[الحجر : 95] إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ
95 - (إنا كفيناك المستهزئين) بك بإهلاكنا كلا منهم بآفة وهم الوليد بن المغيرة والعاصي بن وائل وعدي بن قيس والأسود بن عبد المطلب والأسود بن عبد يغوث
قوله تعالى إنا كفيناك المستهزئين الآية ك أخرج البزار والطبراني عن أنس بن مالك قال مر النبي صلى الله عليه وسلم على أناس بمكة فجعلوا يغمزون في قفاه ويقولون هذا الذي يزعم أنه نبي ومعه جبريل فغمز جبريل بأصبعه فوقع مثل الظفر في أجسادهم فصارت قروحا حتى نتنوا فلم يستطع أحد أن يدنو منهم فأنزل الله إنا كفيناك المستهزئين
قوله تعالى : "إنا كفيناك المستهزئين" .
والمعنى: اصدع بما تؤمر ولا تخف غير الله، فإن الله كافيك من أذاك كما كفاك المستهئزين، وكانوا خمسة من رؤساء أهل مكة، وهم الوليد بن المغيرة وهو رأسهم، والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب بن أسد أبو زمعة. والأسود بن عبد يغوث، والحارث بن الطلاطلة، أهلكهم الله جميعاً، قيل يوم بدر في يوم واحد، لاستهزائهم برسول الله صلى الله عليه وسلم. وسبب هلاكهم فيما ذكر ابن إسحاق: أن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يطوفون بالبيت، فقام وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر به الأسود بن المطلب فرمى في وجهه بورقة خضراء فعمي ووجعت عينه، فجعل يضرب برأسه الجدار. ومر به الأسود بن عبد يغوث فأشار إلى بطنه فاستسقى بطنه فمات منه حبناً. ( يقال: حبن ( بالكسر) حبنا وحبن للمفعول عظمت بطنه بالماء الأصفر، فهو أحبن، والمرأة حبناء، قاله في الصحاح). ومر به الوليد بن المغيرة فأشار إلى أثر جرح بأسفل كعب رجله، وكان أصابه قبل ذلك بسنين، وهو يجر سبله، وذلك أنه مر برجل من خزاعة يريش نبلاً له فتعلق سهم من نبله بإزاره فخذش في رجله ذلك الخدش وليس بشيء، فانتقض به فقتله. ومر به العاص بن وائل فأشار إلى أخمس رجله، فخرج على حمار به يريد الطائف، فربض به على شبرقة فدخلت في أخمس رجله شوكة فقتلته. ومر به الحارث بن الطلاطلة، فأشار إلى رأسه فامتخط قيحاً فقتل. وقد ذكر في سبب موتهم اختلاف قريب من هذا. وقيل: إنهم المراد بقوله تعالى: " فخر عليهم السقف من فوقهم " ( النحل: 26). شبه ما أصابهم في موتهم بالسقف الواقع عليهم، على ما يأتي.
يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم بإبلاغ ما بعثه به وبإنفاذه والصدع به, وهو مواجهة المشركين به, كما قال ابن عباس في قوله: "فاصدع بما تؤمر" أي أمضه, وفي رواية "افعل ما تؤمر" وقال مجاهد: هو الجهر بالقرآن في الصلاة. وقال أبو عبيدة عن عبد الله بن مسعود: ما زال النبي صلى الله عليه وسلم مستخفياً حتى نزلت "فاصدع بما تؤمر", فخرج هو وأصحابه. وقوله: "وأعرض عن المشركين * إنا كفيناك المستهزئين" أي بلغ ما أنزل إليك من ربك, ولا تلتفت إلى المشركين الذين يريدون أن يصدوك عن آيات الله " ودوا لو تدهن فيدهنون " ولا تخفهم فإن لله كافيك إياهم وحافظك منهم, كقوله تعالى: "يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس".
وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا يحيى بن محمد بن السكن, حدثنا إسحاق بن إدريس, حدثنا عون بن كهمس عن يزيد بن درهم, عن أنس قال: سمعت أنساً يقول في هذه الاية, " إنا كفيناك المستهزئين * الذين يجعلون مع الله إلها آخر " قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم فغمزه بعضهم فجاء جبريل, أحسبه قال: فغمزهم, فوقع في أجسادهم كهيئة الطعنة فماتوا. قال محمد بن إسحاق: كان عظماء المستهزئين كما حدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير خمسة نفر, وكانوا ذوي أسنان وشرف في قومهم من بني أسد بن عبد العزى بن قصي الأسود بن المطلب أبي زمعة , كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني قد دعا عليه لما كان يبلغه من أذاه واستهزائه, فقال: "اللهم أعم بصره, وأثكله ولده" ومن بني زهرة الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة, ومن بني مخزوم الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم, ومن بني سهم ابن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي العاص بن وائل بن هشام بن سعيد بن سعد, ومن خزاعة الحارث بن الطلاطلة بن عمرو بن الحارث بن عبد بن ـ عمرو بن ملكان ـ. فلما تمادوا في الشر وأكثروا برسول الله صلى الله عليه وسلم الاستهزاء أنزل الله تعالى: " فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين * إنا كفيناك المستهزئين * الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون ".
وقال ابن إسحاق: فحدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير أو غيره من العلماء,أن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت , فقام وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه, فمر به الأسود بن عبد يغوث فأشار إلى بطنه, فاستسقى بطنه, ومر به الوليد بن المغيرة, فأشار إلى أثر جرح بأسفل كعب رجله, وكان أصابه قبل ذلك بسنتين, وهو يجز إزاره, وذلك أنه مر برجل من خزاعة يريش نبلاً له, فتعلق سهم من نبله بإزاره فخدش رجله ذلك الخدش, وليس بشيء, فانتفض به فقتله, ومر به العاص بن وائل, فأشار إلى أخمص قدمه فخرج على حمار له يريد الطائف, فربض على شبرقة فدخلت في أخمص قدمه فقتلته, ومر به الحارث بن الطلاطلة فأشار إلى رأسه فامتخط قيحاً فقتله.
قال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد عن رجل, عن ابن عباس قال: كان رأسهم الوليد بن المغيرة وهو الذي جمعهم, وهكذا روي عن سعيد بن جبير وعكرمة نحو سياق محمد بن إسحاق به, عن يزيد عن عروة بطوله, إلا أن سعيداً يقول: الحارث بن غيطلة, وعكرمة يقول الحارث بن قيس. قال الزهري: وصدقا هو الحارث بن قيس, وأمه غيطلة, وكذا روي عن مجاهد ومقسم وقتادة وغير واحد أنهم كانوا خمسة. وقال الشعبي: كانوا سبعة, والمشهور الأول: وقوله: "الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر فسوف يعلمون" تهديد شديد ووعيد أكيد لمن جعل مع لله معبوداً آخر.
وقوله: " ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون * فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين " أي وإنا لنعلم يا محمد أنك يحصل لك من أذاهم لك ضيق صدر وانقباض فلا يهيدنك ذلك ولا يثنينك عن إبلاغك رسالة الله, وتوكل عليه فإنه كافيك وناصرك عليهم, فاشتغل بذكر الله وتحميده وتسبيحه وعبادته التي هي الصلاة, ولهذا قال: "فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين". كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, حدثنا معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن نعيم بن همار أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تعالى يا ابن آدم لا تعجز عن أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره" ورواه أبو داود والنسائي من حديث مكحول عن كثير بن مرة بنحوه, ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى.
وقوله: "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" قال البخاري: قال سالم: الموت, وسالم هذا هو سالم بن عبد الله بن عمر, كما قال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار, حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان, حدثني طارق بن عبد الرحمن عن سالم بن عبد الله "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" قال: الموت, وهكذا قال مجاهد والحسن وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيره, والدليل على ذلك قوله تعالى إخباراً عن أهل النار أنهم قالوا "لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين" وفي الصحيح من حديث الزهري عن خارجة بن زيد بن ثابت, عن أم العلاء امرأة من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل على عثمان بن مظعون وقد مات, قالت أم العلاء: رحمة الله عليك أبا السائب, فشهادتي عليك لقد أكرمك الله, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما يدريك أن الله أكرمه ؟" فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله, فمن ؟ فقال: "أما هو فقد جاءه اليقين, وإني لأرجو له الخير" ويستدل بهذه الاية الكريمة وهي قوله: "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" على أن العبادة كالصلاة ونحوها واجبة على الإنسان ما دام عقله ثابتاً, فيصلي بحسب حاله.
كما ثبت في صحيح البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صل قائماً, فإن لم تستطع فقاعداً, فإن لم تستطع فعلى جنب" ويستدل بها على تخطئة من ذهب من الملاحدة إلى أن المراد باليقين المعرفة, فمتى وصل أحدهم إلى المعرفة سقط عنه التكليف عندهم, وهذا كفر وضلال وجهل, فإن الأنبياء عليهم السلام كانوا هم وأصحابهم أعلم الناس بالله وأعرفهم بحقوقه وصفاته, وما يستحق من التعظيم, وكانوا مع هذا أعبد وأكثر الناس عبادة ومواظبة على فعل الخيرات إلى حين الوفاة, وإنما المراد باليقين ههنا الموت, كما قدمناه, ولله الحمد والمنة, والحمد لله على الهداية وعليه الاستعانة والتوكل, وهو المسؤول أن يتوفانا على أكمل الأحوال وأحسنها, فإنه جواد كريم.
آخر تفسير سورة الحجر, والحمد لله رب العالمين.
ثم أكد هذا الأمر وثبت قلب رسوله بقوله: 95- "إنا كفيناك المستهزئين" مع كونهم كانوا من أكابر الكفار، وأهل الشوكة فيهم فإذا كفاه الله أمرهم بقمعهم وتدميرهم كفاه أمر من هو دونهم بالأولى، وهؤلاء المستهزئون كانوا خمسة من رؤساء أهل مكة: الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل والأسود بن المطلب بن الحرث بن زمعة، والأسود بن عبد يغوث، والحرث بن الطلاطلة. كذا قال القرطبي ووافقه غيره من المفسرين. وقد أهلكهم الله جميعاً وكفاهم أمرهم في يوم واحد.
95-"إنا كفيناك المستهزئين"، يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: فاصدع بأمر الله، ولا تخف أحدا غير الله عز وجل، فإن الله كافيك من عاداك كما كفاك المستهزئين، وهم خمسة نفر من رؤساء قريش: الوليد بن المخزومي - وكان رأسهم - والعاص بن وائل السهمي، والأسود بن عبد المطلب ابن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن زمعة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا عليه فقال: اللهم أعم بصره واثكله بولده، والأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة، والحارث بن قيس ابن الطلاطلة فأتى جبريل محمدا صلى الله عليه وسلم، والمستهزؤون يطوفون بالبيت، فقام جبريل وقام النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنبه، فمر به الوليد بن المغيره فقال: جبريل: يا محمد كيف تجد هذا فقال بئس عبد الله، فقال: قد كفيته، وأومأ إلى ساق الوليد، فمر برجل من خزاعة نبال يريش نبلا له وعليه برد يمان، وهو يجر إزاره، فتعلقت شظية من نبل بإزاره فمنعه الكبر أن يطاطئ رأسه فينزعها، وجعلت تضرب ساقه، فخدشته، فمرض منها فمات.
ومر به العاص بن وائل فقال جبريل: كيف تجد هذا يا محمد؟ قال: بئس عبد الله، فأشار جبريل إلى أخمص رجليه، وقال: قد كفيته، فخرج على راحلته ومعه ابنان له يتنزه فنزل شعبا من تلك الشعاب فوطئ على شبرقة فدخلت منها شوكة في أخمص رجله، فقال: لدغت لدغت، فطلبوا فلم يجدوا شيئا، وانتفخت رجله حتى صارت مثل عنق البعير، فمات مكانه.
ومر به الأسود بن المطلب، فقال: جبريل: كيف تجد هذا؟ قال عبد سوء، فأشار بيده إلى عينيه، وقال: قد كفيته فعمي.
قال ابن عباس رماه جبريل بورقة خضراء فذهب بصره ووجعت عيناه، فجعل يضرب برأسه الجدار حتى هلك.
وفى رواية الكلبي: أتاه جبريل وهو قاعد في أصل شجرة ومعه غلا له فجعل ينطح رأسه بالشجرة ويضرب وجهه بالشوك، فاستغاث بغلامه، فقال غلامه: لا أرى أحداً يصنع بك شيئاً غير نفسك، حتى مات، وهو يقول قتلني رب محمد.
ومر به الأسود بن عبد يغوث، فقال جبريل: كيف تجد هذا يا محمد؟ قال: بئس عبد الله على أنه ابن خالي. فقال: قد كفيته، وأشار إلى بطنه فاستسقى بطنه فمات حينا.
وفى رواية للكلبي أنه خرج من أهله فأصابه السموم فاسود حتى عاد حبشيا، فأتى أهله فلم يعرفوه، وأغلقوا دونه الباب حتى مات، وهو يقول: قتلني رب محمد.
ومر به الحارث بن قيس فقال جبريل: كيف تجد هذا يا محمد، فقال: عبد سوء فأومأ إلى رأسه وقال: قد كفيته فامتخط قيحا فقتله.
95."إنا كفيناك المستهزئين"بقمعهم وإهلاكهم .قيل كانوا خمسة من أشراف قريش: الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، وعدي بن قيس، والأسود بن عبد يغوث ،والأسود بن المطلب ، يبالغون في إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم والاستهزاء به فقال جبريل عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أكفيكهم ، فأومأ إلى ساق الوليد فمر بنبال فتعلق بثوبه سهم فلم يتعطف تعظماً لأخذه ، فأصاب عرقاً في عقبه فقطعه فمات، وأومأ إلى أخمص العاص فدخلت فيه شوكة فانتفخت رجله حتى صارت الرحى ومات ، وأشار إلى أنف عدي بن قيس فامتخط قيحاً فمات، وإلى الأسود بن عبد يغوث وهو قاعد في أصل شجرة فجعل ينطح برأسه الشجرة ويضرب وجهه بالشوك حتى مات ، وإلى عيني الأسود بن المطلب فعمي.
95. Lo! We defend thee from the scoffers,
95 - For sufficient are we unto thee against those who scoff,