[الإسراء : 51] أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا
51 - (أو خلقا مما يكبر في صدوركم) يعظم عن قبول الحياة فضلا عن العظام والرفات فلا بد من إيجاد الروح فيكم (فسيقولون من يعيدنا) إلى الحياة (قل الذي فطركم) خلقكم (أول مرة) ولم تكونوا شيئا لان القادر على البدء قادر على الإعادة بل هي أهون (فسينغضون) يحركون (إليك رؤوسهم) تعجبا (ويقولون) استهزاء (متى هو) أي البعث (قل عسى أن يكون قريبا)
واختلف أهل التاويل في المعني بقوله " أو خلقاً مما يكبر في صدوركم " فقال بعضهم: عني به الموت ، وأريد به : أوكونوا الموت ، فإنكم إن كنتموه أمتكم ثم بعثتكم بعد ذلك يوم البعث .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ، قال : ثنا ابن إدريس ، عن أبيه عن عطية عن ابن عمر " أو خلقاً مما يكبر في صدوركم " قال : الموت ، قال : لوكنتم موتى لأحييتكم .
حدثني محمد بن سعد ، قال ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال :أبي عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " أو خلقا مما يكبر في صدوركم " يعني الموت ، يقول : إن كنتم الموت أحييتكم .
حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، قال : ثنا أبو مالك الجنبي ، قال . ثنا ابن أبي خالد ، عن أبي صالح في قوله " أو خلقاً مما يكبر في صدوركم " قال : الموت .
حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا سليمان أبو داود ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي رجاء عن الحسن ، في قوله " أو خلقاً مما يكبر في صدوركم " قال : الموت .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال سعيد بن جبير ، في قوله " أو خلقا مما يكبر في صدوركم " كونوا الموت إن استطعتم ، فإن الموت سيموت ، قال : وليس شيء أكبرفي نفس ابن آدم من الموت .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : بلغني ، عن سعيد بن جبير ، قال : هوالموت.
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمر ، أنه كان يقول : يجاء بالموت يوم القيامة كانه كبش أملح حتى يجعل بين الجنة والنار، فينادي مناد يسمع أهل الجنة وأهل النار، فيقول : هذا الموت قد جئنا به ونحن مهلكوه ، فأيقنوا يا أهل الجنة وأهل النار أن الموت قد هلك .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ ، قال : ثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " أو خلقاً مما يكبر في صدوركم " يعني الموت ، يقول : لو كنتم الموت لأمتكم .
وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يقول : إن الله يجيء بالموت يوم القيامة، وقد صار أهل الجنة وأهل النار إلى منازلهم ، كأنه كبش أملح ، فيقف بين الجنة والنار، فينادي أهل الجنة وأهل النار هذا الموت ، ونحن ذابحوه ، فايقنوا بالخلود . وقال اخرون : عني بذلك السماء والأرض والجبال .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة " أو خلقاً مما يكبر في صدوركم " قال : السماء والأرض والجبال . وقال آخرون : بل أريد بذلك : كونوا ما شئتم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " كونوا حجارةً أو حديدا * أو خلقاً مما يكبر في صدوركم " قال : ما شئتم فكونوا ، فسيعيدكم الله كما كنتم .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " قل كونوا حجارةً أو حديداً * أو خلقاً مما يكبر في صدوركم " قال : من خلق الله ، فإن الله يميتكم ثم يبعثكم يوم القيامة خلقاً جديداً .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله تعالى بى كره قال " أو خلقاً مما يكبر في صدوركم " ، وجائز أن يكون عنى به الموت ، لأنه عظيم في صدور بني آدم ، وجائز أن يكون أراد به السماء والأرض ، وجائز أن يكون أراد به غير ذلك ، ولا بيان في ذلك أبين مما بين جل ثناؤه ، وهو كل ما كبر في صدور بني آدم من خلقه لأنه لم يخصص منه شيثا دون شيء .
وأما قوله " فسيقولون من يعيدنا" فإنه يقول : فسيقول لك يا محمد هؤلاء الذين لا يؤمنون بالاخرة " من يعيدنا" خلقاً جديداً، إن كنا حجارةً أو حديداً أو خلقاً مما يكبر في صدورنا، فقل لهم : يعيدكم " الذي فطركم أول مرة " يقول : يعيدكم كما كنتم قبل أن تصيروا حجارةً أو حديداً إنساً أحياء، الذي خلقكم إنساً من غيرشيء أول مرة.
كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " قل الذي فطركم أول مرة " أي خلقكم " فسينغضون إليك رؤوسهم " يقول : فإنك إذا قلت لهم ذلك ، فسيهزون إليك رؤوسهم برفع وخفض ، وكذلك النغض في كلام العرب ، إنما هو حركة بارتفاع ثم انخفاض ، أو انخفاض ثم ارتفاع ، ولذلك سمي الظليم نغضاً، لأنه إذا عجل المشي ارتفع وانخفض ، وحرك رأسه ، كما قال الشاعر : أسك نغضاً لايني مستهدجاً
ويقال : نغضت سنه : إذا تحركت وارتفعت من أصلها، ومنه قول الراجز:
ونغضت من هرم أسنانها
وقول الآخر :
لما رأتني أنغضت لي الرأسا
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " فسينغضون إليك رؤوسهم " أي يحركون رؤوسهم تكذيباً واستهزاءً .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة " فسينغضون إليك رؤوسهم " قال : يحركون رءوسهم.
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " فسينغضون إليك رؤوسهم " يقول : سيحركونها إليك استهزاءً .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس " فسينغضون إليك رؤوسهم " قال : يحركون رؤوسهم يستهزءون ويقولون متى هو.
حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " فسينغضون إليك رؤوسهم " يقول يهزءون.
وقوله " ويقولون متى هو" يقول جل ثناؤه : ويقولون متى البعث ، وفي أي حال ووقت يعيدنا خلقاً جديداً، كما كنا أول مرة، قال الله عز وجل لنبيه : قل لهم يا محمد إذ قالوا لك : متى هو؟ متى هذا البعث الذي تعدنا؟ عسى أن يكون قريباً وإنما معناه : هو قريب ، لأن عسى من الله واجب ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : بعثت أنا والساعة كهاتين ، وأشار بالسبابة والوسطى ، لأن الله تعالى كان قد أعلمه أنه قريب مجيب .
" أو خلقا مما يكبر في صدوركم " قال مجاهد : يعني السماوات والأرض والجبال لعظمها في النفوس . وهو معنى قول قتادة . يقول كونوا ما شئتم ، فإن الله يميتكم ثم يبعثكم . وقال ابن عباس و ابن عمر و عبد الله بن عمرو بن العاص و ابن جبير و مجاهد أيضا و عكرمة وأبو صالح والضحاك : يعني الموت ، لأنه ليس شيء أكبر في نفس ابن آدم منه ، قال أمية بن أبي الصلت :
وللموت خلق في النفوس فظيع
يقول : إ نكم لو خلقتم من حجارة أو حديد أو كنتم الموت لأميتكم ولأبعثنكم ، لأن القدرة التي بها أنشأتكم بها نعيدكم . وهو معنى قوله : " فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة " . وفي الحديث أنه : " يأتى بالموت يوم القيامة في سورة كبش أملح فيذبح بين الجنة والنار " . وقيل : أراد به البعث ، لأنه كان أكبر في صدورهم ، قال الكلبي . " فطركم " خلقكم وأنشأكم . " فسينغضون إليك رؤوسهم " .
قال الراجز : أنغض نحوي رأسه وأقنعا
وقال أيضا : نغض فلان رأسه أي حركه ، يتعدى ولا يتعدى ، حكاه الأخفش . ويقال : نغضت سنه ، أي تحركت وانقلعت .
قال الراجز :
ونغضت من هرم أسنانها
وقال آخر : لما رأتني أنغضت لي الرأسا
وقال آخر :
لا ماء في المقراة إن لم تنهض بمسد فوق المحال النغض
المحال والمحالة : البكرة العظيمة التي يستقى بها الإبل . " ويقولون متى هو " أي البعث ولإعادة هذا الوقت . " قل عسى أن يكون قريبا " أي هو قريب ، لأن عسى واجب ، نظيره " وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا " . و " لعل الساعة قريب " . وكل ما هو آت فهو قريب .
يقول تعالى مخبراً عن الكفار المستبعدين وقوع المعاد القائلين استفهام إنكار منهم لذلك " أإذا كنا عظاما ورفاتا " أي تراباً, قاله مجاهد . وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: غباراً, " أإنا لمبعوثون خلقا جديدا " أي يوم القيامة بعدما بلينا وصرنا عدماً لا نذكر, كما أخبر عنهم في الموضع الاخر " يقولون أإنا لمردودون في الحافرة * أإذا كنا عظاما نخرة * قالوا تلك إذا كرة خاسرة ". وقوله تعالى: "وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه" الايتين, فأمر الله سبحانه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيبهم فقال: "قل كونوا حجارة أو حديداً" إذ هما أشد امتناعاً من العظام والرفات " أو خلقا مما يكبر في صدوركم " قال ابن إسحاق عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : سألت ابن عباس عن ذلك, فقال: هو الموت, وروى عطية عن ابن عمر أنه قال في تفسير هذه الاية: لو كنتم موتى لأحييتكم, وكذا قال سعيد بن جبير وأبو صالح والحسن وقتادة والضحاك وغيرهم, ومعنى ذلك أنكم لو فرضتم أنكم لو صرتم إلى الموت الذي هو ضد الحياة, لأحياكم الله إذا شاء, فإنه لا يمتنع عليه شيء إذا أراده.
وقد ذكر ابن جرير ههنا حديثاً "يجاء بالموت يوم القيامة وكأنه كبش أملح, فيوقف بين الجنة والنار, ثم يقال: يا أهل الجنة أتعرفون هذا ؟ فيقولون: نعم, ثم يقال: يا أهل النار أتعرفون هذا ؟ فيقولون: نعم, فيذبح بين الجنة والنار, ثم يقال: يا أهل الجنة خلود بلا موت, ويا أهل النار خلود بلا موت" وقال مجاهد " أو خلقا مما يكبر في صدوركم " يعني السماء والأرض والجبال, وفي رواية: ما شئتم فكونوا فسيعيدكم الله بعد موتكم, وقد وقع في التفسير المروي عن الإمام مالك عن الزهري في قوله: "أو خلقاً مما يكبر في صدوركم" قال النبي صلى الله عليه وسلم: قال مالك ويقولون هو الموت.
وقوله تعالى: "فسيقولون من يعيدنا" أي من يعيدنا إذا كنا حجارة أو حديداً أو خلقاً آخر شديداً "قل الذي فطركم أول مرة" أي الذي خلقكم ولم تكونوا شيئاً مذكوراً ثم صرتم بشراً تنتشرون, فإنه قادر على إعادتكم ولو صرتم إلى أي حال "وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه" الاية, وقوله تعالى: " ينغضون إليك رؤوسهم " قال ابن عباس وقتادة : يحركونها استهزاء, وهذا الذي قالاه هو الذي تعرفه العرب من لغاتها, لأن إنغاض هو التحرك من أسفل إلى أعلى أو من أعلى إلى أسفل, ومنه قيل للظليم وهو ولد النعامة نغض, لأنه إذا مشى عجل بمشيته وحرك رأسه, ويقال: نفصت سنه إذا تحركت وارتفعت من منبتها وقال الراجز:
ونغضت من هرم أسنانها
وقوله: "ويقولون متى هو" إخبار عنهم بالإستبعاد منهم لوقوع ذلك, كما قال تعالى: "ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين" وقال تعالى: "يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها". وقوله: "قل عسى أن يكون قريباً" أي احذروا ذلك, فإنه قريب سيأتيكم لا محالة, فكل ما هو آت آت. وقوله تعالى: "يوم يدعوكم" أي الرب تبارك وتعالى: "إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون" أي إذا أمركم بالخروج منها, فإنه لا يخالف ولا يمانع, بل كما قال تعالى: "وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر" "إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون". وقوله "فإنما هي زجرة واحدة * فإذا هم بالساهرة" أي إنما هو أمر واحد بانتهار, فإذا الناس قد خرجوا من باطن الأرض إلى ظاهرها, كما قال تعالى: "يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده" أي تقومون كلكم إجابة لأمره وطاعة لإرادته. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : فتستجيبون بحمده, أي بأمره, وكذا قال ابن جريج : وقال قتادة بمعرفته وطاعته.
وقال بعضهم "يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده" أي وله الحمد في كل حال. وقد جاء في الحديث "ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم, كأني بأهل لا إله إلا الله يقومون من قبورهم ينفضون التراب عن رؤوسهم يقولون لا إله إلا الله" وفي رواية يقولون "الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن" وسيأتي في سورة فاطر. وقوله تعالى: "وتظنون" أي يوم تقومون من قبوركم "إن لبثتم" أي في الدار الدنيا "إلا قليلاً", وكقوله تعالى: "كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها", وقال تعالى: "يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقاً * يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا * نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوماً", وقال تعالى: "ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون", وقال تعالى: " قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين * قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين * قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون ".
51- "أو خلقاً مما يكبر في صدوركم" أي يعظم عندكم مما هو أكبر من الحجارة والحديد مباينة للحياة فإنكم مبعوثون لا محالة، وقيل المراد به السموات والأرض والجبال لعظمها في النفوس. وقال جماعة من العلماء والتابعين: المراد به الموت، لأنه ليس شيء أكبر في نفس ابن آدم منه. والمعنى: لو كنتم الموت لأماتكم الله ثم بعثكم، ولا يخفى ما في هذا من البعد، فإن معنى الآية الترقي من الحجارة إلى الحديد، ثم من الحديد إلى ما هو أكبر في صدور القوم منه، والموت نفسه ليس بشيء يعقلويحس حتى يقع الترقي من الحديد إليه "فسيقولون من يعيدنا" إذا كنا عظاماً ورفاتاً، أو حجارة أو حديداً مع ما بين الحالتين من التفاوت "قل الذي فطركم أول مرة" أي يعيدكم الذي خلقكم واخترعكم عند ابتداء خلقكم من غير مثال سابق ولا صورة متقدمة "فسينغضون إليك رؤوسهم" أي يحركونها استهزاءً، يقال نغض رأسه ينغض وينغض وينغض نغضاً ونغوضاً: أي تحرك، وأنغض رأسه حركه كالمتعجب، ومنه قول الراجز:
أنغض نحوي رأسه وأقنعا
وقول الراجز الآخر:
ونغضت من هرم أسنانها
وقال آخر:
لما رأتني أنغضت لي رأسها
"ويقولون متى هو" أي البعث والإعادة استهزاءً منهم وسخرية "قل عسى أن يكون قريباً" أي هو قريب، لأن عسى في كلام الله واجب الوقوع، ومثله "وما يدريك لعل الساعة تكون قريباً" وكل ما هو آت قريب.
51 - " أو خلقاً مما يكبر في صدوركم " ، قيل : السماء والأرض [ والجبال ] .
وقال مجاهد و عكرمة وأكثر المفسرين : إنه الموت ، فإنه ليس في نفس ابن آدم شيء أكبر من الموت ، أي : لو كنتم الموت بعينه لأميتنكم ولأبعثنكم .
" فسيقولون : من يعيدنا " ، من يبعثنا بعد الموت ؟ " قل : الذي فطركم" ، خلقكم ، " أول مرة" ومن قدر على الإنشاء قدر على الإعادة ، " فسينغضون إليك رؤوسهم " ، أي : يحركونها إذا قلت لهم ذلك مستهزئين بها ، " ويقولون متى هو " ؟ أي : البعث والقيامة ، " قل عسى أن يكون قريباً " أي : هو قريب ، لأن عسى من الله واجب ، نظيره قوله تعالى : " وما يدريك لعل الساعة تكون قريباً " ( الأحزاب - 63 )
51."أو خلقاً مما يكبر في صدوركم "أي مما يكبر عندكم عن قبول الحياة لكونه أبعد شيء منها ، فإن قدرته تعالى لا تقصر عن إحيائكم لاشتراك الأجسام في قبول الإعراض، فكيف إذا كنتم عظاماً مرفوتة وقد كانت غضة مرصوفة بالحياة قبل والشيء أقبل لما عهد فيه مما لم يعهد ."فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة"وكنتم تراباً وما هو أبعد منه من الحياة ." فسينغضون إليك رؤوسهم"فسيحركونها نحوك تعجباً واستهزاء ."ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريباً"فإن كل ما هو آت قريب ، وانتصابه على الخبر أو الظرف أي يكون في زمان قريب . و"أن يكون "اسم"عسى"أو خبره والاسم مضمر.
51. Or some created thing that is yet greater in your thoughts! Then they will say: Who shall bring us back (to life). Say: He who created you at the first. Then will they shake their heads at thee, and say: When will it be? Say: It will perhaps be soon;
51 - Or created matter which, in your minds, in hardest (to be raised up), (yet shall ye be raised up) then will they say: who will cause us to return? say: he who created you first then will they wag their heads towards thee, and say, when will that be? say, may be it will be quite soon