[الكهف : 69] قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا
69 - (قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي) أي وغير عاص (لك أمرا) تأمرني به وقيد بالمشيئة لأنه لم يكن على ثقة من نفسه فيما التزم وهذه عادة الأنبياء والأولياء أن لا يثقوا بأنفسهم طرفة عين
قال " ستجدني إن شاء الله صابرا" على ما أرى منك ط ن كان خلافا لما هوعندي صواب " ولا أعصي لك أمرا" يقول : وأنتهي إلى ما تامرني ، وإن لم يكن موافقا هواي .
قوله تعالى: " قال ستجدني إن شاء الله صابرا " أي سأصبر بمشيئة الله. " ولا أعصي لك أمرا " أي قد ألزمت نفسي طاعتك. وقد اختلف في الاستثناء، هل هو يشمل قوله: " ولا أعصي لك أمرا " أم لا؟ فقيل: يشمله كقوله: " الذاكرين الله كثيرا والذاكرات " وقيل: استثنى في الصبر فصبر، وما استثنى في قوله: " ولا أعصي لك أمرا " فاعترض وسأل. قال علماؤنا: إنما كان ذلك منه، لأن الصبر أمر مستقبل ولا يدري كيف يكون حاله فيه، ونفي المعصية معزوم عليه حاصل في الحال، فالاستثناء فيه ينافي العزم عليه. ويمكن أن يفرق بينهما بأن الصبر ليس مكتسباً لنا بخلاف فعل المعصية وتركه، فإن ذلك كله مكتسب لنا، والله أعلم.
يخبر تعالى عن قيل موسى عليه السلام لذلك الرجل العالم وهو الخضر, الذي خصه الله بعلم لم يطلع عليه موسى, كما أنه أعطى موسى من العلم ما لم يعطه الخضر "قال له موسى هل أتبعك" سؤال تلطف لا على وجه الإلزام والإجبار, وهكذا ينبغي أن يكون سؤال المتعلم من العالم. وقوله: "أتبعك" أي أصحبك وأرافقك "على أن تعلمن مما علمت رشدا" أي مما علمك الله شيئاً أسترشد به في أمري من علم نافع وعمل صالح, فعندها "قال" الخضر لموسى "إنك لن تستطيع معي صبرا" أي إنك لا تقدر على مصاحبتي لما ترى مني من الأفعال التي تخالف شريعتك, لأني على علم من علم الله ما علمكه الله, وأنت على علم من علم الله ما علمنيه الله, فكل منا مكلف بأمور من الله دون صاحبه, وأنت لا تقدر على صحبتي "وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا" فأنا أعرف أنك ستنكر علي ما أنت معذور فيه, ولكن ما اطلعت على حكمته ومصلحته الباطنة التي اطلعت أنا عليها دونك "قال" أي موسى "ستجدني إن شاء الله صابرا" أي على ما أرى من أمورك "ولا أعصي لك أمراً" أي ولا أخالفك في شيء فعند ذلك شارطه الخضر عليه السلام "قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء" أي ابتداءً "حتى أحدث لك منه ذكرا" أي حتى أبدأك أنا به قبل أن تسألني.
قال ابن جرير : حدثنا حميد بن جبير , حدثنا يعقوب عن هارون بن عنترة عن أبيه , عن ابن عباس قال: سأل موسى عليه السلام ربه عز وجل فقال: أي رب أي عبادك أحب إليك ؟ قال: الذي يذكرني ولا ينساني. قال: فأي عبادك أقضى ؟ قال: الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى. قال: أي رب أي عبادك أعلم ؟ قال: الذي يبتغي علم الناس إلى علمه عسى أن يصيب كلمة تهديه إلى هدى أو ترده عن ردى, قال: أي رب هل في أرضك أحد أعلم مني ؟ قال: نعم قال: فمن هو ؟ قال: الخضر. قال: وأين أطلبه ؟ قال: على الساحل عند الصخرة التي ينفلت عندها الحوت. قال: فخرج موسى يطلبه حتى كان ما ذكر الله, وانتهى موسى إليه عند الصخرة, فسلم كل واحد منهما على صاحبه, فقال له موسى: إني أحب أن أصحبك, قال: إنك لن تطيق صحبتي قال: بلى. قال: فإن صحبتني "فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكراً" قال: فسار به في البحر حتى انتهى إلى مجمع البحرين, وليس في الأرض مكان أكثر ماء منه, قال: وبعث الله الخطاف, فجعل يستقي منه بمنقاره, فقال لموسى: كم ترى هذا الخطاف رزأ من هذا الماء ؟ قال: ما أقل ما رزأ. قال: يا موسى, فإن علمي وعلمك في علم الله كقدر ما استقى هذا الخطاف من هذا الماء, وكان موسى قد حدث نفسه أنه ليس أحد أعلم منه أو تكلم به, فمن ثم أمر أن يأتي الخضر, وذكر تمام الحديث في خرق السفينة, وقتل الغلام, وإصلاح الجدار, وتفسيره له ذلك.
69- "قال ستجدني إن شاء الله صابراً" أي قال موسى للخضر: ستجدني صابراً معك، ملتزماً طاعتك "ولا أعصي لك أمراً" فجملة ولا أعصي معطوفة على صابراً، فيكون التقييد بقوله: إن شاء الله شاملاً للصبر ونفي المعصية، وقيل إن التقييد بالمشيئة مختص بالصبر، لأنه أمر مستقبل لا يدري كيف يكون حاله فيه، ونفي المعصية معزوم عليه في الحال، ويجاب عنه بأن الصبر، ونفي المعصية متفقان في كون كل واحد منهما معزوم عليه في الحال، ويجاب عنه بأن الصبر، ونفي المعصية متفقان في كون كل واحد منهما معزوم عليه في الحال، وفي كون كل واحد منهما لا يدري كيف حاله فيه في المستقبل.
69 - " قال " ، موسى ، " ستجدني إن شاء الله صابراً " ، إنما استثنى لأنه لم يثق من نفسه بالصبر " ولا أعصي لك أمراً " ،أي : لا أخالفك فيما تأمر .
69."قال ستجدني إن شاء الله صابراً"معك غير منكر عليك."ولا أعصي لك أمراً"عطف على صابراً أ ي ستجدني صابراً وغير عاص ، أو على ستجدني. وتعليق الوعد بالمشيئة إما للتيمن وخلفه ناسياً لا يقدح في عصمته أو لعلمه بصعوبة الأمر ، فإن مشاهدة الفساد والصبر على خلاف المعتاد شديد فلا خلف ، وفيه دليل على أن أفعال العباد واقعة بمشيئة الله تعالى.
69. He said: Allah willing, thou, shalt find me patient and I shall not in aught gainsay thee:
69 - Moses said: thou wilt find me, if God so will, (truly) patient: nor shall I disobey thee in aught.