[الإسراء : 74] وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً
74 - (ولولا أن ثبتناك) على الحق بالعصمة (لقد كدت) قاربت (تركن) تميل (إليهم شيئا) ركونا (قليلا) لشدة احتيالهم وإلحاحهم وهو صريح في أنه صلى الله عليه وسلم لم يركن ولا قارب
القول في تأويل يقول تعالى ذكره : ولولا أن ثبتناك يا محمد بعصمتنا إياك عما دعاك إليه هؤلاء المشركون من الفتنة" لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا" يقول: لقد كدت تميل إليهم وتطمئن شيئا قليلا، وذلك ما كان صلى الله عليه وسلم هم به من أن يفعل بعض الذي كانوا سألوه فعله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر حين نزلت هذه الاية، ما :
حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا سليمان ، قال : ثنا أبو هلال ، عن قتادة ، في قوله " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تكلني إلى نفسي طرفة عين".
قوله تعالى: "ولولا أن ثبتناك" أي على الحق وعصمناك من موافقتهم. "لقد كدت تركن إليهم" أي تميل. "شيئاً قليلاً" أي ركونا قليلاً. قال قتادة: لما نزلت هذه الآية قال عليه السلام:
(4044) "اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين". وقيل: ظاهر الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وباطنه إخبار عن ثقيف. والمعنى: وإن كادوا ليركنونك، أي كادوا يخبرون عنك بأنك ملت إلى قولهم، فنسب فعلهم إليه مجازاً واتساعاً، كما تقول لرجل: كدت تقتل نفسك، أي كاد الناس يقتلونك بسبب ما فعلت، ذكره المهدوي. وقيل: ما كان منه هم بالركون إليهم، بل المعنى: ولولا فضل الله عليك لكان منك ميل إلى موافقتهم، ولكن تم فضل الله عليك فلم تفعل، ذكره القشيري. وقال ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معصوماً، ولكن هذا تعريف للأمة لئلا يركن أحد منهم إلى المشركين في شيء من أحكام الله تعالى وشرائعه.
يخبر تعالى عن تأييده رسوله صلوات الله عليه وسلامه, وتثبيته وعصمته وسلامته من شر الأشرار وكيد الفجار, وأنه تعالى هو المتولي أمره ونصره, وأنه لا يكله إلى أحد من خلقه بل هو وليه وحافظه وناصره مؤيده ومظفره ومظهر دينه على من عاداه وخالفه وناوأه في مشارق الأرض ومغاربها, صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
74- "ولولا أن ثبتناك" على الحق وعصمناك عن موافقتهم "لقد كدت تركن إليهم" لقاربت أن تميل إليهم أدنى ميل، والركون هو الميل اليسير، ولهذا قال: "شيئاً قليلاً" لكن أدركته صلى الله عليه وسلم العصمة فمنعته من أن يقرب من أدنى مراتب الركون إليهم، فضلاً عن نفس الركون، وهذا دليل على أنه صلى الله عليه وسلم ما هم بأجابتهم، ذكر معناه القشيري وغيره، وقيل المعنى: وإن كادوا ليخبرون عنك بأنك ملت إلى قولهم، فنسب فعلهم إليه مجازاً واتساعاص كما تقول للرجل: كدت تقتل نفسك: أي كاد الناس يقتلونك بسبب ما فعلت، ذكر معناه المهدوي.
74 - " ولولا أن ثبتناك " ، على الحق بعصمتنا ، " لقد كدت تركن " أي : تميل ، " إليهم شيئاً قليلاً " أي : قريباً من الفعل .
فإن : قيل : كان النبي صلى الله عليه وسلم معصوماً ، فكيف يجوز أن يقرب مما طلبوه وما طلبوه كفر ؟ .
قيل : كان ذلك خاطر قلب ، ولم يكن عزماً وقد غفر الله عز وجل عن حديث النفس .
قال قتادة : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بعد ذلك : " اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين " .
والجواب الصحيح هو : أن الله تعالى قال: " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً " وقد ثبته الله ،ولم يركن ، وهذا مثل قوله تعالى : " ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً " ( النساء - 83 ) ، [ وقد تفضل فلم يتبعوا ] .
74."ولولا أن ثبتناك "ولولا تثبيتنا إياك."لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً " لقاربت أن تميل إلى ابتاع مرادهم ، والمعنى أنك كنت على صدد الركون إليهم لقوة خدعهم وشدة احتيالهم لكن أدركتك عصمتنا فمنعت أن تقرب من الركون فضلاً عن أن تركن إليهم ، وهو صريح في أنه عليه الصلاة والسلام ما هم بإجابتهم مع قوة الدواعي إليها، ودليل على أن العصمة بتوفيق الله وحفظه.
74. And if We had not made thee wholly firm thou mightest almost have inclined unto them a little.
74 - And had we not given thee strength, thou wouldst nearly have inclined to them a little.