فإن أطاعوه وإلا أذلهم وأرغم آنافهم واستباح أموالهم وأمتعتهم واستخدم من كل أمة ما تستعين به جيوشه على قتال الأقاليم المتاخمة لهم, وذكر في أخبار بني إسرائيل أنه عاش ألفاً وتسعمائة سنة يجوب الأرض طولها والعرض حتى بلغ المشارق والمغارب ولما انتهى إلى مطلع الشمس من الأرض كما قال تعالى "وجدها تطلع على قوم" أي أمة "لم نجعل لهم من دونها ستراً" أي ليس لهم بناء يكنهم ولا أشجار تظلهم وتسترهم من حر الشمس, وقال سعيد بن جبير كانوا حمراً قصاراً مساكنهم الغيران أكثر معيشتهم من السمك.
قال أبو داود الطيالسي : حدثنا سهل بن أبي الصلت سمعت الحسن وسأل عن قول الله تعالى "لم نجعل لهم من دونها ستراً" قال إن أرضهم لا تحمل البناء فإذا طلعت الشمس تغوروا في المياه فإذا غربت خرجوا يتراعون كما ترعى البهائم قال الحسن هذا حديث سمرة , وقال قتادة ذكر لنا أنهم بأرض لا تنبت لهم شيئاً فهم إذا طلعت الشمس دخلوا في أسراب حتى إذا زالت الشمس خرجوا إلى حروفهم ومعايشهم. وعن سلمة بن كهيل أنه قال: ليست لهم أكنان إذا طلعت الشمس طلعت عليهم فلأحدهم أذنان يفرش إحداهما ويلبس الأخرى. قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن قتادة في قوله: "وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها ستراً" قال هم الزنج, وقال ابن جرير في قوله: "وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها ستراً" قال لم يبنوا فيها بناء قط ولم يبن عليهم بناء قط كانوا إذا طلعت الشمس دخلوا أسراباً لهم حتى تزول الشمس أو دخلوا البحر وذلك أن أرضهم ليس فيها جبل. جاءهم جيش مرة فقال لهم أهلها: لا تطلعن عليكم الشمس وأنتم بها, قالوا: لا نبرح حتى تطلع الشمس ما هذه العظام ؟ قالوا: هذه جيف جيش طلعت عليهم الشمس ههنا... فماتوا, قال: فذهبوا هاربين في الأرض وقوله: " كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا " قال مجاهد والسدي : علماً أي نحن مطلعون على جميع أحواله وأحوال جيشه لا يخفى علينا منها شيء وإن تفرقت أممهم وتقطعت بهم الأرض فإنه تعالى "لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء".
90- "حتى إذا بلغ مطلع الشمس" أي الموضع الذي تطلع عليه الشمس أولاً من معمور الأرض، أو مكان طلوعها لعدم المانع شرعاً ولا عقلاً من وصوله إليه كما أوضحناه فيما سبق "وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها ستراً" يسترهم، لا من البيوت ولا من اللباس، بل هم حفاة عراة لا يأوون إلى شيء من العمارة. قيل لأنهم بأرض لا يمكن أن يستقر عليها البناء.
90 - " حتى إذا بلغ مطلع الشمس " ، أي موضع طلوعها ، " وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها ستراً " ، قال قتادة و الحسن : لم يكن بينهم وبين الشمس ستر ، وذلك أنهم كانوا في مكان لا يستقر عليه بناء ، فكانوا يكونون في أسراب لهم ، حتى إذا زالت الشمس عنهم خرجوا إلى معايشهم و حروثهم .
وقال الحسن : كانوا إذا طلعت الشمس يدخلون الماء ، فإذا ارتفعت عنهم خرجوا يتراعون كالبهائم .
وقال الكلبي : هم قوم عراة ، يفترش أحدهم إحدى أذنيه ، ويلتحف بالأخرى .
90."حتى إذا بلغ مطلع الشمس"يعني الموضع الذي تطلع الشمس عليه أولاً من معمورة الأرض ، وقرئ بفتح اللام على إضمار مضاف أي مكان مطلع الشمس فإنه مصدر . "وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها ستراً"من اللباس أو البناء ، فإن أرضهم لا تمسك الأبينة أو أنهم اتخذوا الأسراب بدل الأبنية.
90. Till, when he reached the rising place of the sun, he found it rising on a people for whom We had appointed no helper therefrom.
90 - Until, when he came to the rising of the sun, he found it rising on a people for whom we had provided no covering protection against the sun.