[النحل : 32] الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
32 - (الذين) نعت (تتوفاهم الملائكة طيبين) طاهرين من الكفر (يقولون) لهم عند الموت (سلام عليكم) ويقال لهم في الآخرة (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون)
يقول تعالى ذكره : كذلك يجزي الله المتقين الذين تقبض أرواحهم ملائكة الله ، وهم طيبون بتطييب الله إياهم بنظافة الإيمان ، وطهر الإسلام في حال حياتهم وحال مماتهم .
كما حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، وحدثني الحارث ، قال :حدثنا الحسن ، قال :حدثنا ورقاء ، وحدثني المثنى ، قال : أخبرنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، وحدثني المثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : "الذين تتوفاهم الملائكة طيبين" قال : أحياءً وأمواتاً ، قدر الله ذلك لهم .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
وقوله : "يقولون سلام عليكم" يعني جل ثناؤه أن الملائكة تقبض أرواح هؤلاء المتقين ، وهي تقول لهم : سلام عليكم صيروا إلى الجنة ، بشارة من الله تبشرهم بها الملائكة .
كما حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني أبو صخر ، أنه سمع محمد بن كعب القرظي يقول : إذا استنقعت نفس العبد المؤمن جاءه ملك فقال : السلام عليك ولي الله ، الله يقرأ عليك السلام ، ثم نزع بهذه الآية "الذين تتوفاهم الملائكة طيبين" ... إلى آخر الآية .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ،عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس ، قوله : ( فسلام لك من أصحاب اليمين ) قال : الملائكة يأتونه بالسلام من قبل الله ، وتخبره أنه من أصحاب اليمين .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا الأشب أبو علي ، عن أبي رجاء ، عن محمد بن مالك ، عن البراء ، قال : قوله : ( سلام قولا من رب رحيم ) ، قال : يسلم عليه عند الموت .
وقوله : "بما كنتم تعملون" يقول : بما كنتم تصيبون في الدنيا أيام حياتكم فيها طاعة الله ، طلب مرضاته .
" الذين تتوفاهم الملائكة طيبين " قرأ الأعمش وحمزة ( يتوفاهم الملائكة) في الموضعين بالياء، واختاره أبو عبيد، لما روي عن ابن مسعود أنه قال: إن قريشاً زعموا أن الملائكة إناث فذكروهم أنتم. الباقون بالتاء، لأن المراد به الجماعة. و " طيبين " فيه ستة أقوال: الأول - ( طيبين) طاهرين من الشرك. الثاني - صالحين. الثالث - زاكية أفعالهم وأقوالهم. الرابع - طيبين الأنفس ثقة بما يلقونه من ثواب الله تعالى. الخامس - طيبة نفوسهم بالرجوع إلى الله. السادس: ( طيبين) أن تكون وفاتهم طيبة سهلة لا صعوبة فيها ولا ألم، بخلاف ما تقبض به روح الكافر والمخلط. والله أعلم. " يقولون سلام عليكم " يحتمل وجهين: أحدهما - أن يكون السلام إنذاراً لهم بالوفاة. الثاني - أن يكون تبشيراً لهم بالجنة، لأن السلام أمان. وذكر ابن المبارك قال: حدثني حيوة قال أخبرني أبو صخر عن محمد بن كعب القرظي قال: إذا استنقعت نفس العبد المؤمن جاءه ملك الموت فقال: السلام عليك ولي الله، الله يقرأ عليك السلام. ثم نزع بهذه الآية ( الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليك). وقال ابن مسعود: إذا جاء ملك الموت يقبض روح المؤمن قال: ربك يقرئك السلام. وقال مجاهد: إن المؤمن ليبشر بصلاح ولده من بعده لتقر عينه. وقد آتينا على هذا في كتاب التذكرة وذكرنا هناك الأخبار الواردة في هذا المعنى، والحمد لله. وقوله: " ادخلوا الجنة " يحتمل وجهين: أحدهما - أن يكون معناه أبشروا بدخول الجنة. الثاني - أن يقولوا ذلك لهم في الآخرة. " بما كنتم تعملون " يعني في الدنيا من الصالحات.
هذا خبر عن السعداء بخلاف ما أخبر به عن الأشقياء, فإن أولئك قيل لهم: "ماذا أنزل ربكم" قالوا معرضين عن الجواب: لم ينزل شيئاً إنما هذا أساطير الأولين, وهؤلاء قالوا: خيراً, أي أنزل خيراً, أي رحمة وبركة لمن اتبعه وآمن به. ثم أخبر عما وعد الله عباده فيما أنزله على رسله فقال: "للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة" الاية, كقوله تعالى: "من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" أي من أحسن عمله في الدنيا أحسن الله إليه عمله في الدنيا والاخرة, ثم أخبر بأن دار الاخرة خير أي من الحياة الدنيا, والجزاء فيها أتم من الجزاء في الدنيا, كقوله: "وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير" الاية. وقال تعالى: "وما عند الله خير للأبرار" وقال تعالى: " والآخرة خير وأبقى " وقال لرسوله صلى الله عليه وسلم " وللآخرة خير لك من الأولى " ثم وصف الدار الاخرة فقال: "ولنعم دار المتقين".
وقوله: "جنات عدن" بدل من دار المتقين أي لهم في الاخرة جنات عدن, أي مقام يدخلونها "تجري من تحتها الأنهار" أي بين أشجارها وقصورها " لهم فيها ما يشاؤون " كقوله تعالى: "وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون". وفي الحديث "إن السحابة لتمر بالملأ من أهل الجنة وهم جلوس على شرابهم, فلا يشتهي أحد منهم شيئاً إلا أمطرته عليه حتى إن منهم لمن يقول أمطرينا كواعب أتراباً فيكون ذلك" "كذلك يجزي الله المتقين" أي كذلك يجزي الله كل من آمن به واتقاه وأحسن عمله, ثم أخبر تعالى عن حالهم عند الاحتضار أنهم طيبون أي مخلصون من الشرك والدنس وكل سوء, وأن الملائكة تسلم عليهم وتبشرهم بالجنة, كقوله تعالى: " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون * نزلا من غفور رحيم " وقد قدمنا الأحاديث الواردة في قبض روح المؤمن وروح الكافر عند قوله تعالى: " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ".
والموصول في قوله: 32- "الذين تتوفاهم الملائكة طيبين" في محل نصب نعت للمتقين المذكور قبله، قرأ الأعمش وحمزة "تتوفاهم" في هذا الموضع، وفي الموضع الأول بالياء التحتية، وقرأ الباقون بالمثناة الفوقية، واختار القراءة الأولى أبو عبيد مستدلاً بما روي عن ابن عباس أنه قال: إن قريشاً زعموا أن الملائكة إناث فذكروهم أنتم. و "طيبين" فيه أقوال: طاهرين من الشرك، أو الصالحين، أو زاكية أفعالهم وأقوالهم، أو طيبين الأنفس ثقة بما يلقونه من ثواب الله، أو طيبة نفوسهم بالرجوع إلى الله، أو طيبين الوفاة: أي هي عليهم سهلة لا صعوبة فيها، وجملة " يقولون سلام عليكم " في محل نصب على الحال من الملائكة: أي قائلين سلام عليكم، ومعناه يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون السلام إنذاراً لهم بالوفاة. الثاني أن يكون تبشيراً لهم بالجنة لأن السلام أمان. وقيل إن الملائكة يقولون: السلام عليك ولي الله إن الله يقرأ عليك السلام "ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون" أي بسبب عملكم، قيل يحتمل هذا وجهين: الأول أن يكون تبشيراً بدخول الجنة عند الموت، الثاني أن يقولوا ذلك لهم في الآخرة. ولا ينافي هذا دخول الجنة بالتفضل كما في الحديث الصحيح "سددوا وقاربوا واعلموا أنه لن يدخل أحد الجنة بعمله. قيل: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته" وقد قدمنا البحث عن هذا.
وقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: "وقيل للذين اتقوا" قال: هؤلاء المؤمنون. يقال لهم "ماذا أنزل ربكم" فيقولون "خيراً للذين أحسنوا" أي آمنوا بالله وكتبه وأمروا بطاعته وحثوا عباد الله على الخير ودعوهم إليه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: "الذين تتوفاهم الملائكة طيبين" قال: أحياءً وأمواتاً قدر الله لهم ذلك.
32- "الذين تتوفاهم الملائكة طيبين "، مؤمنين طاهرين من الشرك .
قال مجاهد : زاكية أفعالهم وأقوالهم .وقيل: معناه: إن وفاتهم تقع طيبة سهلة. " يقولون " يعني: الملائكة لهم، " سلام عليكم "وقيل: يبلغونهم سلام الله، " ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون " .
32."الذين تتوفاهم الملائكة طيبين"طاهرين من ظلم أنفسهم بالكفر والمعاصي لأنه في مقابلة "ظالمي أنفسهم".وقيل فرحين ببشارة الملائكة إياهم بالجنة ، أو طيبين بقبض أرواحهم لتوجه نفوسهم بالكلية إلى حضرة القدس ."يقولون سلام عليكم"لا يحيقكم بعد مكروه." ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون "حين تبعثون فإنها معدة لكم على أعمالكم . وقيل هذا التوفي وفاة الحشر لأن الأمر بالدخول حينئذ.
32. Those whom the angels cause to die (when they are) good They say: Peace be unto you! Enter the Garden because of what ye used to do.
32 - (Namely) those whose lives the angels take in a state of purity, saying (to them), Peace be on you; enter ye the garden, because of (the good) which ye did (in the world).