[الكهف : 44] هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا
هنالك) أي يوم القيامة (الولاية) بفتح الواو النصرة وبكسرها الملك (لله الحق) بالرفع صفة الولاية وبالجر صفة الجلالة (هو خير ثوابا) من ثواب غيره لو كان يثيب (وخير عقبا) بضم القاف وسكونها عاقبة المؤمنين ونصبهما على التمييز
وقوله " هنالك الولاية لله الحق " يقول عز ذكره : ثم وذلك حين حل عذاب الثه بصاحب الجنتين في القيامة .
واختلفت القراء في قراءة قوله الولاية، فقرأ بعض أهل المدينة والبصرة والكوفة " هنالك الولاية" بفتح الواو من الولاية، يعنون بذلك هنالك الموالاة لله ، كقول الله " الله ولي الذين آمنوا" وكقوله " ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا" يذهبون بها إلى الولاية في الدين . وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة " هنالك الولاية" بكسر الواو: من الملك والسلطان ، من قول القائل : وبيت عمل كذا، أو بلدة كذا أليه ولاية .
وأولى القراءتين في ذلك بالصواب ، قراءة من قرأ بكسر الواو، وذلك أن الله عقب ذلك خبره عن ملكه وسلطانه ، وأن من أحل به نقمته يوم القيامة فلا ناصر له يومئذ، فإتباع ذلك الخبر عن انفراده بالمملكة والسلطان أولى من الخبر عن الموالاة التي لم يجر لها ذكر ولا معنى، لقول من قال : لا يسمى سلطان الله ولاية، وإنما يسمى ذلك سلطان البشر، لأن الولاية معناها أنه يلي أمر خلقه منفردا به دون جميع خلقه ، لا أنه يكون أميرا عليهم .
واختلفوا أيضا في قراءة قوله " الحق " فقرأ ذلك عامة قراء المدينة والعراق خفضا، على توجيهه إلى أنه من نعت الله ، وإلى أن معنى الكلام : هنالك الولاية لله الحق ألوهيته ، لا الباطل بطول ألوهيته التي يدعونها المشركون بالله آلهة . وقرأ ذلك بعض أهل البصرة وبعض متاخري الكوفيين " لله الحق " برفع الحق توجيها منهما إلى أنه من نعت الولاية، ومعناه ؟ هنالك الولاية الحق ، لا الباطل لله وحده لا شريك له . وأولى القراءتين عندي في ذلك بالصواب ، قراءة من قرأه خفضا على أنه من نعت الله ، وأن معناه ما وصفت على قراءة من قرأه كذلك.
وقوله " هو خير ثوابا" يقول عز ذكره : خير للمنيبين في العاجل والآجل ثوابا" وخير عقبا" ، يقول : وخيرهم عاقبة في الاجل إذا صار إليه المطيع له ، العامل بما أمره الله ، والمنتهي عما نهاه الله عنه ، والعقب العاقبة، يقال : عاقبة أمر كذا وعقباه وعقبه ، وذلك اخره وما يصير إليه منتهاه .
وقد اختلف القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء الكوفة" عقبا" بضم العين وتسكين القاف والقول في ذلك عندنا، أنهما قراءتان مستفيضتان في قرأة الأمصار بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب.
قوله تعالى : " هنالك الولاية لله الحق " اختلف في العامل في قوله ( هنالك ) وهو ظرف ، فقيل : العامل فيه ( ولم تكن له فئة ) ولا كان هنالك ، أي ما نصر ولا انتصر هنالك ، أي لما أصابه من العذاب . وقيل : تم الكلام عند قوله ( منتصراً ) . والعامل في قوله ( هنالك ) : ( الولاية ) وتقديره على التقديم والتأخير : الولاية لله الحق هنالك ، أي في القيامة ، وقرأ أبو عمرو و الكسائي ( الحق ) بالرفع نعتاً للولاية . وقرأ أهل المدينة و حمزة ( الحق ) بالخفض نعتاً لله عز وجل ، والتقدير : لله ذي الحق . قال الزجاج : ويجوز ( الحق ) بالنصب على المصدر والتوكيد ، كما تقول : هذا لك حقاً . وقرأ الأعمش و حمزة و الكسائي ( الولاية ) بكسر الواو ، الباقون بفتحها ، وهما بمعنى واحد كالرضاعة والرضاعة . وقيل : الولاية بالفتح من الموالاة ، كقوله " الله ولي الذين آمنوا " [ البقرة : 257] . " ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا " [ محمد : 11] وبالكسر يعني السلطان والقدرة والإمارة ، كقوله " والأمر يومئذ لله " [ الانفطار : 19] أي له المك والحكم يومئذ ، أي لا يرد أمره إلى أحد ، والملك في كل وقت لله ولكن تزول الدعاويى والتوهمات يوم والقيامة . وقال أبو عبيد : إنها بفتح الواو للخالق ، وبكسرها للمخلوق . " هو خير ثوابا " أي الله خير ثواباً في الدنيا نوالآيخرة لمن آمن به ، وليس ثم غير يرجى منه ، ولكنه أراد في ظن الجهال ، أي هو خير من يرجى . " وخير عقبا " قرأ عاصم و الأعمش و حمزة و يحيى ( عقبا ) ساكنة القاف ، والباقون بضمها ، وهما بمعنى واحد ، أي هو خير عاقبة لمن رجاء وآمن به . يقال : هذا عاقبة أمر فلان وعقباه وعقبه ، أي آخره .
يقول تعالى: "وأحيط بثمره" بأمواله أو بثماره على القول الاخر, والمقصود أنه وقع بهذا الكافر ما كان يحذر مما خوفه به المؤمن من إرسال الحسبان على جنته التي اغتر بها وألهته عن الله عز وجل "فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها" وقال قتادة : يصفق كفيه متأسفاً متلهفاً على الأموال التي أذهبها عليها "ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحداً * ولم تكن له فئة" أي عشيرة أو ولد, كما افتخر بهم واستعز "ينصرونه من دون الله وما كان منتصراً * هنالك الولاية لله الحق" اختلف القراء ههنا فمنهم من يقف على قوله: " وما كان منتصرا * هنالك " أي في ذلك الموطن الذي حل به عذاب الله, فلا منقذ له منه, ويبتدىء بقوله: "الولاية لله الحق" ومنهم من يقف على "وما كان منتصراً" يبتدىء بقوله: "هنالك الولاية لله الحق" ثم اختلفوا في قراءة الولاية, فمنهم من فتح الواو من الولاية, فيكون المعنى هنالك الموالاة لله, أي هنالك كل أحد مؤمن أو كافر يرجع إلى الله وإلى موالاته والخضوع له إذا وقع العذاب, كقوله: "فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين" وكقوله إخباراً عن فرعون: " حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين * آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين " ومنهم من كسر الواو من الولاية, أي هنالك الحكم لله الحق, ثم منهم من رفع الحق على أنه نعت للولاية, كقوله تعالى: "الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوماً على الكافرين عسيراً" ومنهم من خفض القاف على أنه نعت لله عز وجل, كقوله "ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق" الاية, ولهذا قال تعالى: "هو خير ثواباً" أي جزاء "وخير عقباً" أي الأعمال التي تكون لله عز وجل, ثوابها خير وعاقبتها حميدة رشيدة كلها خير.
44- "هنالك الولاية لله الحق" قرأ أبو عمرو والكسائي "الحق" بالرفع نعتاً للولاية، وقرأ أهل المدينة وأهل مكة وعاصم وحمزة "الحق" بالجر نعتاً لله سبحانه. قال الزجاج: ويجوز النصب على المصدر والتوكيد كما تقول هذا لك حقاً. وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي "الولاية" بكسر الواو، وقرأ الباقون بفتحها، وهما لغتان بمعنى، والمعنى هنالك: أي في ذلك المقام النصرة لله وحده لا يقدر عليها غيره، وقيل هو على التقديم والتأخير: أي الولاية لله الحق هنالك "هو خير ثواباً وخير عقباً" أي هو سبحانه خير ثواباً لأوليائه في الدنيا والآخرة "وخير عقباً" أي عاقبة، قرأ الأعمش وعاصم وحمزة "عقباً" بسكون القاف، وقرأ الباقون بضمها، وهما بمعنى واحد: أي هو خير عاقبة لمن رجاه وآمن به، قال هذا عاقبة أمر فلان، وعقباه: أي أخراه.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: "جعلنا لأحدهما جنتين" قال: الجنة هي البستان، فكان له بستان واحد وجدار واحد، وكان بينهما نهر، فلذلك كانا جنتين، ولذلك سماه جنة من قبل الجدار الذي عليها. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني قال: نهر أبي قرطس نهر الجنتين. قال ابن أبي حاتم: وهو نهر مشهور بالرملة. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس "ولم تظلم منه شيئاً" قال: لم تنقص، كل شجر الجنة أطعم. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه "وكان له ثمر" يقول مال. وأخرج أبو عبيد وابن جرير ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة، قال: قرأها ابن عباس "وكان له ثمر" بالضم، وقال: هي أنواع المال. وأخرج ابن أبي شيبة ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد "وكان له ثمر" قال: ذهب وفضة. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة "وهو ظالم لنفسه" يقول: كفور لنعمة ربه. وأخرج ابن أبي حاتم عن أسماء بنت عميس قالت: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن عند الكرب الله الله ربي لا أشرك به شيئاً. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن يحيى بن سليم الطائفي عمن ذكره قال: "طلب موسى من ربه حاجة فأبطأت عليه فقال: ما شاء الله، فإذا حاجته بين يديه، فقال: يا رب إني أطلب حاجتي منذ كذا وكذا أعطيتها الآن، فأوحى الله إليه: يا موسى، أما علمت أن قولك ما شاء الله أنجح ما طلبت به الحوائج". وأخرج أبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنعم الله على عبد نعمة في أهل أو مال أو ولد فيقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله إلا دفع الله عنه كل آفة حتى تأتيه منيته، وقرأ "ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله""، وفي إسناده عيسى بن عون عن عبد الملك بن زرارة عن أنس. قال أبو الفتح الأزدي: عيسى بن عون عن عبد الملك بن زرارة عن أنس لا يصح حديثه. وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن أنس نحوه موقوفاً. وأخرج البيهقي في الشعب عنه نحوه مرفوعاً. وأخرج أحمد من حديث أبي هريرة قال: قال لي نبي الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة تحت العرش؟ قلت نعم، قال: أن تقول لا قوة إلا بالله". وقد ثبت في الصحيح من حديث أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله"، وقد وردت أحاديث وآثار عن السلف في فضل هذه الكلمة. وأخرج ابن جرير ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: "فتصبح صعيداً زلقاً" قال: مثل الجرز. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: "حسباناً من السماء" قال: عذاباً فتصبح صعيداً زلقاً: أي قد حصد ما فيها فلم يترك فيها شيء "أو يصبح ماؤها غوراً" أي ذاهباً قد غار في الأرض "وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه" قال: يصفق "على ما أنفق فيها" متلهفاً على ما فاته.
44 - " هنالك الولاية لله الحق " ، يعني : في القيامة ، قرأ حمزة و الكسائي " الولاية " بكسر الواو ، يعني السلطان ، وقرأ الآخرون بفتح الواو ، من : الموالاة والنصر ، كقوله تعالى : " الله ولي الذين آمنوا " ( البقرة -257 ) ، قال القتيبي : يريد أنهم يولونه يومئذ ويتبرؤون مما كانوا يعبدون .
وقيل : بالفتح : الربوبية ،وبالكسر : الإمارة .
" الحق " برفع القاف : أبو عمرو و الكسائي على نعت الولاية ، وتصديقه قراءة أبي : " هنالك الولاية لله الحق " ، وقرأ الآخرون بالجر على صفة الله كقوله تعالى : " ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق " ( الأنعام - 62 ) .
" هو خير ثواباً " ، أفضل جزاء لأهل طاعته لو كان غيره يثيب ، " وخير عقباً " ، أي : عاقبة طاعته خير من عاقبة طاعة غيره ، فهو خير إثابته ، ( وعاقبة ) : طاعة ، قرأ حمزة و عاصم " عقباً " ساكنة القاف ، وقرأ الآخرون بضمها .
44."هنالك "في ذلك المقام وتلك الحال . "الولاية لله الحق"النصرة له وحده لا يقدر عليها غيره تقديراً لقوله"ولم تكن له فئة ينصرونه "أو ينصر فيها أوليائه المؤمنين على الكفرة كما نصر فيما فعل الكافر أخاه المؤمن ويعضده قوله:"هو خير ثواباً وخير عقباً"أي لأوليائه . وقرأحمزة والكسائي بالكسر ومعناه السلطان والملك أي هنالك السلطان له لا يغلب ولا يمنع منه، أو لا يعبد غيره كقوله تعالى " فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين "فيكون تنبيهاً على أن قوله"يا ليتني لم أشرك "كان عن اضطرار وجزع مما دهاه .وقيل" هنالك"إشارة إلى الآخرة وقرأ أبو عمروو الكسائي "الحق"بالرفع صفة للولاية ، وقرئ بالنصب على المصدر المؤكد ، وقرأ عاصم و حمزةعقباً بالسكون وقرئ عقبى وكلها بمعنى العاقبة.
44. In this case is protection only from Allah, the True. He is best for reward, and best for consequence.
44 - There, the (only) protection comes from God, the true one. he is the best to reward, and the best to give success.