[النحل : 23] لاَ جَرَمَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ
23 - (لا جرم) حقا (أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون) فيجازيهم بذلك (إنه لا يحب المستكبرين) بمعنى أنه يعاقبهم
يعني تعالى ذكره بقوله : لا جرم حقاً أن الله يعلم مايسر هؤلاء المشركون من إنكارهم ما ذكرنا من الأنباء في هذه السورة ، واعتقادهم نكير قولنا لهم : إلهكم إله واحد ، واستكبارهم على الله ، وما يعلنون من كفرهم بالله وفريتهم عليه "إنه لا يحب المستكبرين" يقول : إن الله لا يحب المستكبرين عليه أن يوحدوه ويخلعوا ما دونه من الآلهة والأنداد .
كما حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا جعفر بن عون ، قال : حدثنا مسعر ، عن رجل ، أن الحسن بن علي كان يجلس إلى المساكين ، ثم يقول "إنه لا يحب المستكبرين" .
" لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون " أي من القول والعمل فيجازيهم. قال الخليل: ( لا جرم) كلمة تحقيق ولا تكون إلا جواباً، يقال: فعلوا ذلك، فيقال: لا جرم سيندمون. أي حقاً أن لهم النار. قد مضى القول في هذا في ( هود) مستوفىً. " إنه لا يحب المستكبرين " أي لا يثيبهم ولا يثني عليهم. وعن الحسين بن علي أنه مر بمساكين قد قدموا كسراً بينهم وهم يأكلون فقالوا: الغذاء يا أبا عبد الله، فنزل وجلس معهم وقال ( إنه لا يحب المستكبرين) فلما فرغ قال: قد أجبتكم فأجيبوني، فقاموا معه إلى منزله فاطعمهم وسقاهم وأعطاهم وانصرفوا. قال العلماء: وكل ذنب يمكن التستر منه وإخفاؤه إلا الكبر، فإنه فسق يلزمه الإعلان، وهو أصل العصيان كله. وفي الحديث الصحيح: " إن المتكبرين يحشرون أمثال الذر يوم القيامة يطؤهم الناس بأقدامهم لتكبرهم ". أو كما قال صلى الله عليه وسلم: " تصغر لهم أجسامهم في المحشر حتى يضرهم صغرها وتعظم لهم في النار حتى يضرهم عظمها ".
يخبر تعالى أنه لا إله هو الواحد الأحد الفرد الصمد, وأخبر أن الكافرين تنكر قلوبهم ذلك, كما أخبر عنهم متعجبين من ذلك " أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب " وقال تعالى: " وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون " وقوله: "وهم مستكبرون" أي عن عبادة الله مع إنكار قلوبهم لتوحيده كما قال: "إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين" ولهذا قال ههنا "لا جرم" أي حقاً "أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون" أي وسيجزيهم على ذلك أتم الجزاء "إنه لا يحب المستكبرين".
23- "لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون" قال الخليل: لا جرم كلمة تحقيق ولا تكون إلا جواباً: أي حقاً أن الله يعلم ما يسرون من أقوالهم وأفعالهم وما يعلنون من ذلك، وقد مر تحقيق الكلام في لا جرم "إنه لا يحب المستكبرين" أي لا يحب هؤلاء الذين يستكبرون عن توحيد الله والاستجابة لأنبيائه، والجملة تعليل لما تضمنه الكلام المتقدم.
23- "لا جرم"،حقا "أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين"
أخبرنا أبو سعيد بكر بن محمد بن محمد بن محمي البسطامي،اخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن ابن إبراهيم بن سختويه،اخبرنا أبو الفضل سفيان بن محمد الجوهري،حدثنا علي بن الحسن بن أبي عيسى الهلالي،حدثنا يحيى بن حماد،حدثنا شعبة،عن ابان بن تغلب،عن فضيل الفقيمي،عن إبراهيم النخعي،عن علقمة بن قيس،عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر،ولا يدخل النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان،فقال رجل: يا رسول الله إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا؟قال:إن الله جميل يحب الجمال،الكبر بطر الحق وغمط الناس".
23."لا جرم"حقاً . "أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون"فيجازيهم ، وهو في موضع الرفع بـ"جرم"لأنه مصدر أو فعل . "إنه لا يحب المستكبرين"فضلاً عن الذين استكبروا عن توحيده أو اتباع الرسول.
23. Assuredly Allah knoweth that which they keep hidden and that which they proclaim. Lo! He loveth not the proud.
23 - Undoubtedly God doth know what they conceal, and what they reveal: verily he loveth not the arrogant.