[إبراهيم : 12] وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُون
12 - (وما لنا) أن (ألا نتوكل على الله) أي لا مانع لنا من ذلك (وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا) على أذاكم (وعلى الله فليتوكل المتوكلون)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره مخبراً عن قيل الرسل لأممها : "وما لنا أن لا نتوكل على الله " ، فنثق به وبكفايته ودفاعه إياكم عنه ، "وقد هدانا سبلنا" ، يقول : وقد بصرنا طريق النجاة من عذابه ، فبين لنا ، "ولنصبرن على ما آذيتمونا" ، في الله ، وعلى ما نلقى منكم من المكروه فيه بسبب دعائنا لكم إلى ما ندعوكم إليه ، من البراءة من الأوثان والأصنام ، وإخلاص العبادة له ، "وعلى الله فليتوكل المتوكلون" ، يقول : وعلى الله فليتوكل كل من كان به واثقاً من خلقه ، فأما من كان به كافراً فإن وليه الشيطان .
قوله تعالى: " وما لنا أن لا نتوكل على الله " ( ما) استفهام في موضع رفع بالابتداء، و ( لنا) الخبر، وما بعدها في موضع الحال، التقدير: أي شيء لنا في ترك التوكل على الله. " وقد هدانا سبلنا " أي الطريق الذي يوصل إلى رحمته، وينجي من سخطه ونقمته. " ولنصبرن " لام قسم، مجازه: والله لنصبرن " على ما آذيتمونا " به، أي من الإهانة والضرب، والتكذيب والقتل، ثقة بالله أنه يكفينا ويثيبنا. " وعلى الله فليتوكل المتوكلون ".
يخبر تعالى عما دار بين الكفار وبين رسلهم من المجادلة, وذلك أن أممهم لما واجهوهم بالشك فيما جاءوهم به من عبادة الله وحده لا شريك له, قالت الرسل: "أفي الله شك" وهذا يحتمل شيئين (أحدهما) أفي وجوده شك, فإن الفطر شاهدة بوجوده ومجبولة على الإقرار به, فإن الاعتراف به ضروري في الفطر السليمة, ولكن قد يعرض لبعضها شك واضطراب, فتحتاج إلى النظر في الدليل الموصل إلى وجوده, ولهذا قالت لهم الرسل ترشدهم إلى طريق معرفته بأنه "فاطر السموات والأرض" الذي خلقهما وابتدعهما على غير مثال سبق, فإن شواهد الحدوث والخلق والتسخير ظاهر عليهما, فلا بد لهما من صانع وهو الله لا إله إلا الله هو خالق كل شيء وإلاهه ومليكه، (والمعنى الثاني) في قولهم: "أفي الله شك" أي أفي إلهيته وتفرده بوجوب العبادة له شك, وهو الخالق لجميع الموجودات, ولا يستحق العبادة إلا هو وحده لا شريك له, فإن غالب الأمم كانت مقرة بالصانع, ولكن تعبد معه غيره من الوسائط التي يظنونها تنفعهم أو تقربهم من الله زلفى, وقالت لهم رسلهم: "يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم" أي في الدار الاخرة "ويؤخركم إلى أجل مسمى" أي في الدنيا كما قال تعالى: "وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله" الاية, فقالت لهم الأمم محاجين في مقام الرسالة بعد تقدير تسليمهم المقام الأول, وحاصل ما قالوه "إن أنتم إلا بشر مثلنا" أي كيف نتبعكم بمجرد قولكم ولما نر منكم معجزة, "فأتونا بسلطان مبين" أي خارق نقترحه عليكم "قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم" أي صحيح إنا بشر مثلكم في البشرية " ولكن الله يمن على من يشاء من عباده " أي بالرسالة والنبوة "وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان" على وفق ما سألتم "إلا بإذن الله" أي بعد سؤالنا إياه وإذنه لنا في ذلك "وعلى الله فليتوكل المؤمنون" أي في جميع أمورهم, ثم قالت الرسل: " وما لنا أن لا نتوكل على الله " أي وما يمنعنا من التوكل عليه, وقد هدانا لأقوم الطرق وأوضحها وأبينها " ولنصبرن على ما آذيتمونا " أي من الكلام السيء والأفعال السخيفة "وعلى الله فليتوكل المتوكلون".
وكأن الرسل قصدوا بهذا الأمر للمؤمنين الأمر لهم أنفسهم قصداً أولياً، ولهذا قالوا: 12- " وما لنا أن لا نتوكل على الله " أي وأي عذر لنا في ألا نتوكل عليه سبحانه "وقد هدانا سبلنا" أي والحال أنه قد فعل بنا ما يوجب توكلنا عليه من هدايتنا إلى الطريق الموصل إلى رحمته، وهو ما شرعه لعباده وأوجب عليهم سلوكه " ولنصبرن على ما آذيتمونا " بما يقع منكم من التكذيب لنا والاقتراحات الباطلة "وعلى الله" وحده دون من عداه "فليتوكل المتوكلون" قيل المراد بالتوكل الأول استحداثه، وبهذا السعي في بقائه وثبوته، وقيل معنى الأول: إن الذين يطلبون المعجزات يجب عليهم أن يتوكلوا في حصولها على الله سبحانه لا علينا، فإن شاء سبحانه أظهرها وإن شاء لم يظهرها. ومعنى الثاني: إبداء التوكل على الله في دفع شر الكفار وسفاهتهم.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في قوله: "وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم" قال: أخبرهم موسى عن ربه أنهم إن شكروا النعمة زادهم من فضله وأوسع لهم من الرزق وأظهرهم على العالم. وأخرج ابن جرير عن الحسن لأزيدنكم قال: من طاعتي. وأخرج ابن المبارك وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن علي بن صالح مثله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سفيان الثوري في الآية قال: لا تذهب أنفسكم إلى الدنيا فإنها أهون عند الله من ذلك، ولكن يقول لئن شكرتم لأزيدنكم من طاعتي. وأخرج أحمد والبيهقي عن أنس قال: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم سائل فأمر له بتمرة فلم يأخذها، وأتاه آخر فأمر له بتمرة فقبلها وقال: تمرة من رسول الله، فقال للجارية: اذهبي إلى أم سلمة فأعطيه الأربعين درهماً التي عندها" وفي إسناده أحمد عمارة بن زاذان، وثقه أحمد ويعقوب بن سفيان وابن حبان، وقال ابن معين: صالح، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به ليس بالمتين، وقال البخاري: ربما يضطرب في حديثه، وقال أحمد: روي عنه أحاديث منكرة، وقال أبو داود: ليس بذاك، وضعفه الدارقطني، وقال ابن عدي: لا بأس به. وأخرج البخاري في تاريخه والضياء المقدسي في المختارة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ألهم خمسة لم يحرم خمسة، وفيها: ومن ألهم الشكر لم يحرم الزيادة". وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأغر أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربع من أعطيهن لم يمنع من الله أربعاً، وفيها: ومن أعطي الشكر لم يمنع الزيادة؟" ولا وجه لتقييد الزيادة بالزيادة في الطاعة بل الظاهر من الآية العموم كما يفيده جعل الزيادة جزاء للشكر، فمن شكر الله على ما رزقه وسع الله عليه في رزقه، ومن شكر الله على ما أقدره عليه من طاعته زاده من طاعته، ومن شكره على ما أنعم عليه به من الصحة زاده الله صحة ونحو ذلك. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود أنه كان يقرأ "والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله" ويقول: كذب النسابون. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عمرو بن ميمون مثله. وأخرج ابن الضريس عن أبي مجلز قال: قال رجل لعلي بن أبي طالب: أنا أنسب الناس، قال: إنك لا تنسب الناس، فقال بلى، فقال له علي: أرأيت قوله: "وعاداً وثمود وأصحاب الرس وقروناً بين ذلك كثيراً" قال: أنا أنسب ذلك الكثير، قال: أرأيت قوله: "ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله" فسكت. وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير قال: ما وجدنا أحداً يعرف ما وراء معد بن عدنان. وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن ابن عباس قال: بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أباً لا يعرفون. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه في قوله: "فردوا أيديهم في أفواههم" قال: لما سمعوا كتاب الله عجبوا ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم "وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب" يقولون: لا نصدقكم فيما جئتم به فإن عندنا فيه شكاً قوياً. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود: فردوا أيديهم في أفواههم قال: عضوا عليها. وفي لفظ: على أناملهم غيظاً على رسلهم.
" وما لنا أن لا نتوكل على الله " وقد عرفنا أن لا ننال شيئا إلا بقضائه وقدره، "وقد هدانا سبلنا"، بين لنا الرشد، وبصرنا طريق النجاة. "ولنصبرن"، اللام لام القسم، مجازة: والله لنصبرن، " على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون ".
12." وما لنا أن لا نتوكل على الله "أي : أي عذر لنا في أن لا نتوكل عليه ."وقد هدانا سبلنا"التي بها نعرفه ونعلم أن الأمور كلها بيده . وقرأ أبو عمرو بالتخفيف هاهنا وفي العنكبوت ." ولنصبرن على ما آذيتمونا "جواب قسم محذوف أردوا به توكلهم وعدم مبالاتهم بما يجري من الكفار عليهم ."وعلى الله فليتوكل المتوكلون"فليثبت المتوكلون على ما استحدثوه من توكلهم المسبب عن إيمانهم.
12. How should we not put our trust in Allah when He hath shown us our ways? We surely will endure that hurt ye do us. In Allah let the trusting put their trust!
12 - No reason have we why we should not put our trust on God. indeed he has guided us to the ways we (follow). we shall certainly bear with patience all the hurt you may cause us. for those who put their trust should put their trust on God.