[إبراهيم : 50] سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ
50 - (سرابيلهم) قمصهم (من قطران) لأنه أبلغ لاشتعال النار (وتغشى) تعلو (وجوههم النار)
قوله تعالى : "سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار" .
" سرابيلهم من قطران " أي قمصهم، عن ابن دريد وغيره، واحدها سربال، والفعل تسربلت وسربلت غيري، قال كعب بن مالك:
تلقاكم عصب حول النبي لهم من نسج داود في الهيجا سرابيل
( من قطران) يعني قطران الإبل الذي تهنأ به، قاله الحسن. وذلك أبلغ لاشتعال النار فيهم. وفي الصحيح : " إن النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب" وروي عن حماد أنهم قالوا: هو النحاس . وقرأ عيسى بن عمر: ( قطران) بفتح القاف وتسكين الطاء. وفيه قراءة ثالثة: كسر القاف وجزم الطاء، ومنه قول أبي النجم:
‌ جون كأن العرق المنتوحا لبسه القطران والمسوحا
وقراءة رابعة: ( من قطرآن) رويت عن ابن عباس وأبي هريرة وعكرمة وسعيد بن جبير ويعقوب، والقطر النحاس والصفر المذاب، ومنه قوله تعالى: " آتوني أفرغ عليه قطرا " ( الكهف: 96). والآن: الذي قد انتهى إلى حره، ومنه قوله تعالى: " وبين حميم آن " ( الرحمن: 44). " وتغشى " أي تضرب " وجوههم النار " فتغشيها.
يقول تعالى: "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات" وتبرز الخلائق لديانها, ترى يا محمد يومئذ المجرمين وهم الذين أجرموا بكفرهم وفسادهم "مقرنين" أي بعضهم إلى بعض قد جمع بين النظراء أو الأشكال منهم كل صنف إلى صنف, كما قال تعالى: "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" وقال: " وإذا النفوس زوجت " وقال: "وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً مقرنين دعوا هنالك ثبوراً" وقال: " والشياطين كل بناء وغواص * وآخرين مقرنين في الأصفاد " والأصفاد هي القيود, قاله ابن عباس وسعيد بن جبير والأعمش وعبد الرحمن بن زيد, وهو مشهور في اللغة, قال عمرو بن كلثوم:
آبوا بالثياب وبالسبايا وأبنا بالملوك مصفدينا
وقوله: "سرابيلهم من قطران" أي ثيابهم التي يلبسونها من قطران, وهو الذي تهنأ به الإبل أي تطلى, قال قتادة: وهو ألصق شيء بالنار. ويقال فيه: قطران بفتح القاف وكسر الطاء وتسكينها, وبكسر القاف وتسكين الطاء, ومنه قول أبي النجم:
كأن قطراناً إذا تلاها ترمي به الريح إلى مجراها
وكان ابن عباس يقول: القطران هنا النحاس المذاب, وربما قرأها "سرابيلهم من قطران" أي من نحاس حار قد انتهى حره, وكذا روي عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة. وقوله: "وتغشى وجوههم النار" كقوله: "تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون" وقال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا يحيى بن إسحاق, أنبأنا أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير عن زيد عن أبي سلام, عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربع من أمر الجاهلية لا يتركن: الفخر بالأحساب, والطعن في الأنساب, والاستسقاء بالنجوم, والنياحة على الميت, والنائحة إذا لم تتب قبل موتها, تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب" انفرد بإخراجه مسلم. وفي حديث القاسم عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النائحة إذا لم تتب توقف في طريق بين الجنة والنار سرابيلها من قطران وتغشى وجهها النار".
وقوله: "ليجزي الله كل نفس ما كسبت" أي يوم القيامة كما قال: " ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا " الاية "إن الله سريع الحساب" يحتمل أن يكون كقوله تعالى: "اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون" ويحتمل أنه في حال محاسبته لعبده سريع النجاز لأنه يعلم كل شيء, ولا يخفى عليه خافية, وإن جميع الخلق بالنسبة إلى قدرته كالواحد منهم, كقوله تعالى: "ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة" وهذا معنى قول مجاهد "سريع الحساب" إحصاء ويحتمل ان يكون المعنيان مرادين, والله أعلم.
50- "سرابيلهم من قطران" السرابيل: القمص، واحدها سربال، ومنه قول كعب بن مالك:
تلقاكم عصب حول النبي لهم من نسج داود في الهيجا سرابيل
والقطران: هو قطران الإبل الذي تهنأ به: أي قمصانهم من قطران تطلى به جلودهم حتى يعود ذلك الطلاء كالسرابيل، وخص القطران لسرعة اشتعال النار فيه مع نتن رائحته. وقال جماعة هو النحاس: أي قمصانهم من نحاس. وقرأ عيسى بن عمر "من قطران" بفتح القاف وتسكين الطاء. وقرئ بكسر القاف وسكون الطاء، وقرئ بفتح القاف والطاء، رويت هذه القراءة عن ابن عباس وأبي هريرة وعكرمة وسعيد بن جبير ويعقوب، وهذه الجملة في محل نصب على الحال "وتغشى وجوههم النار" أي تعلو وجوههم وتضربها، وخص الوجوه لأنها أشرف ما في البدن، وفيها الحواس المدركة، والجملة في محل نصب على الحال أيضاً.
"سرابيلهم"، أي: قمصهم، واحدها سربال. "من قطران" هو الذي تهنأ به الإبل.
وقرأ عكرمة ويعقوب " من قطران " على كلمتين منونتين/ والقطر: النحاس، والصفر المذاب، والآن: الذي انتهى حره، قال الله تعالى: "يطوفون بينها وبين حميم آن" (الرحمن-44).
"وتغشى وجوههم النار"، أي: تعلو.
50."سرابيلهم "قمصانهم ."من قطران" وجاء قطران لغتين فيه،وهو ما يتحلب من الأبهل فيطبخ فتهنأ به الإبل الجربى فيحرق الجرب بحدته ،وهو أسود منتن تشتعل فيه النار بسرعة تطلى به جلود أهل النار حتى يكون طلاؤه لهم كالقمص ، ليجتمع عليهم لذع القطران ووحشة لونه ونتن ريح مع إسراع النار في جلودهم ، على أن التفاوت بين القطرانين كالتفاوت بين النارين ، ويحتمل أن يكو تمثيلاً لما يحيط بجوهر النفس من الملكات الرديئة والهيئات الوحشية فيجلب إليها أنواعاً من الغموم والآلام ، وعن يعقوبقطرآن القطر النحاس أو الصفر المذاب والآني المتناهي حره ، والجملة حال ثانية أو حال من الضمير في "مقرنين"."وتغشى وجوههم النار "وتتغشاها لأنهم لم يتوجهوا بها إلى الحق ولم يستعملوا في تدبره مشاعرهم وحواسهم التي خلقت فيها لأجله ، كما تطلع على أفئدتهم لأنها فارغة عن المعرفة مملوءة بالجهالات ونظيره قوله تعالى : "أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة"وقوله تعالى: "يوم يسحبون في النار على وجوههم "
50. Their raiment of pitch, and the Fire covering their faces.
50 - Their garments of liquid pitch, and their faces covered with fire;